أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عن ضرورة ترويض الإسلاميين














المزيد.....

عن ضرورة ترويض الإسلاميين


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4349 - 2014 / 1 / 29 - 21:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الواضح جيداً الآن أن ثورات الربيع العربي المنطلقة من تونس بداية 2011 قد أحدثت شرخاً عميقاً في الدفاعات التقليدية لمنظومة الدولة الوطنية بجميع البلدان التي انتقلت إليها شرارة الثورة فيما بعد. وقد استغل الإسلام السياسي هذه الثغرة للنفاذ سواء بقوة الصناديق أو السلاح إلى مفاصل الدولة الرئيسية، حيث صناعة القرار وآليات تنفيذه. وكرد فعل غريزي من مؤسسات الدولة، لا سيما الجيش الوطني، ضد استشعارها خطراً جدياً على وجودها ذاته متمثلاً في أيديولوجيا وممارسة أحزاب وجماعات الإسلام السياسي كان طبيعياً أن تستجمع ما قد تبقى لديها من وسائل القوة والعنف في مواجهة هذا الخطر الوجودي المحدق. فكما يتضح بجلاء من تجارب الحالات الثلاثة العراقية والسورية ثم المصرية بدرجة أخف، قد أصبحت مؤسسات الدولة الرئيسية، بتنسيق وقيادة من قواتها المسلحة، على استعداد تام لدفع أي ثمن حفاظاً على وجودها، المعادل بدرجة أو بأخرى لوجود الدولة الوطنية التقليدية بتنظيمها الأساسي القائم منذ التحرر من الاستعمار بداية من النصف الثاني من القرن الفائت.

الإسلام السياسي، سواء الشيعي أو السني، لم يكن الطرف الأقوى في معادلة الإطاحة بحزب البعث ونظام صدام حسين من الحكم، ومن ثم فتح ثغرة واسعة للوصول إلى مفاصل الدولة الوطنية العراقية التقليدية. الأمريكيون هم من فعلوا ذلك، لكن الإسلاميين هم الذين قد حصدوا جل مواقع النفوذ وصنع القرار في دولة ما بعد صدام. رغم ذلك، بعد تشكيل جيش وطني جديد بدعم أمريكي، قد نجح الساسة العراقيين الجدد في أن يستردوا تدريجياً مصير الدولة الوطنية من أيدي المرجعيات والميليشيات الدينية. على سبيل المثال، قد نجحت الدولة الجديدة في القضاء على التحدي الذي شكله لها جيش المهدي بقيادة الزعيم الديني الشيعي مقتدى الصدر بجنوب البلاد ثم، بمساعدة الصحوات، استطاعت أن تحد من هجمات تنظيم القاعدة والجماعات الدينية السنية المتطرفة بالمحافظات الغربية؛ وتأتي تحركات الجيش العراقي مؤخراً لإعادة الانتشار هناك في محاولة لتهدئة انتفاضة شعبية وتجفيف فلول القاعدة كمثال آخر على التقدم الذي تحرزه العراق الجديدة بالاعتماد على جيش وطني جديد باتجاه استعادة نفوذ الدولة على كامل ترابها، أو على الأقل داخل الحدود التي قد ورثتها عن دولة صدام.

كذلك لم يكن الإسلام السياسي هو الذي أسقط نظام حسني مبارك في مصر بعد 25 يناير. لكن الإخوان المسلمين بدعم واضح من مجمل أطياف الإسلام السياسي هم الذين قد نجحوا في النفاذ إلى مواقع السلطة وصنع القرار وبسط سيطرتهم على الحكم في دولة ما بعد مبارك. رغم ذلك، بعد 30 يونيو 2013، استطاعت الدولة المصرية التقليدية بالاعتماد على جيشها الوطني أن تستجمع قوتها وتقلب الطاولة على حكم الإخوان وتتخلص، ربما لزمن طويل قادم، من هذا الخطر المتصور على وجودها كما استشعرته في طريقة تعامل ممثلي الإسلام السياسي في السلطة مع مؤسساتها الحيوية.

كمثال ثالث، في سوريا قد بدأ الحراك الشعبي ضد حكم حزب البعث السوري ونظام بشار الأسد مدنياً بدرجة جوهرية، ليفتح الباب تدريجياً أمام ولوج الإسلاميين الذي وصل بعد ثلاث سنوات إلى تمكين بعض الجماعات المتطرفة من إحكام سيطرتها على مناطق سورية كاملة في أنحاء متفرقة من البلاد. وبصرف النظر عن موقف نظام الأسد والجيش العربي السوري المتحالف معه من هذه الجماعات، يلاحظ أن حتى جماعات المعارضة المدنية والجيش السوري الحر المتحالف معها قد استشعرت جدية الخطر الذي تشكله هذه الجماعات المتطرفة على وجود ومستقبل الدولة السورية ذاتها، ومن ثم اضطرت إلى فك الارتباط بها والوقوف في خندق واحد ضدها مع الجيش العربي السوري. هكذا، أياً ما كان الجيش الذي سيخرج منتصراً من الحرب الأهلية السورية، لن يجد الإسلام السياسي هناك مكاناً مريحاً يسع مشاريعه الكبرى لمستقبل هذا البلد والمنطقة من حوله.

نجاح الإسلام السياسي في التغلغل إلى مواقع التأثير والسيطرة أثناء المراحل الأولى لخلخلة أركان الدولة الوطنية التقليدية في هذه الأقطار العربية الثلاثة الكبرى لا يعكس قوة حقيقية قادرة على الثبات والاستمرار بقدر ما يكشف عن وجود ثغرة في البناء التقليدي لتلك الدول استطاع أن ينفذ عبرها الإسلام السياسي؛ وهذا النفاذ، في الوقت نفسه، لا يلغي حقيقة وقوة الحراك المدني الشعبي ضد هذه البنى القاصرة لتلك الدول الوطنية التقليدية وعجزها عن استيعاب طاقات الشعوب وتلبية متطلباتها الأساسية على مدار عقود طويلة من الزمن. الإسلام السياسي بمفرده أضعف من أن يشكل تهديداً جدياً حتى على الدولة الوطنية التقليدية بتنظيمها القاصر. لكن كلما انفتحت ثغرة في دفاعات الدولة، سواء بفعل قوى تدخل خارجي أو بجهود حراك شعبي داخلي، عندئذ سوف تنكشف بجلاء مدى الخطورة التي يستطيع أن يشكلها الإسلام السياسي على مصير الدولة الوطنية العربية.

الإسلام السياسي بجناحية السلمي والعنيف لم يعترف بشرعية الدولة الوطنية ولم يهادنها يوماً واحداً منذ ظهوره إلى الوجود في أعقاب سقوط الخلافة الإسلامية في اسطنبول بعد الحرب العالمية الأولى. لكن هذا الموقف المؤدلج والعدائي لا يجب أن يمنع الدولة الوطنية العربية من إمكانية التطور والانفتاح على المطالب المشروعة لشعوبها كما قد عبرت عنها بوضوح ثورات الربيع العربي. وفي النهاية، يؤمل أن يؤدي الاشتباك الجاري فيما بين مؤسسات الدولة من جهة وجماهير الإسلام السياسي في المقابل إلى ’ترويض‘ الإسلاميين في مرحلة ما متأخرة وإدخالهم إلى حظيرة دولة وطنية حديثة- التي يجب أن تكون ذات بنية أكثر تطوراً وديمقراطية وشمولاً مقارنة ببنيتها الأولى حتى تتمكن من استيعاب هؤلاء الوافدون الجدد. في النهاية، الدولة الناجحة هي هذه القادرة على ترويض واستيعاب جميع أبنائها، وبالأخص هؤلاء الذين قد يشكلون خطراً عليها في لحظة ضعف عابرة.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت مين قولي...
- خرافة الإسلام المدني
- هيا بنا نقضي على الإسلام
- ثورة القرضاوي، انتقامية أم إصلاحية؟
- إذا نجحت ثورة الإخوان
- وماذا يريد الإخوان من مصر؟
- في كراهية بشار الأسد
- عن الديمقراطية الإسلامية في إيران
- هل الديمقراطية ضد الدين؟
- في رياضة الإسلام السياسي
- سلميتنا أقوى من الرصاص
- شلباية ولميس، وكمان أم أيمن
- هل مصر على فوهة فوضى؟
- الأنثى الداجنة
- هيا بنا نقتل إسرائيل
- حكومتها مدنية
- باشاوات ثاني؟!
- وهل ماتت دولة الإسلام؟!
- دولة الإسلام- دينية، عنصرية، متخلفة
- إيران الإسلامية تحتمي بالقنبلة النووية


المزيد.....




- فيديو يظهر لحظة انهيار منصة بمرشح رئاسي وأنصاره في المكسيك.. ...
- طريقة أداء خامنئي لصلاة الجنازة على إبراهيم رئيسي تثير تفاعل ...
- بدء مراسم تشييع عبد اللهيان في مقر وزارة الخارجية (فيديو)
- موسكو: مستعدون لزيادة إمداد بلدان جنوب شرق آسيا بالأغذية إن ...
- ثلاثة نازحين فلسطينيين يعودون لمنازلهم المدمرة بحثا عن المقت ...
- نيكي هيلي تفجر مفاجأة: سأصوت لصالح ترامب في الانتخابات الرئا ...
- بالفيديو.. الشرطة الأمريكية تطلق النار على رجل يعاني من نوبة ...
- موسكو: نبحث مع -الطاقة الذرية- مشاركة مختبرات روسية في تحليل ...
- ملك البحرين وحاكم تتارستان يؤكدان أهمية التعاون الروسي البحر ...
- تايلاند.. المحكمة الدستورية تقبل شكوى تطالب بإقالة رئيس الوز ...


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عن ضرورة ترويض الإسلاميين