أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد منير - ثورة مصر فى الفخ















المزيد.....

ثورة مصر فى الفخ


محمد منير

الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 09:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ساذج من يتصور أن النظام الذى حكم هذا البلد أكثر من ثلاثين عاما، بالحديد والنار والانتهاكات والظلم والنهب والسلب، يمكن أن يزول بانتفاضة شعبية أو ثورة انفعالية غير مدروسة.. وساذج أيضا من يتصور أن عمق هذا النظام يمتد فقط عبر ثلاثين عاما.

ما حدث فى يناير 2011 كان متوقعا ليس من المعارضين للفساد والطغيان والظلم، إنما كان أيضا متوقعا من الطغاة أنفسهم، ولهذا فقد كانوا مستعدين بالبدائل لهذه اللحظة.

والأنظمة يا سادة لا تربط استمرارها بأشخاص أو مجموعات ضيقة، ولهذا من يتصور أن سقوط شخص أو مجموعة يعنى زوال نظام، غافل غير مدرك للواقع.

فى 2011 عندما أيقن النظام السابق «والحالى»، مدى الغضبة الشعبية عليه، بدأ مبكرا خطته البديلة ولنقل بدأ فى نصب «الفخ» الذى أوقع فيه المصريين، ليظل طوال الوقت محافظا على وجوده ومصالحه، وكانت الخطوة الأولى بإشاعة الفرقة بين الجماهير الغاضبة، فوجه خطابا احترافيا مدروسا للشباب أعلى فيه من ذواتهم، وانتقص من قيمة الفئات العمرية الأخرى وجهادهم وأغراضهم وخبراتهم، واستغل طبيعة هذه المرحلة العمرية التى تميل إلى البطولات والتشويق والتعالى فأعلى من هذه الذوات بمبالغة، وكان الغرض تفريغ الغضبة الشبابية من أى محتوى وأى هدف لتتحول إلى حالة انفعالية فارغة، ولهذا كان لابد من فصل الشباب عن أى جذور تاريخية لهم وخبرات تثقل من غضبتهم وتحول ثورتهم إلى رياح قوية تسقط النظام، ونجحت المرحلة الأولى إلى حد كبير حتى فقد الشباب الثقة فى كل القيادات التاريخية، وتعالى على الخبرات السابقة، بل وصل الأمر إلى اعتقاد البعض منهم أنه ليس هناك تاريخ لمصر قبل 2011، مستندا على تصور بأن الشباب نجحوا فى إسقاط النظام الذى فشلت الأجيال السابقة عليه فى إسقاطه، مغفلا كل النضالات والتضحيات التى بذلتها الأجيال السابقة عليه مكونة البنيان التراكمى التاريخى والذى بدونه لا تنجح أى ثورة.

وبدأت المرحلة الثانية بتثبيت الموقف وتحويل النظر إلى مطالب تبدو فى ظاهرها ثورية وفى باطنها فراغا يبعد النظر عن أى تغيير يهدد النظام القائم، وتم استغراق الشعب الغاضب فى قضايا الثأر، والانتقام وحقوق الشهداء، وافتعال مشكلات تارة مع الجيش وتارة مع الشرطة بتناغم بين كل هذه الأجهزة، ومن خلال هذه الحالة بدأ التناحر بين الفئات السياسية المختلفة وامتدت هوة الوقيعة من الفئات العمرية إلى الاتجاهات السياسية، وتم تصعيد كل المطالب الفئوية فى وقت واحد بحرفية شديدة، لخلق حالة من التوتر تتحول بعد ذلك إلى مبرر لقرار ما على نحو ما سنرى.

ونتوقف قليلاً لنتساءل: لماذا لم تطل رياح التغيير القشرية رموز الإعلام فى النظام السابق، واستمروا فى موقع المتحدث الرسمى للثورة، رغم كونهم جزءا ليس بسيطا من النظام المستهدف الثورة عليه، والإجابة واضحة، لأنهم بالفعل جزء من النظام السابق الممتد وهم الجزء الرئيسى الذى سيروج للخطة البديلة للبقاء على النظام والحفاظ عليه وتحويل الطاقة الجماهيرية لحلقة الاستدارة للخلف والعودة إلى النظام السابق بشكله الجديد باعتباره الحل الوحيد لإنقاذ البلاد واستقرارها.

إلا أن إشكالية كبيرة قابلت مخطط الحماية «الفخ»، وهى كيفية استيعاب الرغبة التاريخية فى إقامة حكم مدنى ديمقراطى فى مصر، وهو ما يتعارض بقوة مع طبيعة النظام المتحكم والهادف لإنقاذ نفسه.

وحانت لحظة الانتخابات الرئاسية، وكانت المرحلة الثالثة حيث وجد قادة «الفخ» ضالتهم المنشودة فى أصحاب الأفكار الفاشية الدينية، رغم تصور البعض أنهم أكثر خطورة على النظام، إلا أن طبيعتهم الفاشية وطبيعة تكوينهم تجعلهم أقرب للنظام المستبد وتجعل منهم أداة مثالية لتثبيته، وببراعة شديدة تم الإعلاء من تواجد أصحاب الاتجاهات الإسلامية السياسية، وإيهامهم بالصعود والسيطرة وأنهم القوى الوحيدة المؤهلة للحكم، وعظموا أوهامهم القديمة بسيطرة جماعاتهم على مصر وتحقيق مصالحهم الجماعية والفردية، وهذا ما يفسر شهور التحالف بين عناصر أمن الدولة القديمة وعناصر الإخوان فى كثير من المؤسسات وتمكينهم من قيادتها ومنها نقابة الصحفيين، وكان نظام الجبروت يسير بخطته الممنهجة معتمدا على وجود مفاتيح هذه الجماعات فى يده.

واستمرت الخطة للوصول إلى هدف محدد فى النهاية وهو القضاء على فكرة الحكم المدنى.
وفى خط موازٍ شهدت شهور ما قبل الرئاسة حالة من الانقضاض على الرموز السياسية المدنية والاتجاهات الأيديولوجية الليبرالية، وفى نفس الوقت ترك الحبل للصعود باتجاهات الإسلام السياسى، ومساعدتها بكل أدوات الفساد السابقة للوصول فى النهاية لسدة الحكم غير مستندة إلا على أوهام لا تسمن ولا تغنى من جوع بثها النظام داخلهم وأعلى منها.

وقعت كل الأطراف فى الفخ، وصدّق الإخوان أنهم قبضوا على أركان الحكم وبدأوا مخططا مبكرا للتمكين الكامل، واستبعاد المعارضين لهم حتى من أصحاب الاتجاهات السياسية الإسلامية الأخرى، مدفوعين بشهوة الحكم التى غذاها لديهم ممثلو النظام السابق والقائمون على الخطة، بينما غرقت القوى المدنية فى خلافاتها المتواصلة، والشعب تائه فى البحث عن معنى للثورة.

وجاءت المرحلة الرابعة والأخيرة وظهر دور رموز الإعلام الثابتين فى مواقعهم للكشف عن خلل نظام حكم الإخوان وخطورته على البلد مستغلين غباء الحكم الإخوانى وفساده وغروره، وبالطبع كان لابد من تحالف القوى المدنية الأخرى مع هذه الحملة الإعلامية بصرف النظر عن الاختلاف فى الهدف النهائى، وانتهى الأمر باستجداء الشعب العطف من الجيش والتدخل للتخلص من حكم الإخوان حتى وصلنا لمرحلة «تسلم الأيادى».

الأمر لم ينته عند هذا الحد، فالمشهد الذى تم تصديره إعلاميا ووجدانيا للشعب المسكين الذى عاش ويلات ما بعد الثورة لم يستند على تصدير فكرة فشل حكم الإخوان، وإنما استهدف التأكيد على فشل الحكم المدنى بكل معانيه، وأن الجيش والنظام العسكرى هو الأصلح لحكم مصر والأنسب لإخراجها من أزمتها، وبالطبع لا تعارض بين حكم الجيش ورموز ومصالح النظام القديم.

وقع الجميع فى الفخ وشاركوا فيه.. الإخوان بغرورهم وفسادهم، والقوى المدنية بضعفها وانهيارها، والشعب بثورته الانفعالية دون وعى ثورى.. هذا الوعى الذى فقده الشعب عبر النظم السابقة لأسباب كثيرة يمكن مناقشتها فى موضوع منفصل، وبهذا فإننا فى مأزق حقيقى لا يستعصى حله، وإنما يحتاج إلى تحليل وتفكيك لأسباب المشكلة بدوافع صادقة حقيقية منزهة عن أى أغراض لأفراد أو جماعة أو مؤسسة أو فئة.



#محمد_منير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على من نذرف الدموع
- داستور يا...إخوانا
- القضية الوطنية بين التطبيع والاستطباع..التعامل مع العدو الاس ...
- بالعامية الفصحى ..إعلام المُحن الميرى والشعبى
- ثورة مصر لم تقم بعد
- من استبدل الوطن بمئذنة أوصليب فقد كفر
- الإخوان ولافون
- الشعوب لا تحرق أوطانها .. فتش عن المستفيد
- الأباحة والإباحية
- خليفة الصحفيين المصريين
- وقيعة الاخوان وانتقام الشعب
- شيماء والريس مرسى العترة
- مؤامرات الإخوان والإعلام المستباح
- وقائع مسروق بن مسروق - مزة المطنش -
- توتكتوك الرئيس
- المأزق والطريق الثالث
- وقائع مسروق بن مسروق - صحة مسروق -
- وقائع مسروق بن مسروق - نائب الرئيس -
- وقائع مسروق بن مسروق -تاريخ مسروق -
- وقائع مسروق بن مسروق - المعزول -


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد منير - ثورة مصر فى الفخ