توتكتوك الرئيس

محمد منير

الحوار المتمدن-العدد: 3772 - 2012 / 6 / 28 - 22:46
المحور: كتابات ساخرة
    

جلست أنا وشحتة هتاف الانتخابات على قهوة مشكاح نسمع خطبة الريس الجديد، بصيت لشحتة بصة حقد، وقلت له: «يلا يابن المحظوظة موسم كله هتاف وانتخابات».. اتنهد وقال لى اتنيل مانتش فاهم حاجة، مش مع دول.. دول جماعة عندهم اكتفاء ذاتى «سلف ساتسفكشن يعنى» ومابيرزقوش حد غيرهم، وما أن أنهى شحتة كلامه حتى بدأ الريس الجديد كلمته بتحية لأصحاب التكاتك، ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يذكر فيها التكاتك بالخير، وفجأة قفز الوحى فوق رأسى فألهمنى فكرة لباب رزق جديد، فتركت شحتة وجريت بره القهوة.
على باب الجماعة المحظوظة جلست ساعات حتى لمحت الشيخ هادى جلاب الخير وهو يخرج متهدج الأوداج ضاحكا بصوت عال ضحكة العفريت المتحرر من الفانوس، وما أن لمحنى حتى صاح «مسروق بن الشعب تعالى فى حضنى، خلاص يا سررق حقك حايرجع لك تانى ومعنا كل الخير»، رديت «ده عشمى يا شيخ هادى وده اللى شجعنى أنى آجى وأطلب منك أنك تضمنى لفريق التوك توك الرئاسى بعد ما عرفت أن الريس خلاه تبعه مباشرة».. وضع الشيخ هادى يده على فمى وضغط على أسنانه وصاح همسا فى أذنى «قضايا الأمن القومى للبلاد ما تتنقش فى العلن كده يا مسروق، اركب معايا»، وركبت بجانبه فى سيارة فارهة وأمامنا فى الكرسى الأمامى جلس حارس بنضارة شمس يلف رأسه شمال ويمين وفوق وأسفل الكرسى وكأنه يبحث عن برغوت تائه، وقال لى الشيخ هادى: «اللى أنت بتطلبه ده يا مسروق صعب قوى، لأن جيش التكاتك الرئاسى واللى خطة النهضة معتمدة عليه فى التنمية لازم يكون أعضاؤه من المضمونين والمشهود لهم بالكفاءة والإخلاص»، رديت: «ما هو أنا برضه محسوبك وأنت عارفنى»، رد: «طيب عدى عليا بالليل فى المكتب».
وفى المكتب المعبق برائحة البخور جلس أمامى الشيخ هادى يشرح لى دورى فى خطة التنمية التكتكية وكيفية مشاركتى فيها من أجل الوطن وفتح باب رزق لى.. قال لى: «شوف يا مسروق أنت حتدفع ربع تمن التوكتوك، وتسدد %50 من عائده اليومى للجماعة عشان نحقق مشروع النهضة، ضريبة جهاد يعنى، والـ%50 التانية تسددها بقية تمنه»، رديت: «كده أنا مش حيطلع ليا حاجة»، أجاب: «لا حيطلع لك التوك توك بعد ما تمنه يخلص وثواب خدمة الوطن».
جريت على أم العيال ولمينا الزيت والسكر اللى جمعناهم من المحظوظة أيام الانتخابات وبعناهم لشدوان مساعد الشيخ هادى بنص التمن وكملنا عليهم سلف من الريس حنتيرة وسددت ربع تمن التوك توك.
ما أن استلمت التوك توك حتى كتبت على ضهره تيمنا وحماية عبارتين «الحلو ده تبع الرياسة».. ودعاء «يا رازق العبيط والمهبول ومخلى المحظور محظوظ افرجها على عبدك المسروق».
واستعذت بالله من الشيطان الرجيم ودعوت دعاء الركوب، وركب الزبون الأول وكان شيخا بذقن، وبعد أن أوصلته انتظرت الأجرة فهمس فى أذنى «رياسة تبع النهضة»، قفزت ورفعت له يدى بالسلام، وقلت فى بالى «ده من الملاك مش معقول حيدفع»، وظللت طول اليوم أوصل زبائن كلهم تبع الرياسة ومشروع النهضة ولم أحصل على مليم، حتى أدركت أننى أتعرض لعملية ابتزاز لمشاعرى الوطنية فمسكت فى خناق الزبون الأخير وصرخت: «أم الرياسة ع النهضة دى عليها أقساط وضريبة وطن لازم تتدفع»، صرخ الزبون مناديا لشيخ بجلباب وعلامة خضرا على صدره قائلا له: «الراجل ده بيشوه التجربة الثورية وبيشتم الجماعة».
سحبنى الشيخ الأمنى على الكراكون وهناك وجدت الصول بلال يصلى وسط كيلو بخور مشتعل، وما أن انتهى من صلاته حتى استدار ولمحنى فقال: «أنت لسه ربك ماهدكش يا مسروق فيه إيه؟» حكيت له ما حدث، فرد: «أنت اللى غلطان وعملت للراجل اللى ائتمنك على سر قومى فى البلد فضيحة، وبعدين التوك توك ده مش بتاع الشعب» رديت «آه» فرد متسائلا: «واللى بيركبوا معاك مش من الشعب؟» رديت «آه»، فانفعل وضربنى على قفايا وقال: «عاوز تاخد أجرة من المالك وهو بيستعمل أملاكه يا مفترى».
ورفع سماعة التليفون وتحدث همسا مع الشيخ هادى وسمعته يقول له: «جبنا التوك توك اللى مع مسروق وحابعته مع الخمس تكاتك اللى عندى وربنا يخللى عهدكم لينا يا باشا»، وأنهى المكالمة وقال لى: «لجنة التصفية صادرت التوك توك يا مسروق لأنك أفشيت سرا قوميا للبلاد، ولأنك لم تلتزم بتعليمات الشعب المالك»، سألته: «طيب والمقدم»، بصى لى من فوق لتحت وقال لى: «ضريبة ثورة يا أخى» اشمعنى النظام اللى فات كنت بتتقلب وأنت ساكت.. غور بقى، قلت لنفسى: «قضا أحسن من قضا.. وعاش توك توك الرئيس».

#محمد_منير (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات