أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاروق عطية - عمرو بن العاص وغزو مصر















المزيد.....

عمرو بن العاص وغزو مصر


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 4331 - 2014 / 1 / 10 - 00:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كان عمرو فخورا بأبيه، يفاخر به الخلفاء كعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان. يذكر أن عُمر بن الخطاب قد أرسل إليه من يحاسبه ويشاطره ماله، غضب عمرو وقال للرسول: "قبح الله زمانا عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب فيه عامل. والله أني لأعرف الخطاب يحمل فوق رأسه حزمة من الحطب وعلى ابنه مثلها ! وما منهما إلا في نُمٍرة لا تبلغ رسغيه ! والله ما كان العاص بن وائل يرضي أن يلبس الديباج مزررا بالذهب".. ثم خشي العاقبة فاستحلف الرسول ليكتمن عليه ما قال بأمانة الله.
ولما عزله عثمان بن عفان من ولاية مصر، دعاه وقال له: "استعملتك علي ظلمك وكثرة القال فيك". فرد عليه عمرو: "قد كنت عاملا لعمُر بن الخطاب ففارقني وهو راض". ولما احتدم الجدل بينهما وهمّ عمرو بالخروج غاضبا وهو يقول: "قد رأيت العاص بن وائل ورأيت أباك... فوالله للعاص كان أشرف من عفان". فما زاد عثمان علي أن قال: " مالنا ولذكر الجاهلية !".
وقد أدرك العاص الدعوة المحمدية، ومات بعد الهجرة بقليل وهو في الخامسة والثمانين ولكنه لم يسلم واستمر في مناصبة محمد واتباعه العداء ويكيد لهم في الجهر والخفاء، وهو الذي قال عن محمد بعد أن مات ابناه القاسم وعبد الله: "‘ن صاحبكم هذا لأبتر"
وعلى قدر فخر عمرو بأبيه كان خجله من نسيه إلى أمه واجتراء الناس عليه بسببها. فقد كانت أمه سلمى بنت حرملة العنزية (الملقبة بالنابغة) أمة من حاملات الرايات بل وأرخصهن سعرا. وقيل إنها قد وطأها أربعة رجال هم العاص وأبي لهب وأمية بن خلف وأبي سفيان ولما ولدت ألحقت وليدها بالعاص لشديد الشبه بينهما ولأن العاص كان ينفق على بناتها. ورغم ثراء والده العاص بن وائل إلا أن عمرو لم يكن كذلك، وكان بعمل بالتجارة بقليل من المال في سفريات رحلة الشمال. وفى إحدى سفرياته زار مصر وراعه ما رأي من ثراء مصر ومدنيتها وجمال بلدانها فافتتن بها. دخل عمرو الاسلام بعد موت أبيه، وكان طامعا في الخلافة ولكنه اكتفى بأن بكون واليا على مصر نظرا لما يُخجٍله من نسبه لأمه وكان يصّبر نفسه بقوله "أن ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة"
في السنة الخامسة من حكم هرقل زحف " الفرس " على الامبراطورية واستولوا على " أرمينيا " ثم على " دمشق " و" القدس " وتمكنوا من إسقاط " الاسكندرية " سنة 618 واحتل " الفرس " مصر لمدة عشر سنوات وسط سخط المصريين. وعادت مصر إلى الإمبراطورية البيزنطية بعد انتصار " هرقل " على " الفرس " في معركة " نينوي " في سنة 627 ووقع معهم معاهدة للصلح بمقتضاها تم جلاء الفرس عن مصر وكانت الحرب بين البيزنطيين والفرس قد امتدت لمده 47 سنة خرجت منها الإمبراطوريتين منهكتين فقيرتين في الموارد ضعيفتين، في هذا الوقت ظهر الإسلام. وفي خلافة عمر بن الخطاب بدأت الغزوات أو الفتوحات الإسلامية (مصروالشام وبرقة وفارس وخراسان وسنجستان). بعد تسليم بيت المقدس لعمر بن الخطاب، قابله عمرو بن العاص في(الجابية) قرب دمشق وألح في غزو مصر، لغناها وسهولة الاستيلاء عليها، مؤكدا أنها ستكون قوة للمسلمين إذ هم ملكوها. ووافق الخليفة عمر بن الخطاب على الغزو في ديسمبر639م.
بعكس كتب التاريخ التي تحتشد بتزوير للأحداث التاريخية المتوافقة مع ما تريده الوهابية وبعكس ما يرددونه عن فرحة المصريين بالغزو العربي تبقى الحقيقة ساطعة لمن يريد أن يراها، فالغرو العربي لمصر لم يكن لنشر الإسلام فيها ولم يكن لرقة قلب ابن العاص لسماعه أنين المصريين وشكواهم من حكم الرومان فأراد لهم الخلاص. الحقيقة كما نعرفها أن الغزو كان للاستيلاء على ثروات البلاد واستعباد أهلها. عندما بلغ ابن الخطاب خبر دخول جيوش عمرو بن العاص لمصر كان ما يزال جالسا بالجامع بعد أن إفتات على خبز وزيت فلما بلغه النبأ أنب الرسول الذي جاءه مبشرا كونه انتظر حتى ينتهي من صلاته، فدخول مصر كان لدى عمر بن الخطاب أهم من أي شيء حتى لو كانت الصلاة. والدليل القاطع على حاجة الغزاة العرب الحقيقية لدخول مصر هو أن أول أعمال عمرو بن العاص فيها كانت إعادة فتح قناة سيزوستريس (قناة تروجان) كي ينقل خيرات مصر لجزيرة القحط عن طريق البحر الأحمر بدلا من الجمال والتي ينتظر الخليفة فيها كل ما يأتيه من البقرة الحلوب مصر. وعندنا دخل ابن العاص الإسكندرية أرسل للخليفة عمر بن الخطاب رسالة يقول فيها أنه وجد بها 40000 بيت بها 40000 حمام وأن أعمدة المدينة من الرخام حتى ظن أفراد الجيش العربي أنها إرم ذات العماد التي تحدث عنها القرآن وأنه قد بذل جهدا كي يقنعهم بأنها ليست إرم فمنهم من اقتنع ومنهم من لم يقتنع. كما أن المغالطات المستمرة عن كون مصر لم تبادر بالثورة ضد الغزو العربي فهو قول تكذبه كل حقائق التاريخ فالمصريون ثاروا 120 ثورة ونجحوا في أحيان كثيرة في طرد العرب من أجزاء كثيرة من البلاد مما كان يستدعي معه الخلفاء لإرسال جيوشا جديدة لتعاون الجيش العربي في مصر على قمع الثورات الاحتفاظ بها.( التفاصيل في مقالات أخر)
بعد دخول العرب للإسكندرية في 22 ديسمبر عام 640 م. وتدمير أسوار المدينة، حدث أن تعرف عمرو بن العاص على عالم لاهوت مسيحي طاعن في السن يدعى يوحنا فيلوبونوس John Philoponus (تلميذ الفيلسوف السكندري امونيوس، وهو معروف لدى العرب باسم يحيى النحوي، وقد ساهمت كتاباته إلى حد كبير في نقل الثقافة الإغريقية للعرب). وبعد العديد من الجدالات الدينية بين يوحنا وعمرو بخصوص التثليث والتوحيد وألوهية السيد المسيح طلب يوحنا من عمرو الحفاظ على الكتب الموجودة في مكتبة الإسكندرية لأن، حسب قول يوحنا، "بخلاف مخازن وقصور وحدائق المدينة، فإن تلك الكتب ليست ذات فائدة لعمرو أو لرجاله". حينئذ استغرب عمرو وسأل عن أصل تلك الكتب وفائدتها، فسرد له يوحنا قصة مكتبة الإسكندرية منذ تأسيسها على يد بطليموس الثاني. ولكن عمرو بن العاص رد عليه قائلا إنه ليس بإمكانه التصرف دون أخذ مشورة عمر بن الخطاب. فكتب بن العاص خطابا لابن الخطاب يستشيره في أمر المكتبة والكتب. بينما كان يوحنا وعمرو في انتظار الرد، أذن الأخير ليوحنا بزيارة المكتبة برفقة تلميذه الطبيب اليهودي فيلاريتيس Philaretes (وهو مؤلف كتاب طبي عن النبض وهو الكتاب المنسوب خطأً ليوحنا فيلوبونوس). وبعد عدة أيام أتى رد عمر بن الخطاب والذي قرأه وترجمه عمرو بن العاص على مسمع كلا من يوحنا وفيلاريتيس، وفيه ما معناه: "...واما الكتب التي ذكرتها فان كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وان كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها". وهكذا أمر عمرو بن العاص بتوزيع الكتب على حمامات الإسكندرية لاستخدامها في إيقاد النيران التي تُبقي على دفء الحمامات. ويذكر المؤرخ المسلم القفطي في كتابه تراجم الحكماء أن إحراق تلك الكتب قد استمر لما يقارب الستة أشهر، وأن الكتب الوحيدة التي نجت من الحريق كانت بعض كتب الفيلسوف الإغريقي ارسطو وبعض كتابات اقليدس الرياضي وبطليموس الجغرافي.
الحقيقة أن مصر لم تكن سعيدة تحت الحكم العربي، وأن أقباط مصر عانوا أشد ما تكون المعاناة تحت هذا الحكم البدوي الجاهل، والغزاة العرب أنفسهم لم ينظروا لمصر إلا على أنها غنيمة يغتنمونها من أصغر جندي إلي الخليفة القابع في جزيرة الرمال متلهفا علي وصول خيرات مصر. وحين نضب المعين واستبد الفقر بأهل مصر تحت تأثير الجزية والضرائب الباهظة ووجدوا ألا خلاص إلا بدخول الإسلام حتى ترفع عنهم الجزية، وهذا ما اضطر عمرو بن العاص أن يطلب من الخليفة عمر بن الخطاب أن يجيز له فرض الجزية على من أسلم من مسيحي مصر لأن دخول القبط إلي الإسلام قد أضر بالجزية. وبعد أن استتب الأمر ورضخ المصريون بدأت سياسة الاستعمار العربي الاستيطاني للمناطق المحتلة. هاجرت قبائل عربية بأكملها من شبه الجزيرة العربية إلى الأراضي المحتلة بحثا عن أراضي خصبة، وصادر العرب المستعمرون أفضل الأراضي الخصبة من الفلاحين المصريين، الذين تحولوا إلى خداما وزراعا للمهاجرين العرب الواصلين حديثا. سلب المهاجرين العرب قرى بكاملها وسيطروا عليها، بعد أن رحّلوا سكانها إلى مناطق أخري مهجورة. ومع اختلاط الأقلية العربية المميزة بالمصريين بالمصاهرة والتزاوج أصيح جميع من في مصر مسيحيين ومسلمين صاروا أقباطا أي مصريين.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا لا أعبد الله
- الغزو العربي وإهانة مصر
- الفيدرالية هي الحل
- ثورات المصريين ضد الرومان
- التدني العربي حتي في الرياضة
- لماذا نحن نعشق الديكتاتورية ؟
- ثورة المصريين أواخر عهد البطالمة
- سوف يطفحوننا الكوتة
- ثورة أخناتون الدينية والثورة المضادة
- محاكمة مرسي بتاع الكرسي
- الثورة على رمسيس الثالث
- زعيم الأمة الذى أحببناه
- مباراة غانا تكشف خبايانا
- التشابه بين الثورة على بيبي الثاني وثورة 25 يناير
- إلي أين نحن ذاهبون؟
- ثورة الجياع على الفرعون بيبي الثاني
- سوريا كمان وكمان
- سوريا ومهزلة جامعة الدول العربية
- Home sickness المواطنة ومرض الحنين
- سوريا والخريف العربى


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاروق عطية - عمرو بن العاص وغزو مصر