دستور يا أسيادنا

أحمد زحام

الحوار المتمدن-العدد: 4330 - 2014 / 1 / 9 - 04:20
المحور: الادب والفن
    

دستور يا أسيادنا
( مسرحية من مشهد واحد )
أحمد زحام

إظلام
دقات .. تصفيق باليد
: ياجماعة ياللي هنا
: مين
: انا
: اتفضل
: ( إضاءة خفيفة على رجل يدخل من الباب على بيت ريفي )
الزائر : ( يرتدي جلباب ريفي ليس بجديد ) دستورك ياللي هنا
صوت : ( من داخل الدار ) دستورك معاك ياخويا اتفضل
( إضاءة كاملة لمدخل بيت ريفي .. يتكون المدخل من كنبة .. كليم مفروش على
الارض .. طبلية في أحد الاركان .. وعلى الحائط معلق اكثر من لمبة جاز " يفتح باب
يدخل منه رجل اقل من القادم في عدد السنيين .. الرجل يرحب بالزائر )
اهلا .. اهلا .. نورت البيت
صاحب الدار : ( يتصافحان .. ينظر صاحب البيت الى الرجل القادم الذي يحمل في يده دفتر
صغير ، يامرحب .. يامرحب .. بيتك ومطرحك ( يمكل تحيته ) اتفضل ..
الزائر : يده بالدفتر اليه هدية
صاحب الدار : خير ( يأخذ منه الدفتر )
الزائر : انت عارف ان خيرك سابق
صاحب الدار : الله يخليك
الزائر : انا قلت بدل ما ادخل عليك بكام كيلو فاكهة ، او كام كيلو بطاطس ..
والله انا كنت ناوي اجيبهم
صاحب الدار : وليه التكلفة دي ؟!
الزائر : ياله خللى العيال تأكل وتتبسط
صاحب الدار : تأكل ايه ؟ وتتبسط ايه ؟
الزائر : استنى عليا .. انا جايلك في الكلام
صاحب الدار : استنيت
الزائر : انا جبتلك الاهم من ده كله
صاحب الدار : (يقوم من مكانه ويتجه الى مكان في المدخل ويخرج منه "سبرتايه "
ويحضر "الطبيلة " ويضعها فوق " الكليم " ) اهم من الفاكهة والبطاطس
الزائر :ايوه .. الدستور
صاحب الدار : (مداعبا) دستور ياسيدنا ( يدخل من الباب الذي خرج منه ويعود منه ويغلق
وراءه ومعه "البراد" وكوبين ، لامؤخذه ( ويتجه الى الطبيلة )
الزائر : انت عارف
صاحب الدار : ( يجلس ويشعل السبرتايه ، ويفتح فوقها البراد )
يااهلا يااهلا ( يرحب مرة اخرى بزائره ) عارف ايه ؟
الزائر : ان الشعب كتب دستوره .
صاحب الدار : اللى هما احنا .. انا وانت وغيرنا يعني
الزائر : ايوه
صاحب الدار : والله ماكتبت حاجة
الزائر : انت مابتتفرجش على التلفزيون
صاحب الدار : وعلى الدش كمان
الزائر : ماشاء الله
صاحب الدار : احنا ماورناش غيره .. يادوبك ارجع انا ومراتي وعيالي من الغيط مهدود
حيلنا اخرة النهار ناكل ونشرب ، ونعقد قدامه
الزائر : يعني عارف ايه اللي بيحصل في البلد ؟
صاحب الدار : حصل خير .. والله هايحصل خير
الزائر : يعني شفته في التلفزيون ؟
صاحب الدار : وفي الدش كمان
الزائر : ايه رايك فيه ؟؟
صاحب الدار : هوا انا لحقت اشوفه
الزائر : يعني ايه ؟
صاحب الدار : يعني كل ماجي اشوفه ، مراتي تقولي حول هات التمثيلية .
الزائر : طب اقرا
صاحب الدار : ( يبتسم ) اقرا ايه ..؟؟
الزائر : الدستور
صاحب الدار : مغلي ولا كشري زي اهل البندر
الزائر : مغلي
صاحب الدار : ( يخرج من جيبه كيس من الشاي ، يضع بعضا منه في البراد ويرفع الغطاء
يضعه سريعا كما كان ثم يرفع "البراد" من فوق "السبرتاية "، ويضعه
مرة اخرى فوقها مرة واثنين وثلاثة ) هوا انا بعرف اقرا
الزائر : كنت خليت ابنك يقرالك
صاحب الدار : يقرا هو بس كتب المدرسة ( يرفع البراد نهائيا من فوق السبرتايه ويصب
الشاي في الكوباية )
( ينهض .. ويمد يده الى الزائر الجالس على الكنبة ويعطيه كوباية ) اتفضل .
الزائر : ( يأخذ منه كوب الشاي ) علشان كده انا جتلك وجبتلك الدستور
صاحب الدار : ( يمسك بالدفتر) الذي وضعه على الطبلية
يعني ده الدستور
الزائر : هو ده ( يأخذ رشفة من الشاي ، ويضعه جانبه على الكنبة البلدي )
صاحب الدار : وهاخد منه ايه ؟؟
الزائر : الدستور هاينظم حياتنا
صاحب الدار : يعني هايوزع علينا خمس فدادين زي عبد الناصر
الزائر : اكثر
صاحب البيت : ازاي
الزائر : اقولك .. هات الدستور اللى معاك ده
صاحب الدار : ( يمد يده له بالدستور ) اهو
الزائر : ( يأخذ منه الدستور ، يفتح صفحاته )
شوف نقرا سوا
صاحب الدار : ما انا مابعرفش اقرا
الزائر : لك حق ..
صاحب الدار : يعني انا لو مش عارف أاكل عيالي الدولة هتأكلهم
الزائر : أي مواطن مش قادر يعيش نفسه وأسرته الدولة هاتديله اللي يخليه يعيش حياة كريمة
صاحب الدار : وايه تاني
الزائر : الفلاحين اللي زي حضرتك كده هايبقى لهم معاش زيهم زي الموظفين لما يكبروا ويبقوا في سن الستين ومش قادريين على الشغل والتعب وهد الحيل
صاحب الدار : ودي فين كده في الدستور
الزائر : اهي .. ( يشير الى ماهو مكتوب )
صاحب الدار : استنى عندك خليك ماسك الدستور في ايديك ( ينادي) ياد يامحمد
ياواد يامحمد
محمد : ( بأي صوت من خلف الباب المغلق )
ايوه يابا .. ايوه يابا
صاحب الدار : تعالى قوام
محمد : ( يخرج محمد من وراء الباب ، ويغلقه ) نعم
صاحب الدار : تعالى قوام خد الكراسة اللي مع عمك واقرأ اللى مكتوب
محمد : حاضر يابا ( يتجه الى الزائر )
الزائر : ( يعطه دفتر الدستور ويشير الى المكتوب )
محمد : ( يمسك بالدستور وبنظر في الصفحة التي يشير اليها الزائر )
صاحب الدار : اقرأ .. لا يكون عمك بيكروتنا في الكلام ، وبيضحك عليا علشان ما
بعرفش اقرا ولا اكتب .
محمد : المادة 17 تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعي الحق في الضمان
الاجتماعي بما يضمن له حياة كريمة ، اذا لم يكن قادراً على اعالة نفسه
وأسرته وفي حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة تعمل الدولة على
توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والصياديين والعمالة الغير
منتظمة ..
صاحب الدار : زي اللي انت قولته ، بس ده بالعربي الفصيح
الزائر : ماشاء الله عليك
محمد : ده الدستور يابه
صاحب الدار : ايه ده ... كمان اخده في المدرسة
محمد : ايوه
صاحب الدار : وابني ده ( مشاورا على ابنه ) مالوش حاجة في الدستور ؟
الزائر : الدستور مواده كتير وبيتكلم في كل حاجة ..
( يحدث محمد ) هات يامحمد المادة 80
محمد : ( يقلب صفحات الدستور حتى يصل الى المادة 80 )
اهي
الزائر : اقرا يامحمد
محمد : المادة 80 يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشر من عمره ( يوجه حديثه لابيه )
يعني انا يابيه
الزائر : كمل يامحمد
محمد : ولكل طفل الحق في اسم واوراق ثبوتية
صاحب الدار : الاسم وعرفناه لكن بثبوتية دي معناها ايه
محمد : معناها شهادة الميلاد
محمد : وتطعيم اجباري ومجاني
الزائر : كلام جميل وعارفينه
محمد : ورعاية صحية واسريه او بديلة
صاحب الدار : يعني ايه بديلة ؟ صحية وعرفناها واسرية لكن يعني ايه بديلة ، انا الشك
ابتدى يلعب في عبي ، يعني تاخذوا ابني وتربوه انتم ؟
الزائر : احنا مين بس ، مش فيه اولاد مالهمش اب ولا ام ولا حد يرعاهم
صاحب البيت : ايوه
الزائر : الدولة بتاخد وتحطهم في دور رعاية خاصة بيهم علشان رعايتهم
صاحب الدار :ايوه .. ايوه .. زي دار اليتامى اللي في المركز
الزائر : قول يامحمد
: ( دق على الباب ) يامحمد .. يامحمد
صاحب الدار : افتح يامحمد
محمد : ده فتحي صاحبي ( محمد مازال ممسكاً بالدستور ويذهب الى الباب ويفتحه ،
يدخل مع صاحبه مرة اخرى الى المشهد ، فتحي طفل معاق يزج بقدمه ، يسلم
عليهما ويجلس بجوار الزائر)
صاحب الدار : اقعد جنب عمك يافتحي ( يحدث الزائر ) والغلبان ده مالوش
حاجة في الدستور
الزائر : له طبعا .. اصبر على رزقك .. ( مخاطبا محمد الذي عاد ووقف بجوار ابيه
ممسكاً بالدستور ) واقرأ يامحمد
محمد : وتغذية اساسية
صاحب الدار : ايوه .. التغذية المدرسية ، البسكويت اللي بيوزعه عليهم في اخر السنة
الزائر : لا مش كده
صاحب الدار : علمني ، عرفني ، انا عارف ابنك من يوم ماشاركت في ثورة 25 ينانير
و30 يونيه وانت بقيت ثورجي
الزائر : دي بلدي ولابد اخاف عليها ، وامحبش حد ياخدها مننا
صاحب الدار : بمناسبة ان دي بلدنا ، ايه حكاية حلايب وشلاتين وصحيح ان الرئيس اللي
فات كان هايديها للسودان زي ما قال الدستور اللي فات وسينا
الزائر : ايوه في الدستور اللى فات كان يحق للرئيس ان يتنازل عن جزء من ارض مصر
صاحب الدار : وعملوا ايه ؟
الزائر : المرة دي الدستور ، هأقرهالك انا .. هات يامحمد ( يأخذ الدستور من محمد
ويقرأ) في المادة 151 بتقول لا يجوز لرئيس الجمهورية التنازل عن راي جزء من
اقليم الدولة
صاحب الدار : يعني مافيش حد على وجه الارض يقدر ياخذ ارضنا
محمد : ايوه يا باا
صاحب الدار : وفتحي فيه حاجة له في الدستور
الزائر : مش الاول نطمن على محمد
صاحب الدار: يهني هايقدر يشتغل
الزائر : اما بالنسبة لفتحي اقرأ يامحمد كمل
محمد : ( يأخذ الدستور ويكمل ما كلن يقرأه ) وتكفل الدولة حقوق الاطفال ذوي
الاعاقة وتأهليهم ودمجهم في المجتمع
صاحب البيت : فاهم .. فاهم يعني فتحي يبقى مه محمد في فصل واحد وياخد حقوقه زي محمد تمام
الزائر : تمام
محمد : ( محدث ابيه ) يابا .. يابا .. شفت احق الدستور
قال ماجيش معاك ، نعيط بعد النهارده
صاحب البيت : ياسنة سودة ازاي
محمد : ( يقرأ باهتمام ) ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن اتمام التعليم الاساسي
صاحب الدار : يعني لسن كام ؟
محمد : لحد ما يخلص ثالثة ثانوي يابه
صاحب الدار : كمل يافالح
محمد : كما يحظر تشغيله في الاعمال التي تعرضه للخطر
صاحب الدار : لا .. انا عايز افهم ، ماينفعش الكلام ده ، ده معناه ايه ، انا قلت
من الاول الدستور فيه ان
الزائر : ولا ان ولا حاجة .. انت عايز ابنك يتعلم ولا يشتغل معاك في الغيط
صاحب الدار : يتعلم .. ويكبر ، ويبقى حاجة كبيرة قوي ، عايزه يبقى احسن مني ، وانا
باشوف اطفال صغيرين بيشتغلوا في طاحونة الحاج احمد خلف ، بيصعبوا عليه
الزائر : اهو الدستور حرمه ، وياسيدي مين قال ان محمد مايروحشي معاك الغيط ويساعدك
في الصيف ،الدستور ماقلش كده
صاحب الدار : اقرا يافتحي
فتحي : ( يأخذ الدستور من محمد ويقراه ) تلتزم الدولة بضمان حقوق الاشخاص ذوي
الاعاقة والاقزام صحيا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا وتعليميا ، وتوفير فرص العمل لهم و ...
محمد : ( مقاطعا) يعني زينا زيهم .. مساواة
صوت : ( دقات على باب الدار ) ياللي هنا .. ياللي .. هنا
محمد : ( يسرع ناحية الباب يفتحه يأتي صوته ) ده عم يسري يابا
صاحب البيت : خليه يدخل .. يامرحبا
يسري : ( يدخل .. ملامح التجهم على وجهه ) السلام عليكم
محمد : وعليكم السلام
صاحب الدار : كويس انك جيت علشان تشاركنا الرأي في الدستور
العم يسري : ومين ان شاء الله اللي جابلكوا الدستور لحد البيت ، مايكونش اخوك سعيد
الزائر ( سعيد ) : اتفضل .. اقعد معانا
صاحب الدار : تشرب شاي
يسري : لا شاي ولا غيره ، انا جايلك علشان اقولك ان سعيد والناس اللى معاه ماشيين
وبيفوتوا على البيوت ومعاهم الدستور بتاعهم الكافر اللي بيلغي الاسلام
والشريعة الاسلامية ، وخلى شريعة اليهود هى اللي تحكمنا والملحدين ، ماتصدقش
كلامه ولا كلمهم دول اعداء الله
الزائر : مهلك على مهلك ، يااخي وانت مصلي وزرت بيت الله حرام عليك تكذب
صاحب الدار : ( منزعجاً) الكلام ده صحيح ، وعمال تقولي على المساواة والعدل ومحمد
ابني والغيط .. جايبلي دستور الكفرة .. يا أخي عيب عليك
يسري : ( يتجه الى الزائر ) ياله ياخويا ورينا عرض اكتافك .. احنا متشكرين .. مش
عايزينك ولا عايزيين دستورك ( يمسك به ويحاول اخراجه )
محمد وفتحي : ( يقفان في وجه الزائر ) احنا قرينا الدستور ومافهوش اللي عم يسري بيقول عليه
صاحب الدار : يعني ايه ؟
فتحي : يعني قريت الدستور وبيقول ( يأخذ الدستور ) اهو ( يفتح الصفحة ) المادة الثانية :
الاسلام دين الدولة ، قال ايه الاسلام ماقلش دين تاني ، واللغة العربية لغتها الرسمية
، ومباديء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع
صاحب الدار : ( لعم يسري .. وكان قد ترك الزائر ) يعني انت بتتحك عليا عشان
انا راجل جاهل لا بعرف اقرا ولا اكتب
عم يسري : لأ قال المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريع
محمد : لا يابا .. مابيقولش الحقيقة .. ( يحدث فتحي ) هات يا فتحي الدستور أهو يابا
مباديء شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة
لأحوالهم الشخصية ، وشئونهم الدينية ، واختيار قيادتهم الروحية
صاحب الدار : ايوه فاهم والله العظيم فاهم ، يعني المسيحي ما يتجوزشي على ايد
المأذون بتاعنا ولا اليهودي
فتحي : هوا ده الدستور ياعمي
صاحب الدار : ( محدثا عم يسري ) معلش كان نفسي أقولك يامرحب ، بيتك ومطرحك ..
( ينظر الى الباب ) شرفت .. انا آسف مالكش مكان بينا
يسري : ( يتجه الى الباب ، ويختفي )
صاحب الدار : ( متوجها للزائر ومعه فتحي ومحمد ) أحنا متاسفين لك ، ناس كدابة ،
هات الدستور ، واقعد معانا على الطبلية ، خلي البساط أحمدي
: ( يجلس الجميع حول الطبلية ) يا أم محمد هاتي العشا عم سعيد هايتعشا معانا
اظلام

#أحمد_زحام (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات