أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مصطفى اسماعيل - حقوق الإنسان.. سؤال الجدوى














المزيد.....

حقوق الإنسان.. سؤال الجدوى


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 4327 - 2014 / 1 / 6 - 16:42
المحور: حقوق الانسان
    


للوهلة الأولى, لا يكترثُ المرءُ بثيمة حقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية ذاتَ الصلة الصادرة عن الأمم المتحدة, سيّما في بلدٍ كسوريا يشهدُ منذُ قرابة الثلاث سنوات أهوالاً ونكباتٍ للعقلِ الجمعي والفردي المُتابعِ والمُعايشِ لليوميات والتفاصيل, ظلَّ مئات آلافَ الضحايا والمعتقلين والمُختفين قسرياً, وملايين النازحين والمهجرين داخلياً وخارجياً, إلى حدِّ توصيف المشهد السوري القائم من قبل أنطونيو غوتيريز مفوَّض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنه الصراع الأخطر والأكثر تهديداً لأمن العالم منذ 70 عاماً.

كانت السنواتُ الثلاثُ في جوانب رعبها اللا محدود, وصولاً إلى استخدام السلاح الكيماوي وفي عصر الصورة والتقانة الحديثة, بعد عقودٍ من القمع والترهيب الأمني, مُناسبةً إضافية لفقدان المواطن العادي كلَّ ثقة بحديث حقوق الإنسان, مع تحوّل المجتمع الدولي إلى جبلِ جليدٍ إزاءَ التراجيدي الحادِّ على الأرض, سيما بعد واقعة الكيماوي في الغوطة, يُضافُ إلى كل ذلك أن القوى المُفترضُ مناوئتها للنظام الحاكم لم تقدم بديلاً أفضل, فهي أعادت صنيعَ النظام في المناطق التي أحكمت قبضتها عليها, مع تتابع التقارير الدولية عن انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان ( قتل, اختطاف, اعتقالات, اختفاء قسري, محاكمات ارتجالية, وإبقاء المحتجزين لديها بدون محاكمة ), لم يكُ هناك مشهدٌ أشدَّ إيلاماً من تنكيل النظام والجماعات المُعارضة معاً كلٌّ في ضفته بالنشطاء السلميين والصحافيين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان.

سؤالُ الجدوى ليسَ راهنياً, لكنه يُثارُ أكثر في الأزمات والمحن, هو ذو جذرٍ تشكيكي, لكنه في الوقت نفسه معوّل على المشكوك فيه ومُراهنٌ عليه, وكأنه يُطرحُ بصيغة : أين حقوق الإنسان, لو كان احترام حقوق الإنسان موجوداً وإن كان نافذاً لما أصابنا ما أصابنا.
لكن سخرية السوريين المُرَّة من حقوق الإنسان من خلال سؤال الجدوى, ليست وليدة الحدث السوري منذ ربيع 2011 وإن تفاقمت منذ ذلك الحين, قبلها كان الشأن العام مقتصراً على نخبة, ولم تشهد البلاد حراكاً طيلة عقود كما الحالي, لذا كان الحديثُ في حقوق الإنسان يجري في دوائر شبه مغلقة, وكان المعتقلون والسجناء يواجهوننا كنشطاء حقوق إنسان بسؤال الجدوى من حقوق الإنسان, ما دمنا معهم في الأقبية نفسها, ونتعرضُ للتعذيبِ نفسه مثلهم مع فوارقٍ طفيفة.

أحد محددات سؤال الجدوى هنا هو أن حقوق الإنسان لا تُتصورُ إلا في مواجهة الدولة, وفي بلدان منطقتنا الجغرافية الدولةُ عبارةٌ عن سلطةٍ لوياثان قهرية فوقَ القانون, إلى درجةِ فقدان المواطن أيَّ أملٍ في الحصول على تنازلٍ وإن بسيطٍ منها, وقد أفقده الأمل حدَّ القهقهة اشتمالُ دساتير غالبية بلدان المنطقة على موادٍ كاملة ( على مبدأ النسخ واللصق ) من الاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان, لكنها غير موجودة في الواقع العيّاني المُعاش.

المُحدِّدُ البارزُ الآخرُ الكامنُ وراء سؤال الجدوى في وعي إنسان المنطقة ( وبشكلٍ نافرٍ الإنسان السوري خلال ثورته ) هو اكتفاءُ أركان المجتمع الدولي بالمراقبة والتصريحات فقط إزاءَ الموت والدمار اليومي العاصف, وعدم التحرك وإن في حده الأدنى لإنهاء تغوَّل الأنظمة الحاكمة, وتراجع موضوع حقوق الإنسان لديها إلى سلم الثانويات أمام أوالية مصالحها الاستراتيجية, ويعد عنوان " أزدواجية المعايير / الكيل بمكيالين " ملفتاً في هذا السياق, مع حديث الدول الكبرى عن حقوق الإنسان في بلدٍ ودعمها للنظام الديكتاتوري فيها, أو دعوتها لحماية المدنيين في دولة وتغليبها اعتبارات منفعية عليها تحت يافطةِ ( احترام سيادة الدولة ).

مهما كان سؤالُ الجدوى المتكرر مُحقاً, ومهما كانت المراراتُ والإحباطاتُ المبنية عليه, إلا أن موضوعة حقوق الإنسان ليست نزوةً عابرةً أو بدعةً مشبوهة, إنما هي فضاءٌ تعمّق على مدى عصور, ومُنتجٌ بليغٌ للفكر البشري في تفاعلاته المديدة, غيرَ مُقتصرٍ على أمةٍ أو شعبٍ أو مجموعة, وغير مسيَّس, ومُعبرٌ عن تطلُّع الإنسان أنى كان إلى إشباعِ نزوعه التيموسي ( احترام كرامته والاعتراف بوجوده ومكانته من الآخرين ), ولا يتحققُ ذلك إلا بالإيمان بحقوق الإنسان, والاقتناعُ الواعي بأن فهم وإدراك الإنسان لحقوقه وحرياته كفيلٌ بدفاعه عنها وتحقيقها مهما كانت العقبات والعراقيل والتحديات, فإذا دققنا في نصوص مواد الاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة انطلاقاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لوجدناها متضمنة لحقوق الأفراد والجماعات ومعبِّرة عنها.

منظومةُ حقوق الإنسان في المحصلة هي نزوعٌ وتطلُّعُ الإنسان الكوني ( من خلال تجاربه المديدة حتى وصل إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 1948 ) إلى الأفضل, وبناء عالم أقلَّ رعباً.



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متاهة جنيف 2
- الساسة والعسكر مجدداً
- المهرجون
- عن مواقف الحكومة العراقية المعادية لسوريا
- شعبٌ أخير
- عملية تبوّل
- قصائد
- يعلمني الماء
- بشار وفقاعة صابون أخرى
- من مسلسل كوردي طويل : الاتحاد السياسي
- مقترح من أجل اليونيسكو
- منجزات بشار
- أمنه سوره كه وأقبية المخابرات السورية
- القضية الكردية في سوريا : من مشكلة إلى جزئية
- وعاد الوفد بخفي هولير
- تركيا والنزوح السوري
- شعب دائري بإمتياز
- مبعوث دولي من أجل حل ذهبي
- الموقف الأمريكي من كورد سوريا
- كورد سوريا والقلق من الغد


المزيد.....




- القوات الإسرائيلية تواصل عملياتها بمخيم جباليا للاجئين شمال ...
- غوتيريش يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وإخلاء سبيل جم ...
- مخيم جباليا: ماذا نعرف عنه وعن بقية مخيمات اللاجئين في غزة؟ ...
- تونس ـ اعتقال صحفيين اثنين ومحامية بارزة منتقدة للرئيس
- في حديثه عن المهاجرين.. ترامب يقرأ كلمات أغنية -الثعبان-
- تقارير تفيد باستخدام -أسلحة ثقيلة- في القتال الدائر بمدينة ا ...
- شاهد.. سيناريو اعتقال الفلسطينيين في الضفة المحتلة
- تونس ـ اعتقال صحفيين اثنين ومحامية منتقدة للرئيس
- عائلات الأسرى الإسرائيليين: حكومتنا تخلت عن أبنائنا وتركتهم ...
- ترامب يلجأ إلى أغنية -الثعبان- لوصف المهاجرين وخطرهم


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مصطفى اسماعيل - حقوق الإنسان.. سؤال الجدوى