أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عارف معروف - المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........5















المزيد.....

المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........5


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 1230 - 2005 / 6 / 16 - 07:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


5
لقد قامت الدولة العراقية الحديثة واستمرارا لتراث تاريخي وضرورة موضوعية لازبة، على اساس ملكية رقبة الارض وادارة الري ، وترتبت عليها بحكم اهمية الري الحاسمة في العراق مهمة ادارة ورعاية وتوزيع الثروة المائية ، وكان عليها ان تكون دولة خراجية تتعامل مع ماورثته من معطيات : الملكية العامة للارض والماء ، الصيغة المركزية للادارة ، العشيرة كوحدة بناء اجتماعي في البادية والريف والمدينه الى حد ما ، الولايات الثلاث ، الموصل والبصرة وبغدادوجزء من كردستان كوحدات اداريةواقتصادية واثنية ، كما في حالة كردستان، شبه مغلقة سبقت وجود الدولة الحديثة ، يتعين دمجها وتوحيدها في الدولة العراقية الفتية ، بناء اداري وحقوقي عثماني بدأ يطعم ويتفاعل مع صيغة للادارة والحقوق حديثة" انكليزية" ،اما التحديات الداخلية التي كانت تنتصب امامها فهي : توحيدوبناء مجتمع حديث قائم على اساس الدولة الحديثة ورابطة المواطنة بدلا من الروابط و الولاءات العشائرية والطائفية والمناطقية، ادارة الري وتوحيد وانماء بنية اقتصادية على نطاق البلاد، ، مشكلةاختلاف قومي في الشمال ، وواقع اختلاف طائفي في الوسط والجنوب . كان على هذه الدولة ان تسموعلي هذه الفوارق والاختلافات وان تقف ازاء الجميع على بعد متساو او هكذا ينبغي لها ان تبدو في نظر الجميع ، وهكذا ، او بدرجة منه حاولت ان تعمل دولة فيصل وحاشيته، رغم ان ظروفا سبقت الاشارة اليها طبعتها او طبعت جهازها الاداري بطابع خاص منذ البداية الاّ ان الرغبة توفرت باستمرار لدى قوى مؤثرة فيها ان تنأى بنفسها عن عوامل الفرقة والتشتت ، بل وان تعمل جاهدة على الدمج والتوحيد .
كانت، هذه الدولة من جانب اخر، هيئة لحراسة ورعاية ثروات كبيرة ، بما هي، مثل دول الشرق التاريخية ، مالكة لرقبة الارض اولا ثم وبالنتيجة مالكة لثروات باطن الارض ، ان هذه الملكية، خصوصا بعد بزوغ النفط، ستجعل منها دولة ريعية و اكبر مالك او بالحقيقة المالك الوحيد لكل وسائل الانتاج تقريبا وستجعل بالتالي من هيئة ادارتها، اي السلطة، المالك الحقيقي المتصرف في اوجه الصرف والتوزيع الامر الذي يسلم بيدها ليس مفتاح ثروة البلاد وانما الامكانية شبه المطلقة لاعادة تشكيل المجتمع او فئاته وطبقاته وفقا لما تريد وتقتضي مصالحها حيث يلاحظ منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة عموما ومنذ تحول النفط الى مصدر اساسي وهائل للثروة خصوصا ، تغيرات كبيرة ومهمة واحيانا سريعة ومربكة للبنية الاجتماعية للمجتمع العراقي استتبعه ونجم عنه ارباك وصراع حاد في البنى السياسية ذاتها . وسيجعل ذلك من النزاع حول السلطة نزاع حول الملكية والثروة في حقيقة الامر ، اي صراع طبقي في الجوهر، ضمن اطار الطبقة السائدة اولا اي بين فئاتها المختلفة و التحالفات الفئوية ضمنها من جهة وبينها وبين اي تهديد يمكن ان ينبعث عن الطبقات المسحوقةاو الفئات المهمشةوالمستبعدة او مطالبها بحصة او توزيع اكثر عدالة للثروة الاجتماعية.
ان دور الدولة والملكية العامة التي في يدها ، نقطتان جوهريتان، يجب ان تحضيا بالفحص والتمعن والاهتمام في التصدي لاي تحليل او قراءة للوقائع والصراعات السياسية والاجتماعية في العراق المعاصر ، واذا كان ثمة من يحتج بأنها كانت ملكية عامة للدولة لاينسحب عليها ما ينسحب على الملكية الخاصة نقول: ان الملكية الخاصة في كل اشكالها تقريبا، ومن الناحية الواقعية لا النظرية الحقوقية ، لا تتجاوز حقوق الحيازة والتصرف والانتفاع ، اذ لا احد ، ولا حتى الرأسمالي بصورته الكلاسيكية او نموذجه الغربي في مطلع الرأسمالية يمكن ان ياخذ ملكيته معه الى القبر ، انه يحوز ويتصرف وينتفع ثم يحفضها عبر توريثها في السلالة، وهذا مايفعله الحائز العربي والمسلم سواء خلال عهود الخلافة الاموية او العباسية او في دولنا ومجتمعاتنا المعاصرة . فلا وجود في واقع الامر لملكية خاصة مطلقة لايحدها اطار المصلحة الاجتماعية وان كانت مصلحة الطبقة السائدة . المشكلة اننا نغمض اعيننا ووعينا عن الوقائع ونتعلق بالفرضيات والافكار. نتجاهل ما هو كائن ونؤسس دائما على مايجب ان يكون لا نجده الا في احلام زائفة! ولم يكن من العبث ان اقترن الحكم والسلطان بل وحتى الدولة في التراث العربي الاسلامي ، خلال كل تجاربه، بلفظة " المُلك"!!
كانت البنية الطبقية للمجتمع العراقي و ما تزال هشه وفي صيرورة مستمرة ، فثمة، باستمرار، تشكيلات تنهار في بدء التكوين او لّمّا تستكمل ملامحها وخصائصها بعد، واخرى تنبثق او تتوسع . وكان ومايزال من الممكن والسهل ان تتبدل المواقع الطبقية ليس للافراد فحسب بل لمجاميع وكتل من البشر ، تبعا لعلاقتها بالسلطة وبالتالي موقعها من الملكية والثروة العامة. ان الدولة وملكيتها " التي ماكانت ابدا اجتماعية ،حقا ،في يوم من الايام" والنزاع والصراع المحتدم في سبيلهما كانا السر وراء الكثير من مضاهر التشوش والغموض والبلبلة التي اعتورت الصراعات السياسيةاو صعود وانهيار فئات اجتماعية وتعبيراتها الفكرية والسياسية. لكننا نستطيع ان نميز ان الصراع قد اتضح باجلى صوره في صفوف وبين فئات الطبقة الوسطى النامية باوضح مما جرى لدى اي طبقة او فئة اخرى . .لقد عبر هذا الامر عن نفسه بصور جنينية او سديمية خلال وقائع 1936 ثم 1941التي اعترى فهمها وتحديد موقف منها الكثير من اللبس بسبب هذه الحقيقة . لكنه انفجر باكثر ما يمكن له من الوضوح بعيد 14 تموز 1958.
ففي نهاية الخمسينات كانت عناصر اللوحة الاجتماعية السياسية التي يمكن قراءتها على نحو عام : طبقة متربعة على قمة السلطة تتكون من الاسرة الهاشمية المالكة ،في قمة الهرم يليها ملاك الاراضي من زعماء الاتحادات القبلية وشيوخ العشائر وغيرهم ، كبار موظفي الدولة من حاشية فيصل القديمة وقادة الجيش وكبار الضباط ، كانت تبدي عجزا متفاقما في ادارة شؤون المجتمع وتلبية حاجاته الاساسية المتنامية ناهيك عن تطويره ، فدمرت بفعل سياساتها وطرق ادارتها البدائية الزراعة وافرز خراب الزراعة وتفاقم مشكلةالجدب و الملوحة وغيرها خصوصا في الجنوب هجرة مئات الالوف من الفلاحين والعمال الزراعيين الى المدن الرئيسية وتشكيلهم لانطقة فقر مدقع داخلها وحولها ، خصوصا في بغداد مما فاقم ازمات سكن وخدمات وبطالة مستفحلة ناهيك عن مفاعيله الاجتماعية السلبية الاخرى و اوجد قاعدة او حاضنة اكيدة للتذمر والتطلع الى التغيير والخلاص. اضافة الى عجزها في المجالات الاخرى كالتصنيع او التجارة او السياسة الماليةاو الصحة او التعليم او ازمة السكن.... الخ وعجزها الخطير عن السيطرة على التنين الذي خلقته ، الجيش، وخوفها منه. طبقة وسطى كبيرة نسبيا ومتنامية تضم فئات الفلاحين ذوي الملكيات الصغيرة والمتوسطة في وسط وشمال وغرب البلادترتبط بالفئة الاخرى، المتسعة ايضا، من موظفين ومستخدمين في ادارة الدولةوفئة العسكريين المتنامية بوشائج قرابية ، وتطلع هذه الطبقة بدفع من مصالحها وبتأثير عوامل عديدة محلية او داخلية واخرى خارجية واقليمية الى الظفر بالسلطة السياسية وازاحة الطبقة المسيطرة التي اثبتت عجزها ووصولها الى طريق مسدود. طبقة عمال وعمال زراعيين وكسبه وهامشيين من عاطلين وعمال وقتيين كبيرة ومتنامية العدد هي الاخرى بفعل تطور محدود في الصناعات الاستخراجية وغيرها مما يرتبط في الغالب براس المال الاجنبي و رفدها من المهاجرين ، خصوصا من جنوب البلاد، كما اوضحنا سابقا،بدأت تتمتع بوعي اجتماعي متنامي ينعكس في بلورة والالتفاف حول مطالب طبقية ووطنية والنجاح في بناء منظمات سياسية مستقلة اكتسبت خبرة وتجربة . لقد كانت الازمة الاجتماعية، اذن، تتفاقم ولم يكن في مكنة الطبقة السائدة وسياساتها آ نذاك ان تقدم حلولا ناجعة. فكان الشعور بالظلم والغبن والتوتر يتفاقم هو الاخر، في اوساط الطبقتين التاليتيين في سلم التكوين الاجتماعي، اي الشعب عموما و في صفوف المثقفين والعسكريين منه على وجه الخصوص، وقد عمل هذا الامر مع عوامل مساعدة اخرى داخلية واقليمية على انفجار ثورة الجيش يوم 14 تموز1958 . لكن انفجار هذه الثورة كان ، لاحقا، بمثابة الصاعق الذي وضع في اساس بنية اجتماعية هشة لم تستكمل ملامح وحدتها واندماجها بعد ، قاد الى تفجر صراعات دراماتيكية لم تكن في الحسبان رغم ان اسسها الواقعية كانت كامنة في طبيعة البناء القائم!






#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .......4
- المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ........3
- من اجل العمل المشترك لقوى اليسار والتقدم والديمقراطية
- المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........2
- المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ...........1
- هل الماركسية علم ام عقيدة ؟
- صور صدام ... اية لعبة هذه المرة؟!
- في البديهيات..... تجربة امريكا الديمقراطية في العراق!
- التكفير والانتحار.. رأي في اسس المشكلة
- مذبحة الاعظمية...اشهد اني رأيتهم يعدونهم للذبح!
- هل -الزرقاوي- اردني ام عارقي؟
- بمناسبة الاعلان عن قرب بدء محاكمة اقطاب النظام: هل اعتقل صدا ...
- عواء بشري
- ازمنة الحب 3-زمن سعدي الحلي واحمد عدوية
- ازمنة الحب 2- زمن فيروز
- ازمنة الحب 1- زمن عبد الحليم حافظ
- كيف حل السيد ميثم الجنابي ازمة اليسار العراقي المعاصر؟
- الاخوة حكام العربية السعودية ..رسالة تضامن
- -قصة الشاعر -طومسون فيتزجيرالد
- النظام العربي والحالة العراقية...حقيقة الصراع 1و2و3


المزيد.....




- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عارف معروف - المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........5