أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - بمناسبة الاعلان عن قرب بدء محاكمة اقطاب النظام: هل اعتقل صدام حسين حقا؟















المزيد.....

بمناسبة الاعلان عن قرب بدء محاكمة اقطاب النظام: هل اعتقل صدام حسين حقا؟


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 1105 - 2005 / 2 / 10 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بمناسبة اعلان قرب بدأ محاكمة بعض اقطاب النظام : هل اعتقل صدام حسين حقا!؟
عندما اعلن خبر اعتقال صدام حسين لم يصدق الكثيرون ما سمعوا ، اما حينما ظهرت صور الا عتقال على شاشات التلفزيون واخرج صدام حسين من جحر في الارض في هيئة شيخ رث متهالك ، يقلب راسه الاشعث بين يدي طبيب امريكي بذلة ومسكنه فقد اجهش البعض بالبكاء وسال على وجوههم دمع سخين او اختنقت حناجرهم بنشيج مكبوت وحشرجت في صدورهم همهمة غريبة !! والغريب ان كل من بكوا ، ممن اعرف ، لم يكونوا من محبيه او ادعياءه ، بل كانوا من اكثر الناس مقتا له وغيضا عليه ونفرة منه ممن ذاقوا على يدي نظامه مر العذاب وتقلبوا سنوات على جمر التعذيب والسجن والتشريد وممن فقدوا اقرب الناس اليهم من ذويهم او اصدقائهم او اقربائهم او رفاقهم ضحايا لحمامات الدم ومهرجانات الشنق وحفلات الاعدام بالرصاص او الردم في حفر جماعية (1) .. الخ من صور القتل الهمجي التي لم يعرف البشرالمتمدنين لها مثيلا (2) وهذا امر غريب يدعو الى التامل!!
لقد حار البعض في امر مشاعرهم الغامضة والعصية على التفسير هذه ، ومن لم ينكرها او يداريهاخجلا واستهجانا ، صرح بها مستغربا وملتمسا التفسير كمن افاق من حلم غريب ، لقد اجتهد البعض في القول بان الامر يعود الى فعل الصدمة وعدم القد رة على التصد يق في حين راى غيرهم انه انعكاس نفسي ناجم عن التعود على صورة للطغيان والتسلط تنحط فجأة الى الصغار والمسكنه ، والتناقض وعدم القدرة على التوفيق ، كان دائما في اساس التراجيديا كما الكوميديا ، في حين زاد بعضهم الاشكال اشكالا بالقول ان الحزن نبع من انه مهما كان من امر فقد رأى فيما عرض نوعا من الاذلال الوطني او الحضاري في صورة جندي امريكي يتلاعب باحتقار وزراية برأس طاغية عربي، لكن نفرا من هؤلاء اهتدى ، كما اعتقد ، الى التفسير الوحيد المنطقي والمقبول ... لا يمكن التصديق او القبول بان هذا الرجل الضئيل ، المسكين والمتهافت ، المتطامن بين يدي طبيب امريكي ، يفتش شعره الاشعث بحثا عن الحشرات او يفحص اسنانه وفمه عما لا نعرف ، هو السبب الوحيد لكل عذاباتنا وموتنا ، ذلنا وقهرنا ، بؤسنا و عجزنا المريروتفككنا الى كائنات صغيرة مذعورة وتافهة ، اختفاء احباءنا الى الابد وهم في ميعة الصبا او ضياع سنوات عمرنا في عبودية مؤبدة . لا..لا يمكن لأي رجل فرد مهما كان ، ان يكون هو السبب الكامن خلف كل هذا الدمار والموت المجاني والخراب الشامل والجدب المريع الذي اكل كل شيْ واتى على العراق ارضا وبشرا ، من اقصاه الى اقصاه. نحن نبكي انفسنا ، اهلنا ، وطننا ، ولا يمكن ان نصدق ان صغيرا ، مقززا ، مثل هذا الرجل كان هو كل السبب ، ولا يمكن لحجمه الضئيل ، ان يوازن حجم معاناتنا، لا هو ولا حتى قائمة الخمسة والخمسين ، من المطلوبين التي اعلنت يمكن ان تكون ، حتى لو اعدموا جميعا ، ثمنا لمكابدة سوداء لشعب ومحن ورزايا مريرة لبلاد ، طوال اربعة عقود من الموت والجريمة والذلة والهوان . سيكون ذلك نوعا من الاستهانة بهذه المعاناة وثمنا بخسا لا نرتضيه يرمى به الى شعب كنوع من الضحك على الذقون ، صدام حسين ليس ابدا شخص عادي من لحم ودم ، مجرم فرد يمكن
صدام حسين ، كما يعرف الجميع ويردد ليل نهار ، نظام ، ولكن يبدو دون فهم المعنى والتصرف على اساسه، والطريف ان صدام حسين نفسه عبر عن هذا الامر فيما سمح لنا بمشاهدته من جلسة تلاوة بمقاضاته شخصيا احقاق الحق وازهاق الباطل ، صدام حسين مؤسسة ، خلاصة اجتماعية وسياسية التهم امام المحكمة الخاصة، وان بلغة ركيكة وادراك مشوش عرف عنه،" الحديث يجري عن ضرب حلبجة في ظل نظام ، الرئيس فيه صدام حسين" ،اذاً. ..فاذا كانت الجرائم التي ارتكبت هي جرائم نظام " الرئيس فيه صدام حسين " فان المحاكمة يجب ان تكون محاكمة لهذا النظام وليس لشخص رئيسه او ثلة من الجلادين على رأسه فحسب، نعم لقد اعتقل صدام حسين ، الشخص الطبيعي ، الرجل القروي الماكر الموهوب بالبرود ازاء الدم والتحجر ازاء المشاعر البشرية الذي يفهم السياسة على انها مكر وخديعة والادارة على انها تسلط وطغيان والسلطة على انها قتل وخراب والذي استثمرت قدراته ومواهبه الفردية هذه الى اقصى الحدود في مؤسسة اجتماعية سياسية ذات دور واثر محلي واقليمي ، واساس وارتباط اقليمي وعالمي ، وهويمكث في معتقله محاطا برعاية اكيدة ، ياكل " النستله" ويزرع شتلات الورد الصغيرة ويكتب القصص(3)، وكأن شيئا لم يكن ، يذكره ذلك ولا ريب ، بايامه الاولى في المعتقل القديم ،حينما كان ذلك القروي المتحجر المشاعر ، الموهوب بالبرود ازاء الدم الذي دخل الى السياسة من باب "الشقاوة"(4) ، وعرف اولى ثمراتها الطيبة حينما بدأيلبس الروب دي شامبر ، وياكل جبنة الكرافت الالمانية (5) من خلال رعايةوحدب طبقات كانت تشرأب الى استعادة السلطة او ، على الاقل،تريدان تطمن مخاوفها اتجاه تهديد مؤقت لها، ونظام عربي داعم ومساند بكل حمية ، وبدلا من تركه يواجه الامربحذلقة فردية قد تودي الى ما لايحمد عقباه من كشف المخفي وهتك المستور، كما لاحضنا فيما سمح لنا بمشاهدته من جلسة المحكمة، فثمة لقاءات وتدريب مستمرعلى ما يجب ان يقال وتبصير بكل كلمة ومفردة وحركة ، ولربما فوجئنا ذات يوم ، بعد زمن لايعلم مداه الا علام الغيوب ، ببطل عربي جسور، وخطيب مفوه يصول، بدلا من الكهل المتهالك الذي لايعرف مايقول(6) الذي رأيناه . لقد هديءمن روعه وكذلك اتباعه من المعتقلين اللذين سارعوا بارتباك الىالبراءة منه والتنصل عن موالاته قبل ان يتداركهم النظام العربي " الاب" بمحامييه وملقنيه للملمة الفضيحة ورأب الصورة ، نعم لقد اعتقل الرجل الفرد ، وهو كما نرى جميعا ، رجل بيد ين اثنتين وقد مين اثنتين ، ورأس واحدة مثلنا جميعا ، ولو ترك مع اي من ضحاياه ، او احد ابنائهم او ذويهم من العراقيين لما استطاع دفع اذاهم عنه ، اذا من اين له كل ذلك الجبروت الذي كان واين هو صدام حسين مذل الناس وهاتك الحرمات ومستبيح الدم والمتنعم بثروات العراق الاسطورية وبطل الحروب القومية المجنونة ؟، من الواضح انه لم يعتقل بعد ، ولن يعتقل على ما اظن ، والدليل ان الرجل القروي الذي ذكرنا، يقبع منذ اكثر من عام في سجنه ، وان كان سجنا مريحا مكيفا، يأكل فيه النستله ويكتب القصص ،لكن حرفة القتل بدم بارد اصبحت اكثر شيوعا وكم افواه الناس وارعابهم اضحت اكثر تفشيا ، والحرب ضد ابناء الشعب الفقراءبغية اخراسهم و اعادتهم الى ربقة العبودية فتحت شدقها على مصراعيه واصبح ابناءهم زادها اليومي (7) ويبدو الامر كما لو ان تنينا قطعت رأسه الوحيدة لتنبت له عشرات الرؤوس الاشد فتكا والاكثرارعابا وضراوة ، ولم تعد تجدي فتيلا حكاية " فلول نظام صدام"، فهذه الفلول سقطت سقوطا مدويامنذ اليوم الاول ولاذ ت بالفرارمذعورة
قبل ان يلوذ به سيدها، وهي كما نعرف جميعا، زمر من الانتهازيين الوصوليين عبدة السلطان ، والجلادين والمخبرين اللذين يبيعون ولاءهم وضميرهم لأية سلطة ، ونشك كثيرا مثلما كان اعتقادنا دائما ان تكون لهؤلاء قيم ولاء مبدأي او روح تضحية واقدام ا وقدرةعلىالمواجهة ، ان الكلمات المواربة والتعابير المائعة لن تنفع ابدا ، لا في وصف واقع ولا في التصدي لمعالجته . لقد سقطت زمرة صدام حسين التي كانت خلاصة وتمثيل لنظام سياسي هو بدوره تعبير عن حقائق اجتماعية ، لقد كانت هذه الزمرة احد اكثر تجليات هذا النظام تخلفا وجهلا وكادت تودي حقا بالمصالح الاساسية لهذا النظام الاجتماعي (8) ، لكن هذا النظام وهذه الفئات الاجتماعية سرعان ما انبرت تدافع عن مصالحها الاساسية بضراوة وقد استبدلت قياداتها واركان حربها ، ولم يعد يعنيها صدام حسين او افراد زمرته الا من ناحية اعتبارية (9) ، انها تعرف اعداءها جيدا وتدير حربها بكفاءة مستندة الى امتدادها الاقليمي ، النظام العربي ، الذي لا يخفي عطفه الشديد وحدبه عليها ولا يبخل عليها بالاسناد المادي والسياسي والاعلامي كما تعتمد داخليا على عناصر مقاتلة معبأة جيدا وعلى اختراق واسع للبنية السياسية والامنية الهشة التي تحاول ان تكون بديلا للنظام المباد ، وعلى توزيع ذكي للادوار( عسكريا وسياسيا وثقافيا) ومرونه فائقه في التلون والتحرك ، ومستفيدة كما نعتقد من رغبة لدى " اولي الامر " الدوليين في ايجاد حالة توازن اجتماعي تعوض فيها الفعالية الحجم (10) . انها ، بعد مكابرة ، بدأت تدرك ان امريكا تروم تغيير القيم السياسية والثقافية للمنطقة على اساس تغيير واعادة ترتيب الحلف الاجتماعي السائد داخل كل بلد وفي عموم المنطقة (11) اليتجاوب مع متطلبات العولمة وقيمها وان النظام السابق افل الى غير رجعة لذلك فقد بدأت ومنذ زمن تعلي صوت الدعوة الى المصالحة والمرونة والتسوية
وتعزز ذلك ميدانيا باستعراضات قوة يومية على الصعيد العسكري للبرهنة على قدراتها ، وذلك امر كان وما يزال مطلوبا ومحبذا ، دوليا ، واقليميا لاعتبارات مهمة لايتسع صدر المقال الحالي لها وقد نتناولها في مقال اخر. (12) لتطرح نفسها جزء من البديل المطلوب اننا نشهد في حقيقة الأمر اعادة تأهيل وسط دوامة دموية نرى انها ستنتهي الى توازن معين اذ يعدل بعض الشيء من مظالم الماضي الفادحة اتجاه الفقراء والمحرومين فانه بالمقابل سوف يقصر كثيرا عن تلبية احلامهم وطموحاتهم بل وحاجاتهم الاساسية لصالح فئات اجتماعية تتربع على قمة الهرم الاجتماعي عبر مساومة ما، ان صدام الفرد قد اعتقل وقد يضحى به ويذهب الى مكانه الطبيعي ، المزبلة ، هو وبعض افراد زمرته لكن نظام صدام او ما قبل صدام او اسسه الاجتماعية تخضع لعملية اعادة تركيب وتاهيل لادوار اخرى وزمن اخر!(13)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كانت اشرطة الفديو كاسيت التي سجلت عليها وقائع الحملات العسكرية ضد المحافظات العراقية المنتفضة عام 1991 تحمل اسماء مثل" حفلة الحلة وحفلة الناصرية...
(2) اضافة الى ماهو معروف من وقائع بشعة في مواجهة الانتفاضة او في معتقلات الرضوانية وابو غريب وغيرها فان ثمة وقائع تقشعر لها الابدان لم يشر اليها حتى الان مثل ان تحرق جثة القتيل او يمثل بها امام ذويه او شق البشر الى نصفين او تقطيع اوصاله بسيارتين تسيران باتجاه معاكس..او ردم الاحياء في شقوق ارضية بالشفلات او نزع اعضاء من المعدومين شنقا.. الخ ومن حسن او سوء الحظ ، لافرق ، ان الكثير من هذه الوقائع كانت توثق فيلميا وكان النظام يوظف بعضها لترويج ادعاءات واكاذيب او لاشاعة الرعب او ربما لتلذذ القائد الضرورة او بنيه.
(3) صرح احد اعضاء هيئة الدفاع عن صدام حسين قبل فترة بان حال سيده افضل بكثير مما كان عليه غداة عرض صور مثوله امام المحكمة وقا ل ان صحته افضل بكثير وانه قد استعاد وزنه ونظارته!!
(4) اجاب علي الحيالي ، المعروف ب (علي ماما )، وهو لص وقاتل محترف وزعيم مافيا معروف في جانب الكرخ ببغداد ، كرم من قبل صدام اعتزازا بصداقة قديمة وسيرة "نضالية" معروفة جيدا للكرخيين بان اجزل له العطاء وكان اخرها منحه ضفة دجلة المتاخمة لمنطقة خضر الياس مساطحة يقيم عليها كازينوات ومطاعم، عن سؤال لجريدة نبض الشباب الصدامية حينما التقته قبل سنوات فيما اذا كان " شقاوة " حقا كما كان يشاع ، بانه ليس كذلك وانه " مناضل " وان اول افعاله النضالية كانت حينما تصدى لمظاهرة بقيادة الشيوعيين قام بها سكان الصرائف ووضع احدهم في فرن الصمون وشواه فهرب البقية مذعورين وحاز على اعجاب القوميين!وافادني العديد من اهالي الكرخ ان ابنه كان احد ابرزقادة نشاطات " المقاومة" في شارع حيفا وانه اعترف حين القاء القبض عليه مؤخرا بانه يتلقى الاموال والتوجيه من رغد بنت صدام!ان اعتماد النظام العراقي، بمضمونه الذي نبحث ، على الشقاوات والارهاب في مواجهة الجماهيرسبق صدام حسين ، وكان اسلوبا اقترن به خلال مرحلة تجليه القومي الطائفي.
(5) في احد استذكاراته الطويلة عن ايام النضال ‘ قال صدام ، عبر التلفزيون ، انه ذاق طعم جبن الكرفت اللذيذ مما كان يؤتى به الى اياد سعيد ثابت وان ذلك كان ، حينذاك ، حلما بالنسبة لقروي.
(6) يتبدى عهر الاعلام الماجور بل وعهر طبقة اجتماعية لاتخجل لا من الكذب ولا من اي شيء اخرفي امر ما عرض من جلسة توجيه الاتهام الى صدام فقد ظهر الرجل مهزوزاومرتبكا وقال بالحرف" نعم انا في جلسة قانونية واتحمل مسؤولية كلامي" وبذلك اقر بشرعية المحكمة وقانونيتها كما قال ان الجيش ذهب الى الكويت وكان هو يشغل " وظيفة رئيس وقائد عام ، وكان يريد التنصل عن مسؤولية ذلك .. الخ مما شاهدنا من فضيحة وصغا ر لكن ذلك تحول بقدرة قادر و بصلف وانعدام للشرف عرف به هذا الاعلام الى بطوله ورفض لشرعية المحكمة وانه قال بانه مايزال الرئيس الشرعي .. الخ من اختلاقات ولو كان حقا كذلك لامتنع عن اية اجابةواعلن رفضه لشرعية المحكمة.
(7) محاصرين بين فكي البطالة وظروف معيشية قاسية ووعد بغد افضل لا يجد ابناء الفقراء سوى التطوع الى الحرس الوطني او الشرطة ، انهم ليسوا سوى عما ل يرتدون الخاكي في حقيقة الامر لكنهم يقتلون يوميا ببساطة في مجازر مريبة ومنظمة تنظيما دقيقا ، ورغم ان هذ ا الامر يتكرر بانتظام الا انهم مازالوا يرسلون بانتظام ايضا الى مقاتلهم . واحد اطرف مانعيش انهم يرسلون الى الاردن " الشقيق " لكي يدربوا وعند عودتهم توقف الحافلات التي تقلهم وينادى عليهم بالاسماء ليقتلوا!!ناهيك عن فضائح مثل ما حصل في مركز شرطة العامل وغيره!
(8) لم تكن الابادة الجماعية والقتل بالجملة والعنف البالغ ميزة لصدام ، فامامنا وقائع شباط1963 ومابعدها وما قبلها .لم يكن صدام الا الاكثر عنفا وضراوة واجراما ، ان استعراضا للشخصيات والزمر التي حكمت العراق الحديث منذ تأسيسه يرينا ان الجميع كانوا من النوع نفسه وان صدام لا يختلف عنهم الا في الدرجة ، لقد ذهب بحكم تكوينه ، وبحكم ظروف ذاتية وموضوعية بالامور الى نهاياتها القصوىلكنه كان يلبي بطريقته واسلوبه متطلبات وحاجات النظام القائم موضوع الاشارة، الاستثناء الوحيد كان الشهيد عبد الكريم قاسم ، الذي كان بحكم تكوينه الاجتماعي والثقافي مختلفا، وقد اودى به ذلك في نهاية المطاف على يدي نفس الفئات الاجتماعية ، وذبح هو الاخر بالاسلوب الاجرامي ذاته مع فقراءه اللذين احبهم واحبوه.
(9) لا يتناقض ذلك مع ماعرف من ان صدام اعد وهيأ تنظيمات مسلحة من عناصر المخابرات والحزب باسم النواة او جيش محمد او غيرها للقيام باعمال تخريب و تدمير واسعة النطاق فيما لو سقط النظام ، لكن ماجعل عناصر هذه التنظيمات تلتأم مرة اخرى وتمارس فعالياتها بضراوة وعنف ويتسع مدى نشاطها ليس ارادة صدام او تبليغاته او خطط اتباعه وخلفاءه من الضباط او الحزبيين او افراد الاسرةالحاكمة بل ادراك ان مصالحهم الاجتماعية الاساسية معرضة لتهديد جدي ، ليس بمعنى المصالح الفردية من وظائف واملاك ، بل كمصالح اساسية لنظام اجتماعي قائم على معادلة معينه. والدعم الاكيد اللذي يلقونه من "الحاضنة الاجتماعية" داخليا والنظام العربي اقليميا.
(10) انه قانون كوني وستراتيجي، الفعالية والنشاط تعوض الكتلة والحجم . وهكذا فأن فئة اجتماعية صغيرة تستطيع بامتلاك السلاح والتنظيم والقدرة على الضرب في المواجع ان
تلجم وتوازن فئة اخرى تفوقها وزنا وعددا. كما ان لعبة التوازن اضحت لعبة معروفة وبحكم البديهية في فن السياسة منذ امد بعيد.
(11) لمزيد من التفصيل يرجى مراجعة مقال " النظام العربي والحالة العراقية" ،عارف معروف، موقع الحوار المتدن والكاتب العراقي .
(12) اعتقد انه من البلادة بمكان مطالبة البعض ، من رجال الدين او غيرهم ممن يحرضون على العنف والفتنه وقتل الابرياء والفقراء ، بصورة مباشرة او غير مباشرة ، بأن يحتكموا الى العقل وان يرعووا ويرضخوا لارادة الشعب ، وغمزهم بانهم لم يتفوهوا فيما مضى بكلمة حق واحدة في وجه نظام صدام الذي كانوا من وعاظ السلاطين في عهده في حين تحولوا الان الى محرضين صناديد وثوريين معادين للامريكان .. الخ ان القول بذلك يتجاهل ان هؤلاء كانوا جزء من النظام وان اختلافهم معه كان يدور حول طرق رعاية واساليب تأمين وتطمين المصالح الاساسية لهذا النظام اما مايحصل الان فهو تهديد مصيري لهذه المصالح ، لاسس السطوة الاجتماعية ، ان التناقضات والاختلافات بين ملاك العبيد لا تعني شيئا ازاء التهديدات الصادرة عن العبيد انفسهم !
(13) لقد خرجـت الجموع الفقيرة، يوم 30 كانون الثاني، بتظاهرة تحدي لايخفى مغزاها ابدا وواجهت احتمالات الموت عارية الصدور لوضع حد لمعاناتها المزمنه ، وحيث لم يعد للتخويف او التشكيك اثر انبرى التهوين والاستخفاف والغمز والمساومة وتعالت دعوات المصالحة وغيرها.



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عواء بشري
- ازمنة الحب 3-زمن سعدي الحلي واحمد عدوية
- ازمنة الحب 2- زمن فيروز
- ازمنة الحب 1- زمن عبد الحليم حافظ
- كيف حل السيد ميثم الجنابي ازمة اليسار العراقي المعاصر؟
- الاخوة حكام العربية السعودية ..رسالة تضامن
- -قصة الشاعر -طومسون فيتزجيرالد
- النظام العربي والحالة العراقية...حقيقة الصراع 1و2و3
- وعي الذات والموضوع: ملامح من خارطة الكفاح العربي الثوري
- التيار الصدري وجيش المهدي...قراءة اخرى


المزيد.....




- ما علاقته بمرض الجذام؟ الكشف عن سر داخل منتزه وطني في هاواي ...
- الدفاع المدني في غزة: مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات بقصف إ ...
- بلينكن يبحث في السعودية اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق ...
- مراسل بي بي سي في غزة يوثق أصعب لحظات تغطيته للحرب
- الجهود تتكثف من أجل هدنة في غزة وترقب لرد حماس على مقترح مصر ...
- باريس تعلن عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس الصيني إلى فرنسا ...
- قبل تصويت حجب الثقة.. رئيس وزراء اسكتلندا يبحث استقالته
- اتساع رقعة الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية.. ...
- ماسك: مباحثات زيلينسكي وبايدن حول استمرار دعم كييف -ضرب من ا ...
- -شهداء الأقصى- تنشر مشاهد لقصف قاعدة -زيكيم- العسكرية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - بمناسبة الاعلان عن قرب بدء محاكمة اقطاب النظام: هل اعتقل صدام حسين حقا؟