أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عارف معروف - المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ...........1















المزيد.....

المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ...........1


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 1219 - 2005 / 6 / 5 - 12:11
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يلهج الجميع، في العراق ، بذم الطائفية " البغيضة" . والتحذير من ان تذر قرنها في هذا البلد العزيز. فتحرق بنارها الاخضر واليابس . وتتدرج الامور في تناول هذه الظاهرة من انكارها اصلا والتعوذ بالله من شيطانها ووصفها بانها فتنه كريهة من عمل الشيطان الاجنبي الوافد والقول بان لا سنة ولا شيعة وان الجميع هم عراقيون و مسلمون موحدون تشدهم روابط النسب والمصاهرة . الى الاقرار بان ثمة شيء من الحقيقة في هذا الامر. وانه يعود اساسا الى عمل الدكتاتورية والطغيان او صدام حسين بالذات وانه ما تجلت او تبرعمت الا في عهده وان المجتمع او الشعب العراقي كان ينعم بوحدة و بأخوة وتواد وتراحم قبل ذلك العهد وانه لم يعرف للطائفية معنى قبل ذاك . الى الدعوة الى انصاف الاغلبية المهمشة على اساس طائفي منذ اكثر من ثمانين عاما و ارجاع هذا الامر الى نشأة الحكم " الوطني" في العراق على اساس " صفقة او تسوية تمت بين الانكليز و"السنة" واستبعد بموجبها "الشيعة" وفقا لاتفاق كوكس - النقيب . حتى الشكوى من انها، الطائفية، من صنع الامريكان ومحاصصتهم الحالية التي الحقت حيفا بالطائفة السنية وهمشتها لصالح الاخرين ، وثمة الكثير مما قيل ويقال بشان هذه المسألة لكن ثمة نقاط "طريفة" يلحظها من يتناول هذا الامر بالدرس او المعاينة :
1-ان معظم من ينكر وجود هذه الظاهرة ويربأ بنفسه عن التفكير بها او تفسير الامور على اساسهااو صياغة عمله او حراكه السياسي وفقا لمقتضياتها في العلن وفي مواجهة الاعلام ، خصوصا من رجال الدين واعضاء الاحزاب والهيئات الدينية البارزين اللذين تصدوا للعمل السياسي عقب سقوط النظام، ان معظم ان لم نقل كل هؤلاء، هم اكثر الناس طائفية ممن يكفرون او يقربون من تكفير الاخرين في مجالسهم الخاصة ولقاءاتهم غير العلنية واحاديثهم الشخصية الحميمة وانها تشكل في حقيقة الامر اساس وحجر الزاوية في حراكهم السياسي! ويلاحظ ان هؤلاء لم ينبسوا بهمسة عادلة اتجاه طائفية النظام البائد لكن صراخهم يتعالى منذ سقوطه ضد "الطائفية" التي يغمزون بها اية خطوة باتجاه الاقرار بالحيف الذي وقع على الاخرين وفقا لانتمائهم الطائفي ومحاولة تعديل الوضع السياسي و الاجتماعي باتجاه المشاركة الشعبية او المساواة الحقيقية في الفرص اوفي الحقوق والواجبات والغاء التمييز على اساس قومي او طائفي او اثني!
2- وثمة غيرهم لا ينكرون هذه الظاهرة الاّ انهم يقولون بانها حديثة النشأة او ان صدام حسين هو من اوجدها وانها كانت و لابد منتهية بانتهاء النظام وسقوطه غير ان المحتلين تعاملوا معها وكرسوها ويعولون عليها في شق ابناء البلد الواحد واضعاف الجميع في مواجهتهم وان علاجها يقوم على اساس تجاهلها والتعالي عليها والانفة عن ذكرها والتثقيف بالضد منها .
3- في حين يرجع البعض بروز هذه" الفتنة " الى عهد قريب جدا ، الى بداية الاحتلال الامريكي للعراق وكون الامريكان عملوا على اشاعة وتكريس الطائفية عبر صيغة للمحاصصة ابتدعوها بغية اشا عة الفرقة والشحناء في اوساط الشعب العراقي لاضعافه والسيطرة علية ومن ثم على ثرواته وادامة احتلالهم له .
4- والموقف الاطرف ، بين هذه المواقف كلها ،هو موقف اولئك اللذين يدّعون ويروجون الى ان الطائفية والتمييز الطائفي هو محض وهم وشعور بالاضطهاد لا يستند الى اساس من الصحة وهم جمهرة من الاعلاميين والكتاب ورجال الدين والقيادات السابقة ،ولربما كشف لنا هؤلاء الاخوة الظرفاء في مستقبل قريب ان الاعدامات بالجملة وتفجيرالبشر الاحياء وردم العوائل مع اطفالها في حفر جماعية كان نوعا من المزاح الاخوي الذي لم يفهمه الضحايا وعوائلهم للاسف وحملوه على محمل الجد!(1) ومن الواضح ان هذا الموقف ينطوي على مغالطة واعية للوقائع تستهدف حماية وادامة مصلحة فئوية او طبقية بالاحرى.
5- ويرى اخرون ان صدام حسين ونظامه لم يكونا مع طائفة ضد اخرى وبالنتيجة لم يمثلا مصالح طائفة معينة وانما كان صدام حسين، صداميا(2) فقط ،طاغية مستبدلايدافع باستماتة الا عن بقاءه واستمراره ومصالحه وجزار يواجه الجميع بالقتل والابادة في سبيل ذلك حيث طال اجرامه القريب والبعيد ولم ينج من مخالبه حتى اقرب الناس اليه كاصهاره وبعض ابناء عمومته. كما ان دكتاتوريته كانت فردية تماما حيث افر غ حتى حزب البعث من اي معنى للحزب وابقى اداة للحكم والسيطرة على الشعب تضم الالاف من الممسوخين الخارجين عن اطار اية عقيدة او مذهب او اثنية والمرتبطة مصالحهم ووجودهم جوهريا به. وبهذا الخصوص شاع قول طريف بان صدام كان في كل شيء غير عادل الا في ظلمه فقد وزعه على الجميع بالعدل وهو قول يحمل شيئا من الصحة الاّ انه يبغي تزييف الوقائع (3).
6- يقابله موقف مضاد يريد ان يستثمر الام العراقيين الفظيعة ومحنهم القاسية ومقابر الموت الجماعي ، وفظاعات عهد الجريمة والبداوة لصالح تضخيم رصيده السياسي ولاقامة حائط مبكى جديد ، لن تكون للعراقيين من بعده لحمة او اخوة حقيقية مبنية على المساواة والعدل . يرسخ تعريفهم على اساس الانتماء الطائفي ، ويصادر وعيهم المعاصر،الضروري ، لصالح وعي تاريخي ووقائع لاتمت الى عالم اليوم بصلة ولا يستطيعون معها ان يبلغوا شيئا على صعيد الوحدة او بناء الديمقراطية او اشاعة روح المواطنة الحديثة والتحلي بقيم الحرية المعاصرة.
و من المشاهد الطريفة التي نراها كل يوم على شاشات التلفزيون ان جميع من يحضر اللقاءات والندوات والمؤتمرات غالبا ما يبدأ حديثه بهذه العبارة الزائفة" رغم انني لا اقر ولا اريد ان اتحدث بمقولات الشيعة والسنه الا ان الاخوة " السنة او الشيعة ".... كذا.... او " اننا جميعا افراد شعب واحد والاسلام واحد لا فرق بين سني وشيعي غير ان السنة هم الاكثرية في الحقيقة " او العكس وغيرها من عبارات النفاق والزيف بدلا من الاقرار والتسليم بان الاسلام ينطوي على مذاهب وان هذه المذاهب حقيقة نشات بفعل عوامل تاريخية معينه وان اتباعها ومعتنقيها يمثلون قطاعات من هذا الشعب كما هو شأن ابناء العراق الاخرين من الديانات الاخرى، لهم ذات الحقوق وعليهم نفس الواجبات وانهم لابد من ان يتمتعوا بالحرية والاحترام وان حدود حرياتهم هي حريات الاخرين واننا جميعا شركاء في وطن واحد يجب ان يؤسس على دستور ديمقراطي واننا جميعا يجب ان نتمتع بحقوق متساوية في ثروة هذا البلد ... الخ .
لكن الملاحظ ان هذه الظاهرة ، التي ينكرها الكثيرون علنا ويعملون او يفكرون وفقا لمقتضياتها سرا، طالت بتأثيرها حتى اكثرالناس بعدا عنها وعن التأثر بها في الظاهر او كما يفترض، من مثقفين وليبراليين و حتى علمانيين ويساريين وشهدنا ونشهد استقطابا واضحا في صفوف هؤلاء على اساسها وان انكر الجميع ذلك!!وهذا يبين هشاشة جذور مفاهيم وسلوكيات الثقافة المعاصرة والحداثةوطبيعة بناء شخصية المثقف الاصطراعية لدينا من جهة ، وعمق وشدة تأثير هذه الظاهرة وواقعيتها من جهة اخرى مما سنتناوله لاحقا.
وبالمقابل يلاحظ ان معظم الكتابات والمؤلفات الغربية التي تناولت الوضع السياسي والاجتماعي في العراق الحديث بالدرس والتحليل لمست هذه الظاهرة عبر وقائع وشواهد بيّنة و عالجتها كواقع مؤثر في صياغة وتسبيب الكثير من الاحداث والصراعات واعتبرته امرا مفروغا منه منذ زمن بعيد يعود الى بضعة عقود خلت لانها اعتادت ان تسمي الاشياء باسماءها وان تنظر الى الوقائع كما هي ، خصوصا تلك التي ترغب في ان تفهمها حقا وتتعامل معها .
وبدورنا لانجد غضاضة في تناول اي امر بالدرس والتشريح ، واية واقعة بالاقرار والمعاينة ومحاولة المقاربة والفهم طالما كان ذلك من مقتضيات فهم الواقع الملموس والتعامل مع ظواهره وتجلياته ومحاولة الاقتراب من اسبابها الخفية ودوافعها الكامنة ، فما بالك في امر ، يتسبب ، حقا وفعلا ، في سقوط العشرات وربما المئات من العراقيين الابرياء يوميا ، ويعرقل كل توجه للبناء السياسي واعادة العمران الاجتماعي والمادي، بل ويهدد وحدة ووجود الكيان العراقي كوطن ومجتمع واحد؟!.اذلايمكن لسنتين من العنف الدامي الذي يسقط خلاله العشرات يوميا في اماكن جغرافية ذات صبغة معينة او الذي يستهدف دائما وبصورة بيّنه اناسا ابرياء من فئات محددة من العراقيين ان يكون امرا بلا معنى ولا غايات ولا دوافع او ان يكون مجرد صدفة او غفله عن الهدف الحقيقي او امر عفوي او عرضي لابد منه خلال المعركة مع المحتل .. او افعال متعصبة وراءها متطرفين عرب اوقلة لاوزن لها من العراقيين او اعمال تخريب من دول الجوار تستهدف الوحدة الوطنية ... الخ فقد شملت هذه الاعمال معظم رقعة العراق ا لجغرافية واعتمدت اساليب وامكانات ومعلومات لابد وان تكون خلفها قوى اجتماعية تتناسب وحجمها سعة وامتدادا. كما لايمكن اخفاء حقيقته من خلال الادعاءات والاكاذيب والزيف والقبل اليهوذية والخطب المنمقة حول وحدة العراقيين وروح المواطنه ووحدة المسلمين والاخّوة السنية الشيعية ... الخ، ان الموت والدماء حقيقة يومية لايمكن انكارها او الترفع عن البحث فيها او فهمها.


ان مسالة انكار وجود الظواهر والمشاكل والعقد الاجتماعية والازمات او ردها الى اسباب ودوافع غريبه وخرافية او شيطانية مسألة قديمة في العقل العربي تعود الى بدايات تكوينه المعروفة غب نشؤ الدولة العربية الاسلاميةوتطورها اللاحق فكل المشاكل والازمات والفتن المميته ردت الى نوع من الفعل الشيطاني المتامر ولم يتصدى احد لامكانية ان تكون تعبيرا عن مشكل او ازمة واقعية او ان خلفها اسباب اجتماعية او سياسية او اقتصادية فهي اما من فعل شخص مهول القدرات يكمن عند كل ازمة او منعطف مثل ابن السوداء او ابن سلول عند طفولة هذا العقل(4) و من الواضح ان كل ذلك هو " شخصنة " للشيطان المصدر الوحيد للشرور في الاسلام الناشيء، او مؤامرات اليهود او المجوس خلال تطوره اللاحق. اما حديثا فقد كرس هذا العقل خصوصا في تجليه القوموي الاسلاموي هذه المفاهيم ووجدت نظرية المؤامرة مرتعا خصبا لها وبدلا من ابن السوداء وابن سلول حلت امريكا او الCIA او الموساد او ايران كمصادر للفعل الشيطاني الذي يعاكس ارادتنا الخيرة . ان الدوافع الواعية وغير الواعية لهذا النوع من السلوك تكمن في التعمد والكذب والتجهيل والانكار النابع عن المصلحة وعدم الاعتراف بواقعية المشكل وبالتالي التبرؤ من وزره ومن امكانية ايجاد حل واقعي له اولاواشاعة نمط خرافي وغير عقلاني من التفكير والتعامل مع ظواهر الواقع ثانيا وكذلك المثالية التي لا ترى ماهو كائن فعلا وترى بدلا منه ما يجب ان يكون(5) ، ومن هنا تشيع في لغتنا وتحليلاتنا السياسية الراهنه اما انكار وجود الاشياء والهرب حتى من اسماءها الحقيقية وفقا لصيغة " ما يسمى ب" الشائعةاو ردها الى مؤامرات خارجية كما اسلفت. من هنا يتعين ان نسمي مشكلتنا باسمها الحقيقي
فلايضر بالوحدة الوطنية العراقية ولا التثقيف بروح العلمنه ومفاهيم الديمقراطية والعلم الحديث ان نتناول " الطائفية" ذلك اننا نبغي تشريح الحالة او مقاربتها على الاقل وبدلا من اغماض العين والعقل في مواجهتها وبدلا من ان نجتر كلمات وتعابير مداراة زائفة بانكارها او التهوين من اثرها وخطرها في حين تطل هي علينا براسها الشيطاني عند كل منعطف وتتراى في لبس وبلبلة عند كل حادثة مما يحفل به يومنا العراقي الدامي علينا ان نتوجه بشجاعة الى استكناه هذه الحفرة الاسنه، وكر الشياطين واكمة الافاعي وتسليط الضوء الباهر عليها وكشف وتعرية اسسها لكي يتسنى لنا حقا سد افاقها واغلاق ابواب الشر التي تسعى اليها. ان الوحدة الوطنية لا تنبني على التوريات والمواربات والاكاذيب والتدليس وتجاهل الوقائع او توصيفها بزيف وتزويراو في افضل الفروض بالمواعظ والامنيات والتعابير المنمقة وانما تنبني على المصارحة والمكاشفة وان تشخص مواطن الداء وتسمى الاشياء باسماءها ،عند ذاك ، اذا توفرت الارادة الحقيقية والرغبةالجادة او على الاقل الحرص على الكيان العراقي ووحدته وتطوره اللاحق، سينحل هذا الاشكال ويتلاشى عبر تفاهم وطني واجتماعي قائم على المشاركة والمصلحة، وعند ذاك سيكون بلا ريب حقيقيا ، سليما ومعافى.
فعلاج اية ظاهرة او حل اية ازمة لايتم بالالتفاف عليها او تجاهلها او انكارها وانما بالتصدي لها وتحليلها وبيان مسببات استمرارها او استفحالها وتسمية الاشياء باسماءها دون مواربة او تدليس او هروب الى الامام ، ان كل ذلك سيكون بمثابة تطمين المريض بانه في اتم صحة وعافية والكذب عليه وترك امر الداء الوبيل ينخر في جسده وينتشر ويستفحل امره حتى يقضي عليه ، في حين يقتضي الواجب وتقتضي الامانة التشخيص السليم ووصف الداء بدقة وتسميته باسمه الحقيقي لكي يتسنى امر علاجه واستئصاله ان كان ذلك بالمستطاع او معرفته والتعايش معه والحد من ضرره على الاقل .ان الطائفية حقيقة قائمة في العراق قديما وحديثا(6) لكنها اختلفت شدة وتاثيرا، سعة وعمقا ، من وقت لاخر وتبعا لعوامل مختلفة، وهي ظاهرة مؤذية وضارة ابعد حدود الضرر ويمكن ان تنجم عنها عواقب وخيمة حقا وان الواجب والوطنية الحقة والشعور بالمسؤولية اتجاه حاضر وغد العراق تقتضي جميعا التصدي لدراستها وتحديد منابعها وفضحها وتعريتها والتثقيف بالضد منها وتكريس جهد استثنائي في خدمة هذا الامر كما ان اية تسوية اجتماعية او موائمة سياسية او حلف اجتماعي يتصدى لعملية البناء الديمقراطي يجب ان يتم على اساس تفهم هذه الظاهرة ، ليس عن طريق المحاصصات او التكريس وانما باحترام حرية العقائد وتبني مفاهيم الحرية والديمقراطية وعدم تكفير الاخرين وتبني القوانين والمفاهيم والسلوكيات التي تعامل المواطن على اساس مواطنيته وانصافه بالمساواة التامة والحقيقية في الحقوق والواجبات اننا ننتهي اذن الى الحل العلماني اما المصالحة، في الظرف العراقي، فتقتضي اضافة الى ذلك رفع الحيف عمن وقع عليهم وانصاف من ظلموا وعقاب من ظلموا بما يستحقون .
....(يتبع)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في اعقاب الانتفاضة ، عام 1991، وفي معتقل الرضوانية كان قصي صدام " يتسابق" مع اياد عبد الرزاق الالوسي، مدير في جهاز المخابرات ، في من يستطيع ان " يطير " اذن المعتقل الخاضع " للتحقيق " بضربة واحدة من هراوته، ولقد حقق الاثنان انجازات طريفه في هذا الشأن.اما المعتقلين ، موضوع التحقيق ، فقد كانوا كلهم من اهالي الجنوب وقد جمعوا من الشوارع والبيوت كيفما اتفق، ولم يشفع لهم الاّ ان يثبتوا انهم من انتماء طائفي معين مثلا!!
(2) اشار الاستاذ هادي العلوي،مرة، الى ان صدام حسين ليس طائفيا بخلاف البكر الذي كان كذلك ، لان الطائفية ، حسب رأيه تحتاج الى معرفة وانتماء الى جماعة وصدام كان، وعيا وتجربة، اقل شأنا من ذلك ،وارى ان ذلك ليس تحليلا يستند الى علم او معطيات بل هو شتيمة تستند الى العاطفة وهذا هو ديدننا مع الاعداء فنحن ننزع عنهم اية صفة تخص الانسان احتقارا وزراية منا لهم متناسين حقيقة ان الانسان وحدة اضداد ومسرح صراع وانه يمكن ان يسمو الى عليين ويمكن ايضا ان ينحط الى اسفل سافلين وذلك رهن بظروف كثيرة ذاتية وموضوعية كما ان اشخاص الحكام والقادة وذوي التاثير الاجتماعي والسياسي الكبير في محيطهم ، سلبا او ايجابا ، غالبا ما يتجاوزون، دون وعي او قصد منهم في اغلب الاحيان ، اطار الذاتية الفردية في الدور الى ان يكونوا تعبيرا عن مقولات ومصالح او برامج اجتماعية . وذلك لا يعظم من شأنهم بالضرورة او يسبغ عليهم صفات حميدة ، فقد يكونون مجرد دمى وقرقوزات ولكن تدار من خلالهم مصالح اجتماعية او دولية او تتوافق سياساتهم وفهمهم للامور، بحكم تكوينهم ، مع مصالح اجتماعية كبرى الى هذا الحد او ذاك..
(3)لقد قتل صدام البعض من معارضيه ومنافسيه وهم من اقرب اقربائه ومثل بهم بصورة وحشية طبعا ولكن في حمى الصراع من اجل السلطة ولم يقتلوا او يضطهدوا لانتمائهم القومي او الطائفي كما لم يخضعوا لتمييز مسبق ولا خطط وبرامج سرية .ولم تستخدم انتماءاتهم الاثنية كظرف مشدد للعقوبة كما كان شأن الشيعة والاكراد. بل لقد حاول صدام حسين قتل ابنه عدي نفسه حينما توجس منه خيفة تآمر .
.
(4)استبدل بالزرقاوي اليوم!
(5)وهذا شان الكثير من المخلصين اللذين لايودون او يخافون الاعتراف بواقعية الظاهرة حرصا على الوحدة الوطنية والوعي الوطني والديمقراطي والتقدمي في مواجهة مرامي نشر نوع من الوعي والاصطفاف الطائفي.لكن تجاهل اية مشكلة لايحلها بل على العكس يفاقمها.ومن المطلوب والواجب على الاقلام الوطنية ، المستنيره والمثقفة ، ان تتناولها بالدرس والتحليل لكي تبين محتواها المعادي للوحدة والديمقراطية والتقدم.
(6) للطائفية تعاريف وتجليات مختلفة ، فهي امر طبيعي ولا ضرر منه حينما يكون المقصود منه اختلاف الناس في المذاهب والتفسيرات الفقهية وطبيعة فهم وتاويل النص الديني ....الخ ، وهي بهذا المعني وجدت لدى كل البشر وطالت بتاثيرها كل الاديان وعبرت مرة عن اختلاف البيئة الاجتماعية او التاريخية في تعاملها مع النص واخرى وجدت تفسيرها في اختلاف الاجيال والازمان وثالثة في طبيعة فهم وتاويل النص الديني ضمن البيئة الاجتماعية الواحدة والزمان نفسه تبعا لاختلاف المصلحة وما الى ذلك ، لكنها تصبح خطرة ومدمرة للهيئة الاجتماعية حينما تقترن بالتعصب والتكفير اولا ، واذا اكتسبت مضامين طبقية وعبرت عن مصالح اجتماعية تتعلق بالملكية والاستغلال ثانيا، وهذه هي الزاوية التي نتناول من خلالها هذه الظاهرة ولذلك لابد من ان نشير الى ان الاختلافات الفقهية والفكرية لاتعنينا هنا ، وحتى التاريخية الاّ من ناحية التعبير عن قناعتنا من انها كانت في البدء ، كاي بناء فكري او عقائدي تعبيرا وانعكاسا لمصالح اجتماعية ، وقد الت في اكثر البلدان العربية الى مصائر مختلفة عن مصيرها في العراق الذي سنركز عليه بحثنا .



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الماركسية علم ام عقيدة ؟
- صور صدام ... اية لعبة هذه المرة؟!
- في البديهيات..... تجربة امريكا الديمقراطية في العراق!
- التكفير والانتحار.. رأي في اسس المشكلة
- مذبحة الاعظمية...اشهد اني رأيتهم يعدونهم للذبح!
- هل -الزرقاوي- اردني ام عارقي؟
- بمناسبة الاعلان عن قرب بدء محاكمة اقطاب النظام: هل اعتقل صدا ...
- عواء بشري
- ازمنة الحب 3-زمن سعدي الحلي واحمد عدوية
- ازمنة الحب 2- زمن فيروز
- ازمنة الحب 1- زمن عبد الحليم حافظ
- كيف حل السيد ميثم الجنابي ازمة اليسار العراقي المعاصر؟
- الاخوة حكام العربية السعودية ..رسالة تضامن
- -قصة الشاعر -طومسون فيتزجيرالد
- النظام العربي والحالة العراقية...حقيقة الصراع 1و2و3
- وعي الذات والموضوع: ملامح من خارطة الكفاح العربي الثوري
- التيار الصدري وجيش المهدي...قراءة اخرى


المزيد.....




- استطلاع للرأي: بايدن سيتفوق على ترامب بنقطة واحدة فقط لو جرت ...
- -داعش- يتبنّى الاعتداء الإرهابي على مسجد غربي أفغانستان
- بي بي سي تعاين الدمار الذي خلفته الغارات الجوية الإسرائيلية ...
- قاض في نيويورك يغرّم ترامب ويهدد بحبسه
- فيديو: تصميم وصناعة صينية.. بكين تكشف عن حاملة الطائرات -فوج ...
- قانون -العملاء الأجانب- يشعل العراك واللجوء إلى القوة البدني ...
- السيسي وعقيلته يوجهان رسالة للمصريين
- استخباراتي أمريكي: شعبية بوتين أعلى من شعبية ماكرون وبايدن و ...
- اشتباكات في جامعة كاليفورنيا بعد ساعات على فض اعتصام -كولومب ...
- بلينكن يريد اتفاق هدنة -الآن- وإسرائيل تنتظر رد حماس قبل إرس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عارف معروف - المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ...........1