أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - في البديهيات..... تجربة امريكا الديمقراطية في العراق!















المزيد.....

في البديهيات..... تجربة امريكا الديمقراطية في العراق!


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 1202 - 2005 / 5 / 19 - 05:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لامراء في ان الديمقراطية، فكرا وممارسة، مفهوما ومؤسسة، تكونت تاريخيا عبر مخاض طويل وعسير استغرق قرونا وانها عكست فهما اونظرة جديدة للعالم ، غاية ووسيلة ، و عبرت عن مصالح وتوازنات افرزها الصراع الاجتماعي ، ويرينا تاريخ العصر الحديث ان الديمقراطية هي " عملية process " تاريخية مستمرة لم يرتبط انبثاقها او قيامها برغبة فردية او فئوية او حتى اجتماعية عابره او آنية، بل تبلورت عبر صراع لمصالح وتطلعات وعكست في كل دور من ادوارها او صيغة من صيغ تجسدها توازنا معينا لهذه المصالح والتطلعات تضّمن ايضا قوة وارادة حفظها او ضمان استمرارهاوتطويرها وكذلك قوى تحديها ومحاولة افراغها من محتواها. وغني عن البيان ان هذه العملية التاريخية كانت غربية، زمانا ومكانا اولا ، ثم كان لابد ان تكون انسانية ثانيا باعتبارها مكسبا او خبرة ومعرفة او مثابة ، مثلها مثل منجزات العلم الحديث والتكنولوجيا الذي مثل تطوره استجابات واجابات على التحديات التي واجهت الانسان خلال عملية التحول الرأسمالي وما تضمنته من تصنيع وتحديث ابتدأت بثقل واضح منذ عصر النهضة و كان اساسها وقاعدتها في الغرب، وكانت كل اضافة او تطوير ، ابتداءا ، متطلبا حيويا من متطلبات هذه العملية الا انها بعد ذلك اصبحت ملكا للفكر والمعرفة البشريين وفقدت هويتها القومية او الوطنية . لكن اليات البناء الاجتماعي ومؤسسات الاجتماع البشري تسلك سلوكا مختلفا، ولها متطلبات اخرى مغايرة ، فأذ يمكننا نقل سيارة حديثة او صاروخ او اي من الات او مبتكرات العلم الحديث ، بل وحتى مختبرا بيولوجيا او مصنعا حديثا او اشادة جامعة علمية تدرس علوم الكومبيتر في افغانستان او موريتانيا بيسر وسهولة نسبيا ، لايمكننا ان ننقل مؤسسة سياسية او هيئة اجتماعية او قانون ضابط لفعالياتها او عرف مرافق بذات اليسر او السهولة وضمان اداءه الكفؤ والطبيعي ، هذا امر من البديهيات ولا ينطوي القول به على عميق معرفة او قدرة على الاكتشاف لكن المثير ان هذه البديهيات غالبا مايتم تجاهلها كليا في حمى الممارسة او معترك المطامح والامال!
لقد اشار احد الرحالة الاوروبيين بأسف الى انه شاهد بعض ما استورده محمد على الكبير من مكائن بغية تطوير صناعته واشادة ما حلم به من نهضة لمصر متروكا في وادي النيل يأكله الصدأ بعد محمد علي، ينطوي ذلك على الدرس بان ارادة محمد علي كانت مجرد حلم او رغبة فردية زالت بزواله ولم يكن خلفها مطلب او قوة او وعي او ارادة اجتماعية لضمان البقاء والاستمراروالتوسع وحتى المختبر البسيط والجامعة فأنها ستحتاج في افغانستان او موريتانيا الى بنية اجتماعية وفكرية وتحتية مناسبة بغية ان توجد وتدام وتتطور بل ان وجود مفردة واحدة من مفردات الحياة المعاصرة ومتطلباتها اليومية كالسيارة في صحراء او غابة بدائية مثلا يقتضي سلسلة من البنى والخدمات والمعارف المناسبة وربما تطلب اعرافا وعادات و" ثقافة" اجتماعية معينة بغية ان يوجد ويستمر!
واذا كان انتقال و تداول وتقبل الافكار والمعلومات والصور ومنها فكرة " الديمقراطية " مثلا، يسيرا تماما ويتم في عالم اليوم بسهولة متناهية فأن الحال مختلف تماما بالنسبة لانتقال وتداول وتقبل وهضم القيّم و السلوكيات والاعراف والعادات والممارسات وهذا هوالسبب الكامن فيما رأيناه ونراه وعشناه ونعيشه من انفصام بين الادعاء والواقع ، بين الشعار والممارسة ، فالجمهورية مثلا، لم تكن لدينا ابداشيئا يشبه الاصل ولا اقصد بالاصل " النموذج " النظري او " المثال" الافتراضي لصيغة الجمهورية كما عرفها علم السياسة او الاجتماع او القانون الحديث ، فذلك شأو بعيد قد لاتبلغه صيغ او مؤسسات الجمهورية القائمة حقا في اكثر بلدانها قربا من صيغة المثال وهذا من طبيعة الاشياء ذلك ان عملية " النمذجة " ذاتها ، وفي اي ميدان من ميادين المعرفة والسلوك البشري تعمد الى صياغة" النموذج " القياسي وفقالما يجب ان يكون ، اما ماهو كائن في الواقع فيبتعد كثيرا او قليلا عن هذا النموذج وفقا لاعتبارات ومؤثرات لاتقع تحت حصر لكنه لايبلغه او يتطابق معه ابدا! وحتى لامر يبدو بديهي ومفروغ منه مثل صورة الانسان نفسه فانها وسواء تعلق الامر بالفنانين ونسبتهم الذهبية او علماء الاجناس او البيولوجيا او الاطباء لاتتطابق وبكل تفاصيلها مع اي من البشر الافراد اللذين تضيق بهم الارض واللذين يمثل كل فرد منهم حيدا عن المثال الى هذه الدرجة او تلك! لكننا نشير بالقول الى انها تبتعد عن الاصل، الى التجارب او الجمهوريات القائمة في البلدان التي نشأت ونمت وتطورت فيها هذه الصيغة من صيغ الحكم . ووفقا لما هو معروف فأن هذه الجمهوريات تحكم من اشخاص اوهيئات او احزاب تستبدل عن طريق الانتخاب دوريا من قبل جمهور الناخبين ، وفي العادة ووفقا لاكثر الحالات شيوعا ، كل اربعة اعوام لكن من عرفنا والفنا من امثالهم لدينا لم يستبدلوا الا بالموت واذا جرت الانتخابات فللتجديد لهم ناهيك عن ان عملية الانتخاب ذاتها لاتشبه في شيء طبيعة ماعرفته وتعرفه تلك البلدان منها وقد ابتكر هنا معادلها او صيغتها المحلية المعدلة فكانت " البيعة " او " الاستفتاء الجماهيري " او المظاهرات المليونية المعبرة عن " ارادة الشعب"... الخ وكلها صيغ اقصاء والتفاف على الصيغة الحقيقية او المطلوبة. كما قدمنا للانسانية صيغة " ابن رئيس الجمهورية " الذي يقيل الوزراء ويامر باعدام الضباط ويرث منصب ابيه ، اما الموظف التنفيذي الذي يرأس السلطة كل اربعة اعوام وفقا لثقة وارادة الناخبين تحت مسمى " رئيس الجمهورية" فقد اصبح لدينا موظف على الملاك الابدي وبسلطة لايحلم بها اكثر الملوك والاباطرة سعة وعمقا! اننا نتحدث مثلا عن "الجمهورية العراقية " كمسلمة ، لكنني اشك في وجود هذا الامر طوال تاريخنا الحديث باستثناء فترات لا تتجاوز الاشهرومضت وانطفأت خلال الخمسين عاما المنصرمة! وقل مثل ذلك بالنسبة لمفاهيم ومؤسسات عديدة لم نعرف الاّ طبعة شوهاء ، معدلة ، خاصة منهامثل الدولة والنقابة والحزب... الخ.وينبغي لي التوكيد بشدة ان الامر لايتعلق بعيب اخلاقي او نفسي كامن فينا او ارادة فردية او فئوية كما ترى اشد العقول سطحية ، انما ينبع بالتأكيد عن عملية تاريخية شوهاء يجب اخذها بنظر الاعتبار واعتمادها اساسا في النقد او في وضع الحلول والمشاريع.
هل للديمقراطية صيغة واحدة ، و وصفة جاهزة يمكن نسخها و تصلح لكل المجتمعات بغض النظر عن تكوينها الاجتماعي ومستوى تطورها التاريخي وثقافتها وتجربتها التاريخية ومؤسساتها القائمة ، هل ان مايصلح لامريكا والدنمارك هو نفسه مايصلح لعمان او ليبيا؟ ليس من الحكمة والمنطق ان يقول احد بذلك فالواقع شيء عنيد وسيعدل حتما اية صورة او صيغة تملى عليه بما يتناسب ومعطياته من جهة وحاجاته من جهة اخرى، فحتى فيما يعرف بزراعة الاعضاء غالبا مايرفض الجسم زراعة عضو غريب حتى لو كان بحاجة اليه لكي يحيا، ويحتاج الامر دائما الى " مكيفات " او معدلات " adapters تخفف من تحسس وتخفض من رفض الجسم او المحيط حتى يتسنى تكيفه لاحقا وتدريجيا وتقبله للعضو الجديد، ان الديمقراطية كمؤسسة ، وبعيدا عن المكابرة الزائفة او الادعاء، لم تترعرع هنا بل لم يعرفها في حقيقة الامر رحم هذه الارض كبذرة، انها اليوم نوع من زراعة " الاقلام " في ارض اخرى تحتاج ما تحتاج اليه زراعة " الاقلام " من عناية وصبر وجلد وتضحيات لكي تؤتي اوكلها فعلا ، سألت مرة احد المهندسين العسكريين من معارفي عن كيفية نجاحهم في اشادة مشروع امر به صدام حسين وكان يبدو تنفيذه صعبا ان لم نقل مستحيلا من الناحية العلمية، فقال ان كل شيء ممكن ولكن، في هذه الحالة، يجب نسيان حساب الجدوى الاقتصادية وحين يأمرنا صدام بشيء يريده فأننا لانعبأ بشيء اسمه العقلانية اوالكلفة او الاقتصاد! وفي حالتنا هذه يمكن القول ايضا ان كل شيء ممكن ولكن بالطبع لكل شيء ثمن. ان نقل صيغة للديمقراطية كما افرزتها تجربة امريكا او بريطانيا او فرنسا الى اليمن يبدو ممكنا ولكن بعد ان نغير اليمن الى ما يشبه امريكا او بريطانيا او فرنساوهذا يتطلب ثمنا باهضاا شك في ان يكون احد قادرا على تحمله او دفعه ، هذابالطبع اذا عملنا بجديةولم نكتف ببناء زائف وتوليفة خائبة عقيم. او ان نجري تعديلا على صيغة الديمقراطية واساليبها وضماناتها ونرفق ذلك بتهيئة ارض اليمن اقتصادا ومجتمعا وقيما وثقافة لذلك ، عندذاك سيكون الامر بالطبع اقرب الى منطق الاشياء ويمكن القبول به لكننا سنحصل على صيغة من الديمقراطية ببصمة خاصة.ونكهة محلية.ان الحكمة تشير الى ان مايتعين على من يروم اشاعة الديمقراطية في منطقتنا وفي العالم ان يبالي بالروح ، بالجوهر ، الذي تتضمنه حقوق الانسان ، اما الاشكال والصيغ فسيتكفل بها الواقع وسيعدلها الى هذا الحد او ذاك وفقا لمقتضياته كما ان عليه ان يوفر ضمانات ودعامات اكيدة لم تنبثق عن الواقع تتطلبها رعاية وحماية الوليد الجديد اضافة واساسا الى البنية التحتية الاقتصادية المناسبة . اما صيغة الضغوط على الانظمة لاتخاذ بعض الاصلاحات او التدابير فانها لن تفضي الى اشاعة الديمقراطية وانما الى ترقيع ومؤسسات شكلية فارغة من المحتوى . وبالنسبة للعراق ، تعلن الادارة الامريكية باستمرار بانها لاتملي صيغة جاهزة في العراق وانها تترك للتجربة العراقية ان تفرز صيغتها وادواتها وتسم نفسها بطابعها الخاص وسمعنا اكثر من مرة عن المختبر العراقي الذي ترقبه امريكا، لكن التجربة الامريكية اخذت تكلف العراقيين الكثير من الدم والخراب الذي يمكن بالفعل تلافيه او التقليل من مداه الى اقصى حد، فحياة وامن واستقرار الشعوب ليست لعبة سهلة او مجانية وهي اذا كانت مجانيةاو ضمن اطار الجدوى بالنسبة لمن يرقب نتائجها فهي ليست كذلك بالنسبة لمن يعاني اتونها. لقد اشار السيد رامسفيلد الى ان التجربة العراقية تسير بصورة مرضية وان الامر الذي وصلته في ظرف اقل من سنتين تعين على الولايات المتحدة ان تقطعه في عشرين سنة! ولا اعرف فيما اذا كان يفكر باعادة تمثيل السيرة نفسها هنا فقد كانت العناصر والمعطيات مختلفة تماما وولدت هناك عبر بوتقة الحرب الاهلية.
وعلى سبيل المثال ، على طريقة امريكا في ادارة التجربة ، يبدو انها شخصت، منذ البدء، صيغة الحزب الجماهيري وفق ما عرفته التجربة العراقية كأحد المحاذير التي يجب تجنبها وانها احد المصادر المحتملة او الاكيدة لانبعاث الدكتاتورية والشموليةواقتضى الحال بالطبع البحث عن بديل يؤطر ويمتص الحراك السياسي وقد وجدت بغيتها في البنى والصيغ التي تنتمي الى مراحل تاريخية سابقة على الرأسمالية وتمثل في حقيقة الامر نكوصا حتى بالنسبة الى العراقيين انفسهم . لقد دعمت وكرست الطائفية والعشائرية واعتمدت معايير لاعادة تعريف العراقيين بالنسبة للسلطة والى بعضهم البعض، لقد افرز هذا الوضع قيادات وزعامات ليس لها افق او ثقافة ديمقراطية بل ان بعضها رث ولا يصلح الا لقيادة حروب اهلية همجية، واحد اشكال الاسفاف التي تدعوالى السخرية هو ان ادارة قوات الائتلاف" سابقا" ادخلت بعض شيوخ العشائر في محافظات مختلفة في دورات تثقيف وتأهيل للديمقراطية امدها اسبوعين !! ان مثل هذا الامر لايعكس اية جدية او فهم لطبيعة الاحوال بالطبع! ولم يعمد اليه او الى مايشبهه في المانيا او اليابان حسب علمي، لقد كان يمكن اللجوء الىصيغ مركزة وذات فعالية لادارة واعادة بناء بلد خرب الامر الذي كان سيوفر قاعدة مادية واجتماعية للتحولات المطلوبة . كما ان الديمقراطية لاتبنى بدون ديمقراطيين ورغم ان مؤسسات المجتمع المدني التي انبثقت بعد سقوط النظام ومثلت في غالبيتها صدى للطائفية والعشائرية وغلبة الروح الايديولوجية التي تجعل منها مؤسسات وبنى واجهيةفارغة من المحتوى المهني، الا انها يمكن ان تمثل خطوة على الطريق وكذلك الاحزاب العلمانية ذات البرامج السياسية بدلا من الارتكاس الى اشكال نكوصية لاتنسجم والمبتغى المطلوب. كماان ذلك مشروط بالتاكيد بعملية اعادة بناء ضخمة وحقيقية يمكن ان تدعمه وتوفر له الاساس الجدي.
وثمة مثال آخر، فالديمقراطية لاتتضمن الحرية فقط وانما تتضمن الوجه الاخر للعملة ، الالزام ، بل انها ، الديمقراطية ، ليست سوى وحدة اضداد وتوازن من الحرية والالزام.وهي اذ تحدد حريات الافراد فانها توضح حدودها اي التزاماتهم اتجاههاومقولة ان حريات الاخرين هي حدود حرية الفرد تتضمن هذا المغزى وتشير اليه وهي لاتعتمد بالطبع علىفهم ووعي الافراد لهذا الالزام او نواياهم اتجاهه او اخلاقياتهم الفردية في التعبير عنه ومعرفة حدوده ، انها تفترض بالطبع "تجريدا"، نموذجا مثاليا لفرد يفهم حقوقه اوحريته وحدودها ، لكن هذا الفرد لاوجود له في الواقع ، انها تعتمد على "القوة " في تحقيق هذا الالزام وتتنوع هذه القوة وتتخذ مختلف الاشكال والمظاهرفتمتد من قوة ادبية تتمثل في منظومة قيم واخلاقيات واعراف اجتماعية وسياسية حتى قوة مادية تعبر عنها شتى اشكال الاكراه والعنف المنظم والذي يكون تطبيقه منوطا ومحددا ومقننا بالدولة. ان الصيغة التي تفرض بها الدولة هذا الالزام يحددها القانون كما ان القانون هو الذي يحدد محتوى حرية الفرد وصيغ ممارستها وكذلك حدودها وما يقع خارج اطارها ويمثل تجاوزا وانتهاكا او اعتداءا على حريات الاخرين او حقوق الجماعةولكي تكون الديمقراطية حقيقية وملموسة فانها يجب ان تستند الى قوة حقيقية وملموسة.وليس من الضروري والمحتم استخدام هذه القوة لكنها ضرورية تماما لتحقيق الردع اتجاه تجاوزات الافراد والجماعات، ان الردع عامل حاسم ، في حقيقة الامر ، في تحقيق الالزام ، لان غرائز الافراد ومصالح الجماعات ، غالبا ماتكون انانية وغير مبالية وتتطلب الاشباع والتلبية على حساب مصالح الافراد الاخرين او الهيئة الاجتماعية ككل.
ان الردع يتحقق بالعقاب او التلويح به، وتنطوي فلسفة العقاب على جانب تربوي مهم للفرد والمجتمع ، وشرط العقاب ان يكون مناسبااو مكافيء للجريمة او الفعل المخالف للقانون واذا لم يكن كذلك ذهب بالغاية التربوية الاساسية منه وانعدم الردع فاذا مورس بافراط ، كما كان شأنه في العهد الصدامي انعدم ايمان الناس بالقانون وقلة هيبته واحترامه وحل محله الخوف والفساد والعجزوتحللت الرابطة الاجتماعية والوطنية حتى انها لاتعود تقوى على مواجهة اي عارض او تحدي كما حصل في امثله كثيرة معاصرة كان اخرها نظام صدام، واذا مورس بتفريط ، كما هو شأنه لدينا اليوم، استخف الناس بالقانون ومصالح الهيئة الاجتماعية وتكالبوا على تحقيق غاياتهم وفرض اراداتهم فيشيع الرعب والجريمة والفساد وطغيان المافيات وهو مايؤدي حتما الى تحلل الرابطة الوطنية وانهيار التكوين الاجتماعي ، ان غرس تجربة او مؤسسة سياسية جديدة ورعاية هذا الغرس في وجه رياح صحراوية معاديةيتطلب حماية ورعاية وتعديل كما اسلفنا ، ان هذه تتمثل في جانب منها ،في الصرامة والقسوةالمطلوبة احيانا في الدفاع عن القيم الوليدة ، ان امريكا نفسها وهي صاحبة تجربة ديمقراطية متجذرة تمتد قرونا لا تزال تطبق عقوبة الاعدام مثلا كعقوبة رادعة ، كما انها تحتجز من القت القبض عليهم في افغانستان، في غوانتانامو لاغراض تحقيقية لكي لا تشملهم الضمانات القانونية التي يتمتع بها المشتبه بهم على الاراضي الامريكية، انها تتجاوز او تلتف في الحقيقة على صيغ والزامات اقرتها هي حينما تعتقد انها بازاء تهديد مصيري حاسم . فلماذا يتحتم على العراقيين ان يثقلوا بالموانع والمعوقات في تطبيق قوانين رادعة وايقاع عقوبات جدية بمن ينشرون الموت والدمار ومحرضيهم وداعميهم ممن يتمتعون بكل الضمانات الديمقراطية في الوقت الذي لايعرفون فيه سوى زراعة الموت؟
سألت نقابيا مخضرما، من الشيوعيين ، ذات مرة عن اسباب فوز القائمة الفلانية واكتساحها لهم في القطاع الفلاني ، في مطلع الستينات رغم ما هو معروف من جماهيريتهم الواسعة والتأييد الكبير الذي كانوا يحضون به في القطاع المذكور وقتذاك ؟ فأجاب :.. الارهاب.. لقد كان معروفا لدينا زمنذاك ان من يسيطر على صندوق الاقتراع يحدد نتيجة الانتخابات وقد كانوا يلجأون الى ابتزاز الجماهير وارعابها بارسال " الشقاوات " المسلحين بالمسدسات والسكاكين الى مراكز الانتخاب. لقد فرضوا التزييف او الموالاة الانتهازية او السلبية والحياد على اقل تقدير وكان كل ذلك في صالحهم . ونرى اليوم ان الكثيرين يفقدون حماستهم التي تبدت في الايام الاولى لاسقاط النظام ، واصبح حتى الحديث عن مثالب عهد صدام يجري همسا في الكثير من دوائر الدولة ، بل وعاد البعض الى التعتيم على هويتهم الطائفية او انتمائهم العشائري خوفا من القتل على الهوية كما و يعمد البعض وحتى خلال الحديث الى اجهزة الاعلام الى استخدام صيغ ملتبسة للمداراة تعبر عن الخوف والسلبية مثل " المقاومة " و " المجاهدين"! وفي الوقت الذي ترى وتسمع الجماهير يوميا اعترافات مهولة لضواري بعيدة عن الصفة الانسانية لاتلمس تنفيذ اي عقاب قانوني رادع وبمستوى الجريمة لهم ، ثم تدعى الى ابداء التعاون بالادلاء باية معلومات تخص هؤلاء المجرمين وتفيد في القبض عليهم !ان ترك الجماهير تدفع ثمنا باهضا لحلم لم تلمس منه شيئا قد يشيع بينها السلبية ويجعلها تتخلى عن مثل هذا الحلم او مؤازرته والاسهام في بناءه او ازدراءه وتحوله الى صيغة للسخرية والتنكيت كما نلمس اليوم ، هناك دائما في وعي الناس موازنة للجدوى ، للربح والخسارة ، ان اعداء الديمقراطية يعملون بجد وعجالة من اجل حسم هذا الحساب لصالحهم وهم يضربون على اكثر الاوتار حساسية وا يلامافهل نلمس بالمقابل جدية من انصارها والداعين اليها في عمل مضاد ومقنع يتمايز عن فهم وتحديد العم الامريكي؟!.



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكفير والانتحار.. رأي في اسس المشكلة
- مذبحة الاعظمية...اشهد اني رأيتهم يعدونهم للذبح!
- هل -الزرقاوي- اردني ام عارقي؟
- بمناسبة الاعلان عن قرب بدء محاكمة اقطاب النظام: هل اعتقل صدا ...
- عواء بشري
- ازمنة الحب 3-زمن سعدي الحلي واحمد عدوية
- ازمنة الحب 2- زمن فيروز
- ازمنة الحب 1- زمن عبد الحليم حافظ
- كيف حل السيد ميثم الجنابي ازمة اليسار العراقي المعاصر؟
- الاخوة حكام العربية السعودية ..رسالة تضامن
- -قصة الشاعر -طومسون فيتزجيرالد
- النظام العربي والحالة العراقية...حقيقة الصراع 1و2و3
- وعي الذات والموضوع: ملامح من خارطة الكفاح العربي الثوري
- التيار الصدري وجيش المهدي...قراءة اخرى


المزيد.....




- بعدما حوصر في بحيرة لأسابيع.. حوت قاتل يشق طريقه إلى المحيط ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لأعمال إنشاء الرصيف البحري في قط ...
- محمد صلاح بعد المشادة اللفظية مع كلوب: -إذا تحدثت سوف تشتعل ...
- طلاب جامعة كولومبيا يتحدّون إدارتهم مدفوعين بتاريخ حافل من ا ...
- روسيا تعترض سرب مسيّرات وتنديد أوكراني بقصف أنابيب الغاز
- مظاهرات طلبة أميركا .. بداية تحول النظر إلى إسرائيل
- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - في البديهيات..... تجربة امريكا الديمقراطية في العراق!