أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سعيد علم الدين - حوار مع العم ابو ابراهيم حول الربيع العربي















المزيد.....

حوار مع العم ابو ابراهيم حول الربيع العربي


سعيد علم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4311 - 2013 / 12 / 20 - 10:40
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


استيقظت من نومي مذعورا مرعوبا ناشف الحلق على كابوس ثقيل حط بثقله على جسدي فكبلني من رأسي الى أخمص قدمي. مسيطرا على عقلي الذي أراني نفسي وكأنني تحولت الى اشلاء مبعثرة مرمية على قارعة الطرقات أريد لملمتها فلم أقدر. حاولت تحريك رجلي او اصابع يدي او رأسي اريد التخلص من قبضته ولم اقدر. وعجزت تماما عن الحركة، الا اني لم استسلم وتابعت محاولاتي وكررتها اريد لملمة أشلائي. أريد استعادة حريتي التي افتقدتها بسبب هذا الكابوس اللعين. ومما زاد طيني بلة وارعبني اكثر هو اطباقه على صدري بوحشية مرعبة وقساوة غليظة يريد منعي حتى من التنفس يريد خنقي بالاحداث المأساوية التي يتخبط بها العالم العربي بعد ان جرفته بتياراتها الى مستنقع دموي لا يتناسب نهائيا وهذا الزمن الحضاري الذي يمر به المجتمع البشري. حيث التنافس على الخير العام والتطور العلمي وخدمة الانسان، هو حجر الأساس لكل ساسة المجتمعات الديمقراطية، بينما نحن في معظم دولنا العربية نعمل على قهر وقتل وتهجير وتحطيم وتكبيل الانسان، وتحويل مجتمعاتنا الى متخلفة دموية فاشلة تائهة على غير هدى وأمان، تتخبط بين سراديب الماضي ومستلزمات الحاضر، أما المستقبل فهو في خبر كان!
حاولت النوم مجددا فلم أقدر. فهذا الكابوس اطار النوم من عيني وأشربني عشرة فناجين قهوة. نظرت الى الساعة انها الثالثة صباحا. نهضت من فراشي لتحضير قهوتي. وتذكرت العم ابو ابراهيم وقلت من لي سواه كي ألملم عنده أشلائي وتهدأ روحي وترتاح نفسي من وقع هذا الكابوس الذي يلاحقني" بما يسمى الربيع العربي.
وهل حقا ما نعيشه في عالمنا العربي هو أمل وربيع .. ام قتل جنوني ودمار مريع؟
والعم ابو ابراهيم شخصية منفتحة على الحياة، غنية بالأفكار، حادة الذكاء، سوية المنطق، عميقة الفكر، بعيدة النظر، مبدعة في تحليل الأحداث والتطورات وربط الأسباب بالمسببات بشكل دقيق، وتملك من الحكمة ما يكفي لكي تأخذ منها الرأي السديد. وكل ذلك يعود لا للشهادات والدراسات العليا التي حصل عليها في حياته، وانما الى مدرسة الحياة التي انضجته وثقفته وعلمته الكثير لكي يتعامل مع الظروف والأحداث بصوابية.
طرقت بابه فاستقبلني بترحابه المعهود ولم يعاتبني على هذا الغياب الطويل. وحتى أنه لم يتفاجأ البتة بقدومي. وعندما بدأت بتقديم الاعذار عن انقطاعي عنه كل هذه المدة. قال لي. انا انتظرتك يا صديقي العزيز وكنت متأكد من قدومك. تفضل بالجلوس. ومما فاجأني هو وجه العم الخالي من التجاعيد وشكله المتجدد وحركاته الرشيقة وبريق عينيه اليقظتين وكأنه عاد عشرين بل ثلاثين سنة الى الوراء.
- ما هذا يا عم ابو ابراهيم ؟ اكاد لا اصدق ما تراه عيناي! هل قمت بعمليات شد وتجميل من وراء ظهري وانا لا ادري؟
لا يا عزيزي لا عمليات تجميل وتقشير ولا شد وجه وتلميع، ولا شيء من هذا القبيل. انه الربيع انه ربيع شباب العرب الذي أزاح كابوس الأنظمة الاستبدادية الفاسدة عن كاهلي واعاد الفرحة والبهجة والأمل وروح الشباب الى نفسي. وكأن النار التي اشعلها الشهيد التونسي محمد البوعزيزي في جسده وانتقل لهيبها الى العديد من دولنا ألهبت لي روحي وزادتني املا وتعلقا بالمستقبل والحياة. وكم انا سعيد ان اعيش هذه اللحظات التاريخية المفصلية المشرقة من عمر منطقتنا العربية. ولأول مرة شباب العالم العربي تحاول بجرأة وشجاعة وثبات وإرادة وقوة وتمرد ان تقول للحاكم لا، وان تتخطي الحواجز وتكسر الأصنام، للخروج بمجتمعاتها من عنق الزجاجة الخانق الى رحاب الحرية والديمقراطية الحضاري الفسيح، أم انك ما زلت غارقا في مستنقعات شتاء الأنظمة الاستبدادية؟
- اين هو الربيع الذي تتحدث عنه يا عم والدماء الغزيرة والبريئة والعزيزة تتفجر هناك وهناك بغزارة الينابيع وتسيل كالأنهار، والحرب والاجرام والخراب والدمار ينتقل من دولة الى أخرى؟
اين هو الربيع وشعب غزة يعيش مع الشعب السوري تحت نفس الحصار؟
- انه المخاض يا صديقي! وهل ممكن ان تحدث ولادة من دون مخاض وآلام وأوجاع ودماء؟ وهل ممكن ان تبنى بناية من دون أساس؟ وهل ممكن ان تقوم دولة من دون مؤسسات وعدالة وفصل سلطات؟ وهل ممكن ان ينهض مجتمع من السبات وهو مكبل بزنزانات الماضي والعبادات وبطش أنظمة قامت على العنف والانقلابات والفساد وألاعيب المخابرات؟
دولنا العتيدة او قبائلنا ال 22 اخذت استقلالها وبنيت بلا أساس. ولا عجب ان تتعرض لهذا التخبط والافلاس.
على كل حال اعجبني تعبيرك "نفس الحصار". مؤلم جدا ان تتحول شعارات يوم القدس وتحرير فلسطين الى خناجر وسكاكين لذبح السوريين.
- تتحدث عن ولادة وآمال وكأنك تعيش في عالم الأحلام والخيال والأطفال الصغار يموتون بردا وجوعا وعطشا ويذبحون في سوريا ذبح النعاج. هل هذا موت ام ولادة؟ عدا البراميل المتفجرة التي تنهال على رؤوس الآمنين وتفتك بالبشر والحجر. أما صواريخ سكود فقد فعلت فعلها الكارثي وتسببت بإزالة شوارع ببناياتها وناسها وذكرياتها وتاريخها عن الخارطة، وكأن كلام أحمدي نجاد الفارسي عن ازالة اسرائيل عن الخارطة، يطبقه اليوم بشار الاسد في ازالة مدن وقرى سورية بأكملها عن الخارطة.
- إذا حدقت في جزء من الصورة فقط فلن تستطيع رؤيتها ككل. فما تحدثت عنه هو جزء مأساوي جدا وحزين من صورة الربيع ككل، ولكن اطمئن وهدئ من روعك، لأن هؤلاء الأطفال الذين يموتون اليوم هم الازهار التي ستنبت على أرض سوريا الديمقراطية غدا.
على فكرة الثورة السورية هي من أعظم ثورات التاريخ الإنساني. وكما ان الثورة الفرنسية غيرت وجه اوروبا والعالم بمفاهيم وقيم انسانية حضارية راقية وسالت فيها دماء كثيرة، فإن الثورة السورية ستغير وجه العالم العربي والمنطقة ككل بمفاهيم الحرية والاخوة الانسانية والتوق الى العيش بكرامة في ظل الدولة المدنية الديمقراطية العادلة.
- يا عم ابو ابراهيم على الثورة السورية اولا ان تنتصر. كي نبني على الشيء مقتضاه. ثم انك تتحدث وكأن النظام المجرم قد تكسرت اسنانه وما نراه هو العكس. حيث انه يحقق انتصارات، بينما الثورة قد تحولت الى ثورات تاكل بعضها بعضا قبل ان يفصفص عظامها ويلتهما الأسد.
- يا عزيزي لقد كَسَرَت ارادة الشعب السوري أسنانه، وهو اليوم يحارب الثورة بوجبة اسنان اصطناعية ركبتها له روسيا وايران. ثورات الشعوب الحية لا يمكن ان تموت، ولا يمكن ان تنهزم، ولا يمكن ان تتراجع عن اهدافها. انها مداد روحي لا ينقطع من نهر جارف يأخذ تعرجات وتراجعات ومنعطفات كثيرة، الا انه لا بد وان يصل في نهاية المطاف الى شاطئ الأمان. والثورة السورية الأسطورية هي قمة شامخة من قمم الثورات الحية. حيث واجه شبابها المسالم والمطالب بأبسط حقوقه رصاص الاسد وشبيحته المجرمين بصدور عارية. والثورة انتصرت بروحها وشبابها عندما صمدت امام وحشية جيش، وبربرية شبيحة، وهمجية حاقدين، واحتيالات والاعيب وفبركات وحرفية مخابرات بشار.
اما بشار فقد خسر الحرب عندما استعمل كل ما يملك من عدة وعتاد وسلاح حتى الكيميائي، واستعان بكل ما يملك من عصابات اجرامية في المنطقة والعالم كي يواجة ثورة شعبية جماهيرية حية ما زالت تقاتل بصدور عارية وبأسلحة خفيفة وبدائية معظمها تم اغتنامه من مخازن جنوده.
- وماذا عن داعش وارتكاب الفواحش وباقي الحركات الاسلامية الارهابية الجهادية؟ وهل الشعب السوري ثار على الاستبداد السياسي لكي يحكمه الاستبداد الديني؟ اي من تحت الدلفة لتحت المزراب:
من مصيبة الاسد إلى مصائب بلا عدد!
- الحركات الجهادية الأصولية الاسلامية المتطرفة المسلحة الظلامية المنغلقة الدموية اللاأخلاقية الفاشية هي كوابيس عصرنا الحالي. وهي كلها ظواهر بلا جذور وليس لها مداد شعبي، اي فقاقيع صابون ولا تشبه بأي شكل من الأشكال الشعب السوري العريق بحضاراته وطموحاته وتطلعاته للعيش بحرية وديمقراطية وكرامة وطنية. هذه الحركات كلها مبنية على العنف والحقد وستختفي عن مسرح الأحداث بسرعة كما ظهرت بسرعة.
- اشعر براحة واطمئنان بعد هذا الحديث الشيق معك، ولكن اذا كنا نحن اليوم في الطريق الى الربيع اي الولادة. فكيف برأيك ستكون هذه الولادة بعد ان سرقت الثورة في مصر وتونس وغرقت في الفوضى في ليبيا واليمن؟
- هذا سؤال متعدد الجوانب يا صديقي والاجابة عليه بحاجة لجلسة اخرى.



#سعيد_علم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتعملق لبنان بشهدائه يتقزم القتلة
- مشايخ العار وفتاوي الانتحار
- الحرب التي اشعلها الملالي ترتد عليهم
- من هم اطفال الاخوان؟
- المرشد بديع ومرسي المطيع
- انتصارات الأرانب
- مصر أمانة في عنق المجلس العسكري
- تعقيبا على كلام الدكتور سمير جعجع
- شتان بين العدو الاسرائيلي والنظام الأسدي!
- المفتي يستقبل شبيحاً والبطريرك يتغنى بنظام الشبيحة
- ولماذا لا ينأى بنفسه البطرك الراعي عن أحداث سوريا؟(1)
- الهزيمةُ الماحقةُ مرسومةٌ على وجه بشار
- انتفضوا ايها الكاتبات والكتاب الأحرار!
- فضيحة روسية معطوفة غباءً سياسيا
- تماسيحٌ وخنازيرٌ ، أفاعي وحيتان
- الجيش الحر حاميها وشبيحة الأسد حراميها
- واذا ما خربت ما بتعمر يا احرار سوريا !
- دعوة لجمعة الغضب الإسلامي دعما للشعب السوري
- نداء عاجل
- تقرير المصير حق للجميع


المزيد.....




- فيديو: ابنة كاسترو ترتدي الكوفية الفلسطينية وتتقدم مسيرة لم ...
- المظاهرات في جورجيا.. لا للتبعية لموسكو وواشنطن لن تكون البد ...
- طلاب محتجون في جامعة جونز هوبكنز الأميركية ينفون إجراء مفاوض ...
- عشرات الالاف من المتظاهرين الاسرائيليين يطالبون بإسقاط قاتل ...
- م.م.ن.ص// استمرار النكبة
- أضواء على حراك التعليم المجيد
- استنتاجات تجربة نقابية مديدة بقطاع التعليم: مقابلة مع الرفيق ...
- حراك شغيلة التعليم 2023: تقييم ودروس للمستقبل
- اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يطالبون بانجاز اتف ...
- معركة الأجور.. وفرص المقاومة العمالية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سعيد علم الدين - حوار مع العم ابو ابراهيم حول الربيع العربي