أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الداودي - طوني ناغري، اسقاط النظام/بقاء النظام/تفكيك النظام 10 ديسمبر 1988














المزيد.....

طوني ناغري، اسقاط النظام/بقاء النظام/تفكيك النظام 10 ديسمبر 1988


صلاح الداودي

الحوار المتمدن-العدد: 4301 - 2013 / 12 / 10 - 07:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


طوني ناغري، اسقاط النظام/بقاء النظام/تفكيك النظام
10 ديسمبر 1988

حول العمل الجماعي، الجزء الأوّل

عزيزي مانْفْرايْدو،

هل تذكر مجموعة "ن"؟ هل تذكر كيف كنا، مهندسين وشغالين ومختصين في علم النفس نحلم بنوع من تيلرة نورانية للفنّ! بمفاعيل كاطارسية وكنا نقوم بذلك بتقسيم العمل وتفكيك واعادة تركيب القطع ميكانيكيا. يعود ذلك إلى القول أن تسويق الفن لنفسه كإنتاج يدل بداهة على طبيعته العادية بلا أي سحر. ويمكن إذن من التحرر من هالة كل تلك المُخادعات الإستيطيقية والتجارية التي أحيطت به. لقد تم اقتياد الفن إلى حضيرة التطبيع مع حياة غير طبيعية مُمَكننة ومُستَلَبة. كان كل ذلك حِرفيا إلى حد رهيب وهذيانيا إلى حد ما. ولكن حقيقة ما كانت تتولد من هذه العملية: الفن عمل جماعي في ابداعه مجرد في مواده. فعندما تم نزع الإنسانية عن العمل أدرك الفن بدوره أن ذلك لم يكن سوى قَدَر النوع البشري المُستَغَل. كم كنا إذن عصرئذ هيغليين شباب وكم كان جنوننا رغم ذلك مُبدعا لبعض مكونات الحقيقة! لقد كنا واعين تماما بما كنا نتعلمه من الهندسة الصناعية ومن سيكولوجيا الإدراك في دورة تجارب قصوى في عالم لم يعد له معنى. لم نكن لندرك ثراء هذه التجربة إلا متأخرين ولم نكن لنتذوق طعم وقوة هذا الإكتشاف دون عيش التجربة بصفة خاصة وحفظها في القلب كما لو كانت مغامرة نادرة.

هو الفن إذن أحد إنتاجات العمل الجماعي. فكلامنا هذا، عزيز قلبي مانفرايدو، هو نفسه ثمرة من ثمرات ذلك. ها نحن أيضا بفعل ذلك بصدد عيش القطيعة الرائعة مع السوق من جديد وبصدد تذكر كيف تمكنا من خلال هذا القرار الإيطيقي من البقاء على أرضية الفن مكتشفين كل الحقيقة في الواقع البشري. واقع مُشكّل ومُعاد التشكيل بفضل العمل الجماعي الذي أضفى عليه بُعدا مبتَكَرا ومجردا حتى أضحى له وجهة عامة جديدة اجتاحت النفس والجسد والحياة والموت وكل شيء بما في ذلك الطبيعة نفسها حتى طفى على السطح مزيحا كل شيئ بحكم تراكمات العمل المجرد المتعاقبة. ومع علمنا بكل ذلك، لا تخرج علينا هذه الحقيقة من كوكب المشتري كما لو أنها بومة لا عين رأت تامة الخلق والجمال. لقد بنيناه خطوة خطوة عبر ألف خيبة وألف رجاء عبر عدة تجارب حِرفية وعبر نضال متواصل (سخر منه الجميع). قد يكون ذلك كافيا لتوضيح الفرق الجذري في الخطوات وفي المسارات بين نظام المعرفة ونظام الوجود. وقادر على بيان ما إتسم به من جذرية أنطولوجية.

كان الشغل إذن شكل تفكيك بمعنى الإعطاب الحقيقي للشيئ وللمكنة وللواقع في مرحلة أولى، مرحلة الرفع/الإسقاط. وكانت هذه الأخيرة مرحلة عنيفة جدا بإعتبار أنها قلب تدميري و وَنْدالي لكل لحظات مأسسة الفني، إنها ثورة ثقافية بحق. لكَم كانت لحظة جميلة في الإعتباطية المطلقة وفي الذكاء السلبي الذي تُوحي به. ولكن ذلك غير كاف. إذ تبين لنا أن مجرد الشيء عالَم بالتمام مكون من سلسلة من الأشياء التي تأخذ شكلا. فكل ما يخلفه الجمار يُبقى على النظام. بعد هذه المرحلة الأولى من التفكيك/التدمير، كان العمل يترك أثره غير القابل للإندثار حتى إذا متعلقا بالاوجود. تماما كمثل القنبلة الهائلة إذا إنفجرت تدمر كل ما حولها وما تبقى من الدمار نفسه، بما في ذلك طبيعته القاتلة، لا ينفك يؤثر في واقعه على نحو أبدي. ولذلك يتوجب على نشاطنا التفكيكي منذ الآن أن يكون دائم الإستعداد للتطور حتى يواجه آثار التدمير الخطرة. هذا لأن عالمنا عبارة عن شبكة، عن مجموعة نماذج وجود مركبة وهو عبارة عن اختصاصات مهنية ديناميكية ومنتجة كجينيالوجيا فوكولدية تفاعلية ومتواصلة. إننا نجتهد في الإضطلاع بدور تدميري يبث بعض جرعات السموم وحركات الإعطاب والتلويث مع الحرص على نشر كل هذا على أوسع نطاق. فلنواصل التدمير (ولنكن حذرين من مغبة تعويد السوق على هذا السم نتيجة براعتنا في إستعماله).

إن عدم الكفاية وبقاء شيئ من الوجود دائما يضعنا من جديد أمام صعوبة وضعيتنا حيال مجال التفكيك هذا رغم انه يبقى رغم كل شيئ نتاج العمل الجماعي. هذه الصعوبة أو هذا الغموض هو في النهاية أساس إعادة الإكتشاف المتواصل لإستحالة التخلص من إنتماءنا البشري. لقد كشف لنا التفكيك على عمق الجوهر البشري في نفس الوقت الذي دمر فيه كل ماهو على سطح الوجود وصورته المتماسكة، وأهم من ذلك حسب رأينا هو كيف أبان لنا تمفصل تشكيل هذا الجوهر عبر العمل. كأنه قماشة. ألا ما أقرب ذلك إلى الواقع. فرغم أننا فَكَكْنا وفكّكنا ودمرنا الواقع، تبقى شبكة خيوط معدنية شديدة الصلابة، فلنقل بناء بشري قوي إلى أبعد حد. وهذا دليل على أن العمل يجب أن يتواصل. علينا أن نتمكن من هذه الخيوط أن نعرف كيف نلعب لعبتنا لحياكة أشكال جديدة وتخيل واقع جديد ومتعدد. فلا شيئ يحرر كالخيال. زلا شيئ يطلق يد الحرية أعلى فأعلى غير أفق الوجود عندما يتحول الإقتدار إلى إمكانية والإمكانية إلى ذاتيات جديدة ومجالات فعل جديدة تساعدنا على رؤية ومواجهة تركيبات التعاون المحتملة.



#صلاح_الداودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوني ناغري، الفن والجمهور، الرسالة التاسعة
- طوني ناغري، مقولات حول الحب
- طوني ناغري، مشهد مقتطع من -ثلاثيّة الاختلاف-
- من الصفحة ما قبل الأخيرة و الاخيرة من كتاب أيوب، قوة عبد الل ...
- طوني ناغري، تمهيد الطبعة الفرنسية لكتاب لانْتو جونيه، محاولة ...
- طوني ناغري، ثمان فقرات في عمود الحب
- عدا الفن لا شيئ عظيم يا احمد مانديلا أو نيلسون نجم
- الأسير البطل مروان البرغوثي ينعى مانديلا مقتطف
- هُوتْ فورّيرْ
- حول أحمد فُؤاد نجم؛ سؤال اخير موجه إلى اللّه: ما مدى ايمانك ...
- سؤال موجه إلى اللّه: هل تؤكّد موت أَ.فَ.نَ؟
- أحمد ماتْ، فؤاد ماتْ، نجم ماتْ اللّه غاضب اللّه غاضب اللّه غ ...
- الصندوق الأسود، لا الكتاب الأسود إلى كل سياسي تونس جميعا
- ستة دروس بين جناح الوالدة
- سُوريز الشتاء
- لتسقط عيون الجبناء
- باردة سوداء
- انتهى الشعر-الكذب
- أول وهلة/آخر وهلة
- دراماتيك كولاكْشن


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الداودي - طوني ناغري، اسقاط النظام/بقاء النظام/تفكيك النظام 10 ديسمبر 1988