أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي هادي - أندلسيات (7): محنة المسلمين و الموريسكيين














المزيد.....

أندلسيات (7): محنة المسلمين و الموريسكيين


محيي هادي

الحوار المتمدن-العدد: 1224 - 2005 / 6 / 10 - 13:07
المحور: الادب والفن
    


أندلسيات (7): محنة المسلمين و الموريسكيين
منذُ زمنٍ بعيد، بعيد
أعيش في جنة من جنات الخلد
جنة من جنان الأندلس السعيد

الفينيقيون و القوط و اليونان،
البربر والعرب و الرومان،
و غيرهم من الأعراق،
بمختلف الأفكارِ و الأديان
كانوا هم الأجداد، كانوا هم الآباء.
كانوا هم الحلفاء، كانوا هم الأعداء،
في الكذبِ و النفاق،
في الصدقِ و الإيمان.
كلهم قد كوَّنوا تاريخ أهلي في السوابق
في السلام و الحروب،
في المطافئ و المحارق.

قبلَ عِدَّةِ سنين
باع الملك ابن الأحمر، عبد الله الصغير
مدينة غرناطة الجميلة،
بخِسَّةٍ ذليلة.
إلى مَلِكَيْ أراغون و قشتالة
إلى شرّابة الدماء،
إلى أكَّالة الميتة والخنزير.

عبد الله الصغير
سليل سعد بن عبادة
له في الغدر تاريخ و عادة
حربه ضد أبيه، و ضدَّ عمِّه و أخيه،
كثَّـرت فيه السعادة.

غادر المدينة ابن الأحمر،
انهزم بأثقالِ الأموال.
و على بعد من الأميال،
صار يبكي بتحسُّـر.
عندها قالت له أمه،
شريكته في الغدرِ و الإحتيال:
"ابكِ كالنساءٍ مُلكاً،
لم تُحافِظ عليهِ كالرجال".

الملكة إيسابيل الكاثوليكية،
ملكة قشتاله الأسبانيَّة.
يُذكِّرنا بها التاريخ،
كرمزٍ للقذارة العالميَّة
لم تغتسل طوال حياتها،
أبداً، و لا في ليلة عُرسها
لم يلمس الماء يوماً جِسمها
و يسبح القمل مزهواً على شعرها
الملكةُ تقول أنَّ قملاتِها
من دُرَرٌ الله و أتواجٍ،
تشُعّ من على رأسها بخفةٍ وابتهاجٍ.

فَـظَّـع بالإجرام المَلِكان،
و زاد عليه فظاعةًً أنصارُ بابا الرومان،
ضدَّ القريبَ و ضدَّ الجيران.
شرَّدوهم خارج الأوطان،
أجبروا المسلم أن يتركَ دينه،
أجِبروا إبن يهودا أن يتركَ دينه.
ثمَّ قالوا أنَّ أولادَ موسى و محمد،
يعملون عملاً من فكرة الشيطان.

لم يعد في بلد الأسبان
غير دينٍ واحدٍ:
كاتَـوْلـِكـوْ، أبوستـوْلِكَوْ، رَوْمـانـَوْ.
و قُمِع الباقي من الأديان.

أصبحتُ كاثوليكيا، بقوةِ السيفِ
سُمِّيتُ موريسكيا، يا للأسى و السُّخفِ.
و لـكـن !!
هلْ تُـرِكت أن أعيش بسلام؟
هل أكلتُ الخبز في بيتي، هنيئا،
و أنا في البيتِ آمن؟

أسس القساوسة للتفتيش محاكم،
من أقسى المحاكم.
يدخلون البيت في عِزِّ الظهيرة،
يقلعون الباب في أيِّ وقتِ،
يبعثون العين إلى فوق السطوح،
ينظرون عورتي،
ينتهكون حُرمتي.
يسألون: هل رجعتُ للصلاةِ مرّة أخرى؟
هل أصلي في خلوتي،
في جُنحِ الظلام،
أم أنا نائم؟

مرة أخرى،
أنتظر دور دخولي في المحاكم.
يسألوني:
ما هو أصلي؟ ما هو فصلي؟
يضربوني.
لحمَ خنزيرٍ فاسدٍ قد ذوَّقوني
سيلَ خمرٍ حامضٍ قد شرَّبوني
و دمَ الإخوان دوماً أطعموني

قال لي القسيس،
في يوم أنطونيو القديس:
كُلِ الميتة و الخنزير، و إلاّ، أنت مجرم.
فأكلتُ.
و اشربِ الدم المساح، و إلاّ، أنت مسلم.
فشربتُ.
و باسم الأب، و الابنِ، و روحِ القدسِ،
صلَّبتُ و ثلَّـثْـتُ.

في مدينة غرناطة، في ساحة الرملة،
و في غيرها من ساحات المدن،
تجمعت مجموعات كبيرة من السكان،
حول أكوام الكتب،
حول الملايين منها و الأطنان.
ثم أحضروا الشُّعلة
و باسم الصليب
حرقوا الكتب، حرقوا الكلمة، حرقوا القرآن.
و بعدها حرقوا الأهل و الحبيب.
هل انتهى التحريق؟ هل انتهى التعذيب؟
لم ينتهي التحريق، لم ينتهي التعذيب.

بين يوم و آخر
أرى هذا الجار أو ذاك الجار
قد أخبرت عنه العيون: أنه كان يُصلّي في الظلام.
و يُساق معصّب العينين بقسوة و وقاحة،
يُجرُّ بكل عنف و تعنيفٍ إلى الساحة.
و يجمع العدو من الحطب أكواما بعد أكوام،
بكل كرهٍ وصراحة،
و فيها يُحرق المشبوه بالإسلام.

عندما أحرق نمرود إبراهيم،
بعث الله السماء بالمطر،
و لإبراهيم بردا وسلام.
لم ينعم جاريَ الموريسكي برحمةٍ أو بحنين،
بل ابتلى بأقسى التعذيبٍ و الأنين.
فلم تؤنب الصلبان قلوب المجرمين.
و لم يبعث الله لجاري بالبرد و بالأمانْ،
أو بأيّ شيء آخرٍ كان.
فأصبح بخبرِ كان.

نفحت نسمةُ ريحٍ هادئة من لَحمِه،
وهو يُحرق.
تتساقط في شظى النيران بقايا جسمِه،
و هي تُمزَّق.
و علت أصوات جمهور كريهه.
و هو في محنتنا جُـنَّ يُصَـفِّق،
و يطقطِق.
ذكرتني محنة الجار الصديق،
بالنبي عيسى على الأخشابِ يُصلب،
و بكفيه و رجليه مُعلَّق.

لم يُصدِّق القساوسة أننا اتخذنا دينهم،
و تحوَّلنا عن الإسلام إليهم.
فبعثوا لنا اللئام،
مفتشي الظلام.
يخطفون الصغار من الأبناء،
يُبعدونهم عنّا إلى جوفِ الكنائس
يُجبرونهم على الدين الجديد
يَـقلبونهم إلى دين المسيح، وإلى أطفالٍ عبيد.

و نحن الكبار، الأمهات و الآباء،
ففي حفلة رقصٍ جمّعونا،
إلى غياهب السجون أودعونا.
منّا من قتلته الهموم،
منّا من أحرقته النيران،
و منّا من بقى حياً على قيد الحياةِ، تقتله الشجون،
يُناغي بأسماء أبنائه، بالصوتٍ الحنون.

ثمَّ قرر القساوسة أن يُبعدونا، يُهجِّرونا.
يقول أولنا:
إلى الأعماقِ في البحر، سيلقوننا
و يقول ثانينا:
إلى الجانبِ الآخر من البَرِّ، سيرموننا.

قسمٌ منّا بلعته حيتان البحرِ
قسمٌ ثانٍ أكلته ذئبان البّرِ
قسمٌ ثالث أبقى الله عليه،
أعطاه شيئا من عمرِ،
يجرَع من حُزنِ الدُنيا أشَّد المُّـر.

محيي هادي-أسبانيا
06/2006
[email protected]



#محيي_هادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أندلسيّات (6): كيف أصبحتُ مسلماً أموياً؟
- في جنازة أمير موناكو
- باسم الإسلام يحاربون حكم الشعب
- أندلسيات-5- هل ساعد اليهود المسلمين على فتحِ الأندلس؟
- أشقاؤنا شقاؤنا
- أريد أن أنتخب
- أندلسيات -4- هل طليطلة هي مدينة أصحاب الكهف؟
- أندلسـيات -3
- أندلسيات_2
- أندلسيات-1
- لن يكون هناك مكان لظلام طالبان
- هل يُمْكِن الحِوار؟
- لعنة الله عليكم
- أغنيتي لإرهابيي الفلوجة
- فتوى القرضاوي الارهابية
- ليس كل محمد برسول
- الشيوعيون الزرقاويون
- عمائم الشيطان
- الثيران المععمة
- على درب خالد بن الوليد


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي هادي - أندلسيات (7): محنة المسلمين و الموريسكيين