أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - المغالاة في المسرح














المزيد.....

المغالاة في المسرح


فاضل خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 03:44
المحور: الادب والفن
    


الثابت علميا ومنذ زمن ليس بالقريب، وخصوصا في الوسط الثقافي السياسي والفكري، بأن[ الانسان هو الذي يتحكم بالفكر]. وقديما أيضا قيل ومن منطلق عدم ثقة المتكلم بسامعيه، بأن [الفكر هو الذي يتحكم بالانسان]، كان ذلك في الوقت الذي لم يكمن بعد مفروزا في الاوساط الثقافية والفنية الفاعلة رأي لمفكر محلي يشار لاقواله، مأثرة منه ساندة لرأيهم غير المجرب. وهكذا تراهم يحفظون العديد من المقولات المؤثرة، وقسم كبير منها بديهي وغير مؤثر، على وزن "ما قال ديكارت: أنا أفكر، فاذن انا موجود" وهو صواب بديهي لا يختلف عليها اثنان، فهل يصح أن التفكير لغير الموجودين؟.. هذا الاصرار يتبعه اصرارآخر أشد، وهو بدعوى القيمة الفكرية للقائل توجب عليك الالتزام بحتمية التطبيق. وهكذا وجدنا العديد من الكيانات البشرية والدولية سقطت بسبب تطبيق الثابت المنحوت من أفكار الأخرين. وقسرية التطبيق على مجتمعاتهم، بعضها لم يجد صداه وعافيته عند مجتمعات اخرى، فكانت سببا في سقوط تلك الكيانات الكونكريتية العظيمة ممن تمسكت بالنظريات، الزائف بعضها. في اثبتت حضورها بجدارة في مجتمعات أخرى قيلت بسببها الذي قيل. بل لقد انبثق عن هذه الافكار مبادئ أصبح تطبيقها قسريا في مجتمعات لا تصلح لها، ولايحق لك ان تناقشها الا بعد التنفيذ. واذا ما صادف وسقطت تلك الكيانات سهوا فاقرأ على الدنيا السلام. ولذلك حين نتساءل بدافع الفضول عن اسباب سقوط صرح له وزنه في العالم، سيكون الجواب بان تلك النظريات ظلت حبيسة ماضيها، وتباطئت عن مسايرة الزمن. ولنا أمثلة كثيرة من تجارب هامة مر بها العالم.
أما في الثقافة ومنها المسرح حين ينقلب حماسنا باتجاه ما يقال الى مغالاة وانحياز، لأمر ما قد يكون هذا الامر قليل الاهمية أو غير ذي بال في اغلب الاحايين. يدفعنا الى الانجذاب للفكرة، حد المبالغة في التزامها والانتصار لها، وغالبا ما يوقعنا ذلك الانحياز غير العقلاني بالخطأ الذي يبعدنا عن الصواب. وهنا تذكرت واقعة تقربنا من مسعانا وهي:
في قمة سيادة الواقعية في روسيا القيصرية، وفي قمة انتصار المدرسة الطبيعية الروسية في المسرح المستندة الى [الواقعية الاشتراكية] و[الشرطية] التي دعى اليها [ايفيجيني فاختانكوف]، وبعد النجاح الذي حققه [ستانسلافسكي] في إدارته لـ[مسرح موسكو الفني]. يوم كان لكل فرقة كاتبها الذي تتباهى بمنجزه، كان مسرح موسكو الفني يتباهى بكاتبه الكبير [انطوان تشيخوف] الذي وقف كل الفنانين معه ومع منجزه المسرحي، وكان من تلك الايام يوما مشهودا للجميع، وهم يسعون لتقديم مسرحيته الشهيرة [ بستان الكرز ] يوم التف حولها كل فناني المسرح لإنجازها على أفضل وجه. يوم كان مشهودا من أحد أيام الانجاز الكبير للواقعية التي سعى اليها مسرح موسكو الفني، وخلال مرحلة القراءة على [الطاولة المستديرة] الخاصة بالتحليل والتفسير والوصول الى فكرة يتفق عليها الجميع نطلق عليها [الوحدة الفنية والاسلوبية] في المسرحية المزمع تقديمها وهي كما أسلفنا [بستان الكرز] للكاتب الكبير انطوان تشيخوف، من قبل فريق العمل، وكان تشيخوف يحضر ذلك التمرين خصيصا، لأهمية مسرحيته، هب واحد من الفنانين الشباب المتحمسين للمؤلف وللمسرح الروسي: ولأنطوان تشيخوف و للواقعية الاشتراكية، مبديا وجهة نظره وتصوراته في كيفية تحقيق الواقع، القريب من الطبيعية المدهشة في هذا النص الواقعي المتميز – وكيف انه يقترح استخدام [باب تراثية كبيرة]، تحدث جلبة وصوتا ـ نطلق عليه صريرا ـ عند فتحها أو غلقها. هذا الصوت يوحي بقدمها ويعطي إيحاءا لا نقاش عليه بعظمة الواقعية التي يسعى اليها المسرح الواقعي الروسي باعتباره الباب الواسع الذي بامكانه ان يتسع لدخول كافة الجماهير الكادحة يومذاك. يضاف الى فعل الباب العظيمة تلك اضافة [نسيج العنكبوت] الذي سيلف المكان، زواياه، وسقوفه وكل الاجزاء التي يدخلها فعلا وواقعا، حتى أرضه التي تتدلى على حيطانها العناكب ، و .. و .. و... إلى غير ذلك من المقترحات التي تقارب الفن من الحياة ، ولا تجعل الفرق بينهما كبيرا . قاطعه هنا تشيخوف ساخرا مبتسما وهو يسأله :
تشيخوف ـ هل شاهدت لوحة للرسام الواقعي الكبير كرامسكوي ؟
الممثـل ـ نعم ، شاهدت له العديد من الرسومات الواقعية
تشيخوف ـ من المؤكد انك لاحظت ، كم هي قريبة من الواقع ؟
الممثـل ـ كثيرا ، بل تكاد ، تكون هي الواقع .
تشيخوف ـ أليس كذلك ؟ لكنها لوحة فنية وليست واقعا . أليس كذلك ؟؟
الممثـل ـ صحيح ، تكاد صورة الإنسان فيها تنطق
تشيخوف ـ صحيح ، لكنها من المستحيل أن تنطق ، لأن النطق في اللوحة ليس من اختصاص الفنان كرامسكوي . أتدرى لماذا ؟
الممثـل ـ طبعا ، لأنها لوحة وليست الحياة الحقيقية .
تشيخوف ـ تماما .. مثلما لا يمكننا قطع أنف حقيقي لأنسان ، كي نلصقه أنفا لوجه إنسان اللوحة . هل يمكننا ذلك ؟
الممثـل ـ لا طبعا .
تشيخوف ـ أتدري لماذا ؟
الممثـل ـ لماذا ؟؟
تشيخوف ـ لأننا سوف نشوه الإنسان بقطع أنفه، مثلما نشوه اللوحة بابتعادها عن لغة الفن ... فالفن فن ابداع ودهشة من صنع الفنان ... والحياة حياة نسعى لمحاكاتها، والتمثل بعظمتها.
وعليه وبناء على ما تقدم من مثال حي دار بين مؤلف مثل [انطوان تشيخوف] سجل حضورا كبيرا في ساحة التأليف للمسرح والساعي لكل فعل او مقترح ينهض بمسعاه الواقعي في المسرح. نراه وبصراحة واضحة يرفض الانسياق خلف المغالاة التي تفسد المسرح رافضا الانحياز لمقترح الممثل الشاب في مقترحه لاقتطاع اجزاء حية من الحياة ربما تكون مدعاة للنجاح وسببا من اسباب الدهشة التي نسعى اليها. ان أية قضية قد تشوه المسعى الابداعي في الفن، وتبتعد عن الحقيقة والتي قد تعطي الكثير مما نريد في غير وجهه الذي أردناه له هو مرفوض في مسعى الفن النقي. وهذا بعيد وليس في صالح التوجهات مهما كانت صحيحة. فاقتطاع الأصل سيشوه الأصل والصورة، على ان نعرف بان الكثير من الجهود لا يهمها ان تقتطع من الاصل لتعطي الحياة في غير مكانها في الفن، والثقافة ايضا.



#فاضل_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية [ منعطف على الدانوب ]
- فرقة المسرح الفني الحديث سفيرة الفن العراقي
- المرونة صنو الممثل المجتهد
- على المخرجين أن يظلوا الطريق الى الهدف
- المسرحية الجيدة.. الممثل الجيد
- التأليف... المهنة الأسهل في المسرح
- عودة المسرح الضال
- المسرح المتشائل
- قاسم محمد .. وعمق البساطة في مسرح الواقع
- يوسف العاني، ومسرحية [خيط البريسم] ، وأنا
- مسرحية (السفينة التي لم تبحر)
- مسرحية قمر من دم
- جليلة بكار ... التكامل الفني في المونودراما
- آفاق اللقاء بين القديم والجديد في المسرح العربي
- الممثل يصنع المسرح
- في ذكرى رحيله .. جعفر علي عراب السينما العراقية
- يوسف الصائغ
- ماكس راينهاردت
- القصب والتحطيم الغاضب للتقليد
- أهمية الثقافة و الديمقراطية


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - المغالاة في المسرح