أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - - سلالم النهار - رواية فوزية السالم بين السياسة والأيروتيكا















المزيد.....

- سلالم النهار - رواية فوزية السالم بين السياسة والأيروتيكا


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 13:10
المحور: الادب والفن
    


كاتبة لديها القدرة على أن تلهم نصها ألقا وجنونا ، إذ تمتلك من الأدوات ما يضرم النيران في الكلمات والشخصيات والأحداث وفي الزمان والمكان وكافة الكائنات ، وتنقل القص من سهول الحكي الناعم إلى قمم البراكين ، وعندئذ تتحول المتع الفنية إلى جمر تمتد أنهار حممه إلى روح القارئ ووجدانه. إنها الشاعرة والروائية الكويتية فوزية شويش السالم التي أصدرت مؤخرا روايتها " سلالم النهار" في محاولة جسور كي تكشف بعض المسكوت عنه ، وتفتح النوافذ للشمس التي يمكن أن تطهر العالم من التكلس والعفونة.
" سلالم النهار" عنوان خجول بشكل متعمد يتوج رأس الرواية التي تضم بين جوانحها عالما مَوّارا بالحب والعنف والجنس والصراع والألم والندم، وغابة تحفل بالشخصيات الجارحة والمخلوقات الشرسة التي لا تحسم معاركها إلا شعارات لا تعرف الرحمة من قبيل : البقاء للأكبر ثراء والأكثر ذكاء والأعمق دهاء والأفدح نذالة.
معظم الفصول ترويها البطلة التي تحمل اسما مرعبا " فهدة" وهي بالفعل كذلك ، شاءت الأقدار أن تتزوج رجل أعمال يحمل اسما ماحقا هو " ضاري" ، فنقلها إلى حياة لا حدود لترفها وملذااتها بعد أن كانت تسبح في مستنقع من الفقر والحرمان ، مما اضطرها بعد أن وضعت أقدامها على عتبات مقتبل الشباب وبعد أن تحدث الأهل والجيران عن جسدها المثير أن تستثمر موهبة جسدها النارية وجمالها البازغ في ممارسة الرقص. ولما لفتت الأنظار امتهنته لتشبع من خلاله نهمها ، فهي مستنفرة أبدا ومشتعلة ومجتاحة .. جسدها دائم الصراخ والجوع . الصعود يشغلها والمال همها لأن الفقر يطحنها ويحاصر أهلها في منطقة قريبة من صناديق القمامة .
تبهر فهدة كل المدعوين للأعراس والحفلات وقاعات الفنادق ، وإن حرصت على أن يكون الشرف خطا أحمر لا يمسه مخلوق ، وإذا تجاسر أحد استحالت القطة إلى فهدة حقيقية ذات أنياب ومخالب ، حتى انبهر بها " ضاري " وعرض عليها الزواج فرحبت ..أغرقها بالمال واصطحبها للسفر معه إلى باريس ولندن وروما ومدريد .. تنزهت واستمتعت ، وكان قد غرس في روعها منذ البداية ومع كل كلمة وفعل أن حدودها السرير والعيش الكريم ، وإذا حاولت تجاوزهما بمليمتر أو بربع كلمة فمصيرها الوحيد العودة إلى القبو القديم . رضيت وحاولت التكيف مع الحياة عديمة الحب، وبثت في السرير والنزهة كل أشواقها لعناق العالم وتحقيق الأماني المقموعة .. مضت تشاركه حياته على النحو الذي يرسمه دون أي سؤال . رضيت أن يكون في كل لحظة هو السيد وهي التابعة الخرساء ويسمح لجسدها فقط أن يبوح بما يشاء.. هو صاحب القرار الأول والأخير وهي المنتظرة والمذعنة والمتأهبة في أية لحظة لتنفيذ الأوامر.
فجأة تدخل القدر ليضع حدا لعلاقة غير طبيعية . مات ضاري فتزلزلت أركان المعبد ، واندفعت تفكر فيما جرى وما آل إليه حالها وماذا عن مستقبلها ؟.. بحثت عمن يعينها ويهديها ويجيب على أسئلتها ، فلم تجد غير الله الذي عَبَر كنسمة على شباك عقلها المتداعي ، وما لبث أن أشرق نوره في قلبها وانفتحت دروب كانت مغلقة .. كان الله خارج كل الحسابات والمتع والأفكار . اكتشفت أن لها روحا دفنها ضاري ، ولها قلب لم يعرف الحب أعدمه ضاري ، وها هو الموت يحررها من العَقد الذي فرض عليها أن تلزم السرير / المقبرة .. ها هو الله يشرق كشمس تضيء العالم وروحها ومشاعرها ، ويستخرج من أعماقها عوامل توازنها ورؤيتها الصافية للوجود.
فوجئت بحملها من ضاري . فرحت واعتزمت أن تهب توبتها وصلواتها وعمرها جميعه لوليدها . قررت أن تخلق منه رجلا رائعا محبا للبشر، ولا يشبه أباه أبدا بل يكون نبيلا وفارسا ومؤهلا لخدمة الناس ، وممثلا للجيل الجديد الذي يجب أن يضع لمسته لتغيير نسق الحياة إلى الأجمل والأنقى .. عليه أن يسترجع الحياة من عالم الغابة الذي يحتشد بالمادة والصراع والعنف والطغيان والصدام والجشع. لكنها فيما يبدو لم ترتطم بالحقيقة التي يمثلها ولدها ، وقد بدت عليه غوايات الصعود ، فهو فهد ابن فهدة . يتطلع للسيطرة على أقصي ما يستطيع من مصائر الآخرين ، وكأن الأرض لن يرثها يوما العلماء والأنبياء والصالحون أيا كانت هويتهم ، بل يرثها الأدهي والأكثر جشعا ، ويرثها الأقوى بكل تجليات الكلمة .
انصرم عمر " فهدة " عبر مراحل ثلاث ، الأولى : مرحلة الفقر والضعة ثم استثمار الجسد الموهوب والمثير في الرقص من أجل سد الرمق ، والثانية : النهل من اللذائذ بكل عنفوانها تحت قيادة الخبير الضاري، وإن كانت مفتقدة للكرامة والرأي والخيال ، تقوم مخلصة بدور الجارية ، والثالثة : مرحلة اكتشاف الروح والعودة إلى الله وارتشاف رحيق الرضا والقناعة والتوبة وصفاء القلب والتخلي عن جنون الصخب والامتلاك مستلهمة حياة رابعة العدوية ، على أن القارئ الحصيف قد يستشعر حضور الوجه السياسي للنص ربما لم تقصده الكاتبة خاصة في علاقة ضاري بفهدة ، ففهدة ( الشعب ) عانت كل صنوف الفقر ولما تنبهت لما تملك مما يمكن أن يؤازر في مسيرة الحياة رقصت .. والرقص في الأغلب سياسة ، والسياسة في الأغلب رقص ، وقد رقصت حتى عثرت بمن يقبض على قرونها ( الحاكم المستبد ) فرضيت وأذعنت لغواية المتع الواعدة ، كما تذعن بعض الشعوب إذ تبيع ذواتها للشيطان حيث تفقد هواها وهويتها . كرامتها وأرواح بنيها ثم تهب ناهضة بمساعدة القدر لتنجز ثورة ( الولد ) دون أن تدرك على وجه اليقين ملامح فكره ورؤاه ولا أحلامه ، ولا تدري إلى أي مصير سيقود المسيرة خاصة حين يعلو الغبار ويغشى الضباب الفضاء، فهي إذن من وجهة معينة رواية سياسية بقدر ما هي أيروتيكية ، وهي إنسانية في الوقت ذاته من حيث إشاراتها الواضحة لمسيرة بعض البشر في الحياة ولطبيعة الدرب الذي يمضي من المادية إلى الروحية.. من الضياع إلى البحث عن الذات ، ومن الضلال إلى الهداية ومن الظلام إلى النور .
ولأن الرواية ليست بالأفكار والأحداث فقط وإنما بتشكيل البنية والأسلوب ، فقد أعان الكاتبة ما تمتلك من لغة شاعرية تواتيها بعرامة كالنبع الثر المتدفق، كما أن العمارة الفنية شاهقة وحافلة بالمرايا الكاشفة التي تتيح الفرصة لارتقاء سلالم النهار بثقة واقتدار، وقد حالف التوفيق الكاتبة في أن تدفع النص إلى تلك الغابة المتوحشة لأنها بالوعي أو باللاوعي عزمت على أن تجوس خلال عوالم ليست إلا غابات خصيبة غزيرة النسغ والتكوين مثيرة للدهشة وللرعب ، وقد ترتدي الأقنعة أحيانا .
لكن الرواية تحفل بالمترادفات الكثيرة والتكرار والدق على الفكرة بما يؤجل الكشف ويصب ماء باردا على المواقف الساخنة ، كما أن الكاتبة حاضرة بقوة في كل صفحة ، وكان عليها ألا تتجاوز ما قامت به أخت موسى وهي تقص صندوقه المتسلق عباب النهر إلى قصر الفرعون .



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقفون أمام محكمة التاريخ
- صبري موسى ..و - فساد الأزمنة -
- حِصانها وحِصاني
- لم تصنع نفسك .. لكنك تستطيع
- زحف النمل
- يمامة خضراء بكعب محني
- مئوية جارودي .. المناضل الفريد
- أجمل رجل قبيح في العالم
- هل الأديان خطيرة ؟2
- الساعة تدق السبعين
- هل الأديان خطيرة ؟1
- استرخاء
- لا تغيير بلا ثقافة
- المثقفون والسلطة
- حَدثني عن البنات
- الكتابة من الوضع راقدا
- نزهة في حدائق الألم
- خطأ السيسي الفادح
- مصر في قبضة الشياطين
- جمهورية -رابعة -


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - - سلالم النهار - رواية فوزية السالم بين السياسة والأيروتيكا