أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - لا تغيير بلا ثقافة














المزيد.....

لا تغيير بلا ثقافة


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4223 - 2013 / 9 / 22 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يختلط أحيانا مضمون الثقافة من حيث هي منتج حضاري على بعض الجماهير ويكاد يكون مستقرا في الأذهان أن الثقافة تتضمن كل الفنون والآداب من الأغنية إلى النقد ، ومن السينما إلى الشعر والفن التشكيلي والموسيقى مرورا بالرواية والمسرحية والترجمة والتراجم وأدب الطفل وأدب الرحلات وفنون ووسائل الإعلام بالإضافة إلى التاريخ وعلم النفس وكافة المعتقدات وكذلك كل ألوان الفكر سواء الفلسفي والاجتماعي والديني والسياسي ، مأخوذا في الاعتبار أن الفكر يقصد به الرؤي النظرية والاستراتيجية العليا والمؤسسة للمجالات المعرفية المختلفة والتي سبقت الإشارة إليها، ومن تحصيل الحاصل القول بأن نهر الثقافة ينبع من العقل والوجدان ، وقد كان لها الدور البارز منذ بدء التاريخ وحتى الآن في تغيير حياة البشر أفرادا أو جماعات ، وكانت الثقافة ولا تزال هي الدافع الفاعل والمحرض الذي أطلق حياة الإنسان من غرف الضرورة البيولوجية والاجتماعية إلى فضاءات الحرية الفسيحة. وكانت وراء كل تقدم حقيقي على الأرض حتى لو تم جانب كبير من هذا التقدم أو التغيير عن طريق العلم ، لأن العلم لا يبدأ بالاختراع مباشرة ولكنه يبدأ بالتأمل وطرح الأسئلة ، وهذان الأمران من البني الأساسية للثقافة .، ولعل الأمر الإلهي الذي افتتح به الدين الإسلامي منظومته العقائدية والمعرفية و الذي تجلى في كلمة " اقرأ " كان يعني أنك لن تستطيع أن تكتشف نفسك ولا الوجود من حولك ولن تبلغ هدفك ولن تقدر على قيادة أمة أو جماعة دون ثقافة ، لأن كلمة " اقرأ " لا تعني فقط - كما لا يخفي- قراءة الكلمات ولكن قراءة الوجود والكون والنفس الإنسانية والخلق والمصير والموت والخلود .
هكذا أدرك الإنسان عندما تحقق له النضج والوعي أن الروح قبل المادة وأن الفكر قبل العمل .. وأن كل عمل يتم دون فكر يعد له ويمهد لا يتوقع له النجاح في أغلب الأحيان حتى في أبسط الأمور ، وإذا نظرنا للعالم اليوم ودون تأمل طويل سوف نلحظ أن ما تحرزه بعض الدول من تقدم لا يرى النور إلا إذا تمتع مواطنوها بقدر غير قليل من الثقافة والقدرة الدائمة على استخدام العقل ، أما الدول المتخلفة والنامية فعدد كبير منها يتجنب استخدام العقل ،ويتعثر في العشوائية والجهل والغوغائية وافتقاد القدرة على تأمل وتحليل المستجدات ، ويكشف المشهد من قريب أو من بعيد الفوارق الفادحة بين مستوي عال من الحياة القائمة لدي الدول الكبرى التي تقدس الثقافة وتسعي إليها وتحترم العمل والإتقان والنظام والدقة مع الاعتماد المفرط على الحقائق ، ودول أخري محرومة من كل ذلك فضلا عن تبديد الوقت في الثرثرة والنميمة وارتياد المقاهي بالساعات ، وزاد الطين بلة وقوع بعض الشعوب في أسر أفكار تجاوزها الزمن ولا تدرك أنها تخوض في مستنقعات التخلف والخرافة والجدل العقيم حول تفاصيل سقيمة .
لا أجد غضاضة في أن أقول إن العالم العربي ودول أخري في أفريقيا ليست مشكلتها عدد السكان وليست مشكلتها قضايا السلم والحرب ، ولا تكمن أمراضها في قضايا الاقتصاد والتنمية ، وإنما هي كامنة في ذلك القدر المتواضع من الثقافة وتكلس العقول غير المستخدمة ، بل في محاربتها ، والإنسان في بعض الدول العربية يفر من العقل كأنما يفر من مرض عضال أو غواية مدمرة .، لذلك أتصور إعادة النظر في نظم الأمة وأبنيتها الخدمية بدءا من التعليم الذي يجب ألا يكون حشدا للمعلومات وحشوا للمناهج ، وإنما يجب أن يسعي لبناء قواعد التفكير الصحيح والنهل من كل ما يزيد رصيد الدارس من الثقافة التي ترتقي بالإحساس وتغذي العقل والوجدان ، والتأكيد على أهمية تطوير الحياة بالتخطيط العلمي
يعتقد البعض أن بعض الدول العربية لحقت بركب التقدم ، لكنني أزعم أن كثيرا من صور هذا التقدم تتجلى وتتكئ على المنتج المادي الذي يتجلى في الأجهزة الحديثة والبنايات الشاهقة والسيارات الفارهة وقد يحسب البعض بناء على ما يري إنها الحضارة، فالحق إنها حضارة الاستهلاك وليست حضارة الثقافة ، وحضارة المتعة والنظر تحت الأقدام ، وليست حضارة الاستشراف .. حضارة تنتمي إلى الماضي رغم جدتها ونصاعتها بأكثر مما تنتسب للمستقبل.
إننا بهذا النهج المفتقد للثقافة وللروح نمضي بسرعة نحو الطرف الآخر من الكون لنجد أنفسنا في منطقة منعزلة عن العالم وخارج التاريخ ، وأظن أننا اقتربنا من هذه البقعة المنزوية ، وأزعم أن العالم المتحضر الذي يتحرك تقريبا في شكل جماعي نحو هدف واحد هو رفاهية الإنسان الجديد ، بأساليب متماثلة قد لاحظ نهجنا القعيد وافتقاد رؤيتنا العقلية على الإقلاع فقرر أن يتجاهل وجودنا الشائك والشائه
لقد انفصلنا أو نكاد عن وحدة العالم وعن توجهاته وحرصنا جميعا على الإسهام في هذا الانفصال وتلك العزلة . وتوشك دول العالم أن تيأس من قدرتنا على التناغم بعد أن تيقنت أننا راضون عما نحن فيه ، وهكذا لم يعد يعنى بنا أحد بعد أن أصبحنا نقبع في موضع أشبه بحفرة كبيرة وعميقة في قلب العالم .
لذلك فإن الحوار مع الآخر يقتضي الحوار أولا مع الذات ، وأرجو ألا يحتسب ما قلته شهادة على مدي تشاؤمي ، لكنها دعوة لاستخدام العقل في كل أمور الحياة وكما قال أحد المفكرين : إن العقل أعدل قسمة بين الناس، وهو القادر على التغيير الإيجابي الذي يبدأ بالعمل كفريق متناغم ومتسامح لخلق مناخ صالح للابتكار ، خاصة أن العالم العربي يحتشد بالمواهب التي تستدرجها وتبتلعها الرمال المتحركة ، ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وتغيير المجتمع يبدأ من تغيير الفرد لذاته ، ولكي يتغير بحق عليه أن يجري مراجعة لعلاقته بالماضي المتحجر في كثير من تصوراته ومفاهيمه ..وعليه أن يثور على الجاذبية التي تدقه إلي الأرض والأفكار المتكلسة التي تجره صوب القاع .. ومن المهم أن تتوفر الثقة بأننا لسنا أقل من الآخرين ، بل إن ما يتوفر لنا من إمكانيات بشرية وطبيعية ليكفي كي نحتل مكانة مرموقة تنهض على العلم والعمل الجاد والموضوعية والإرادة والقانون وإعمال العقل ، والتسامح ورفض كل صور التمييز بين المواطنين .



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقفون والسلطة
- حَدثني عن البنات
- الكتابة من الوضع راقدا
- نزهة في حدائق الألم
- خطأ السيسي الفادح
- مصر في قبضة الشياطين
- جمهورية -رابعة -
- لا تصالح
- العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب ( 2 )
- العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب (1)
- خذوا مرسي وهاتوا أردوغان
- زيارة لسجن طرة
- هل قامت في مصر ثورة؟
- صندوق الحرية الأسود
- هُوية مصر ليست إسلامية فقط
- تعود سيناء أو يذهب مرسي
- مرسي المالك الوحيد لقناة السويس
- محاكمة النظام أو المواجهة
- التحرك الحاسم ولو بالقوة العسكرية
- جرح مفتوح


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - لا تغيير بلا ثقافة