أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فؤاد قنديل - المثقفون أمام محكمة التاريخ















المزيد.....

المثقفون أمام محكمة التاريخ


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4268 - 2013 / 11 / 7 - 15:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بات واضحا في اعتقادي أن حركة الحياة في مصر بما فيها حرية الفكر والتعبير تتنازعها أطراف ثلاثة، يتمتع كل منها بسلطان وهيمنة، تتعاظم وتتفاقم كل يوم لأنها بكل دأب تستغل كل الأوراق التي تملكها والتي لا تملكها ، كي تكسب أرضا جديدة ولتزداد قوة ورسوخا، حتي أضحي مستقرا تقريبا أنها المرجعية التي ينبثق عنها كل حكم وكل قرار، مطمئنة إلي أن دوائرها تحيط بجميع العناصر والقوي الصغيرة، وليس هناك من يمكنه أن يشق عصا الطاعة، ومن ثم تراجعت إلي حد كبير الرؤي العقلية والفكر السديد والأسانيد العلمية وحكمة التاريخ ودروسه وكذلك الثوابت القيمية التي تهدي مسيرة الشعوب نحو حقوق الإنسان وحياته الكريمة.
الطرف الأول
كل من يدعو للتفاهة وتسطيح الفكر ومقاومة الوعي وتمجيد عمليات الإلهاء وتفريغ العقول، وهذا الطرف يقود جماعاته المتغلغلة جهاز التليفزيون بمحطاته الأرضية والفضائية حيث تهيمن المسلسلات والبرامج التي يتصور القائمون عليها أنها فنية وهي ليست غير فرص للثرثرة السفيهة، فضلا عن التربح من حوارات ليس لها أدني علاقة بالفن والثقافة، وبرامج رياضية حولت حياتنا بكل مناحيها إلي كرة قدم تجذب الناس - المكوية بأعباء المعيشة والبيروقراطية وضعف الدخول - إلي دائرتها الجهنمية، وفي ركاب ذلك تركض خيول الإعلانات التي لا يحكمها حاكم إلا فتح صنابير المال،وكذلك الأغاني السقيمة والخليعة، وتتمدد في كل ذلك كعروق الدم الملوث أعمال متباينة يغذيها الجهل والاستسهال والاسترزاق. . إنهم جميعا مخلصون لمهمتهم المقدسة وهي نزع كل ذرة فكر في رؤوس الجماهير وتحويل منابر المعرفة والثقافة والتعليم والتربية إلي مقاه عامرة بالمشروبات والدخان واللهو والنكات وإرضاء المزاج.
الطرف الثاني
الجماعات الدينية التي يقودها التعصب الشديد وكذلك كثير من الدعاة الذين حولوا الخطاب الديني إلي مقارع ومقاصل دون أن يكون لهم دور حقيقي في إصلاح البنية الاجتماعية والأخلاقية، مع أن حناجرهم تصرخ عبر الميكروفونات مكتفين بتناول سير الصحابة والخلفاء تاركين الحياة المعاصرة مثقلة بالأخطاء من الشعب والحكومة علي حد سواء، ويحرص بعضهم علي مهاجمة الأقباط وقد أوصانا بهم القرآن والرسول الكريم خاصة انهم جزء أصيل من نسيج الوطن، أما من تسول له نفسه أن يقول رأيا يسهم في دفع عجلة الحياة نحو التطور والعلم والإنتاج والعدل والسلام فما أسهل تكفيره، ولا تتحرك الحكومة لإبداء رأيها لأن رجالها لا يملكون الفكر الذي يمكنه أن يدرس وينقد ويصحح.
الطرف الثالث
الحكومات العاجزة بشكل فاضح عن عمل أي شيء مؤثر. عاجزة عن محو الأمية وتنظيم النسل وتطوير التعليم وإنقاذ العاصمة من العشوائيات بكل أشكالها. عاجزة عن دعم البحث العلمي وعن ترسيخ قيم الإدارة الصحيحة وعن استصلاح الأراضي. عاجزة عن ترشيد الاستهلاك والاستيراد المجنون. عاجزة عن مقاومة الأمراض وعاجزة حتي عن ضبط المرور والقضاء علي القمامة والتلوث بكل أنواعه. . عاجزة عن إنشاء حدائق للناس وعاجزة عن حماية النيل وعاجزة عن خلق صناعة وطنية مرموقة تتنافس مع أقل الدول شأنا،، لكنها والحق يقال ليست عاجزة عن ردع كل من يخالف توجهاتها وقراراتها التي تنطلق من الرغبة العمياء بالتجارة في كل شيء، فقد حرصت أن تقوي أجهزة الشرطة وتزيد جنودها وتحدث أدواتها لكي تردع أعداءها من أبناء الشعب الشرفاء.
هذه هي الصورة الحقيقية البائسة لبلاد عاشت بعض الفترات العظيمة، وهؤلاء هم أطراف القيادة التي يعمل كل منها لحسابه ولا اتفاق بينها إلا بين الطرف الأول والثالث لأن الأخير لا يستغني عن الأول بأي حال، إذ الحاكم الجاهل أو العاجز لا يستطيع أن يقود العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي، والحل السهل يكمن فيما ينهض به الطرف الأول، وهو طرف أول عن جدارة، بمعاونة عصا الحكومة إذا لزم الأمر.
يعيش المصريون إذن علي كف عفريت، ويركضون حفاة فوق أسفلت ملتهب ومسامير و أشواك مدببة، ولا يفكرون في شيء سوي البحث عن سبل النجاة.
وهكذا يواجهنا السؤال الذي لا مفر منه وهو : ما موقف المثقفين من كل هذا ؟
موقف المثقفين
سؤال وجودي وتاريخي وأبشع من سؤال هاملت لنفسه!!! بعض المثقفين مشغول بالبطولات الوهمية علي الأرصفة والتناحر مع المخالفين، والبعض غير راض عن الأوضاع لكنها مسألة لا تخصه، و البعض مازالت آثار عصا الحكومة علي ضلوعه وقرر ألا يعاود التجربة، والبعض منتفع بشكل أو بآخر من النظام ويري أن من الحماقة التعرض له، والبعض قرر أن يحارب بنعومة وينتفع في الوقت ذاته، وفريق قليل قرر ألا يتوقف ولو وضعوا كل عصي النظام في أذنيه.
إننا لا نستطيع تجاهل أسباب البعض والسواتر التي يتخفون وراءها ، لكن الوطن مصلوب علي خشبة ثلاثية تمضي به في موكب حزين وتعس، وأكاد أسمع صوت التاريخ يقسم بألا يرحم المثقفين المتقاعسين عن القيام بأدوارهم في مواجهة الأطراف الثلاثة. . التافهون والمتعصبون والحكومات العاجزة.
سوف يمثل المثقفون أمام منصته في محاكمة قاسية لأنهم استسلموا أو كادوا، وبعد أن كانوا خط الدفاع الأول والأخير عن قيم التنوير والحرية والعدل والمواطنة وحقوق الإنسان، وكانوا اللاعبين الأساسيين في الحراك الاجتماعي والسياسي إذا بالكثيرين - في أزهي عصور الديمقراطية - يقررون وهم في كامل قواهم العقلية- إلا من رحم ربي - الانتقال إلي مقاعد المتفرجين وصفوف المشاهدين. . يحدقون ويمطون الشفاه أو يخبطون قطع الدومينو علي المقاهي كأن البلاد ليست بلادهم.
إن المشهد السياسي والثقافي والإنساني في مصر غدا مفتوح ومكشوف، وليس بحاجة إلي جدل وتحليل، وإنما هو بحاجة إلي هبة وإلي تحرك قوي شامل ليس بمعني الثورة، لكن بمعني المقاومة والتصدي بالفكر والعلم والرأي، ويتعين مواجهة الخور الذي تعانيها القيادات السياسية التي تجهل ما يجري أو تتجاهله، فالعيون مركزة فقط علي اقتناص المناصب وتقسيم الكعكة.
المثقفون من غير شك هم عقل الأمة وقلبها النابض ووجدانها الشاعر وعيونها علي المستقبل. . ولابد يعلمون أن الخرق اتسع علي الراتق، ولا يفلح الفرقاء المتصدرون للمشهد في إصلاحه إن حاولوا، بل هم أسبابه، فليتقدموا بالكلمة ويحتجوا بالرأي ويستجمعوا الجهود والأفكار لإعلان صرختهم ضد هذه الأوضاع المتردية علي جميع المستويات. فجرد حسامك من غمده.. فليس له بعد أن يغمدا.
الانهيار يشمل كل شيء. فهيا بنا نصرخ ونملأ السماء بأصوات كلماتنا الرافضة لكل ما يمس مصر بالسوء أو يعوق مسيرتها نحو التقدم.
لنكن علي قلب رجل واحد لاستنقاذ مصر التي تقبع فوق " أورمة الجزار " لتتخطفها الأطراف غير المؤهلة إلا بالأنياب. و لتقبض الأكف علي الأكف وتتعانق الأقلام في منظومة منسجمة من الغضب النبيل لأجل إنقاذ مصر من حفرة عميقة حيث تحاصرها قوي قابلة للشك في ولائها



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صبري موسى ..و - فساد الأزمنة -
- حِصانها وحِصاني
- لم تصنع نفسك .. لكنك تستطيع
- زحف النمل
- يمامة خضراء بكعب محني
- مئوية جارودي .. المناضل الفريد
- أجمل رجل قبيح في العالم
- هل الأديان خطيرة ؟2
- الساعة تدق السبعين
- هل الأديان خطيرة ؟1
- استرخاء
- لا تغيير بلا ثقافة
- المثقفون والسلطة
- حَدثني عن البنات
- الكتابة من الوضع راقدا
- نزهة في حدائق الألم
- خطأ السيسي الفادح
- مصر في قبضة الشياطين
- جمهورية -رابعة -
- لا تصالح


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فؤاد قنديل - المثقفون أمام محكمة التاريخ