عبدالسلام سامي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4271 - 2013 / 11 / 10 - 18:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مهما اختلفت الاراء و وجهات النظر بصدد مساءلة الاديان و المعتقدات ,, الا ان التضرع و العبادة الى الله بقلوب صافية و طاهرة و نظيفة و نوايا حسنة و صادقة و بعيدة عن التسيس و المصالح الاءنانية والاستغلال و مظاهر التعصب و الحقد و الكراهية و النوايا الدفينة الدنيئة ,, ستبقى امرا مقبولا في كل زمان و مكان,, و في جميع المجتمعات البشرية اوقات السلام و الوئام ,, وهذا النوع من العبادة النزيهة يفرض احترامه على جميع الناس و على مختلف الشرائح و الطوائف و المكونات الاءجتماعية ,, فالعبادة التي راءيناها من خلال الطقوس الدينية و التي تلمسناها من خلال سلوكيات ابائنا و اجدادنا في السابق ,كانت من هذا النوع البريء الطاهر و الصادق ,, حيث كانت بعيدة عن مظاهر التسيس والعنف و التطرف و جوانب الحقد و الكراهية و المصالح الانانية الضيقة , و كانت تميزها عن العبادة الحالية فعلا باءنها كانت ذات طبيعة روحانية نزيهة صرفة متعلقة بين الذات الانسانية و خالقه ,, فمثل هذه العبادة و الطقوس الدينية لا تضر و لا تؤذي احدا , و لا تهدد كائنا من يكون , و لا تستهدف مصالح طرفا من الاطراف نظرا لاءنطوائها و احتوائها على جملة من القيم و المعايير الاءخلاقية النبيلة , و الالتزامات و الضوابط السلوكية المتزنة الرفيعة ,, و كان الهدف من وراء التدين في الماضي اءضافة الى كسب رضى كل من الله و المجتمع و الفوز بجنات الخلود , هو العمل على بناء شخصية سليمة و قويمة للفرد مبنية و مرتكزة على قاعدتين اساسيتين : الاولى تمثل في كيفية التحكم بالنفس و الشهوات و المغريات , و الثانية في ماهية التصرف و التعامل مع الاخرين ,, و من خلال هاتين القاعدتين المهمتين في الحياة ,, كان لابد للشخص المتدين ان يلجاء دوما الى مراجعة سلوكه اليومي بغية تقويمه و توجيهه توجيها سليما , و كان لا بد له ايضا من محاسبة نفسه و ضميره بغية تاءديبه من شر الذنوب , و تصفيته من الشوائب و العوالق , و تنقيته من الاخطاء و الرذائل , و اءصلاحه و كبح جماح الاطماع و طيش الشهوات و النزوات فيه , و العمل قدر الاءمكان على تجنب السقطات والهفوات و الزلات , كما كان من مستلزمات التدين و التصوف في حينها , بذل المساعي و الجهود لتقوية و ترسيخ اواصر المحبة و الاخاء بين الافراد و الجماعات , و الحفاظ على السلم الاجتماعي و الامن و الامان, و نبذ الفساد و المفسدين , والوقوف بوجه الظلم و الظلام , و الابتعاد عن الفحشاء و المنكر, و دعم العدل و العدالة ,ونشر روح التاخي و التسامح , و منع نمو العداوات و النزاعات و بروز الفتن و الصراعات , وتفادي الانزلاق في مستقنع الفواحش و الجرائم والانجرار وراء الخطايا و الذنوب , و الى تعليم النفس و تهذيبه , و كذلك ارشاد الغير على احترام و تقدير الاخرين , و تقديم المساعدة للفقراء و المعدومين , و مد يد العون اليهم عند الحاجة , و الاءرتقاء بالروح و النفس و الضمير, و تنمية و تقوية القناعة الذاتية اءيام الشدة , و الاءمر بالمعروف و النهي عن المنكر , كل ذلك بل و اكثر استجابة لاءوامر الرحمن , و طلبا للحصول على رحمته الواسعة , و خوفا من عذاب يوم اءليم و عظيم ,, هكذا كان يعني الدين , و هكذا كان يفهم منه و يتعامل من خلاله الشخص المتدين , و هكذا كانت العبادة في الماضي ,, اما بعد سيطرة حزب البعث الهمجي على هوة الحكم في العراق , و الذي عكر من صفوة الحياة واساء الى مفهومها ,و اجرم بحق جميع القيم و المباديء و عبث بحق كل المعتقدات و المقدسات , فاءنه تدخل بصورة مباشرة في كل تفاصيل و جزئيات الحياة و حتى الشخصية و العائلية منها , و بالاءخص في شؤون الدين و المعتقدات , و كاءول اجراء ظالم و سافر قام به , فاءنه مارس قتل و ذبح و ابعاد و ملاحقة اكثرية الشرفاء و النزهاء و المعتدلين من رجال الدين و مفكريه , والمجيء بغيرهم من الملالي الانتهازيين المنحرفين , و الائمة المشعوذين المزيفين , و شيوخ العمالة و الارتزاق , فحول من هيئة او جمعية علماء المسلمين الى هيئة للخطباء البعثيين ,و لبس رجال الاءمن و المخابرات الجبة و العمامة ليحلو محل رجال الدين المعتدلين , و زج بين صفوف المصلين في المساجد و الجوامع و الكنائس بمجاميع من عملاء البعث و المرتزقة و الجواسيس و رجال الاءمن و المخابرات و المجرمين ,و بهذه الطريقة تمكن و بسرعة قياسية ان يسيطر على دور الطاعة و العبادة و بقبضة من حديد , كي يتمكن من تحويلها الى محلات و اماكن للاءجتماعات و الندوات الحزبية , و الى منابر اءعلامية نفاقية لشخص هدام و حزبه الحاكم , و بهذا الاجراء التعسفي في التعدي على حرمات الاديان و المعتقدات , غابت عن بيوت الله الطاعة و العبادة , و تلاشى الخطاب الديني المعتدل و المتزن , و حل محله خطب حزبية ملفقة و محرضة و مكرسة لخدمة التطرف والتفرقة العنصرية و غرس سموم الجهل و التخلف و الحقد و الطائفية , وهكذا تحولت منابر دور العبادة جميعها الى منابر لتمجيد القائد الواحد الاءوحد, و تعظيم مكانته و و دوره , التطبيل له و لحروبه اللاوطنية و اللااءخلاقية , و لمغامراته اليومية الرعناء , و لنهجه و ممارساته و جرائمه و فسقه و فساده الاكثر من فاحش , و هكذا ايضا تخرج من دور العبادة حفنة من المرتزقة و العملاء من الحاقدين و العنصريين المتخلفين الفاسدين الفاسقين المؤهلين و المدربين على مباديء العنف والقتل و الذبح و الجريمة , اناس لا يفرقون الفضيلة عن الرذيلة , و لا يعرفون من الدين الا الشعوذة و الخرافة و الكذب و النفاق و التعصب و التطرف , اضافة الى كل ما حصل للدين من تسيس و اجرام , و لرجاله و انصاره و مواليه من تصفيات جسدية و روحية و عمليات قمع و كبت و تحريف في الداخل , فاءن الطاغية لم يتوقف عند هذا الحد , و انما استنجد بدعم الفضائيات العربية و بمناصرة ملالي الفسق و الفجور من جميع الدول العربية و العالم , و حول اليهم وعلى ارصدتهم الخارحية مئات الملايين من اموال العراقيين المعدومين , و حولهم جميعا الى مرتزقة و عملاء و ابواق مسمومة لنصرة افكاره و مخططاته الهمجية , و الدفاع عن حروبه القذرة ودعم و مساندة سياساته الخبيثة و نهجه الاجرامي , كما جعل من العراق ارضا خصبة و ماءوى امن و مصدر تمويل و ساحة تدريب و تاءهيل لاءوكار القاعدة و المنظمات الاسلامية الجهادية و غير الاسلامية الارهابية , و الى بؤرة فتنة و فساد و مرتع خصب لاءيواء القتلة والسفاحين و المجرمين من كل مكان , و بعد رحيل نظام المقبور و بعض الانظمة الشمولية الاخرى في المنطقة , تعاظم دور الملالي و دور الاحزاب الاسلامية المتطرفة على المسرح السياسي العراقي و المنطقة , و تعاظمت و استفحلت سرقاتهم المليونية , و كثرت فضائياتهم و تقوت اعلامهم القاتل المشعوذ بشكل لم يسبق له مثيل , فتسممت الاجواء السياسية و الاجتماعية و الفكرية و الدينية العامة للمنطقة برمتها , و ابدعت الفضائيات الاسلامية و ملالي الفتنة و الفساد في ابتكار مختلف انواع الفتاوى الدينية المتطرفة المحرضة على القتل و الجريمة , للاءنتقام من الابرياء و كل من يخالفهم افكارهم و مصالحهم الطائفية المقيتة , و بدعم و تمويل مادي و معنوي لا مثيل له في التاريخ من موارد و عقول شيوخ السلفية و الوهابية و الاخوانية القذرة , و من موارد البترودولارات لكل من العراق و ايران و السعودية و الخليج , فزاد الطين بلة يوما بعد يوم , و اءنقسم العراق و الدولة الواحدة والمنطقة و حتى العائلة الواحدة على نفسها , و تحول العراق و المنطقة بين ليلة و ضحاها الى ساحة مفتوحة كبيرة و معقدة لحروب و نزاعات و صراعات طائفية دموية مريرة و سافرة , بين ابناء الوطن الواحد من الدين الواحد و بين الطوائف الدينية المختلفة , و بتدخل كبير و مباشر من دول الجوار , فسادت الفوضى و الاجرام كل مكان ,و اصبح القتل و الذبح على الهوية مشهدا يوميا في هذه البلاد , و فقد المواطن الاءمن و الامان و الاستقرار و كل مستلزمات العيش الكريم و كل الطموحات و الامال, و بها تراجع العراق و الكثير من دول المنطقة فكريا و حضاريا الى عصور ماقبل التاءريخ , و لا زال هذا المشهد المروع مسيطر على الواقع العام , و ليس هناك امل في الافاق يذكر للتخلص منهذا الكابوس و تجاوزه .
خلاصة القول .. ان ما حصل و ما يحصل للعراق و المنطقة من قتل و ذبح و دمار واستهانة لحقوق و كرامة الانسان , يعود سببه و قبل اي شيء اخر, الى تدخل الدين و رجالها المفسدين في الامر السياسي , و استغلال الملالي الفاسدين و الاحزاب و القيادات و الحكام الفاسدين الدين و ظاهرة تخلف المجتمعات الشرقية للوصول و الحفاظ على مصالحهم الطائفية الاجرامية المقيتة , و عليه فمن واجب الجميع , و خاصة المدافعين عن سلامة الدين و عفته , عدم الانجرار اكثر فاءكثر وراء فتاوى شيوخ القتل و الاجرام , و مخططات تلك الحفنة الاجرامية الفاسدة المستفيدة من الدين على حساب دماء الابرياء , و القيام بتعرية نواياهم الشريرة , و الوقوف بوجههم و فضح افعالهم و ممارساتهم القذرة , لوقف استنزاف مزيد من الدماء و اءحتواء هذه الاءزمة المعقدة و الكارثة الكبيرة التي حلت بالمنطقة , حفاظا على اءمن و سلامة و وحدة و حقوق الجميع .
و اخيرا ,, نريد ان نرفع رسالة خطية الى حكومة الاقليم و الى الجميع , باءن دولة اتاتورك الاسلامية العنصرية و حكومتها , و التي تعيش من وراء خيرات الاقليم و العراق و المنطقة , اصبحت الجهة الاخرى التي تقوم بدور خبيث في حياكة المؤامرات المستمرة في المنطقة , فهي الاخرى تقوم بدعم و مساندة و تدريب و تاءهيل الارهابيين من القاعدة وجماعاة القتل و الذبح من جبهة النصرة و الدولة الاسلامية الارهابية في العراق و الشام على ارضها , لتبعثهم و بكل علانية و تحت انظار المجتمع الدولي , لممارسة اعمال القتل و الذبح بحق شعبنا الكوردي المسالم في سوريا , و بحق الشعب السوري المسكين و المبتلي بنظامه الشمولي المستبد ,و بالاءسلام السياسي المتطرف و احزابها الهمجية البربرية الوقحة .
#عبدالسلام_سامي_محمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟