أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب















المزيد.....

الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4265 - 2013 / 11 / 4 - 11:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب

كان لعلم الآثار الفضل فى اكتشاف البرديات التى تناولتْ الطب فى مصر القديمة ، لدرجة أنّ الملك (سمرخت- قاعا) أحد ملوك الأسرة الأولى كتب سِفرًا فى علم التشريح. وأنّ أشهر الأطباء هو(إيمحوتب) وزير الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة. ووصلتْ أخباره إلى اليونان فاعتبروه إله الطب عندهم . وفى بعض البرديات تعليمات إيمحوتب الخاصة بأسلوب فحص المرضى وتشخيص أمراضهم ثم وصف الدواء المناسب لكل حالة وهو الدواء الذى حضّره الطبيب بنفسه فى معمله. وأنّ هذه التعليمات نقلها أبقراط الإغريقى بالحرف واعترف بها العالم جالينوس (الإغريقى أيضًا) كما نقل أبقراط عن المصريين أسلوب التأكد من حمل المرأة أو عقمها وهو مبنى على فكرة وجود اتصال بين تجويف المهبل وبقية الجسد ، فكان يتم وضع لبوس من الثوم فى المهبل ، ثم يتم ملاحظة رائحة الفم . وهذه الوصفة وردتْ فى بردية (كاهون) وبردية (كارلزبورج) بمراعاة أنّ المادة العطرية للثوم تمر من البوق إلى التجويف البريتونى إذا كان البوق سالكـًا ومنه إلى الرئتيْن فالتنفس. وهذه الوصفة نقلها أبقراط إلى اليونان . وبفضل علم الآثار تم العثور على فك سفلى من الأسرة الرابعة وبه ثقب لتصريف صديد خراج تحت الضرس مما يشير إلى استعمال آلة جراحية غالبًا من البرونز. وهذا ما نقله أبقراط فى كتبه حرفيًا. وبفضل علم الآثار اكتشف العلماء أنّ جدودنا اعتبروا ال (ميتو) أو الأوعية الدموية لها أهميتها الحيوية لصحة الإنسان ، ففى الشيخوخة يتحول الدم إلى جلطة فيبدأ المرض يتكون موضعيًا ويحرم الدم من قدرته على مساعدة أجزاء الجسد للقيام بوظائفه. وهذا الرأى نقله أبقراط . وعندما لاحظ جدودنا أنّ الاسراف فى الطعام مرهق للمعدة والأمعاء والكليتيْن والقلب ابتكروا أسلوب ال (خدو) أى التخلص من المواد البرازية بواسطة استعمال المُسهلات والحقن الشرجية باستخدام زيت الخروع والحنظل الوارد تفصيلا فى بردية (تشتر بيتى) وهى حقيقة أكدها هيرودوت الذى ذكر فى كتابه عن مصر أنّ المصريين أكثروا من استعمال المُسهلات والحقن الشرجية ثلاثة أيام كل شهر(هيرودوت يتحدث عن مصر- الفصل رقم 77- ص182) وهو ما أكده ديودور الصقلى أيضًا. ونقل أبقراط هذه الوصفة حرفيًا ولم يكتف بذلك وإنما نقل (حرفيًا أيضًا) بردية (كارلسبرج الطبية رقم 8) المحفوظة بجامعة كوبنهاجن بالدانمارك ويرجع تاريخها إلى الفترة بين الأسرتيْن 19، 20وفى هذه البردية بعض الوصفات الطبية لعلاج أمراض العيون ووصفات لعلاج أمراض النساء وأعراض الولادة وغيرها وهى تـُماثل بردية برلين رقم 3038و كذلك بردية (كاهون) التى نقلها أبقراط إلى اليونان ثم إلى إنجلترا فى القرن 12م وإلى ألمانيا فى القرن 17م.
كما أبدع إيمحوتب أول ميثاق شرف لمهنة الطب ورسّخ مبدأ سرية العلاقة بين المريض والطبيب. ووضع قاعدة أنّ ((التشخيص السليم يؤدى إلى العلاج الصحيح. والتشخيص الخطأ يؤدى إلى العلاج الخطأ)) ووصل الأمر كما ورد فى بردية (سميث الجراحية) أنه عند فحص الجراح لتشخيص حالة المريض فإنّ الطبيب مـُلزم بأنْ يكتب فى بردية العلاج ما يلى : هذه الحالة أعالجها وأشفيها أو هذه الحالة أعالجها وسأجتهد فى شفائها أو هذه الحالة لا أقدر على علاجها. رغم كل هذه الحقائق فإنّ خريجى كليات الطب فى العالم يُقسمون عند تخرجهم على قسم أبقراط . وذكر الأطباء المصريون من جيل ما قبل يوليو52 أنهم فور تخرجهم كانوا يضعون شارة إيمحوتب فى عروة الجاكت. وذكر د. سمير الجمّال أنه بعد ترجمة البرديات الطبية التى أكتشفتْ منذ القرن 19م إلى اللغات الأوروبية ظهر للعالم خطأ إرجاع الحضارة الحالية إلى الإغريق بسبب اقتباس معظم علماء الإغريق فى مؤلفاتهم الطبية من كل علوم قدماء المصريين. وأنّ الثقافة الحضارية المصرية نقلها الإغريق إلى بلادهم فى القرن 20ق.م وعندما غزا الرومان بلاد الإغريق فى القرن الثانى ق.م انتقلتْ هذه الحضارة إلى روما ثم انتلقتْ إلى كل أوروبا. ويؤكد ذلك أنّ مؤلفات (ديوسقوريدس- عام 50ق.م) و(جالينوس- 130- 200ق.م) و(بلينى- 23- 79 ق.م) وغيرهم من أطباء الإغريق جاءتْ متطابقة مع البرديات الطبية المصرية. وذلك باعتراف علماء أوروبيين محايدين ، كان لهم فضل مقارنة البرديات المصرية ومؤلفات اليونانيين ، وهو ما أكده المؤرخ اليونانى (سترابون) المولود حوالى عام 60ق.م وعاش قترة فى مصر.
وبفضل علم الآثار تم اكتشاف برديات أثبتتْ تطور مصر فى علم التشريح ووجدوا أكثر من 200مصطلح تشريحى فى اللغة المصرية القديمة ، مما يؤكد أنّ جدودنا استطاعوا التفرقة بين مختلف أجزاء الجسم الداخلية. وأمكنهم معرفة أهمية القلب كأساس وبداية مهنة الطب. وبالنسبة للمخ لاحظوا أنّ أية إصابة به تـُحدث تأثيرًا على عضلات الجسم . وأنّ إصابة الرأس تـُحدث شللا فى أحد نصفىْ الجسد. وأثبتَ أحد الجراحين المصريين القدماء أنّ أثر الإصابة المخية على الأطراف تختلف من جانب إلى آخر باختلاف جانب الجمجمة المُصاب . وهذا هو أول تحديد وظيفى للمخ باعتباره المركز المهيمن على حركات الجسم . وعرف الجراح المصرى القديم مركز عصبى آخر يؤثر على الجسم هو الحبل الشوكى . وفى أكثر من بردية طبية خاصة (إيبرز) و(إدوين سميث الجراحية) وصفٌ لجذع المفاصل. وذكر د. وسيم السيسى أنه زار المتحف البريطانى فوجد به جمجمة أجريتْ لها عملية تربنة منذ 2000سنة ق.م ومكتوب بجوارها ((أول جراحة مخ فى التاريخ فى مصر الفرعونية)) وأنّ المريض تم إنقاذه من النزيف الداخلى فى المخ وعاش بعدها بدليل نمو قشرة العظام . وذكر د. محمد فياض فى كتابه (فن الولادة فى مصر القديمة) أنّ أول مستشفى تخصصى لرعاية الحوامل كان فى مصر القديمة. وأنّ علماء الآثار اكتشفوا تكعيبة النفاس (ماميزى) للحماية من حمى النفاس. والمرأة كانت تلد وهى جالسة القرفصاء. وأثبتتْ الدراسات الحديثة أنّ هذا الوضع أفضل وأنّ الإحساس بالألم أقل من الوضع الأفقى . وأنّ العديد من المستشفيات الأمريكية طبقته فى نهاية القرن العشرين. وبيّنتْ البرديات أنّ جدودنا عرفوا نوع الجنين بزرع القمح والشعير على بول الحامل . فإنْ نبتَ القمح كان الجنين ذكرًا وإنْ نبتَ الشعير كان الجنين أنثى . أما إذا لم ينبتْ كلا النوعين فمعناه عدم وجود حمل. ومن هنا تبيّن للعلماء فى العصر الحديث أنّ بول الحامل يختلف عن بول غير الحامل.
ونظرًا لأنّ البرديات الطبية أثبتتْ أنّ جدودنا كانوا الرواد فى مجال الطب ، لذلك أرسل العالم والطبيب البريطانى (جاميسون هارى) مؤلف كتاب (إيمحوتب) رسالة إلى كل كليات الطب فى العالم قال فيها ((إننى ألح على زملائى الأطباء فى جميع أنحاء العالم للاعتراف ب (إيمحوتب) عميدًا لهم دون سواه. إنّ اسكلوبيوس إله الطب فى اليونان شخصية أسطورية ، سلبَ فضل إيمحوتب ، لأنّ معرفتنا بهذه القمة المصرية جاءتْ متأخرة بسبب حاجز اللغة التى فكّ رموزها شامبليون . إنّ صورة إيمحوتب يجب أنْ تكون شارة لمهنتنا . وأنه من الفضل لنا أنْ يكون على رأس مهنتنا رجل من لحم ودم وشخصية شهيرة متعددة المواهب بدلا من شخصية غامضة المنشأ تنتسب إلى عالم الأساطير. فنحن لا نعرف شيئا عن اسكلوبيوس أو أعماله ، بينما ترك لنا إيمحوتب تحفته المعمارية ألا وهى الهرم المدرج . لقد كرّس إيمحوتب حياته لنشاطات مختلفة يمكن إدماجها تحت هذه العناوين : الوزير، الطبيب، المهندس، الحكيم، الكاتب، الفلكى، منقذ مصر من المجاعة حين توقف الفيضان سبع سنوات. لقد شيّدنا حضارتنا الغربية على أدبيات روما واليونان ، ولم نعرف تاريخ مصر العظيمة. وكانت النتيجة أنّ هذا التراث الأسطورى لهذا الإله اسكلوبيوس أصبح طاردًا لإيمحوتب الأقدم عهدًا. ولكن بعد أنْ ظهر إيمحوتب من وراء الضباب الأثرى وعرفنا سيرته وعظمته ، فإنّ الوقت قد حان لإقرار العدل الذى يستحقه وأنْ يُمنح المكانة الرفيعة التى أغتصبتْ منه قرونـًا كثيرة))
أعتقد أنه لولا علم الآثار الذى كشف عن البرديات الطبية ، ولولا فك رموز اللغة المصرية ، كان إيمحوتب سيظل وراء ((الضباب الأثرى)) كما قال جاميسون ، ويظل قــَسَم الأطباء باسم أبقراط وليس باسم صاحبه الأصلى إيمحوتب.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤامرة صهيونية لإخراج رمسيس من مصر
- التقدم العلمى فى علم الصيدلة فى مصر القديمة
- التعليم فى مصر القديمة
- صراع الحب والكراهية حول معشوقة الأحرار: المعرفة
- حُمّى السيادة على العالم
- الدولة State والدسلتير
- اليهود البشر واليهود النصوصيين
- تركيا من أتاتورك وإسماعيل أدهم إلى أردوغان
- سراب اسمه (تجديد الخطاب الدينى)
- موتسارت : طفل معجزة وحياة بائسة
- التوراة بين التاريخ والعلم والأساطير
- النقد العلمى لأسطورة هيكل
- مدينة أون والادعاء العبرى
- اسم مصر
- قاسم أمين : أحد رموز التنوير
- شهر مصرى صُغنتوت من خمسة أيام
- فرح أنطون ومحمد عبده
- أحمد لطفى السيد
- قناة الجزيرة والوعى المتأخر
- متى تتحقق الحرية والعدالة ؟


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب