أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التعليم فى مصر القديمة















المزيد.....

التعليم فى مصر القديمة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4260 - 2013 / 10 / 30 - 23:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مثل أية متوالية طبيعية أو اجتماعية ، ومثل أى تراكم كمى لابد أنْ يؤدى إلى تغير كيفى، حدث التغير فى مصر. فبعد اختراع الكتابة وورق البردى وأول أبجدية، كان لابد أنْ يتولد نظام تعليمى يحرص على تعليم الأطفال. وكان لدور علم الآثار أهمية فى هذا الشأنْ، فتم اكتشاف أكثر من مدينة بها مدارس، داخل المعابد وخارجها. مثل العثور على آثار مدرسة حول معبد (الرمسيوم) وأخرى بدير المدينة بجبّانة طيبة. وفى المدينة التى أنشأها أخناتون عثر الآثاريون على أنقاض مدرسة (دار الحياة) وأنها كانت مكوّنة من بناءيْن. والعثور على مدرسة فى مدينة (أون) عين شمس. ومدرسة للطب فى (سايس) ومدرسة فى أبيدوس وأخرى فى تل بسطة إلخ. وفى بعض الاكتشافات الأثرية تم العثور على الألواح التى كان التلاميذ يكتبون عليها دروسهم. وعثر الآثاريون على ملاحظات المدرسين على تلك الألواح وبها تصحيح بعض الأخطاء. وكان يُطلق على مكان التعليم أكثر من اسم وأشهرها (بر- عنخ) وتعنى دار الحياة. وعن أهمية التعليم تم العثور على بردية كتبها المدرس لتلاميذه وفيها ((إنّ كاتبًا واحدًا لأعز قيمة من بيت البانى ومن مقصورة فى الغرب (الحياة الأخرى) وأجمل من قصر مُشيّد ومن نصب تذكارى فى معبد)) وفى بردية أخرى كتب ((إنّ الكتابة أعز من قبر فى الغرب وألذ من إمتاع النفس)) وفى دراسة شيقة للأستاذ سمير أديب عن التعليم العالى فى مصر القديمة، ذكر أنه اعتمد على عدد من النصوص والوثائق بلغ عددها 150 من مختلف أنواع الآثار، مثل النصوص المكتوبة على جدران المعابد والتوابيت والبرديات والتماثيل والمقابر.
توازى مع الاهتمام بالتعليم حقيقة لصيقة بها وهى أنّ جدودنا ابتكروا إلهة للكتابة وإلهًا للعلم والحكمة والمعرفة فذكر عالم المصريات الألمانى أدولف إرمان ((كان للإله جحوتى زميلة تـُقاسمه وظيفته ككاتب هى الإلهة سشات الكاتبة وسيدة دور الكتب أى المكتبات)) وفى متحف برلين تمثال للمهندس والطبيب والمعمارى والحكيم العبقرى (إيمحوتب) من الأسرة الثالثة فى عصر الملك زوسر الذى كان أول من شيّد هرمًا من الحجر المنحوت، فى هذا التمثال جلس إيمحوتب وهو يقرأ فى كتاب (متحف برلين برقم 7505)
ساعد على نشر التعليم حرص الملوك على تدوين كل صغيرة وكبيرة، بدءًا من تدوين أسماء المواليد وإحصاء عدد السكان وتسجيل المعارك. ثم تصاعد الاهتمام بالكتابة عندما ازدهر الطب فكان لابد من تدوين ملاحظات الأطباء وتفاصيل العمليات الجراحية، وفقــًا للبرديات المحفوظة فى معظم متاحف أوروبا وأشهرها بردية (إيبرس) وبردية (إدوين سميث الجراحية)
ويؤكد العلماء الذين درسوا نظام التعليم فى مصر القديمة، أنه كان متاحًا لجميع أبناء الشعب ومجانيًا. ومدة التعليم فى المرحلة الأولى خمس سنوات. والمرحلة المتوسطة (خمس سنوات) والمرحلة النهائية (خمس سنوات) والأخيرة شبّهها بعض العلماء بمرحلة التعليم الجامعى ، خاصة وقد تعلم فيها العلماء والفلاسفة اليونانيون الذين عاشوا فى مصر لعدة سنوات للتعليم. منهم أفلاطون (13سنة) وفيثاغورث (23سنة) وتم العثور على بعض البرديات وفيها موضوعات للدراسة مثل الطب والفلك والحساب والقصص. أما فى مرحلة التعليم العالى فكان الاهتمام الأكبر بتدريس حِكم الحكماء مثل نصائح الحكيم (آنى) وغيره من الحكماء. ويوجد بمتحف برلين أدوات كتابة خاصة بتلميذ من عصر الأسرة 22ومن بينها لوحة كتابة عليها مقدمة بردية (آنى) وكتب التلميذ عليها ((فاتحة تعاليم النصائح التى ألفها الكاتب (آنى) بعدها يأتى نص البردية التى كتبها آنى لابنه ثم تقرر تعميمها لتكون مادة مقررة على جميع المدارس. قال آنى لابنه ((لا تكن سليطـًا ولا متطفلا وعندما تكون فى بيت أحد وترى أو تسمع شيئا فالزم الصمت ولا تبح به لأحد. ولاتكن ثرثارا وكنْ حريصًا فى كلامك لأنّ هلاك الإنسان فى لسانه (انتقل هذا المعنى إلى مثل مصرى شهير " لسانك حصانك إنْ صنته صانك إلخ ") لا تتكل على مال غيرك. إذا ما ترعرعتَ واتخذت لك زوجة ، فتذكر أمك فهى قد حملتك طويلا وبعد ولادتك كان ثديها طوال ثلاث سنوات فى فمك. ولم تشمئز من قذارتك. وبعد دخولك المدرسة بقيتْ ترعاك. لا تأكل فى حين يقف آخر بالقرب منك دون أنْ تمد يدك إليه بالخبز. لا تكن شرهًا فى ملء بطنك. لا تجعل من نفسك رئيسًا على زوجتك فى المنزل. تعرف عليها وساعدها)) ثم يأتى رد الابن لأبيه ((ليتنى كنتُ مثلك حتى أسير على هدى نصائحك. إنك عالى الهمة. وكلماتك تريح قلبى وتـُفرحه ويستوعبها عقلى)) ومن أهم نصائحه لابنه ((لا تجلس حين يقف من هو أكبر منك سنــًا حتى لو كنتَ أرفع منه مقاما)) و((إنْ كنتَ قد تعلمتَ شيئـًا فأين أنتَ من بحور المعرفة))
وفى بردية عبارة عن ملاحظات كتبها المدرس للتلميذ جاء بها ((لقد بلغنى أنك أهملتَ دراستك وأنك تتسكع فى الطريق. إنّ مثلك مثل المجداف المحطم)) ثم نقل المدرس تجربته الشخصية فقال للتلميذ (أنظر إلىّ عندما كنتُ صبيًا مثلك. لقد مكثتُ فى المعبد ثلاثة شهورلا أخرج منه. وعندما خرجتُ تفوقتُ على زملائى فى العلم. فافعل ما قلت لك)) وفى المتحف البريطانى بردية بعنوان (تعاليم إمنوبى لابنه حور ماخو) وكانت موضع اهتمام العلماء عندما تم العثور عليها عام1922لأنهم اكتشفوا بها نظام (حصة المُطالعة) والتمرين فى المدارس. وتدور حول عمل الخير. وقواعد السلوك المستقيم وأدب الحديث وحسن المعاملة. والحض على الفضيلة وتمجيد التواضع والنهى عن الاندفاع وحدة الغضب. وترسم دستورًا عمليًا للحياة، فشرحتْ واجب الموظف وحثه على العدل وأنْ يكون أمينـًا فى عمله مخلصًا له. متسامحـًا، بعيدًا عن الغش والتدليس. ومن المواد المقررة أيضًا تعاليم (خيتى دواوف) لابنه بيبى وانتشرتْ فى مدارس الأسرة19(1300ق.م) وكانت مكتوبة على الاستراكا ووُجدتْ كاملة فى بردتىْ (ساليه) و(أنسطاسى) المحفوظتين بالمتحف البريطانى وفيها قال لابنه ((لا شىء يعلو على الكتب. الإنسان الذى يسير وراء غيره لا يُصيب نجاحًا. ليتنى أجعلك تحب الكتب. لا توجد مهنة من غير رئيس لها إلا مهنة الكاتب. هو رئيس نفسه. إنّ يومًا تقضيه فى المدرسة يعود عليك بالنفع. لا تجعل الكلمات النابية تخرج من فمك. إقنع بطعامك وإنْ لم يكف لاشباع بطنك. فقاوم ذلك الشعور. وما أنصحك به ضعه أمامك وأمام أولادك))
وفى تعاليم إمنمحات الأول لابنه سنوسرت مكتوبة على الاستراكا ومعظم نسخ هذه التعليمات كتبها تلاميذ المدارس فى الأسرة19قال فيها ((أنصت لما أقوله لك حتى تحسن حكم البلاد. وتحقق الخير. إحذر مرؤوسيك. لقد زرعتُ القمح وأحببت (نبر) إله الغلال فلم يشعر أحد بالجوع فى عهدى)) وذكر سليم حسن أنّ المدرسة تعنى (بيت الحياة) وكان يتعلم فيها التلاميذ الكتابة والأدب القديم. واستعملوا لكتابة تمارينهم قطعًا من الخزف وشظيات الحجر الجيرى بدلا من البردى. وفى حالة الكتابة على البردى وُجدت بردية بها أخطاء من التلميذ وتصحيح من مدرسه على هامش البردية ((ومما سبق نعلم أنّ المصرى كان يهتم بإعداد التلميذ إتقان الإملاء ولإعطائه نظرة عامة بكل ما يحيط به. وأعظم من كل ذلك عناية الأستاذ بتعليم تلميذه الأسلوب الصحيح والتعابير المختارة لكتابة الرسائل))
وكانت تعاليم الحكماء بمثابة كتب المطالعة. وتم العثور على لوحة محفوظة بمتحف (تورين) من الخشب وكان التلاميذ يتعلمون منها ((إحذر أنْ تسلب فقيرًا. أو تكون شجاعًا أمام رجل مهيض الجناح. ولا تمد يدك لتمس إنسانـًا بسوء. كنْ متلطفـًا مع الضعيف والمسن. كنْ رحيمًا مع المذنب الذى تنتابه المصائب. فكر قبل الكلام. لا تسخر من الكبير فى العمر. لا تشتبك فى جدال مع الأحمق. راقب من يكون ظالمًا للضعيف. لا تعتدى على حرث آخر. إنّ الثروة لو أتتْ عن طريق السرقة فإنها لا تمكث معك سواد الليل. إحفظ لسانك من الألفاظ الشائنة. لا تفصل قلبك عن لسانك. لا تتلاعب بالميزان. لا تقبل هدية من رجل قوى فتظلم الضغيف من أجله. لا تسخر من أعمى ولا تهزأ من قزم. لا تمنع إنسانـًا من عبور النهر عندما يكون فى قاربك مكان)) وفى مقبرة توت عنخ آمون تم العثور على مجموعة من الأدوات الكتابية. وكتبتْ العالمة مرجريت مرى ((كان تعليم الأطفال أمرًا بالغ الأهمية. ويظهر أنهم كانوا يُرسلون إلى مدرسة داخلية فى سن الرابعة. وكانت هناك كتب كثيرة أخلاقية تـُكتب للصغار مليئة بالحِكم كتلك النصيحة التى توجّه للطفل ليحب أمه مثل ((كنْ محبًا لأمك وكنْ عطوفـًا عليها لأنّ الإله يغضب إنْ لم تمنحها الحب)) وقد تأثر المؤرخ اليونانى هيرودوت الذى زار مصر وعاش فيها بسلوك الشباب المصريين فكتب ((حين يلقى الشبان كبار السن يفسحون لهم الطريق ويقفون جانبًا وحين يقترب منهم المسنون يقومون عن مقاعدهم)) وكتبتْ العالمة نوبلكور أنّ ((أبناء الشعوب الأجنبية كانوا يتعلمون فى المدارس المصرية)) لذلك ذكر العالمان (ديمترى ميكس) و(كريسين فافارميكس) أنّ الحضارة المصرية ((حضارة الكتابة))
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع الحب والكراهية حول معشوقة الأحرار: المعرفة
- حُمّى السيادة على العالم
- الدولة State والدسلتير
- اليهود البشر واليهود النصوصيين
- تركيا من أتاتورك وإسماعيل أدهم إلى أردوغان
- سراب اسمه (تجديد الخطاب الدينى)
- موتسارت : طفل معجزة وحياة بائسة
- التوراة بين التاريخ والعلم والأساطير
- النقد العلمى لأسطورة هيكل
- مدينة أون والادعاء العبرى
- اسم مصر
- قاسم أمين : أحد رموز التنوير
- شهر مصرى صُغنتوت من خمسة أيام
- فرح أنطون ومحمد عبده
- أحمد لطفى السيد
- قناة الجزيرة والوعى المتأخر
- متى تتحقق الحرية والعدالة ؟
- هل تلتقى المذهبية مع التحضر ؟
- العلاقة بين الخرافة والأسطورة والدين
- إيزيس / مريم / زينب


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التعليم فى مصر القديمة