أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين الخرافة والأسطورة والدين















المزيد.....

العلاقة بين الخرافة والأسطورة والدين


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4210 - 2013 / 9 / 9 - 11:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يخلط كثيرون بين الخرافة والأسطورة ، والأشد خطورة القول بأنّ الأسطورة خرافة، رغم الفروق الجوهرية بين الإثنتيْن. ونفس الخطأ يقع فيه كثيرون يُفرّقون بين الأديان والأساطير.
يعود الخلط بين الخرافة والأسطورة إلى أنهما يشتركان فى ملمح واحد هو: الأعمال الخارقة التى يقوم بها الإنسان وتتنافى مع قواه الطبيعية، وبالتالى نكون إزاء ما هو(فوق طبيعى) مثل قدرته على رؤية الأشياء البعيدة عنه بمئات الأميال، أو مثل خرافة (هرم بن حيان الأميرالعبدى) الزاهد فى الإسلام الذى زعم المؤرخون أنّ أمه حملتْ به لمدة أربع سنوات، ولذلك سُمى (هرمًا) وأنّ محمد بن عجلان حملت به أمه ثلاث سنوات ((وكان نساء آل الجحاف يقلن : ما حملت منا امرأة أقل من ثلاثين شهرًا)) (مروج الذهب-ج1ص337) أوتدّعى بعض الكاهنات أنها حملتْ بدون أنْ يُضاجعها رجل مثل (ظريفة) كاهنة الملك اليمانى عمروبن عامر. وأنّ (أبا كرب أسعد الحميرى) عاش 300سنة. وآمن بنبى سوف يأتى بعده اسمه أحمد وكتب شعرًا فيه. أو أنْ يكتب أبوالفرج الجوزى ((إن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام)) وكتب أ. أحمد كمال زكى أنّ ((سيف بن ذى يزن بطل خرافى تتلاحم فيه قوى ما وراء الطبيعة ويلتقى بالمردة والجن)) (الأساطير- دراسة حضارية مقارنة- ص107) أوجلد البحرمائة جلدة لأنّ أمواجه تسبّبتْ فى تعثرسفن الفرس المُتجه لغزو اليونان كما فعل الملك الفارسى إكزركسيس.
أما الأسطورة فرغم العناصرالخارقة فى نسيجها، فهى أشبه بالملحمة التى تستهدف توصيل رسالة ما، وفى هذا الشأنْ هناك إتفاق بين علماء الأنثربولوجى أنها ترجمة لواقع ما، ولتحقيق غاية مُحدّدة، فمثلا الأسطورة الأوزيرية هدفها تجسيد الصراع بين الخير والشرلأول مرة فى تاريخ البشرية. وهذا يبدومن الأسماء العديدة لأوزير، فعندما يأتى الفيضان فهوالماء المُتجدّد الذى يكسب الحقول الخضرة. وهوإله الزراعة ورمزالبعث (تجدد الحياة) ولأنه كرّس لقيمة العمل الزراعى (= الاكتفاء الذاتى) لذا يراه علماء المصريات أنه أول من نبذ استخدام أسلحة القتل. وأنّ جَمْعْ أشلاء جسده بعد موته معناه دورة جديدة من دورات الحياة، وأنه يموت بإنتهاء فترة خصوبة الأرض، ثم يعود للحياة مع اخضرارها. ويموت كما تموت الشمس بعد الغروب ويعود للحياة مع شروقها من جديد. كما أنها رسّختْ- لأول مرة فى التاريخ- للمنظومة القضائية بين المتخاصمين، فالصراع بين حورس وعمه (ست) مغتصب العرش استمرعدة سنوات أمام الآلهة للفصل فى الخصومة، وأوضحتْ مبدأ (استئناف الحكم) وتحكى قصة الصراع على تقسيم مصر: مملكة شرق الدلتا يحكمها أوزير. ومملكة غرب الدلتا ويحكمها حورس، ومملكة الجنوب ويحكمها (ست) ولكن بعد نجاح حورس فى قتل (رمزالشر) تم توحيد الشمال والجنوب. أما إيزيس (الطرف الفاعل فى الأسطورة) فهى التى جمعتْ أشلاء زوجها (رمزالوفاء) لذا كانت معبودة فى إفريقيا الشمالية وإسبانيا والدانوب وفرنسا. وسادتْ عبادتها فى كل أوروبا. وذكرالعالم أدولف إرمان عنها ((كانت السيادة فى كل مكان للإلهة إيزيس (ذات الأسماء العديدة) فستون شعبًا كانوا يعبدونها على أنها : الفضلى، الجميلة، الطاهرة، المقدسة.. إلخ)) (ديانة مصر القديمة- ص 484)
ورغم أنّ الآلهة فى الأساطير(المصرية واليونانية والبابلية إلخ) من صنع البشرإلاّ أنها ((أقدم مصدرلجميع المعارف الإنسانية. وترتبط ببدائية البشر. وهوما يعكف عليه الأركيولوجيون عندما يستنطقون النقوش المتبقية فوق الألواح وهى تقص أطرافا عن حياة الإنسان فى الماضى البعيد)) (الأساطير- مصدرسابق- ص 42) ولأنّ الأسطورة (عكس الخرافة) تستهدف توصيل رسالة ما لذا نجد من بين الأساطيراليونانية أسطورة بروميثيوس الذى تحدى الآلهة وسرق النارليهبها للبشر. هذا المغزى البديع رمزإلى أهمية الطاقة لحياة الإنسان، ثم تستمرالأسطورة لتنتقل إلى تطورآخر وهوغضب كبيرالآلهة زيوس الذى أرسل باندورا لتنتقم من بروميثيوس. وأنّ زيوس أمدها بصندوق كلما فتحته كلما خرجتْ الشرورالتى تصيب البشر. ونفس الشىء فى أسطورة سيزيف الذى أفشى الأسرارالتى حكاها زيوس له وطلب منه عدم الافصاح عنها، فلما خالف العهد عاقبه بأنْ يحمل صخرة وينزل بها من فوق الجبل ثم يرفعها ويصعد بها وهكذا إلى آخر الدهر. إذن فالأسطورة ترمزإلى العمل الذى لاجدوى منه غيرلذة الانتقام ، وهذه الأسطورة شبيهة بأسطورة سبقتها أبدعها خيال المصرى القديم عندما تم الحكم على إنسان بالجلد ، وكلما تهرأ جسمه عاد له جسد جديد فيستمرالعذاب بلا نهاية. وهذا العقاب شبيه بالعقاب الذى أوقعه زيوس على بروميثيوس عندما كبّله بالسلاسل وأرسل له نسرًا ينهش كبده، وكلما تهرأ الكبد صنع له زيوس كبدًا جديدًا ليستمرالعذاب.
أما الدين فعلاقته وثيقة بالأسطورة والخرافة. وأنّ من كتبوا كتب الأديان كانوا ينقلون عقلياتهم وأحاسيسهم البشرية، لذا كان من الطبيعى أنْ يتصارع الآلهة اليونانية ويتقاتلون ويغدرون ببعض كما يفعل البشر، لدرجة أنّ زيوس كبيرالآلهة انتهزفرصة غياب زوج (ألكيمنا) فى الحرب وتنكر فى هيئة زوجها وجامعها وأنجب منها البطل هرقل، لذا حقدتْ (هيرا) زوجة زيوس على هرقل. وما فعله زيوس مع (ألكيمنا) فعل مثله النبى داود مع زوجة (أوريا) إذْ ضاجعها فى غياب زوجها الضابط ، وبعد أنْ عاد الزوج من الحرب أرسله داود للحرب مرة أخرى وكتب إلى (يوآب) رسالة قال له فيها (اجعلوا أوريا فى وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيُضرب ويموت) (صموئيل الثانى 11) ولأنّ صناعة الإله صناعة بشرية لذا أطلق الهنود على أحب وأهم إله اخترعوه (كرشنا) وترجمة الكلمة فى لغتهم (الأسود) لأنّ الهنود الأصليين كانوا يميلون إلى السواد. ولأنّ بنى إسرائيل عاشوا حياة القحط والترحال، انعكس ذلك على حقدهم على الشعوب التى لديها وفرة فى المحاصيل وتنعم بالاستقرار، ولأنّ من كتبوا كتبهم (المقدّسة) تبنوا سياسة قتل الشعوب الأكثرتحضرًا منهم، لذا كان إلههم صورة طبق الأصل من مستوى تفكيرهم وأحقادهم، فهوإله دموى مثلهم، وهومع الرعاة ضد الزراع، ومع التخريب فيحوّل النهر والشجر والبيوت إلى دم وضفادع ويُشجّع أتباع موسى على سرقة المصريين، وينزل بنفسه ليضع علامة من الدم على بيوت بنى إسرائيل حتى لايُخطىء وهويُدمربيوت المصريين، ويقتل كل أطفالهم. وإذا كان العلم يُقربأنّ الخوارق فى الأساطيرلم تحدث، مثل أسطورة شق البحيرة فى قصة (خوفو والسحرة) فالمؤمنون بالتراث العبرى يعتبرون أنّ شق البحرأثناء هروب بنى إسرائيل من مصر حقيقة. ومن الخرافات الدينية أنّ قدرة شمشون الخارقة مكنته من أنْ يقتل ألف رجل بلحية حمار. وتمتزج الخرافة برغبة الدمار((فيُطلق المشاعل والناربين زروع الفلسطينيين فأحرق الزرع وكروم الزيتون)) (قضاة 15)
ولعلّ أدق مثال عن العلاقة بين الدين والخرافة والأساطير، التشابه بين المصرى القديم الذى أبدع ثلاث وسائل للصعود إلى السماء (سُلم مُتخيل وحيوان خرافى وبساط) وما ورد فى القرآن عن رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد (الأقصا) ولأنّ المُنتج العبرى والعربى امتداد لتراث واحد كتب أ. أحمد كمال زكى ((كانت عملية تحليل المعتقدات التوراتية رحلة استكشاف للخرافة التى برع فيها العرب.. وإذن يكون علينا أنْ نبدأ برفض ما بدأ به الطبرى والمسعودى وابن خلدون)) (مصدرسابق- ص 31) وما قصده من البداية الموجودة فى كل الكتب التراثية هو ترديد لما جاء فى كتب العبريين عن قصة الخلق. ومع أنّ التراث العبرى حرّم زواج المحارم، فإنه وقع فى إشكالية أكدتْ العكس، فكان زواج أبناء آدم من بعضهم (حيث البداية آدم وحواء فقط) وهوماعبّرعنه أبوالعلاء المعرى فى بيتيْن من الشعرإذْ قال ((لوتذكرنا قصة آدم وفعاله/ وتزويجه ابنيه لبنتيه فى الخنا/ لعرفنا أصل الخلائق/ وأنّ جميع الناس من أصل الزنا)) أما عن تاريخ مصرالقديمة فإنّ كتب التراث العربى تمتلىء بالخرافة، ففى كتاب (مختصرالعجائب) فإنّ (الوليد العمالقى) ((غزا مصرأيام الملكة حورية)) فكان تعليق د. حسين فوزى ((ليس بمجدٍ أنْ نحاول التوفيق بين التاريخ المصرى القديم كما كشفتْ عنه الآثارالمصرية، وبين ما ورد عنه فى كتب العرب، من أمثال العمالقى والملكة دلوكة)) (حديث السندباد القديم- ص129) وذكرابن تغرى بردى فى النجوم الزاهرة أنّ من بين حكام مصرالقديمة: حوريا بنت لوطس و(ماموم) ثم الوليد بن درمع وبعده الريان بن الوليد العمالقى والوليد بن مصعب إلخ (ج1ص57، 58) ونظرًا لسيطرة الخرافة كتب الهمذانى أنّ ((الجنّ عمّروا الأرض قبل هبوط آدم إليها)) لذا كان جيمس فريزرعلى حق عندما ذكرفى موسوعته الضخمة (الغصن الذهبى 12مجلد) عن العلاقة بين الدين والسحر، وعن العداء الحاد الذى يكنه رجل الدين للساحرعلى مرالعصور)) وذكرأيضًا أنه مع التطورالتاريخى حلّ الدين محل السحر. وأنّ الساحرأخد يُخلى مكانه لرجل الدين. ويرى علماء الأنثروبولوجيا أنّ الجذرالأول للخرافة والأسطورة والدين هو (التابو) باعتباره أقدم قانون غيرمكتوب للجنس البشرى، وذلك قبل أنْ يخترع الإنسان الآلهة. وأنّ التابو- كما فى الأديان- رسّخ آلية العقوبة لكل المختلفين مع منظومته العقائدية.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيزيس / مريم / زينب
- موسى بين التراث العبرى ولغة العلم
- التعريف العلمى لثورات الشعوب
- يوسف بين التراث العبرى ولغة العلم والفلوكلور
- الإبداع والأيديولوجيا : أولاد حارتنا نموذجًا
- إبراهيم بين التراث العبرى ولغة العلم
- امبراطورية الشر الأمريكية
- قصة الخلق فى تراث بعض الشعوب
- القرآن بين النص الإلهى والبصمة البشرية
- المثالية تعترض على بتر العضو الفاسد
- التشابه والاختلافات بين ثقافات الشعوب
- معبد إدفو : بناؤه وأساطيره
- لبننة مصر مشروع أمريكى / صهيونى / إسلامى
- سهير القلماوى وألف ليلة وليلة
- ألف ليلة والليالى المصرية
- السندباد البحرى والملاح التائه
- فهمى هويدى يعترف بأصوليته
- كعب أخيل والأصل المصرى
- عذرية الإنسان (نص لا يدّعى الشعر)
- الانتقال إلى العالم الآخر والأصل المصرى


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين الخرافة والأسطورة والدين