مفارقات في يوم الصحافة الخليجية

عبدالرحمن النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 1214 - 2005 / 5 / 31 - 09:14
المحور: الصحافة والاعلام
    

احتفل رؤساء الصحف الخليجية يوم السبت المنصرم (13 مايو) بافتتاح مقر لهم، وتأسيس اتحاد للصحافة الخليجية (وكان من الأفضل تسميته اتحاد صحافة شبه الجزيرة العربية، حيث انخرط اليمنيون في هذا المشروع الجميل، متمنين ان تتاح لهم الفرص للانخراط في بقية المؤسسات الشعبية والرسمية، فاليمن مكون أصيل من هذه المنطقة)، وقد أطنب مستشار جلالة الملك، السيد نبيل الحمر، في الإشادة بهذه الخطوة، كما أشاد به وزير الإعلام، وكافة المسئولين الذين لهم أيادي لا تنسى على الصحفيين وعلى حرية الصحافة، بما في ذلك رؤساء التحرير وملاك الصحف الذين يعتبرون الصحافة تجارة، ملكية خاصة، ولا يحترمون الصحفي، ولا يترددون عن طرده إذا لم يعجب رئيس التحرير مقالاً للكاتب كما هو حالنا مع السيد رئيس تحرير أخبار الخليج،

وكما هو حال الكثير من الصحفيين الذين نشروا بياناً لهم يوم افتتاح مقر الاتحاد، ويمكن القول ذاته حول الكثير من الصحف الخليجية التي يتربع عليها مندوبون عن النظام، وتسمع أصواتهم في الفضائيات يدافعون عن سلطات القمع في بلادهم… ويمكن قراءة الصحف ومواقف رؤساء التحرير من النضالات الشعبية التي تحصل في بلداننا، وخاصة في البحرين خلال سنوات الانتفاضة الشعبية المباركة التي حصلت في أواخر التسعينات والتي وقفت الصحف المحلية منها موقف السلطة بالكامل.

الصحافة هي السلطة الرابعة في البلدان الديمقراطية.. أما في بلداننا فأنها ـ في أغلب الأحيان ـ أداة من أدوات النظام الرسمي لتجميل صورته أمام الناس وأمام العالم، وبالتالي لا يمكن معرفة الحقيقة من خلالها، بل ان البعض منها شاطر في تزييف الحقائق، ولعل موقف جريدة الأيام مثلاً من المؤتمر الدستوري الأول والثاني، ونشرها أخبار لم تحرص على التأكد منها حول كوبونات صدام، واللقاء مع السفير البريطاني، وسواه من الأخبار المسربة إليها من الأجهزة الإعلامية الرسمية خير دليل على الدور الذي تلعبه بعض الصحف سواء في البحرين أو غيرها لتقديم صورة وردية عن النظام السياسي، وتقديم صورة مشوهة مضللة عن قوى المعارضة الشعبية.

في ذلك اليوم.. السبت .. كانت النيابة العامة تحقق مع الصحفي ـ الأخ محمد العثمان حيث تقدم محافظ المحرق بشكوى على الكاتب حول ما كتبه في عموده بعنوان (ما يصحش ياسوسو) معتبراً المقال موجهاً ضده.. وان المقال يتضمن القدح والتشهير بالمحافظ…

في الوقت ذاته وبعض ان انتهينا من الانتظار للقاء العزيز العثمان، ذهبنا مع الأخ علي صالح إلى المحكمة الكبرى، حيث تنتظره شكوى مقدمة ضد جريدة أخبار الخليج والسيد علي صالح حول ما كتبه عن الجمعية الأهلية في المحرق، مطالباً ـ الشاكي ـ بتعويض قدره أربعين ألف والاعتذار من قبل الجريدة على ان ينشر الاعتذار في الصفحة الأولى من الجريدة..

لم تتقدم جمعية سياسية تحترم نفسها بشكوى ضد الصحافة ورؤساء تحريرها على ما ينشر ضدهم.. ولم نتقدم بشكوى على جريدة الأيام ورئيس تحريرها على سلسلة الإساءات والتلفيقات والتعليقات التي كتبت ضدنا في فترة المؤتمر الدستور الأول… فنحن نرى ضرورة حيوية لمجتمعنا بأن تكون هناك حرية للصحافة في نشر ما يرد إليها (بعد التأكد من الخبر) وان يقوم الآخرون بالرد على ما يقال ضدهم.. وبالتالي فان أسلوب تقديم الشكاوى ضد الصحفيين من قبل أناس مرتبطين بالسلطة، بكونهم موظفين كالشكوى المقدمة من قبل موظف بالسياحة ضد رئيس تحرير مجلة الديمقراطي، أو ضد الأخ محمد العثمان، يمكن إدراجها بمخطط إثارة الرعب وسط الصحفيين، بالدرجة الأساسية، لكي يرتدع الصحفيون الشرفاء عن نشر فضائح الفساد المالي والإداري والتطاول على مسؤوليات الآخرين..

نعود إلى يوم الصحافة الخليجية

فحيث احتضنت البحرين هذا المشروع الجميل.. لابد من السير خطوات إلى الأمام.

لابد من إصدار قانون عصري للصحافة في بلادنا… ولابد من متابعة قوانين ومشاريع قوانين الصحافة في بلدان شبه الجزيرة العربية (التي باتت تعرف بالدول الخليجية!)

ولا بد من الخروج من دوامة نقابة وجمعية الصحفيين في البحرين، بحيث يتم اعتماد المعايير الدولية في تأسيس مثل هذا التكتل.. فاستمرار الدوران في هذه الحلقة المفرغة ليس لصالح الصحفيين وليس لصالح الدور الذي يمكن للصحافة ان تقوم به في بلادنا.

والصحافة سلطة رابعة.. وإذا كانت لدينا الكثير من الانتقادات على السلطة الثانية (التشريعية) التي تم تحويلها إلى النصف الآخر من السلطة الثالثة (راجع الدستور الجديد لمملكة البحرين وترتيب السلطات، حيث بات مجلس النواب في مؤخرة السلطات .. الملك، الحكومة، الشورى.. النواب).. إذا كان لدينا الكثير من الانتقادات التي جعلتنا نقاطع هذه المؤسسة.. فان المشاركة في السلطة الرابعة أكثر من ضروري .. إنه واجب وطني.. ولا يجب التساهل في قضية توحيد صفوف الصحفيين.. وتقوية المؤسسات المعبرة عن هذه السلطة.. والعمل على تخليصها من المفسدين المرتبطين بالنظام السياسي الذي يحتاج إلى إصلاح كبير في مختلف مرافقه…

#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات