أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال محمد - في ذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية















المزيد.....


في ذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية


جلال محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4255 - 2013 / 10 / 24 - 14:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الى الامام: تصادف هذه الايام ذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية التي اندلعت شرارتها عام 1917، ماهي الدروس التي نستخلصها بعد مرور ستة وتسعين عاما عليها ؟

جلال محمد : من نافل القول ان نقول بان ثورة اكتوبر هي اهم احداث القرن الماضي ومن قبيل التكرار ان نقول بانها طبعت القرن العشرين بطابعها و تركت اثارها الواضحة على مجمل الاحداث السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية في معظم مجتمعات و دول العالم ، ورغم انها فشلت في تنظيم المجتمع الاشتراكي على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي و رغم ان هذا الفشل قد تحقق في عام 1927 و ليس عام 1990 اي عام انهيار الكتلة الشرقية ، الا ان البرحوازية العالمية و معها البرجوازية الروسية احتاجت لاكثر من سبعة عقود للتخلص من اثار ثورة اكتوبر و نتائجها الاقتصادية و الاجتماعية ، فضمان البطالة و الحد الادنى للاجور و الضمان الاجتماعي و الصحي و مساواة المراة على الصعيد القانوني و الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي ، اجازات الولادة و الامومة و حضانة الاطفال ... كلها او معظمها من انجازات هذه الثورة التي تحققت في الاتحاد السوفيتي السابق و تم، بتأثير ثورة اكتوبر، فرض اجزاء كبيرة منها على النظام الراسمالي في اوروبا و الولايات المتحدة و .... حق الشعوب في تقرير مصيرها بما فيه الانفصال و تكوين دول مستقلة، ضمان حقوق الاقليات القومية... حرية المعتقد و الاديان بما فيه حق الالحاد هي من انجازات ثورة اكتوبر، او انها تحققت بشكل صريح و واضح في ظلها، تحت ضغط ثورة اكتوبر و بتأثيرها برزت الاحزاب الاشتراكية ـ الديمقراطية في اوربا الغربية ووصلت الى السلطة في العديد من دولها و لجأت الى اجراء العديد من الاصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية و ظهرت نظريات دولة الرفاه الاقتصادية و المدرسة الكينزية التي تطالب بتدخل الدولة في الميدان الاقتصادي لمواجه البطالة و رفع مستوى الاستخدام.
باختصار،الثورة الروسية من اهم احداث القرى العشرين، لانها امتدت بتأثيرها على اعداد هائلة من البشر، المجتمع الروسي ، اوروبا الشرقية ، البلدان المستعمرة و الحركات المطالبة بالاستقلال، الحركة العمالية ، الحركة التحررية النسوية ، الحركات و المكاتب الفكرية و الفنية في القرن العشرين، العلاقات الدولية و الحرب الباردة . لهذا السبب بالذات قيل و كتب الكثير عن ثورة اكتوبر و صدرت عنها اعداد هائلة من الدراسات و الكتب و ....
الا ان الاكتفاء بترديد هذه المسائل واعادتها في كل عام هو ، بالنسبة للشوعيين و ناشطي نضال الطبقة العاملة، ليس سوى تكرارا مملا لن يفيد تقدم نضالهم الشيوعي ضد الطبقة البرحوازية، انه في احسن الاحوال جرعة من مخدر التغني او النحيب على اطلال ثورة عظيمة قامت بها الطبقة العاملة الروسية اسقطت قيها البرجوازية و حاولت بناء النظام الاشتراكي.
ثورة اكتوبر هي جزء من تاريخ نضال الطبقة العاملة و الميل الشيوعي الذي ناضل و لايزال ضد النظام الرأسمالي من اجل القضاء عليه و تحقيق العدالة الاجتماعية، ان على ناشطي هذا الميل و فعاليه الراهنين ان يعوا نقاط قوة نضال الاجيال السابقة و مكامن ضعفهم ، يجب ان يعوا الى اين وصلوا و متى توقفوا و تراجعوا؟ و لماذا؟ ماهي المسائل التي تواجهنا اليوم و غدا؟ يجب ان نعرف الى اين وصلنا و اين هزمنا؟ يجب ان نعرف " مالعمل" نا اليوم .
ثورة اكتوبر و الحزب البلشفي و لنين بالذات استوعبوا اخطاء و نواقص ثورة كومونة باريس التي قام بها رفاقهم الفرنسيين و تمكنوا من خلال تلافي تلك الاخطاء و النواقص من الاستيلاء على السلطة و الاحتفاظ بها ، على الجيل الراهن من العمال و الشيوعين دراسة الاخطاء التي ارتكبها الحزب البلشفي و لنين والتي منعت الطبقة العاملة من بناء المجتمع الاشتراكي على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي مما ادى الى عودة البرجوازية الروسية الى الحكم مرة اخرى و اجهاض هذه الثورة العظيمة التي تجرأت فيها الطبقة العاملة الروسية على الاعتداء على حرمة الملكية الخاصة الرأسمالية.
بالاضافة الى ذلك، تتخذ دراسة ثورة اكتوبر اهمية خاصة اذا تذكرنا بان هناك اجوبة متنوعة و مختلفة على الاسئلة السابقة و من وجهات نظر مدارس و مكاتب فكرية بورجوازية و اخرى تدعي بانها اشتراكية وشيوعية تفسر ثورة اكتوبر و اسباب فشلها، بدءا من الادعات التي تنص على ان ثورة اكتوبر لم تأت في حينها بمعنى ان الظروف الموضوعية الاقتصادية و الاجتماعية لم تك ناضجة للثورة بعد و ان ما قام به البلاشفة لم يك بالتالي سوى انقلابا ، مرورا بالنقد الديمقراطي الذي يدعي بان اسباب توقف تورة اكتوبرتكمن في غياب الديمقراطية الحزبية و احلال سلطة الحزب محل سلطة الطبقة العاملة و عبادة شخصية ستالين و ,,,الخ ، وصولا الى النقد البرجوازي الذي يدعي بان فشل ثورة اكتوبر يعني فشل المحاولات التي ترمي او تفكر بالقضاء على النظام الراسمالي، ذلك ان هذا النظام خالد طالما بقي الانسان على وجه الارض وان انهيار المعسكر الشرقي في عقد التسعينات ليس الا نهاية التاريخ. في هذا السياق اقول بان نقد ثورة اكتوبر و الثورة الروسية بشكل عام و تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي السابق هي مسالة حيوية جدا بالنسبة للشوعيين و ناشطي الطبقة العاملة للتوصل الى رؤية واضحة و منسجمة في صفوف المناضلين الشيوعيين من اجل التقدم بنضالهم العادل ضد النظام الراسمالي. يجب التأكيد على ان دراسة هذ المسائل ليست من مهمة و لا بامكانية هذه المقابلة، بل انها بحاجة الى جهود اوسع و اكبر، الا ان الامر الايجابي هو ان منصور حكمت و كورش مدرسي قاما بمحاولات جدية في هذا المجال و اجابا على العديد من المسائل المطروحة في هذا السياق في العديد من الدراسات القيمة التي يتوفر قسم منها بالعربية و الانجليزية التي يمكن الاطلاع عليها في صفحاتهما الخاصة على الانترنيت.
النقطة الاخيرة التي تشكل دراسة ثورة اكتوبر بسببها اهمية قصوى هي ان الظروف الموضوعية الراهنة التي يمر بها العالم و منطقة الشرق الاوسط هي مشابهة الى حد كبير للظروف التي اندلعت فيها ثورة اكتوبر . فالازمة الاقتصادية الشاملةالراهنة تتكرر و بابعاد اوسع و اعمق من ازمة عام 1914 و هي تعصف بالعالم الراسمالي وتتعمق يوما بعد اخر، و نتائج هذه الازمة واثارها انعكست و ماتزال في العديد من مناطق العالم و خاصة منطقة الشرق الاوسط خالقة اوضاع ثورية في صفوف الطبقة العاملة و جماهير الكادحين. حضور الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة كبير الى درجة انه احدث تغيرات سياسية مهمة تجسدت في الثورات و الانتفاضات التي حدثت خاصة في تونس ، مصر وليبيا ، اليمن و سوريا و في موجات من التظاهرات و الاضرابات التي حدثت في العديد من الدول الاخرى و منها العراق ، الا ان غياب الحزب السياسي، من نمط الحزب البلشفي، و غياب القيادة الشيوعية الجسورة، من نمط القيادة اللنينية، ادى الى عدم استلام الطبقة العاملة للسلطة السياسية حتى الان، الامر الذي سهل للبرجوازية المحلية و العالمية من تحريف مسار هذه الحركات و تحويلها الى حركات رجعية تتمحور حول صراع اقطاب و كتل رجعية للبرحوازية في العديد من هذه الدول و خاصة سوريا، ليبيا و اليمن.....
من هذه الزاوية ارى بانه يمكننا استخلاص دروس حيوية و مهمة من تجربة ثورة اكتوبر بالنسبة للنضال الراهن للطبقة العاملة في المنطقة و في العراق ايضا.
الا ان من الواضح و نحن نتحدث عن ثورة اكتوبر، يجب ان ناخذ بنظر الاعتبار مسألتين مهمتين، اولا: اننا ننطلق، او ندعي باننا ننطلق، من واقع كوننا جزء من نضال الطبقة العاملة الشيوعي الذي يستهدف استلام السلطة السياسية و القيام بالثورة الاستراكية وثانيا اننا ندعي باننا " ماديين عمليين " حسب تعريف ماركس للشيوعيين، بمعنى ان عملنا يرتكز ليس على تفسير العالم فحسب بل تغيره ايضا. هذا المنهج الماركسي يعني بان على ناشطي الطبقة العاملة الشيوعيين ان يدركوا بان مجرد سيادة النظام الرأسمالي يعني بان الظروف الموضوعية لقيام الطبقة العاملة بالثورة الاشتراكية مهيأة و ان ما عليهم هو خلق او ايجاد العوامل الذاتية التي تؤمن و تضمن القيام بالثورة و هذه العوامل و الادوات ليست سوى الحزب السياسي للطبقة العاملة و تأمين قيادة ثورية تضمن اولا فصل الصفوف النضالية للطبقة العاملة عن احتجاج و نضال الطبقات او الفئات الاجتماعية الاخرى المعادية للنظام القائم اولا و تعبئة الجزء التقدمي و الثوري و العادل منها حول نضال الطبقة العاملة ثانيا والتحديد الدقيق للفرصة التي تكون العوامل الذاتية مهيأة و مناسبة للاطاحة بسلطة البرجوازية، ان من المهم الاشارة الى ثورة اكتوبر بكونها اول ثورة في التاريخ، انجزت على أساس تخطيط و قرار مسبق من قبل قيادة ثورية .
من الواضح ان الحديث عن ثورة اكتوبر لايمكن ان يكون الا اشارات مختصرة في هذه المقابلة الصحفية و ضمن امكانياتي المحدودة في هذا المجال، الاانه و لغرض تبسيط المسالة ، بالقدر الممكن، اقول بانه يمكن دراسة و تحليل ثورة اكتوبر من جانبين او على صعيدين، اولهما هو نجاح الحزب البلشفي في اسقاط السلطة البرجوازية التي اعقبت انهيار النظام القيصري و تأسيس الحكومة العمالية و ثانيهما هو فشل البلاشفة و السلطة العمالية في تنظيم المجتمع الاشتراكي على الصعيد الاقتصادي و السياسي ، مما ادى الى عودة البرجوازية الروسية مرة اخرى الى الحكم من نافذة الاقتصاد و اجهاض ثورة اكتوبر. يجب ان انوه هنا بان للشيوعية العمالية في ايران و خاصة منصور حكمت و كورس مدرسي دراسات قيمة بهذا الصدد.
ساعمل الى الاشارة الى العوامل التي ادت الى نجاح البلاشفة في اسقاط البرجوازية الروسية واقامة السلطة العمالية السوفيتية .
ونحن نتحدث عن نجاح ثورة اكتوبر في هذه الايام التي تمر على العالم ارى من الضروري الاشارة الى عاملين من العوامل الذاتية التي جعلت القيام بثورة اكتوبر و الاطاحة بسلطة البرحوازية الروسية امرا ممكنا: الحزب البلشفي و الية ادائه و القيادة اللنينية.

البلشفية: عشية اندلاع ثورة نيسان1917 كان الحزب البلشفي يعاني من معضلات جدية: فالحركة الاحتجاجية للطبقة العاملة اصيبت بتراجع واضح بتأثير الحرب العالمية الاولى و نتيجة لتأثير المواقف الوطنية للمناشفة و الاحزاب الاخرى و التي دعت الى استمرار المشاركة في الحرب دفاعا عن روسيا و نتيجة للنزعة المعادية للالمان و العثمانيين. ادت الحرب الى تدمير البنية التحتية، انتشار الفقر، البطالة ، المجاعةو فساد الدولة و عجزها عن مواجه الاوضاع المذكورة، كانت قيادة الحزب مشتتة بين التواجد في الخارج او في السجون و المنافي ، علاقات قيادة الحزب بالداخل كانت ضعيفة للغاية ، لم يكن البلاشفة خلال هذه الفترة سوى اقلية في المجالس و السوفيتات التي تشكلت في اعقاب ثورة نيسان ، اقلية غير مسموعة الصوت و ذات تاثير ضعيف على مجرى الاحداث، الا انه خلال الفترة من نيسان الى اكتوبر تحول هذا الحزب الى قوة رئيسية في صفوف الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الجنود انعكست على وجودهم في المجالس و الاجتماعات مكنتهم من التخطيط للثورة و تنفيذها استنادا الى القوة و النفوذ الجماهيرى الذي صاروا يتمتعون به في المجتمع. العلاقة بين الحزب البلشفي و الطبقة العاملة تبلورت في سياق فترة تاريخية فبرنامج البلاشفة لحل مسألة الارض و الحركة الفلاحية، خلال الاختلاف و التمايزعن المناشفة وكل الاتجاهات الاشتراكيةالاخرى ، خلال التصدي للحرب وادانتها بوصفها حربا بين كبار لصوص العالم لانفع فيها للطبقةالعاملةالعالمية، خلال حملات الاشتراك في الدوما او مقاطعتها خلال الاصرار على السيطرة على السلطة السياسية و تسليمها للسوفيتات .
كان الحزب البلشفي عبارة عن شبكة واسعة من الكوادر و الدعاة و المنظمين القادرين على التداعي بالمسائل الملموسة للمجتمع و القادرين على العمل كماكنة ضخمة تسهل توصيل الحزب بالجماهير.
تغير الحزب البلشفي خلال الفترة من نيسان الى اكتوبر 1917 الى حزب بوسعه الوصول الى عقل و عيون و اذان الجماهير و ضمان قيادة الحزب لها، مع الاعداد الهائلة من الاصدارات ، الاجتماعات ، السمينارات و الخطب التي اقيمت و نظمت في الاماكن العامة ، السوفيتات، الاجتماعات العمومية التي كان الناس يصلون اليها بسهولة.
قامت ثورة اكتوبر ارتكازا على منظمة حزبية واسعة تمتد جذورها عميقا في اعماق الطبقة العاملة و الجيش وفي الارياف و تمكنت من تحريك اجزاء واسعة من الجماهير ، هذه القوة تحولت الى احدى الاركان التي سهلت القيام بالثورة.
باختصار ان اهم درس يمكن استخلاصه من ثورة اكتوبر وبالذات في ايامنا الراهنة هو ان الحزب الشيوعي الذي ينوي الاستيلاء على السلطة السياسية يجب ان تتوقر له راية وشعار و مطلب هو الشيوعية ، يجب عليه ان يتميز بالاصرار عليها و عدم المساومة عليها ، هذا طبعا اذا كانت لهذه الراية و هذا الشعار جذورا في واقع المجتمع ، يجب على هذ الحزب ان يتميز بقدرته على تحديد الاوضاع الخاصة و المحددة في الحياة السياسية للمجتمع و ان يرد عليها في الوقت المناسب ، يجب ان يحدد بدقة الاوضاع و اللحظات التاريخية ، ان الحزب الذي يعجز عن القيام بمبادرة تاريخية ، حين توفر الفرصة للقيام بها، سيتراجع لعقود من السنوات و اخيرا ان التواجد العلني هو انسب شكل من اشكال النضال لانه ببساطة يكشف بالصوت و الصورة مايطالب به الشيوعيون و يعملون على تحقيقه. ان الحزب الذي يتمكن من ربط تحقيق امال و اهداف الجماهير به هو الحزب الذي بمقدوره انجاز الثورة الاشتراكية.

اللينينية : انني من المعتقدين بان اللنينية تتميز عن البلشفية و تختلف عنها كثيرا، فالبلشفية ليست سوى الوجه او الجانب الراديكالي للمنشفية، يجب ان انوه هنا الى انني لست بصدد البحث التفصيلي لهذه المسألة، ذلك ان كورش مدرسي قد تعرض لها و شرحها بالتفصل في ابحاثه القيمة عن تجربة ثورة اكتوبر و البلشفية و المنشفية و اللنينية، الا انه و بقدر تعلق الموضوع بمسالة الدروس التي يجب استخلاصها من تجربة ثورة اكتوبر ارى ان من الضروري الاشارة الى هذا الجانب من المسالة.
المناشفة و على راسهم مارتوف و بليخانوف واخرين اكدوا على ان روسيا بلد صناعي متأخر و ان الطبقة العاملة غير متطورة لاكميا و لا نوعيا بما فيه الكفاية لانجاز الثورة الاشتراكية لوحدها وان الفلاحين هم طبقة محافظة لاتساهم في انجاز الثورة الاشتراكية و لذلك يجب دعم الطبقة البرجوازية الناشئة لانجاز و اكمال الثورة البرجوازية ريثما تتهيأ الطبقة العاملة الروسية نوعيا و كميا للقيام بالثورة الاشتراكية، وخلال ذلك يجب على الطبقة العاملة ان تركز على النضال الاقتصادي وتحقيق المطالب الاقتصادية و الرفاهية للطبقة العاملة وان النضال السياسي لايحتل اولوية بالنسبة لها ولذلك فانها ليست بحاجة الى بناء حزبها السياسي القوي، ان الثورة الديمقراطية التي على البرحوازية انجازها تشكل ، حسب راي المناشفة مرحلة تاريخية متكاملة يجب عدم القفز عليها.ولذلك فانها رات ، يعد ثورة نيسان و اسقاط القيصرية ان على الطبقة العاملة ان تشكل قوة ضغط على البرحوازية من خلال المشاركية في الدوماو ....
الا ان البلاشفة يصلون من نفس المقدمات السابقة، اي تخلف روسيا الى نتيجة مختلفة مفادها انه يجب على الطبقة العاملة ان تقوم هي بنفسها بانجاز ما عجزت البرجوازية الروسية عنه حتى الان و القيام مباشرة بالثورة الديمقراطيةو عدم ترك الامر للبرجوازية ولذلك فان الطبقة العاملة الروسية بحاجة الى بناء حزبها السياسي من اجل اسقاط القيصرية و انجاز الثورة الديمقراطية و الاستمرار حتى الثورة الاشتراكية، ولذلك يجب على الطبقة العاملة التركيز على النضال السياسي و ليس الاقتصادي لوحده ومن اجل ذلك يجب بناء حزب سياسي للطبقة العاملة بامكانه اسقاط القيصرية. ان الثورة الديمقراطية و رغم انها تشكل مرحلة تاريخية، حسب البلاشفة ايضا، الا ان على الطبقة العاملة وليس البرجوازية ، انجازها.
اللنينية انطلقت من كون روسيا بلد رأسمالي، رغم انه بلد متخلف الا انه راسمالي، بمعني ان الاساس الموضوعي للقيام بالثورة الاشتراكية متوفر تماما و ان مايمنع قيامها هو العامل الذاتي أي استعداد الطبقة العاملة و امكانياتها المتمثلة بتحديد هدفها و شعارها الرئيسي، الاشتراكية، و بفصل صفوفها عن باقي الطبقات و الحركات الاحتجاجية الاخرى في المجتمع الروسي و ببناء حزبها السياسي القادر على تنظيم الطبقة العاملة و تعبئة الاحتجات الجماهيرية الاخرى حول برنامج الحزب و القيام بالثورة الاشتراكية.
اللنينية على الصعيد المنهجي ليست سوى بحثا عن ارادة الانسان في تغير و بناء عالمه المعاصر و تغير واقعه الاجتماعي. تبدا اللنينية من ماذا نريد؟ هل الظروف الموضوعية الخارجة عن ارادتنا مهيأة لتحقيق الهدف الذي نعمل على انجازه؟ يجب دراسة هذ الظروف و التحقق من امكانية توفر الظروف المناسبة او المهيأة لذلك و في حالة عدم توفرها ، كيف يمكننا العمل على تغيرها؟ فاذا اردنا الثورة الاشتراكية مثلال يجب التأكد من وجود مستلزماتها الموضوعية و الذاتية، وفي حالة توفر الموضوعية منها فان تحقيق مثل هذه الثورة تتوقف على ارادة الانسان ، الطبقة العاملة. اكد لنين منذ ولوجه الميدان السياسي بان مستلزمات القيام بالثورة الاشتراكية متوفرة و ان العامل غير المهيأ لهذه الثورة هو العنصر الذاتي ، و لذلك يجب على الشيوعين العمل على تهيئة الطبقة العاملة و هذا العمل يتم تحقيقه في الميدان السياسي.
على الصعيد السياسي ، اللنينية هي عبارة عن كون الاشتراكية، مسألة عملية ، يجب العمل على تحقيقها من خلال تأسيس حزب سياسي للطبقة العاملة، ان التحزب السياسي للطبقة العاملة هو المحور السياسي لللنينية ، اطروحات لنين في "ما العمل" و " مهام الاشتراكيين الديمقراطين الروس" ، اطروحة الديكتاتورية الديمقراطية للعمال و الفلاحين ، اطروحات نيسان، اطروحاته المتعلقة بثورة اكتوبر و الحرب الداخلية تتعلق بهذا المحور. ان لنين هو ماركسي راسخ و ان اللنينية ليست سوى التطبيق العملي لموضوعة ماركس الاساسية عن فيورباخ " ان الفلاسفة لم يفعلوا حتى الان سوى تفسير العالم ، الا ان المهم هو تغيره" .

وفي هذا السياق يجب ان اشير الى ان غياب اللنينية بعد 1924 و في الجدل، في قيادة الحزب البلشفي، حول بناء الاشتراكية بعد انتهاء الحرب الاهلية هو احد الاسباب الرئيسية في فشل ثورة اكتوبر في بناء الاشتراكية على الصعيد الاقتصادي و السياسيى و الذي توج عام 1927 باقرار اول خطة اقتصادية خمسية تحت شعار " من اجل روسيا صناعية متطورة" ، هذا الهدف الذي كانت البرحوازية الروسية تعمل على تحقيقه منذ مدة طويلة.

بالعودة الى الموضوع الرئيسي للسؤال المطروح ، ارى ان اهم درس يمكن استخلاصه من نجاح ثورة اكتوبر في اسقاط الحكومة البرجوازية واستلام السلطة السياسية هو: توفر حزب اجتماعي يتغلغل عميقا في حياة الطبقة العاملة ويصبح بمقدوره تعبئة الاحتجاجات الاجتماعية الاخرى ضد النظام الرأسمالي حول برنامج الطبقة العاملة، حزبا يعل كماكنة ضخمة لتحويل كل سياسة و برنامج عمل الى حركة مادية في صفوف الجماهير و قيادة سياسية تصر على اسقاط النظام الرأسمالي و تحقيق الثورة الاشتراكية الان ، و قادرة على تحليل الاوضاع و اللحظات السياسية الراهنة قي وقتها، اي ليس قبل اوانها و لا بعدها ، ان الطبقة العاملة في العراق و في مصر و سوريا تفتقر لهكذا حزب و هكذا قيادة و هذا مايفسر اسباب فشلها الراهن في الوصول الى السلطة السياسية حتى الان ، و هذا ما يفرض على الشيوعيين بناء مثل هذا الحزب و تحقيق الثورة الاشتراكية التي تتوفر عوامله الموضوعية منذ عقود طويلة وتم اثبات ذلك مرة اخرى خلال الازمة الثورية التي تجتاح المنطقة.



#جلال_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة السياسية في كوردستان و مسالة الحرية السياسية
- اليسار وانتفاضة اذار 1991
- التحرش الجنسي بالمرأة في الدول العربية
- ثورات الشرق الاوسط : شبح الثورة ينهض ...!
- وداعا رفيقة ليلى
- انتخابات كوردستان و احتمالات التغير....!
- إلامَ سيقود فوز قائمة - التغير-، جماهير كوردستان..!؟
- اتحاد المجالس العمالية: بين مطرقة الحركة العمالية و سندان ال ...
- بيني و بينك ..! رد على السيد محمد العبدلي
- القتلة..!
- رسالة طفل في العاشرة من العمر الى الله
- في ذكرى عمليات الانفال و قصف حلبجة : تسقط القومية ، يسقط الا ...
- هوامش على حرب الاحزاب الطائفية في العراق
- زوبعة حماية مشاعر المسلمين ام هستيريا الدفاع عن الاستبداد ال ...
- اقتراحات سليم مطر لليسار العراقي : الشوفينية القومية تتحدث! ...
- توجيهات سليم مطر لليسار العراقي: الشوفينية القومية تتحدث! 1
- حول الاعتداء الاخير على مقر الحزب الشيوعي العراقي
- جلال الطالباني رئيسا للعراق!
- بعد جريمة البصرة: قائمة السيستاني تطالب بمكافأة عصابة الصدر!
- نداء الى طلبة جامعة البصرة


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال محمد - في ذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية