أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باقر جاسم محمد - الوعي الذاتي المأزوم و الوعي الموضوعي الحر














المزيد.....

الوعي الذاتي المأزوم و الوعي الموضوعي الحر


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1213 - 2005 / 5 / 30 - 14:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لئن كان العالم العربي يعيش محنة متعددة الوجوه و واسعة التأثير فإن أثرها لم يقتصر على الافتقار إلى تحديد الهوية فحسب ، بل امتد ليشمل الفشل في ما أنجزه هذا العالم العربي في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و التنموية و الثقافية كافة . و قد انعكس ذلك بشكل واضح في تقارير التنمية البشرية الثلاث التي صدرت عن الأمم المتحدة في السنوات الثلاث الأخيرة .و قد أثر ذلك على مكانة البلدان العربية إقليميا و دوليا فأنحسر دورها في المحافل الدولية و لم بعد صوتها ذا أثر ملحوظ حتى في القضايا التي تخصها تحديدا . و لعل أهم أسباب هذه المحنة هو وجود أزمة وعي عميقة الجذور يعيشها المجتمع العربي .و نعتقد أن البحث في أبرز مظاهر أزمة الوعي سيسهم في بلورة وعي الأزمة ،وهذا الأخير هو ما سيجعل من إمكانات الحل متاحة في المستقبل.
لعل أبرز مظاهر أزمة الوعي هو شيوع نمط من الوعي الذاتي المأزوم الذي يتحكم بالحاكمين و كثير من الحركات و الأحزاب السياسية المعارضة فضلا عن شيوعه بين طبقات المجتمع وفئاته . و الوعي الذاتي المأزوم هو نقيض الوعي الموضوعي الحر ؛ و لذلك فأن البحث المنهجي في خصائص الوعي السائد ، أو الوعي الذاتي المأزوم ، يفرض حكما مقارنتها بخصائص الوعي المغيب و البديل ، و أعني به الوعي الموضوعي الحر. فما هي أهم هذه الخصائص ؟
قبل أن نبدأ الإجابة ، ينبغي التنويه بأن ما سنورده من آراء يمثل رأيا أنضجته الملاحظات المستمرة للظاهرة ؛ وهي بلا شك تحتاج للإغناء و التطوير من الكتاب و المثقفين كافة. و يمكن أن نجمل الإجابة بالآتي:
إن الوعي الذاتي المأزوم هو وعي ينتسب إلى الماضي . وهو يبني موثوقيته على إعادة إنتاج خطاب متشنج و أصولي لا يعبأ بمتغيرات العصر وهو إذ يعيش في الماضي و يرى أنه النموذج الذي يجب أن يعاد إنتاجه فإنه يعجز عن فهم الواقع . بينما يستمد الوعي الموضوعي الحر موثوقيته من صلته العميقة بالعصر و متغيراته دون أن يغفل عن ضرورة وعي الماضي بسلبياته و إيجابياته ، لذلك فأن خطابه يكون أكثر موضوعية و مرونة ؛ و هو لذلك أكثر قدرة على معالجة قضايا الواقع الراهن .
إن الوعي الذاتي مأزوم وعي تتلبس فيه الذاتية الفردية لبوس الذات الجمعية . و هو في كثير من الأحيان يعبر عن مشكلة في الوعي الذاتي نفسه للأفراد الذين ينتسبون لهذا النمط من الوعي . أما الوعي الموضوعي الحر فإنه ينطلق من وعي ذاتي فردي متقدم و حر ثم يأتي الارتباط بالتيارات الفكرية المعبرة عن الوعي الموضوعي الحر ليجعل منه أكثر نضجا و تأثيرا .
الوعي الذاتي المأزوم لا يؤمن بالآخر سواء أكان الآخر شخصا أو حركة سياسية أو فكرا اجتماعيا مغايرا . وهو وعي يخشى الحوار لأنه يرى في الانغلاق على الذات وسيلة لحماية نقاء المنظومة الأيديولوجية . أما الوعي الموضوعي الحر فأنه يعدّ الآخر جزءا لا يتجزأ من عملية الوعي نفسها . لذلك فهو يحرص على الآخر ليس بوصفه عدوا بل بوصفه جهة يثمر الحوار معها نتائج إيجابية للطرفين . كما أنه يرى في تجارب الآخرين منهلا فكريا لا بد من الاستفادة منه .
الوعي الذاتي المأزوم يمثل غطاء للطموحات الشخصية و الزعامات الكارزمية لأنه يقوم على فلسفة القوة و الغلبة و هي فلسفة ترى أن الأمر بحاجة إلى شخصية تتجسد فيها آمال الأمة ؛ بينما يؤكد الوعي الموضوعي الحر على أن الحركة الاجتماعية أكبر من الأشخاص ، و أن الحراك التاريخي للمجتمع يتجاوز الأفراد لأنه نتاج صيرورة اجتماعية معقدة .
لعل ما أوردناه يشكل بداية متواضعة للإعادة البحث في أزمة الوعي التي نجد أنها جديرة بأن تحظى باهتمام المفكرين عامة ، و المهتمين بالفكر الاجتماعي خاصة . و نأمل أن تلقى منهم ما تستحقه من جهد فكري يسهم في تطوير رؤية أكثر رصانة لهذه القضية المهمة .



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوى اليسارو الديمقراطية و إمكانات العمل المشترك
- أهمية اللغة في الدستور العراقي المنشود
- جريمة الحلة : بين الحقيقة و الإدعاء
- من المسؤول عن تعطيل العملية السياسية في العراق
- المقاطعون و المغالطة الكبرى
- بمناسبة يوم المرأة العالمي : المرأة العراقية بين الواقع و ال ...
- الحلة : جورنيكا القرن الحادي و العشرين
- حول السامي و الوضيع : قرأة في كتاب المراحيض
- الدجل الإعلامي في مواجهة الحقيقة الدامغة
- الفدرالية : أهي خير مطلق أم شر مطلق
- عبد الكريم قاسم : ما له و ما عليه بمناسبة مرور 42 عاما على ا ...
- ما بعد الانتخابات العراقية : قاعدة الشرعية الدستورية
- الانتخابات العراقية :دلالات و استحقاقات
- تسونامي في ميزوبوتاميا
- الدكتور كمال مظهر أحمد و كتابه - كركوك و توابعها : حكم التار ...
- مدونات سومرية - المجموعة الرابعة
- الحوار المتمدن :المزايا و الاستحقاقات
- مدونات سومرية : المجموعة الثالثة
- مدونات سومرية: المجموعة الثانية
- مدونات سومرية : المجموعة الأولى


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باقر جاسم محمد - الوعي الذاتي المأزوم و الوعي الموضوعي الحر