أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلام كاظم فرج - إنحرافات الايدلوجية والعدمية السياسية















المزيد.....

إنحرافات الايدلوجية والعدمية السياسية


سلام كاظم فرج

الحوار المتمدن-العدد: 4251 - 2013 / 10 / 20 - 21:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


انحراف الايدلوجية , و (النهلستية ) العدمية
السياسية..
(الورقة المقدمة للندوة الفكرية لملتقى المثقف العراقي المنعقدة في بغداد في تموز 2013 )
النهلستية كمصطلح شاع في اوربا نهايات القرن التاسع عشر وفرض حضوره في عشرات الكتابات الادبية لعمالقة الفكر الانساني..والعدمي(النهلستي)هو الفرد الذي ضيع كل البوصلات المتاحة في فهم الوجود والحقائق الاجتماعية والرموز الدينية والفلسفية والسياسية. وما اورثته البشرية للأجيال من بديهيات.. ومن مستجدات . ومن قوانين وضعية او الهية..فاتخذ لنفسه قوانينها المنسلخة عن تلكم البديهات..
بقي ان نعرف الايدلوجية ونتعرف على جوهر المصطلح بدقة:
هي نسق من الافكار.. ترسخت حتى امتلكت قدسية او ما يقترب من القدسية.. وتكاد ان تكون ثابتة .. لكنها في الحقيقة تتعرض الى تغيرات غير منظورة على المدى القصير . ويمكن للباحث ان يتعرف على تلكم التغيرات على المدى البعيد. وقد تحتاج الى اكثر من جيل لكي تتبلور بأشكال مختلفة او قد تندثر وينتهي امرها..
الغريب ان ماركس عرف الايدلوجية على انها وعي كاذب.. او وعي وهمي.. لكن بعضا من تلامذته.. الستالينيون خصوصا جعلوا من الماركسية الشكلية ايدلوجية فاصبحنا نتقبل مصطلح الايدلوجية الماركسية.. وحددت بضوابط وثوابت اصبح الخروج عليها يستدعي اللعن تماما مثلما هي عليه السرديات المقدسة التي سبقتها.. ومن نافلة القول الحديث عن الايدلوجية القومية العربية بشقيها الناصري والبعثي والتي اسست لمفهومات غريبة تجعل من الاحتجاج ضد اية اطروحة منها يدخل المرء في دائرة الشبهة وما يتبعها من سجن او قتل..
اما الايدلوجية الدينية فتعتمد في قوتها على مجموعة من الموروثات السردية تجعل من الصعوبة بمكان مجادلتها او البحث فيها نقديا. لما تمتلكه من قدسية لذلك تعرض بعض الباحثين في مظانها الى شبهات الإلحاد والتكفير..

حسب معرفتي أن اول اشارة للعدمي كانت في رواية الكاتب الروسي الشهير تورجنيف(الاباء والبنون).. منتصف القرن التاسع عشر.. لكن دستوفسكي قدم هذه الشخصية بأدق تفاصيلها في روايته الاخوة كارامازوف.. من خلال شخصية إيفان والشخصية المتأثرة بإطروحته سميرادكيف اخيه غير الشرعي ..ومن خلال شخصية بطل رواية الجريمة والعقاب. الذي رأى في الظلم الاجتماعي قضية مستعصية فابتكر لنفسه عقيدة خاصة به للعقاب..
وفي الادب العربي تجد في شخصية محجوب عبد الدائم في رواية القاهرة الجديدة. مثالا جيدا لما هو عليه العدمي العربي من خلال اتخاذه مقولة طظ.. شعارا.. وعقيدة!!.
في الادب الفرنسي افضل مثال بطل رواية الجحيم لهنري باربوس الذي اعتاد ان ينظر للعالم و يفسر حقائقه المطلقة من خلال ثقب في جدار غرفته في فندق ..
وفي كتابي كولن ولسن. اللامنتمي.. وما بعد اللامنتمي.. شرح واف لظاهرة العدمي في المجتمعات الأوربية...
والعدميون يختلفون عن بقية الشرائح الاجتماعية والتجمعات في إستعصاء إيجاد تنظيم لهم. في حزب او تجمع او ناد.. فلكل عدمي فلسفته التي قد تختلف عن رفيقه العدمي الاخر تماما.. وقد تجد فيهم الطيب والخبيث.. والمفكر والجاهل. المثقف. والأمي. والعدمي ليس هو الملحد فقط كما يظن بعض ممن لم يتوفر لهم اطلاع كاف على (النهلستية كمصطلح وكحالة.
فالالحاد نتيجة حتمية وطبيعية لكل عدمي ولا يشكل الا النزر اليسير من فكر العدمي.. فقد تجد الملحد بالاديان . المؤمن بقيم اخرى قد تكون فاضلة. النهلستي. لايؤمن.. بكل قيمة انتجتها الانسانية. بل هو قد لايؤمن حتى بحقيقة اسمه. ولا يعطي اهتماما لمتطلبات النضال في سبيل حياة فضلى له وللبشرية..
المثقف الشكلاني لايملك سوى لعن هذه الشريحة.. لكن المثقف العضوي يجد في البحث عن جذور بروز ظاهرة العدميين. والاسباب التاريخية والاجتماعية وتأثيرات الحروب المدمرة. .ونتائج النظريات العلمية المفاجئة والمتقافزة والناقضة لحقائق كانت في حكم البديهيات..
وتفتت الاسر. وبروز ظاهرة الزواج خارج الاسرة وما تنتجه من ابناء غير شرعيين لا يجدون حنانا كافيا.. وخيانة اولي الامر للشعارات ..كل تلك الروافد وأخرى غيرها تشكل مناخا خصبا لانتشار العدمية..
في اشارة لافتة يكشف نجيب محفوظ رعب كمال عبد الجواد بطل الثلاثية حين يكتشف (ان والده الذي يصلي ويصوم ويحافظ على ادق تعاليم الدين والاخلاق في البيت حتى ظنه قديسا.) بمحض المصادفة انه يشرب الخمر ويعاشر البغايا.. ورغم ذلك هو الوطني الغيور. الذي يتابع حراك حزب الوفد وينظر لسعد زغلول نظرته لرجل قديس.
هذه الرؤية المتناقضة اضافة الى فشله في الحب الاول.. وموت ابناء شقيقته عائشة وزوجها في مرض الكوليرا. حولت كمال عبد الجواد الى نهلستي لا يركن الى الحقائق المتوفرة..
كمال المسلم في هوية الاحوال المدنية النهلستي في الحقيقة.. وجد تفهما من رياض قلدس القبطي الماركسي. ودخلا في حوارات ممتعة تحفل بها الثلاثية.. رياض عنده قضية رغم الحاده. لكن كمال استنفد كل القضايا.. حتى فكرة الزواج رفضها. وحين يعضه نداء الجنس يلوذ بأرملة جميلة اضطرتها الظروف لبيع جسدها..
حسنا لنعد الى العدمية السياسية. في زمن عبد الناصر شاع اصطلاح لطيف لدى الاخوة المصريين( سيبها ع الريس).. اي اترك السيد الرئيس يفكر بدلا عنك.. وقد التف حول عبد الناصر ملايين المصريين وامتدت كارزما شخصيته الى كل البلدان العربية لما عرف به من نزاهة واخلاص لقضية شعبه وللعروبة. وقد شهد بذلك حتى خصومه..( اقول هذا وفي قلبي غصة لدوره السيء في اسقاط تجربة العراق في بناء ديمقراطية حقيقية. واسقاط حكم الرجل النزيه ايضا عبدالكريم قاسم)..
لكن بطانة عبد الناصر وانفراد عبد الناصر باتخاذ القرارات المصيرية. وشكلية المؤسسات الدستورية كمجلس الامة الذي كان يجيد الهتافات اكثر من التحليل الصائب للأمور.. وتهميش اليسار. وتهميش الاسلاميين..
انتج اكبر كارثة شهدها الوطن العربي واصابت حقائقه المطلقة بالصميم.. لقد صحونا على ان الرئيس بطانته خائنة.. ووزير دفاعه واقرب الناس اليه ( عبد الحكيم عامر )كان يلهو في الكابريهات.. ( علما ان الخطاب الناصري كان يحمل من القيم الاسلامية كما لابأس به. يواجه به الحاد شيوعيي مصر والوطن العربي!!). واكتشفنا ان اهم شخصية اعلامية (احمد سعيد). ليس سوى كاذب ودجال.. واكتشفنا ان محمد حسنين هيكل وانيس منصور وكل الجرائد المصرية واغاني ام كلثوم وعبد الحليم الوطنية كانت تكذب علينا.
لم يتحمل الرجل النزيه الكارثة فمات خلال سنين قليلة وهو بعد لم يدخل السنة الستين من عمره..
في تلك الايام لم يكن بريق السوفيت والثورة الصينية قد خفت بعد.. فبرزت ظاهرة عجيبة ظنناها صحوة فكرية.. تمثلت بكتابات صادق جلال العظم.. على سبيل المثال لا الحصر( نقد الفكر الديني)والنقد الذاتي بعد الهزيمة.. وشهد اليسار صعودا ملحوظا. فانشقت منظمة التحرير الفلسطينية الى منظمتين فثلاث فاربع فخمس. والعجيب ان القوميين العرب تبنوا الماركسية طريقا لتحرير الانسان العربي.. وتحول جورج حبش وحواتمة الى رموز وايقونات كارزمية جيدة جديدة..وبدأ يخبو صوت القوميين اليمينيين!! والاسلاميين في الشارع العربي.. وصعد نجم الشيخ امام واحمد فؤاد نجم.. وتعرفنا على جيفارا الشهيد.. حتى البعثيين صاروا يتحدثون عن الاشتراكية العلمية بعد ان ثبرونا بالاشتراكية العربية.. يا ألله!.. فجأة.. يحترق المسجد الاقصى في عملية صهيونية قذرة. فجأة يطيح البعثيون بالرجل الطيب عبد الرحمن عارف في العراق. بعد سنة يطيح القذافي العروبي الناصري بالملكية في ليبيا. النميري العروبي يطيح بحكومة عبود اليمينية في السودان .. يالله. ماهذا السيل الجارف. وما هذا الربيع!!؟
وفجأة يطيح حافظ اسد برفاق دربه من البعثيين ويؤسس لبعث غير عفلقي ..مفرطا حتى باقرب الناس اليه زعين وجديد والأتاسي..
وقبله أطاح هواري بومدين برفيق دربه بن بيلا في الجزائر.. .
حسنا. تشكلت لنا كتلة تقدمية من العراق وليبيا وسوريا والسودان ومنظمة التحرير بكل الفصائل والجزائر
مقابل الكتلة اليمينية المعروفة بقيادة السعودية..
من اين سيأتي التحرير. اهلا به..
اربعون عاما والاخوة القادة العرب يتآمر بعضهم على الاخر. اربعون سنة. لا تحرير ولا هم يحزنون بل تهجير ومستوطنات وخلط اعمى متعمد بين اليهود والصهيونية حتى ما ابقوا صديقا للعرب.. ولولا نفوذ السوفيت والثروة النفطية للعرب لكانت مصيبة العرب بقادتهم مضاعفة ومريرة..
حتى جاءت الثورة الايرانية لتحدث صحوة اسلامية رهيبة وتدق الناقوس. وفجأة تتحول افغانستان الى الشيوعية.
اميركا بخطر. العالم الرأسمالي (الديمقراطي بخطر).
عندها بدأ المطبخ بانتاج طالبان والقاعدة..
اليوم المواطن العربي على مفترق طرق رهيب. فالقذافي وصدام ومن شابههم كانوا خدعة استنزفت نصف قرن من حياة الشبيبة العربية. والماركسية خفت بريقها. (تلك حقيقة
هنا.. نتحدث عن الشرق الاوسط..). والثورة الايرانية وجدت من يتحداها من داخلها وهناك مخاطر بتوجيه ضربة من الخارج ومن الداخل.. والربيع العربي مازال طفلا خديجا غير واضح المعالم. ودخل الناتو كولادة غير كفوءة !!!!. وتصارعت الولادات..( بتشديد اللام..)...
لكن المولود شرعي وحقيقي وواعد..
بقيت هنالك حقيقة. ان عرفنا كيف نلعب مع الكبار... استطعنا ان نوفر جوا لطيفا للطفل الرضيع. وان تهاترنا في الشعارات وقدمنا الحرامي على النزيه. والشلايتي على الحريص ( وصاحب الشعار على المحلل العلمي الحريص الذي يتقن إدارة اللعب) واذا قربنا النهاب على الوهاب.... وفكرنا باقتناص الفرصة لشخصنا على حساب الفرصة لشعبنا. فسننتج والله. مليون ايفان كارامازوف.. ومليون محجوب عبد الدايم. ومليون احسان شحاتة(فتاة نقية سقطت بسبب نذالة السياسين في حكومة فاروق..) ومليون كمال عبد الجواد العدمي الحائر.. ومليون سميردكيف العدمي القاتل..
اذا لم نجد لانفسنا عقيدة تعتمد الاخلاق والخدمات والنزاهة.. لا الاصطفافات الضيقة فسننتج العدمية لا محالة
سلام كاظم فرج.



#سلام_كاظم_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماقيمة الشعر؟ قصيدة نثر
- أقصر قصة قصيرة في الكون
- تكريم رجل النظافة القديم
- نجي الوسائد / وسائدكم .. نص تائه
- شعلان ابو الجون يكتب قصيدة نثر
- مجلس الوزراء يضع لبنة مهمة في صرح العدالة الاجتماعية, فساندو ...
- إفساد الديمقراطية
- غزوة بني علمان
- شيخ الزاوية (قصيدة نثر )
- فيفي عبدو والعلمانية والاسلام السياسي
- دموع غيفارا
- البوصلات كلها لا تشتغل ( قصيدة نثر..)
- قراءة في مذكرات رسمية ( الشعر مقابل الحب..)
- مدى قصيدة النثر لانهائي ...(تأملات فيما يسمى بقصيدة النثر..)
- نظرات من وحي رواية غالب الشابندر (شياطين)
- مأزق البطل في رواية توفيق حنون المعموري ( الخلوي..)
- مجلات ميتة ... قصيدة نثر
- إنطباعات عن الفلم الكردي (نصف قمر )
- عن الوردة ثانية وثالثة ورابعة (قصيدة نثر..)
- وجهي القديم , قصائد نثر


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلام كاظم فرج - إنحرافات الايدلوجية والعدمية السياسية