وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4248 - 2013 / 10 / 17 - 14:05
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
جعفر أبو التمن والحزب الوطني
وجه جعفر أبو التمّن الجهود الرئيسية للحزب باتجاه الهدفين المتصلين أحدهما بالآخر واللذين اختارهما لنفسه , ألا وهما وحدة السنة والشيعة والقضاء على السلطة الانجليزية . وقد أغلقت أبواب الحزب بالقوة بعد ولادته مباشرة أو يكاد سنة 1922 , وذلك في أعقاب اعتقال أبو التمّن ونفيه إلى هنجام , وهي جزيرة موحشة وكئيبة في الخليج . ولكنه أعاد تشكيل الحزب سنة 1928 . وعلى العموم , وبحسب ما جرت الأمور , فإن الحزب اتخذ لنفسه لوناً يفوق كونه حزباً وطنياً بحتاً , نتيجة للطابع الاجتماعي للدعم الذي لقيه . وإذا كان صحيحاً أن تجاراً متوسطين , مثل محمد مهدي كبة وسعيد الحاج ثابت وأبو التمّن نفسه , أو مفكرين وطنيين أو أعضاء مهنيين , مثل فهمي المدرس , عميد جامعة آل البيت , والكاتب و الشاعر مهدي البصير , والمحامي علي محمود الشيخ , ورئيس جمعية المحامين بهجت زينل , أو ضباطاً شريفيين سابقين متصلبين أو مستائين , مثل عبد الغفور البدري ومولود مخلص ومحمود رامز , قد شكلوا الشريحة القائدة للحزب , وصحيح أيضاً أن قاعدته كانت تمتد بين الحرفيين وصغار التجار , ومن هنا جاء ما أظهره الحزب من تحسس بأوضاع هذه الفئات من الشعب . ومن هنا أيضاً جاء دوره المبادر في تأسيس (( جمعية أصحاب الصنائع )) سنة 1929 وقيادته النشطة لاضراب الأربعة عشر يوماً سنة 1931 , الذي انطلق نتيجة لفرض ضريبة شهرية على التجار و الحرفيين , الذي استخدمه الحزب أيضاً لانتقاد حكومة نوري السعيد بقبولها بمعاهدة 1930 غير المتكافئة .
ولكن كان الحزب يرتبط , في الجوهر , ارتباطاً لا فكاك له بشخص أبي التمّن , فهو الذي أوجده ونشره , وهو الذي قدم المال لمشاريعه , واضطر حتى للاستدانة لإبقائه واقفاً على قدميه . وعندما أدار له ظهره في تشرين الأول ( أكتوبر ) 1933 , اختفى الحزب .
وليس من الواضح ما إذا كان الضيق المالي أي دور في انسحاب أبو التمن من الحزب . كان الكثيرون من زملائه يتحدثون بملأ افواههم عن (( الوطن الأم )) أما عندما كان الأمر يتعلق بالمساهمة بالمال فلم يكونوا يبدون أي حماسة . ولكن , ما كان للصعوبات المالية أن تكون إلا عاملاً ثانوياً في قرار استقالته . وكان أحد الاعتبارات الأخرى الصغيرة الأخرى اكتشافه ذات مرة أن مولود مخلص , عضو اللجنة المركزية للحزب , سنة 1933 , لم يكن يكتم سراً عن الملك فيصل الأول تحت تأثير الكحول . وأما السبب الحاسم فكان بلا شك هو الشرخ الذي شق الطبقة القائدة للحزب حول ما إذا كانت تجب المشاركة بالانتخابات واللعبة البرلمانية أم لا . وكان أبو التمن مقتنعاً بأنه لم يكن للعراق من النظام الانتخابي إلا الاسم . ولهذا فإنه لم يكن يرى دوراً للحزب كمعارض مخلص . وكان يخشى أن يتردى الحزب إلى مستوى المساومة والمماحكة مع الحكومة حول المقاعد , مما سيحرفه عن جذوره المثالية ويشوه سمعته . ولكن , أكثرية قادة الحزب تموج في مزاج تسووي , مما جعلهم لا يلتفتون إلى اعتراضاته , لكي يجدوا أنفسهم سريعاً قادة بلا أتباع . يتبع
وصفي السامرائي
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟