أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود جابر - الوهابية فى مصر من محمد على إلى حسنى مبارك ..... الجزء الثانى والعشرون...- الوهابية واغتيال عبد الناصر-















المزيد.....


الوهابية فى مصر من محمد على إلى حسنى مبارك ..... الجزء الثانى والعشرون...- الوهابية واغتيال عبد الناصر-


محمود جابر

الحوار المتمدن-العدد: 4243 - 2013 / 10 / 12 - 23:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


محاولات الوهابية اغتيال عبد الناصر:

تطورت الأحداث بين قوى الوهابية في الداخل والخارج والإنجليز والأمريكان من جهة وبين الثورة وجمال عبد الناصر من جهة أخرى، وجرى إعداد خطة اغتيال عبد الناصر وقد ذكر " الهضيبى" يوم 27 يوليو 1953 أثناء اجتماعه بمستر التنج السكرتير السياسي للسفارة الأمريكية بالقاهرة.. قال إن الإخوان يعلمون أن النظام حسن النية، وأنهم كإخوان ضد تحديد ملكية الأراضي الزراعية، ويسعدهم إزالتها، وأنهم يرغبون فى إزاحة بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة مثل (ناصر)، وأنهم يخططون لعزل العسكريين من السلطة، وإحلال مجموعة مختارة محلهم من الأحزاب، وأن على المعارضة أن تنسق جهودها لتتعامل بالقوة مع الظروف إذا ما سقط النظام .وأكد الهضيبى أن حكومة الثورة سوف تسقط فى وقت قريـب؛ لأنها تبنت أحلاما كبيرة لن تستطيع أن تحققها مثل إخراج الإنجليز من القنال، وإصلاح الأوضاع الاقتصادية" .

وبالتالي جرى تنفيذ خطة الاغتيال في ساحة المنشية عام 1954م، بيد أنها فشلت واعترف الجناة واشتعل الموقف بين الجماعة الوهابية المتمثلة في الإخوان والسلطة.
خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يبدد فيها الرئيس عبد الناصر أحلام الملك إذ أنه وكما تذكر إحدى الوثائق " رشحت الدوائر البريطانية الملك سعود في أواخر فبراير 1954 ليكون ملكاً على مصر.
وبالفعل فلقد حضر الملك إليها يوم 20 مارس في نفس العام مصطحباً معه 19 أميراً سعودي -أعضاء والحكومة المقبلة- ومكث بها حتى نهاية ذلك الشهر منتظراً ما سوف تسفر عنه الأحداث- حادث المنشية- التي انتهت بانتصار منافسه.
ومع ذلك فإن الرئيس عبد الناصر الذي يجهل حقيقة هذا الترشيح لم يفقد الثقة في الملك سعود بينما كان الأخير كما توضح إحدى الوثائق لم يكمن يبادله نفس الثقة وإن كان يتظاهر بصداقته له شأنه في ذلك شأن باقي الحكام العرب ممن قال فيهم المستر دالاس: " إنهم يدركون أن عبد الناصر شخص خطير جداً ولكنهم لا يجرأون على الإعلان عن آرائهم فيه".
في العام التالي بدأت الثورة تنحو منحى بعيد عن الولايات المتحدة الأمريكية وعقدت صفقة لشراء أسلحة تشيكية – روسيا- وكان ذلك في سبتمبر 1955، وعلى أثر ذلك اتخذ الرئيس الأمريكي " إيزنهاور" يوم 8 مارس 1956 والذي يقضي "بفصل السعوديين عن المصريين" على حد تعبير الرئيس الأمريكي نفسه، الذي عقد اجتماعاً موسعاً يوم 28 مارس 1956 وطلب فيه " بناء الملك سعود وتأهيله لمنازلة الرئيس عبد الناصر".
وكان وزير الخارجيـة "جون فستر دالاس" وشقيقه "آلان" رئيس وكالة المخابرات، جاهزين بالخطة " أوميجا " (omiga) والتي تتكون من جزئيين:

الجزء الأول:
لمعالجة الأسباب الأساسية التي دفعت الملك إلى التعاون مع عبد الناصر، وتمثلت في استدعاء السفير البريطاني في واشنطن إلى وزارة الخارجية لبحث إيجاد تسوية لمشكلة البريمي، كما سافر مساعد وزير الخارجية "جون آلان" إلى لندن كي يحث نظيره البريطاني "كيرك باتريك " على " الإيعاز إلى ملك العراق، فيصل، وملك الأردن، حسين، ومعها شيخ الكويت، سالم الصباح، بأداء فريضة حج هذا العام ".
مع الكتابة للسفير في العراق، بأن يحث نوري السعيد على اتخاذ مواقف إيجابية لإنهاء العداء بين الأسرتين: الهاشمية والسعودية وفي جدة، راح السفير الأمريكي يقنع الملك سعود " بأن عبد الناصر أشد خطراً على العرش السعودي من الهاشميين".
أما الجزء الثاني: فقد تضمن الأعمال الكيدية المطلوبة لإبعاد الملك سعود عن الرئيس عبد الناصر، وإضعاف النفوذ المصري داخل المملكة السعودية، وذلك بالإيحاء للملك " بأن هدف مصر النهائي هو الإطاحة به، وإخضاع بلاده للحكم المصري ".
وقد مهد دالاس لذلك، بأن أخذ يثير مخاوف الملك من عبد الناصر وقال " بأنه بعقده صفقة الأسلحة قد سمح للشيوعية الملحدة بالتغلغل في مصر، الأمر الذي يتطلب من الملك التصدي لها، حسبما يمليه عليه مركزه الخاص في العالم الإسلامي "مع تنبيهه" إلى خطورة المستشارين العسكريين المصريين، في السعودية، الذين يقومون بالدعاية في بلاده للأسلحة السوفيتية بهدف الترويج للشيوعية ".
وعلى أثر ذلك توترت العلاقات المصرية السعودية، ورأى الملك سعود أن هذا التعاون سيفتح الباب للشيوعية والإلحاد، ومما يثير السخرية، أن الملك " سعود " راح يطلب من مفتي الديار السعودية أن يفتيه " عما إذا كان شراء الأسلحة من روسيا يتنافى وأحكام الشريعة الإسلامية " . بعد أن أخذت الأوساط السعودية تتحدث عن " السلاح الكافر" .
وعلى الفور طلب عبد الناصر عقد اجتماع عاجل بينه وبين الملك سعود، خاصة بعد أن تلقى من السفير المصري في واشنطن مذكرة بتاريخ 12 أبريل 1956 قال فيها:" إن هناك محاولة خطيرة للتفريق بينه – جمال عبد الناصر – والملك سعود، وتقوم هذه المحاولة على أساس تخويف الملك سعود من الرئيس عبد الناصر، بأن آراءه تتسرب إلى الضباط السعوديين عن طريق البعثة العسكرية المصرية في الرياض، وأنه بعد زمن قصير سيصبح جمال عبد الناصر قادراً على عمل انقلاب عسكري في المملكة السعودية عن طريق الانقلاب المصري، وأن من مصلحة الملك سعود، من أجل المحافظة على عرشه، وعائلته وسلطانه أن يبتعد عن جمال عبد الناصر، وأن يقيم حاجزاً قوياً فيما بين مصر والمملكة السعودية" .
وفي لقطة من حديثه، لدى اجتماعه بالملك سعود، في مدينة جدة،يوم 20 أبريل، قال جمال عبد الناصر له :" إنني أرجوك أن تعتبر نفسك قائداً أعلى لكل عسكري مصري يعمل في السعودية، وإذا بلغك من أحدهم شيء ولو بمجرد الظن لك أن تصدر أمراً بعودته إلى مصر، وثق أن ذلك لن يؤثر على علاقاتنا " ثم قال جمال عبد الناصر : " إن كل التقارير التي تصلني تؤكد لي أن خطة الغرب الآن هي التفريق بيننا، وعلينا ألا نعطيهم فرصة مهما كان الثمن " .
وتأكيداً لحرصه على تقوية العلاقات مع الملك، فإنه وقع معه على اتفاقية دفاعية جديدة، سميت " بمعاهدة جدة " يوم 21 أبريل 1956 وهي لا تختلف في مضمونها عن معاهدة أكتوبر 1955، حيث نص بيانها على " إنشاء مجلس أعلى، ومجلس حرب، وقيادة مشتركة " .
وفي تقديرنا، أن الزيارة قد أدت إلى نتائج عكسية، ذلك أن الاستقبال الجماهيري الحار ، قد أتاح الفرصة أمام المخابرات الأمريكية كي تشعل النفوس بالحقد والغيرة والخوف من عبد الناصر الذي استهدفته الخطة " أوميجا " بالعديد من الإجراءات الانتقامية منها :تأجيل بحث إرسال الأسلحة إلى مصر، ووقف تصدير كافة المواد التي سبق الاتفاق على شرائها، ووقف إرسال معونات القمح (20000طن)، والاتصال ببعض الدول المحيطة بمصر لإقامة محطات تشويش على الإذاعة المصرية (صوت العرب)، وإعادة النظر في المبالغ المخصصة لإقامة مشروع السد العالي، وإمعاناً في الانتقام، أعلن دالاس يوم 19 يوليو سحب العرض الأمريكي لتمويل السد العالي (54 مليون دولار ) بحجة أن الاقتصاد المصري لا يستطيع تحمل عبء إقامة المشروع، وبعد 24 ساعة، أعلن المستر إيدن أن بريطانيا بدورها قد سحبت مساهمتها (16 مليون دولار ) ثم تبعه البنك الدولي (200مليون دولار ) .
وأخذ العالم كله يتساءل عن كيفية الاستجابة المصرية له، ولم يتأخر الرد كثيراً، إذ أعلن الرئيس جمال عبد الناصر من الإسكندرية يوم 26 يوليو قراره التاريخي " بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس، لتصبح شركة مساهمة مصرية، وعودة ملكيتها ومسؤولية إدارتها إلى السيادة المصرية، لكي يستخدم عائدها الذي يبلغ 35 مليون جنيه سنوياً (ما يعادل 100 مليون دولار) في بناء السد .
ووفقاً لتقرير رئيس وكالة المخابرات الأمريكية " فإن مكانة عبد الناصر قد ارتفعت إلى درجة غير مسبوقة خاصة بين الشعوب العربية " التي وصف تأييدها لقرار التأميم بأن كان صاخباً وعاصفاً وهو ما يعني أن مشروع إيزنهاور الخاص "ببناء" الملك " سعود" كي يتنازل عبد الناصر بات مهدداً بالفشل من ناحية، كما أن شركة " أرامكو " أصبحت عرضة للتأميم من ناحية أخرى.
فيما نبه وزير الخارجية دالاس مجلس الأمن القومي إلى أن القرار الذي اتخذه عبد الناصر ليس عملاً مفرداً ولكنه جزء من مخطط أشار إليه في كتاب ألفه ( فلسفة الثورة بأن مصادر القوة العربية تتكون من (1) الوحدة العربية (2) الموقع الاستراتيجي (3) البترول، مؤكداً على أن هدف عبد الناصر النهائي هو " بناء قوة عربية تقف أمام القوة الغربية، وأن استيلاءه على القناة، ما هو إلا الخطوة الأولى نحو تحقيق ذلك الهدف ".
كما أن الصحافة الأمريكية من ناحيتها، أخذت تتحدث في تلك الفترة عن " مطامع مصر الاستعمارية " كما زيفت على مصلحة الاستعلامات المصرية وثيقة تبدو فيها مصر وكأنها تطالب بتأميم البترول العربي كله
ولما حاول الملك سعود إقناعه من خلال برقية أرسلها إليه يوم 7 سبتمبر كتبت بأسلوب مضطرب فإن الرئيس اقترح عليه عقد اجتماع بينهما .
وتعمد الملك في هذه المرة اختيار مدينة " الدمام " في المنطقة الشرقية لتكون مكاناً للاجتماع، بعيداً عن المدن الكبرى كجدة، والرياض أو غيرها من مواقع التجمعات السكانية الكبيرة حتى لا تتحول زيارة جمال عبد الناصر إلى مظاهرة جماهيرية كبرى في مناخ الحماسة، والتعبئة المسيطرة وقتها على العالم كله .
ومع ذلك فقد فجر وصول الرئيس جمال عبد الناصر يوم 22 سبتمبر طوفاناً شعبياً لم تشهد له الجزيرة العربية مثيلاً. إذ زحف إلى الدمام ما يربو من 100000 من سكان المنطقة حيث وقعت مشاهد إنسانية يمكن أن تؤدي إلى حساسيات إنسانية لا سبيل إلى دفعها..ففي لحظة من اللحظات كان على الملك سعود وولي عهده الأمير فيصل أن يشتركا مع الحرس بأيديهما في صد الجماهير التي كانت تندفع كالسيل تريد أن تلمس جمال عبد الناصر شخصياً، وحسب شهود عيان فإن الجماهير همت تحمل السيارة لولا قوات الأمن التي عجزت عن تفريق الجمهور الأمر الذي أجبر الملك على نقل المحادثات إلى داخل أسوار قصره في الرياض .
وبعد تلعثم وعبارات تبدأ ثم لا تكتمل أو يستهلها الملك سعود ويستكملها الأمير فيصل استطاع عبد الناصر أن يفهم بطريق غير مباشر أحياناً والاستنتاج أحياناً أخرى أن الملك عاتب " لأنه فوجئ بقرار التأميم، وكان من حقه أن يعرف مسبقاً قبل إعلان القرار وأنه قلق من أن تأميم قناة السويس قد يطرح في أذهان الناس فكرة تأميم البترول وهذا فوق طاقتنا واحتمالنا، وأن عملية التأميم وما صاحبها من التعبئة النفسية في العالم العربي، قد خلقت جواً مشحوناً لدى العامة والبسطاء من الناس وهذا مصدر خطر" .
والحقيقة فإن كل محاولات الرئيس عبد الناصر التي بذلها لتبديد مخاوف الملك وشكوكه، لم تجد نفعاً بل إن زيارته زادت الطين بله، ويكفي القول أن الصحافة الأمريكية استغلت تلك الزيارة لتعميق الحقد والكراهية والنقمة لدى الملك وأسرته ضده إذ أصرت على أن تبرز " أن الهتاف كله كان لجمال عبد الناصر وأن التصفيق كله من أجله، وأن اتجاه الجماهير كان إليه .
خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يبدد فيها الرئيس عبد الناصر أحلام الملك إذ أنه وكما تذكر إحدى الوثائق " رشحت الدوائر البريطانية الملك سعود في أواخر فبراير 1954 ليكون ملكاً على مصر ، وهذا يوضح مدى الارتباط بين حادثة المنشية والإنجليز و ابن سعود ، باعتبار إن الجميع جزء لا يتجزأ،وبالفعل فلقد حضر الملك إليها يوم 20 مارس في نفس العام مصطحباً معه 19 أميراً سعودي ومكث بها حتى نهاية ذلك الشهر منتظراً ما سوف تسفر عنه الأحداث التي انتهت بانتصار منافسه، ومع ذلك فإن الرئيس عبد الناصر الذي يجهل حقيقة هذا الترشيح لم يفقد الثقة في الملك سعود بينما كان الأخير كما توضح إحدى الوثائق لم يكمن يبادله نفس الثقة وإن كان يتظاهر بصداقته له شأنه في ذلك شأن باقي الحكام العرب ممن قال فيهم المستر دالاس : " إنهم يدركون أن عبد الناصر شخص خطير جداً ولكنهم لا يجرأون على الإعلان عن آرائهم فيه.
ثم جاء العدوان الثلاثي 1956 م، وفى الحقيقة انه لم يكن عدوانا ثلاثيا بل عدوان رباعي وليس ثلاثياً، خلافاً لما هو شائع وأن اختلافها [الولايات المتحدة] مع بقية الشركاء في الوسائل وليس في الأهداف وكان الأسلوب الأمريكي يعتمد على فرض الحصار الاقتصادي على مصر .
وفقاً لشهادة محمود يونس وهيكل " فإن الولايات المتحدة حاولت تجويع الشعب المصري بعد أن جمدت أرصدة مصر، وأوقفت تجارتها معها، وتحريضها للدول الغربية على عدم التعامل مع مصر، وبيعها كميات كبيرة من أقطانها بأسعار منخفضة وبعملات البلاد المشترية، وقبلت آجالاً طويلة للسداد، بل أعطت كميات من القطن لبعض البلاد تحت نظام المعونة وقانون الفائض، بل إن الولايات المتحدة تزويد مصر بالأدوية رغم تأزم الحالة، كما رفضت بيعها القمح، ولم يكن رصيدها فيه يكفي لسد حاجتها لأكثر من شهر واحد، وحينما طلبت هيئة قناة السويس من الشركات الأوروبية في الخامس من أكتوبر التقدم بعطاءاتها عن أنجاز بعض أجزاء برنامج التحسين، استمراراً للعمليات التي كانت قائمة فإنها اعتذرت بحجة غموض الحالة السياسية الراهنة " .
قد كانت الخطة أمريكية تقتضى إثارة أحقاد العرب ضد عبد الناصر بهدف عزله وإسقاطه بعد تطبيق خطة الحصار الاقتصادي، حتى لا يتحول عبد الناصر إلى بطل عربي، وهذا الطريق يقتضى استنزافه شيئاً فشيئاً حتى يسقط وحده بلا مشاهد درامية، وهذا ما تحقق بالفعل إذ تحولت الشعوب العربية أثناء العدوان على مصر إلى كتلة واحدة تمتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي تجمعت حول زعيم واحد هو لها بمنزلة المركز .
وجاء في تحليل لوكالة رويترز البريطانية، " أن هزيمة بريطانيا وفرنسا في هذه المعركة كان إيذاناً بتدمير القوى الأوروبية وانتصار القومية العربية" .
وهنا برزت فكرة استدعاء الملك سعود لزيارة واشنطن حيث وجه إليه الرئيس إيزنهاور الدعوة يوم 16 نوفمبر وحول ذلك قال الرئيس: " إن سبب دعوتي للملك سعود هو أن عبد الناصر يتوجه إلى أن يصبح زعيماً للعالم العربي، لتحقيق مطامعه الخاصة، فأردنا استكشاف إمكانية بناء الملك سعود للقضاء على زعامة عبد الناصر.. وأن دعوتي لم تصدر إلى الملك رغبة في مجاملته، بل كانت لها أهداف هامة وخطيرة استقر رأيي على متابعتها بإصرار "، وفي الاجتماع الموسع الذي عقده في البيت الأبيض يوم 21 نوفمبر قال الرئيس إيزنهاور: " علينا أن نقوم ببناء الملك سعود ليكون أعظم شخصية في الشرق الأوسط، وعلينا إبلاغ كل من إيران، والعراق والمملكة السعودية ليكون الجميع على علم بما نحن عازمون عليه، وإذا كانت هناك عوائق، مثل مشكلة البريمي، فإنه يتعين إقناع الإنجليز على إيجاد تسوية لها "، وبلغ اهتمام الرئيس بمهمة التخلص من عبد الناصر، واستبدال الملك سعود به، أن أرسل للأخير الباخرة الأمريكية " كونستيتيوشن –constitution" لنقله إلى ميناء نيويورك .
ولدى وصوله إلى مطار واشنطن كان الرئيس نفسه في استقباله رغم مرضه، و في سابقة هي الأولى من نوعها، إذ إن العادة المتبعة أن يستقبل الرئيس الأمريكي ضيوفه عند باب البيت الأبيض، ومن خلال ما ذكره إيزنهاور في كتابه " النضال من أجل السلام "، ونستطيع أن نحدد الخطوط العريضة للخطة الأمريكية التي اعتمدت أساساً على الحصار الاقتصادي لخنق عبد الناصر، وتصفية الوضع الثوري في مصر، بعزلها والقضاء على حركة القومية العربية التي وصفها دالاس بأنها أخطر من الشيوعية، وذلك بتذويبها في كيان فضفاض ( حلف إسلامي ) وإخضاع المنطقة للهيمنة الأمريكية بحجة ملء الفراغ اعتماداً على الملك سعود التي حاول دالاس إقناعه بأنه "بابا الإسلام" وعليه فلابد أن تكون مكة بمنزلته فاتيكان للمسلمين" .
وجرى العمل بين الأمريكان والسعودية على إن تكون الوهابية هي سيدة الموقف، حتى يكون سعود منافسا للرئيس عبد الناصر على استقطاب حب الشعوب العربية حتى يقف أمام النفوذ المتصاعد للرئيس عبد الناصر وأفكاره وسياساته فى العالم العربي ، ولكن هذه الخطة فشلت باعتراف الرئيس الأمريكي إيزنهاور فى مذكراته المشار إليها سابقا، وفى ربيع عام 1957 أحبطت أجهزة الأمن المصرية محاولة انقلاب دبرها الملك سعود مع مرتضى المراغي " وزير داخلية الملك فاروق كشف عنها العقيد طيار " عصام الدين خليل " بعد أن تسلم بالفعل مبلغ 162 ألف جنيه كدفعة أولى ليكون هو قائد الانقلاب .
وكانت مدينة بيروت هي مقر مرتضى المراغي الذي كان يتمتع بحماية الشرطة اللبنانية وكان على اتصال بالرئيس اللبناني كميل شمعون، وينسق معه ولا عجب في ذلك لأن وزير الخارجية اللبناني وقتها كان في واشنطن لدى زيارة الملك سعود، وعرض على دالاس فكرة التخلص من عبد الناصر ولما عرض اقتراحه على الرئيس إيزنهاور قال: " إن آراءه موضع اهتمامه " .
ومن عجب أن نسمع بعض مثقفينا وهم يمارسون نوعاً من الإرهاب الفكري، مثل قول علي الدين هلال " إن فكرة المؤامرة لا تخاطب القول ولا تصمد أمام التحليل الموضوعي، وهي قد يمكن البعض من إثارة مشاعر البسطاء لفترة، أو من تحقيق بعض المصالح السياسية هنا أو هناك ولكنها لا تصلح أساساً لتفسير التاريخ " .
وكذلك عبد المنعم سعيد الذين هاجم كل القائلين " بفكرة المؤامرة " وسخر سحر بيانه في ندوة عامة للسخرية ممن " يتهمون الغرب المتحضر بالتآمر " .
وذلك رغم صدور العديد من المؤلفات التي تفضح المخابرات الأمريكية، والبريطانية على لسان ممن عملوا فيهما ،وتتحدث باستفاضة بالغة عن دور السعودية الوهابية في تدمير مصر .
ونجادل بأن الجهل بالفكر السياسي التآمري لهذا الغرب الذي يوصف " بالمتحضر " هو الذي أدى إلى وقوع العديد من الهزائم خلال العشر سنوات التالية لعام 1957 التي انتهت بكارثة 1967.
ويمكن القول: أن الرئيس عبد الناصر لم يستطع قراءة الموقف السعودي، وما يمكن أن يشكله من خطر عليه وعلى نظامه الثوري بدليل أنه استجاب لطلب حافظ وهبة ويوسف ياسين بعدم الكشف عن مؤامرة مرتضى المراغي في خطابه في عيد النصر في بورسعيد يوم 23 ديسمبر 1957، مما شجع السعوديين على ارتكاب المؤامرة الثالثة التي فضحها عبد الحميد السراج يوم 22 فبراير التي عرفت بمؤامرة " أم خالد " والتي دفع فيها الملك 20 مليون جنيه إسترليني تسلم السراج منها مليوني جنيه بالفعل ( شيك رقم 58/85903 وشيك رقم 59/85904 ) مسحوبة من البنك العربي المحدود بالرياض على بنك ميلاند في لندن / 315) أي قبل أن تترافع النيابة في قضية مرتضى المراغي.
رابط الجزء الحادى والعشرون :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=380538

البريد الالكترنى : [email protected]



#محمود_جابر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يقصد وزير الاوقاف : شقاق .... مفروشة
- العداء الاعمى لايران والسقوط فى بئر الجهل بالاسلام
- امريكا وايران فى ضوء ثورة 30 يونيه
- الوهابية فى مصر من محمد على إلى حسنى مبارك ..... الجزء الحاد ...
- خطبة جمعة - كارثية-
- الوهابية فى مصر من محمد على إلى حسنى مبارك ..... الجزء العشر ...
- الوهابية فى مصر من محمد على إلى حسنى مبارك ..... الجزء التاس ...
- برهامى .... و النور .. ... متى نضبطكم متهمون بحب الإسلام؟!
- طبول الحرب فى سورية تنذر بفناء العرب
- الإنسان في القرآن الكريم و منهج عرض السنن الاجتماعية
- الوهابية فى مصر من محمد على إلى حسنى مبارك ..... الجزء الثام ...
- لعنة مصر ... و -الانبعاث السعودى الجديد- 3
- إلى شعب العراق العظيم ... نحن شعية الهوى ... حضاريو الطابع
- رسالة إلى سماحة السيد نصر الله : نحن شعب المقاومة
- الى السيد الخامنئى : نحن حلف المستضعفين
- درس اسمه - العراق-
- استقيموا يرحمكم الله
- الوهابية فى مصر من محمد على إلى مبارك .......... الجزءالسابع ...
- -..... خد منه قالب -....
- الوهابية فى مصر من محمد على إلى مبارك .......... الجزء الساد ...


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود جابر - الوهابية فى مصر من محمد على إلى حسنى مبارك ..... الجزء الثانى والعشرون...- الوهابية واغتيال عبد الناصر-