أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - حميمية العلاقة بين الله و الإنسان – النبي إرميا نموذجا ً














المزيد.....

حميمية العلاقة بين الله و الإنسان – النبي إرميا نموذجا ً


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 22:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حميمية العلاقة بين الله و الإنسان – النبي إرميا نموذجا ً.

عند قرأتك في سفر أرميا النبي الفصل الخامس عشر، الآيات من 18 إلى 21 لا تملك إلا أن تندهش اندهاشا ً شديدا ً من عمق العلاقة بين الله و النبي و من شدة بساطتها و عفويتها و إنسانيتها و من طريقة التخاطب و التعبير بين الاثنين.

إرميا النبي المُتألم من قرية عناتوت القريبة من أوراشليم القدس ، مُضطهد في وطنه، فهو يرى لأمته الدمار و ينبه إلى خطر السبي القادم، و يُخبر الملك و الرؤساء و الوجهاء بما يعتقد أنه الصحيح للخروج من المأزق السياسي، لكنهم بدل أن يسمعوا له يضطهدونه و يؤذونه بالكلام و الإهانات ثم الحبس و الضرب.

إرميا الصابر المُتألم الذي يتحمل كل شئ من أجل نبؤته المُؤتمن عليها، يؤمن تمام الإيمان بوعد الله له بأنه معه حتى من قبل أن يكون في بطن أمه، فالله نفسه قال له "قبل أن أصورك في البطن عرفتك، و قبل أن تخرج من الرحم قدستك"، إرميا المتألم ألم الجسد و ألم النفس و المخذول من جميع الناس، يبث ُّ شكواه فيقول مخاطبا ً الله خطاب الحبيب للحبيب، و القلب للقلب:

"لماذا كان وجعي دائما ً و جرحي عديم الشفاء"

ثم يُكمل في جملة مُدهشة لا يقولها إلا عاشق ٌ واثق مُحب ذائب في الحب و الشوق يستنجد بحبيبه، يقول:

"أتكون لي مثل كاذب؟ مثل مياه ٍ غير دائمة؟"

إرميا يقول لله في عمق حميمية و خصوصية العلاقة، يا رب معقول أنك تكذب علي؟ معقول مرة تُغيثني و مرة تتركني؟ لماذا يا رب؟

إرميا يعلم أن الله صادق و أن الله ليس كالبشر يقولون شيئا ً و يفعلون آخر، و الله يعلم أن إرميا يعلم، و هنا جمال العلاقة، هنا التفاعل الإلهي مع الضعف البشري الذي يستعجل حلول الأحداث و يريد أن ينظر إلى الأمور بعين المعقول البشري الذي يظنه المنطق و الصواب و الصحيح، بينما الله الذي يدبر كل شئ يـُحـضـِّر تدبيرا ً آخر يكون فيه إرميا و الشعب اليهودي و مملكة يهوذا أجزاءً في تدبير كبير هو جزء من التاريخ سيقود لمستقبل تشترك فيه البشرية كُلـُّها.

قـِصر النظر عندالنبي المُتألم مفهوم و مُبرَّر، و الله يستجيب لأنين النبي فيقول له "إن رجعت أُرجعك و تقف أمامي، و إن أخرجت الثمين من المرذول تكون كمثل فمي"، يعني ربنا يقول لإرميا: يا إرميا أكمل رسالتك فأنت ما زلت نبي ِّ المقدس الواقف في حضرتي دوما ً و انتبه لتتبع الصواب و تبعد عن الخطأ حتى أتكلم بواسطتك و تكون أنت فمي و لساني و كلمتي إلى شعبك. ثم يستتبع الله و يخبره أنه سيجعله مثل سور النحاس قويا ً لا يقدر عليه محاربوه من الملك و الرؤساء و الشعب، و أنه سينقذه و يخلصه و يفتديه.

و يصدُق الله و يذهب الملك و الرؤساء و القواد و العُتاة و الجبابرة و تُسيى مملكة يهوذا إلى بابل و يبقى إرميا، لم يقدر عليه أحد و يرفع الله وجهه أمام الناس إذ يعلمون أن نبؤته كانت صادقة و أن ما تكلم به كان حقيقة. و هانحن الآن بعد آلاف السنين ننظر و نقول قد صدقت يا رب مع إرميا، و إنك تصدق في كل حين، و إننا نضع كل ثقتنا بك و نحبك.

من أجمل نصوص الكتاب المقدس، هذا الحوار القصير بين النبي المُتألم إرميا و بين الله. قصير لكنه اختصار للعلاقة بين الله و الناس، الله الصادق و المُتمم لوعده في الوقت و المكان المناسبين، و الناس الذين يجعلون ثقتهم فيه حتى لو الظروف عاكست.

إرميا هو درس ٌ في معنى الألم الناتج عن الظرف البشري الإنساني، الذي هو محور الحدث و موضوعه، و الذي تستجيب له الحواس استجابة الطبيعة البشرية، و في أثنائه تلتفت النفس إلى داخلها نحو الوجود الإلهي الحاضر دائما ً لتلتمس أن يكشف احتجابه من تحت ثقل الحواس و معاكستها لانسيابه الهادئ السلامي الذي يطلب إفساح المجال له للظهور، فتحضُر َ لحظة الاختيار في أوضح تجلياتها، اختيار الاستسلام لفردية الحواس أو قبول ثُنائية الفعل الإلهي في توجيه الحدث و الاستسلام لهذ الحضور بهدف الاستنارة التي تؤدي لقبول الدور الإلهي في تدبير الأرضي نحو خلاص ٍ مُتناغم و مُنسجم مع الإنسان و الحدث.

نوعا ً ما كل ُّ شخص ٍ فينا هو إرميا في مرحلة ما من الحياة، و نوعا ً ما كل ٌّ منا نبي ٌّ يتلقى الوحي و الكشف الإلهي، و نوعا ً منا كُلُّنا تضربنا عواصف المعيشة و الظروف، و نوعا ً ما كُلُّنا نُعاتب الله بدرجات مختلفة، لكن الواقع يبقى أن الحضور الإلهي موجود ٌ فينا جميعا ً ينتظر أن نسمح له بالظهور، فكم هو جميل ٌ أن نفتح الباب لله الذي يقرع الباب.

"هاءنذا واقف ٌ على الباب أقرع"

افتحوا الأبوب، الله محبة!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أعطني لأشرب- – لماذا نحب المسيح، من وحي اللقاء مع السامرية.
- ثرثرة في الثورة المصرية
- ظاهرة التحرش بالفتيات – بين نظرة المجتمع، التشخيص و الحلول.
- التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية ...
- التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية ...
- عقل العربي – جولة في مساحة الاطمئنان كردة فعل على العجز
- نظرة للإعلانات التسويقية المتلفزة و علاقتها بالنمط الاستهلاك ...
- السلطان شرف الدين – احتكار الله و استعباد البشر – بين الانفص ...
- مسيرة المسجد الحسيني– خليط التعاطف المذهبي و تجاوز الدولة كم ...
- المرأة كملكية ذكورية – ما بين جرائم الشرف و إعفاء المُغتصب ش ...
- تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس
- فلسفة الوعي – الإدراك و التركيب العضوي و ما بينهما


المزيد.....




- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - حميمية العلاقة بين الله و الإنسان – النبي إرميا نموذجا ً