أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية، ملحمة الحرافيش كنماذج (2 من 2)














المزيد.....

التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية، ملحمة الحرافيش كنماذج (2 من 2)


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4239 - 2013 / 10 / 8 - 10:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية، ملحمة الحرافيش كنماذج (2 من 2)

(هذا هو الجزء الثاني من هذه المقالة، قراءة الجزء الأول قبل هذا الجزء يُساعد على فهم ٍ تكاملي أفضل للمقصد )

أما التأريخ الإنساني من جهة الأنثروبولوجيا الدينية فيتجلى أوضح ما يتجلى في روايتي الحرافيش و أولاد حارتنا، هاتان الروايتان المثيرتان للجدل النفسي و العقلي، و المُستثيرتان للأسئلة، الشاحنتان للمشاعر و القادرتان على إثارة الزوابع في الصدر و تجيش الخاطر و إصعاد المُستكينات من الأفكار لتضرب القلب و الفكر و النفس بزوبعة ٍ من أسئلة ٍ مشروعة لم يعتد عليها العقل المستكين القانع بالموروث و المُشترك ِ من القناعات الجمعية لمؤمني المجتمع و العالم. سأتكلم اليوم عن الحرافيش و أترك ُ أولاد حارتنا لمقال آخر لأنها مادة دسمة ٌ فوق الإشباع، وهذا النوع لا يقبل الشراكة و هو كما يصفه المصريون بلهجتهم المحببة جدا ً إلى قلبي "زي الفِـريك ميحبش شِـريك"

عاشور الناجي هو أول شخصيات الحرافيش (و هي رواية في عشر حكايات)، و أعظمُها تأثيرا ً على كل الأحداث، فهو رمز ُ آدم الإنسان الأول و المسيح الفادي المخلص من الطُغيان و النبي المُتلقي الوحي الغيبي و الملك و البطل واضع القانون و التشريع الأول في الحارة بعد تنظيمها من حالة الفوضى الأولى و العماء البدائي إلى حالة النظام و الفتوة النقية في شخص ٍ واحد تمتد رمزيته من أول حكاية "عاشور الناجي" و حتى آخر حكاية "التوت و النبوت" و التي بطلها يحمل أيضا ً إسم عاشور.

يبرز نجيب محفوظ مسيرة التاريخ كتاريخ ٍ إنساني و ديني إلهي بدءا ً من اعتمادية المجتمع الإنساني الأول على شخص ٍ واحد كرمز و بطل هو "عاشور الناجي" أو عاشور الأول لتنظيم أموره و تشريع قوانينه و إبراز مفاهيم الحق و العدالة و حتى الوصول إلى كمال النضج الإنساني للمجتمعات الحديثة و الذي يتجلى في عاشور الأخير الذي يجمع من حوله الناس جميعا ً و ينجح معهم في صياغة جمعية تشاركية للمفاهيم السابقة. فبينما يعتمد عاشور الأول على نفسه و نداءه الغيبي يعتمد عاشور الأخير على كل عناصر المجتمع الإنساني دون إهمال ٍ للعنصر الغيبي. و يظهرعاشور الأخير مُساهما ً بين كثيرين يشكلون كلهم المجتمع الفاعل، بينما عاشور الناجي الأول هو الفاعل الأوحد.

و في وسط الأحداث من الحكايات من الثانية حتى التاسعه يُحلق نجيب محفوظ باقتدار ٍ نادر ٍ ليباشر وصف السلوك البشري المسحوق تحت أعباء تأمين المعيشة و الخضوع للسلطة و نزعات الحرية و التسلط و الطمع و الضعف البشري مع التوثب الرجائي الدائم للتشبث بالغيبي و محاولة فك أسراره المستعصية، تلك الأسرار التي يُعبر عنها نجيب محفوظ بالتكية المغلقة دائما ً و التي لا تنفتح أبدا ً المحاطة بالأسرارو الأسوار و التي تتسرب منها الأغاني و الأناشيد التي هي رمز الإلهام الغيبي و مُستثيرة الوجدان التألهي لدي المتلقي، و هنا أيضا ً تبرز عبقرية نجيب محفوظ حيث يُورد نصوص هذه الأناشيد الغامضة مكتوبة ًباللغة العربية لكنها في الحقيقة غير مفهومة لأن كلماتها غير عربية، فهي مقاطع من شعر الغزل الخاص بالشاعر الفارسي المُبدع حافظ شيرازي (يمكنك الاضطلاع على أشعاره مترجمة للعربية من خلال هذا الرابط http://www.hafizonlove.com/divan/index.htm( فالغيب غامض رمزي ساحر سري غير مفهوم له وجه ٌ تعرفه (الحروف العربية) و معنى لا تعرفه (معاني الكلمات الفارسية) لكنه مُحرك فاعل حقيقي يتسرب بدون استئذان و يمضي بدون استئذان و يعود بدون ميعاد.

و لعل أبرز ما يوضح اتحاد البشري بالإلهي و انسجام الإثنين معا ً في بوتقة الإنسانية المُتألهة أو الإله الإنسان أو الإنسان الإله هو المشهد الأخير من الحكاية العاشرة و الأخيرة من الملحمة حينما ينفتح باب التكية و يخرج الدرويش ليخاطب عاشور الأخير و يُنبئِه أن الشيخ الإلهي سيخرج من خلوته للناس غدا ً، ثم تختم الرواية بالمقصد النهائي لتشهد على مسيرة الإنسان منذ فجر التاريخ و حتى تاريخه الحديث فتقول له:

"لا تجزع فقد ينفتح الباب تحية ً لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال و طموح الملائكة"

أي أن الإنسان تنكشف له الأسرار حيث تتحد إنسانيته مع إنسانية كل كائن آخر و يعود الجميع إلى المصدر الإنساني الأول مرجعا ً لهم، حينها يفهم الإنسان الألوهية و تكشف الألوهية ذاتها له في الإنسانية.

الإنسانية التي هي المقدس الأول و الجامع الأوحد.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقل العربي – جولة في مساحة الاطمئنان كردة فعل على العجز
- نظرة للإعلانات التسويقية المتلفزة و علاقتها بالنمط الاستهلاك ...
- السلطان شرف الدين – احتكار الله و استعباد البشر – بين الانفص ...
- مسيرة المسجد الحسيني– خليط التعاطف المذهبي و تجاوز الدولة كم ...
- المرأة كملكية ذكورية – ما بين جرائم الشرف و إعفاء المُغتصب ش ...
- تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس
- فلسفة الوعي – الإدراك و التركيب العضوي و ما بينهما


المزيد.....




- استقبال حار للبابا لاوُن.. وتوافد مئات آلاف الكاثوليك إلى رو ...
- الأوقاف الإسلامية بالقدس: 1251 مستعمرا يتقدمهم بن غفير يقتحم ...
- بن غفير يشارك في اقتحام المسجد الأقصى وسط تصعيد تهويدي
- بعد صدمة فيديوهات الأسرى.. جادي آيزنكوت يحمّل نتنياهو مسئولي ...
- تصاعد المطالب الأميركية اليهودية لإغاثة غزة وسط أسوأ أزمة إن ...
- السودان.. قوى مدنية تبدأ حملة لتصنيف -الإخوان- منظمة إرهابية ...
- الأردن.. إجراءات بحق جمعيات وشركات مرتبطة بتنظيم -الإخوان-
- إغاثة غزة.. منظمات يهودية أميركية تضغط على إسرائيل
- الناخبون اليهود في نيويورك يفضلون ممداني على المرشحين الآخري ...
- الأردن يحيل شركة أمن معلومات تابعة لجماعة الإخوان المحظورة إ ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية، ملحمة الحرافيش كنماذج (2 من 2)