أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - ستبقى خالدًا ** قصة ليست قصيرة














المزيد.....

ستبقى خالدًا ** قصة ليست قصيرة


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 1209 - 2005 / 5 / 26 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


تجمدتُ مكاني كسمكة في ثلاجة لا أنبض, لا يتحرك الدم في عروقي, وهي تنشج بغُنّة ٍ كغزالة شاردة فقدت وليفها:

- خالد قطَعْنِي يمَّا .
لم أصدّق ما سمعته أذنيّ, لم أستوعب ما رأته عينيّ من دموع في عينيها, من تجاعيد أكلت نضارة وجهها , من أنين امرأة تحمل ضفيرة شائبة تحت منديلها ذي الغرزات الفلسطينيّة الكالحة.
لم أصدّق...!!
تسمرتُ برعب مكاني كأبي الهول .
حدقتُ بالسروال الأبيض المسجَّى بعناية فوق يدي ّ, وفاضتْ صورٌ من الذاكرة.
***
قهقه خالد وهو يفتح خزانة ثيابه على مصراعيها كأنه يفتح مغارة علي بابا . تناول السروال الأبيض وتمتم:
- تلبسه يوم عرسك فقط , وتعيده لي إنّه أمانة في عنقك.
ضمني الى دفء صدره فشعرت كأنّ السماء أطبقت على الأرض , وهمس في اذني:
- مبروك زواجك حبيبي باسم.
وعندما حملتُ حلمي على كفيّ وهرعتُ لأتمم مراسيم زواجي, تابعني صوته الحنون:
السروال الأبيض أمانة في عنقك يا باسم.
***
سقطتْ على صدري . بللتني دموعها التي اختلطت بوابل دموعي . ترى هل أطبقت السماءُعلى الأرض مرّة أخرى ..؟؟. عادت تنشج بحرقة وحروفها تأتي كما الأطفال متقطعة:
- خالد قطعني يمّا يا باسم . حبيبك قطعني ..
فجأة انفلتت الآه من صدري فدوّت كخرير المياه في أرجاء المخيم,أيقظت كلّ العصافير الصغيرة عن أشجار الصبر:
_آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ يمّا !!
- خالد قطعني يا ناس ..
حدقتُ في المرأة بمرارة فقد تذكرت أنّي رأيت حلما هذا الصباح بعدما قررت ليلا أن أعيد لخالد سرواله الأبيض. رأيتُ أنني عثرت على عصفور على الأرض وحين رفعته لأضمه الى صدري وجدته ميتا.
حشرج صوتي :
*آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ يمّا ....
ارتفع نشيجها بحدّة:
_ أمس , كنّا في حالة منع تجوّل وكان خالد لدى أصدقائه وفجأة أصابه وجع حاد في صدره فنزل به الشباب الشارع يتوسلون للعسكر أن يسمحوا لهم بنقله إلى المشفى لكنّ العسكر أصروا على منع التجول ,
وعلى الحاجز ..
في انتظار الرحمة على الأرض,
هبطت رحمة من السماء ,
وقضى خالد ...
***
دبّ الدم في عروقي وأنا أستعيد وصية خالد:
السروال الأبيض أمانة , أمانة , أمانة ..
ارتدتْ الكلماتُ هالاتها.
فجأة أدركتُ كنه وصية رجل يدرك حدسًا أنّ ساعته قد أزفتْ.
تصلبت يداي فوق كتفيّ هذي المرأة الشامخة كنخلة . هذي الأم الفلسطينيّة التي كانت وستبقى في ذاكرة كلّ أبناء المخيم حضنًا لكلّ موجوع, منديلا لكلّ دمعة,
طلقةً لكلّ بارودة تتحدى القهر المتوارث.

***
هتفتُ باصرار:
- عودي يمّا ,,
تعلقتْ نظراتها بعينيّ كغريق ٍِ عثر على قشّة.
- ونامي قريرة العين ,,
استكانتْ أمواجها وهي تبلل شواطئ أحلامي. جفّ ينبوع أوجاعها.
فجأة ابتسمتْ بصمت وأنا أهتف الجملة القاطعة:
- هنالك من سيرتدي السروال الأبيض من بعد خالد.
-----------------
25-5-2005



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحبّكَ ... أبعد من كلّ اتجاه أوسع من كلّ مدى
- ... ورأتِ العاشقة ُ أنََّّ كلَّ ما باحتْ بهِ حسنٌ جدًّا
- الندم ُالأخير
- أعطني حنانًا كفافَ فرحي
- أنثى الطيور الشريدة
- رسائل ُ اللحظة الأخيرة .....1
- رسالة من فوق الحاجز
- شتاءُ ريتا الأخير
- لكَ قبلَ أن يتبرعمَ جرح - ورطة
- ما لي ولكم يا أولاد ال...
- أنثى الحرائق - ومضة قصصيّة
- هل قرأ أحد ..؟! ---- لا تقرأوا .
- القارعة
- ومن لا يعرفُ ريتا --- شذرات
- سيدةُ الحكاية
- الْمَرْأة في مَـرَايــَا د. صَالِح سَعِد ** دراسة حول رواية ...
- ما زلتُ مسكونة ً بمخاض قصيدة
- سرّي أنّي كنتُ عاشقة ** شذرات
- ... هل أتاكَ
- وعدتني بالرّعد وقبل البرق رحلتَ ..؟1


المزيد.....




- في النظرية الأدبية: جدل الجمال ونحو-لوجيا النص
- السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا ...
- فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء ...
- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - ستبقى خالدًا ** قصة ليست قصيرة