أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فهد ناصر - نادية محمود للحوار المتمدن...ما يجري في العراق بعيد كل البعد عن التمدن،الوضع شائك ومعقد ومرعب...الجزء الاول















المزيد.....


نادية محمود للحوار المتمدن...ما يجري في العراق بعيد كل البعد عن التمدن،الوضع شائك ومعقد ومرعب...الجزء الاول


فهد ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 1207 - 2005 / 5 / 24 - 11:06
المحور: مقابلات و حوارات
    


حاورها فهد ناصر
للحوار مع نادية محمود،الناشطة في مجال حوق المرأة او القيادية في الحزب الشيوعي العمال العراقي،طعم وطبيعة خاصة،كون من تتحاور معها قد أثارت ومازالت تثيرالكثير من الجدل كلما ظهرت على شاشة التلفزيون ،فما تخوض به من مواضيع يكاد يكون الاكثر سخونة والاكثر أثارة للجدل الذي يصل في معضم الاحيان الى مرحلة القطيعة،التشهير وتبادل الاتهامات......نادية محمود التي تخوض في كل ما محضور او ما يشكل تابوهات لايجب المس بها او الخطوط الحمراء والقنابل الموقوتة التي يراد لها ان تمتلك قداسة واهمة ومخيفة تتشضى حالما يتم كشفها او محاولة أبطالها.الناشطة النسوية او عضو المكتب السياسي او محررة مجلة نسوية او الناشطة في مجال الدفاع عن الحقوق الاساسية والطبيعية للانسان هي مجالات عملها ومركز اهتمامها غير انها تبقى نادية الانسانة والمرأة التي عاشت مرارة ان تكون خاضعة لسطوة الموروث وقيم المجتمع التي تحيلك الى أنسان لشدة ما يواجه من قمع غير قادر الا على الاستسلام وشد الرحال الى الغيب والعيش تحت سطوة كل ما يستلب الارادة والكرامة الانسانية ومحاولة ايجاد معادل ما، هو غير موضوعي على الاطلاق،كونه أعلان بالاستسلام لما هو سائد ومهين.تبقى الرفيقة والانسانة التي كانت شريكة لهموم كثيرة وشريكة عمل سياسي محفوف بالمخاطر التي تصل حد الموت
فهد ناصر. وأنا أفكر في أجراء هذا الحوار معك وجدت انك تواجهين لائحة أتهامات كثيرة ومتعددة وكأنك لست أمرأة واحدة،انت متهمة بالدعوة الى خرق المعايير والقيم الاجتماعية السائدة في العراق والشرق الاوسط،اقصد هنا قيم العائلة،الدين،القبيلة،انت متهمة بالدعوة لان تكون المرأة حرة في جسدها وعقلها وحقوقها،متهمة انت ايضا بمحاربة سطوة الرجل وممارساته أزاء المرأة،بالطبع لااقصد هنا كل الرجال،متهمة كذلك بالدعوة لان تكون المرأة خارج سلطة الدين والشريعة....الخ لماذا كل هذه الاتهامات وكيف تواجهينها كناشطة نسوية؟

نادية محمود: استطيع ان افهم لماذا تشكل هذه اللائحة لائحة" اتهامات". في مجتمع مقموع، لم يعوّد على التفكير بحرية، هنالك الكثير من التابوهات التي يجب ان لا يمسها. تخيل لو كانت مجتمعاتنا مجتمعات حرة، تستطيع ان تقول ما تعتقد به، ما تفكر به، ما تظنه صحيحا، في هذه الحالة، لا يؤخذ على تلك التصورات و الاراء على انها اتهامات، بل تؤخذ على انه وجهة نظر من ضمن عشرات وجهات النظر التي تطرح في المجتمع.

انامررت بعدة مراحل من حياتي، اعتدت فيها الاستماع، انه يجب ان لا نمس معتقدات الناس، يجب ان لا نقول ما نعتقده، حتى لا نجعل الناس تهرب منا، علينا( منح الحقيقة باقساط الى الناس) علينا ان نقوم ما هو مقبول لدى المجتمع، حتى المجتمع يقبلنا، و كاننا جئنا من كوكب اخر، نحتاج الى نكّيف انفسنا ضمن المجتمع الذي "لسوء طالعنا " اتفق ان ولدنا فيه. و لكن هذه ليست هي الحقيقة. اننا جزء من هذا المجتمع، هذا الجزء، ثقافته ليست هي الثقافة السائدة، ثقافته هي الثقافة التي تتعرض للقمع، للكي بالحديد و النار على ايدي اصحاب ثقافة ألطبقات السائدة.

جرب ان تتحدث عن منع ضرب الاطفال، او عدم التدخين داخل المنزل، او حرية الفتاة في الحب، او الاستماع الى الشخص الاخر دون ان تقاطعه، و انتظر ماذا سيقولوا لك. هنا في المدارس الاوربية، يعلموا الطفل في المدارس( put your message across )، يعلموا الطفل ان يقول كلمته، قل ما لديك، قل ما تراه، قل ما تعتقده، على الاخر، ان يرتب اموره، اما ان يقبلك او يرفضك، او يقبل نقطة و يرفض اخرى. ان الامر بسيط، الا انه لدينا، امر كارثي، كيف تتجرأ على ان تعبر عن رأيك، من انت لتعبر عن رأيك؟ يجب ان تقيم حساب لكل شيء، للعائلة، للقبيلة، للدين، للحكومة، للشرطي، للحزب، للمعلم، لضابط الشرطة، لشرطي الامن، مكلف ان تضع حسابا للجميع، الا واحدا، عليك ان تضع له حسابا في الاخير، هو ان تقول ما تراه انت، وما تعتقده انت، ليس ما يراه الاخرين، و ليس ما يعتقده الاخرين!! تصور ان تفكر في كل هذه المنظمومة بها قبل ان تقول رايك، فهل سيتوفر لديك المجال ليتكون لديك رأي!! ان التفكير في كل هذا، و في القيود التي تضطر للخضوع لها، انها اسمح لي القول، انها تنتج مسوخا، و ليسوا بشرا احرار!

لقد سمعت اكثر من مرة، و انا اجيب على اسئلة، مذيع في التلفزيون على سبيل المثال، يتصل احد من السعودية، او من لندن، ليقول غاضبا( لا تستطيعي ان تفرضي ارائك علينا) و انا استغرب( لماذا افرض؟) انا اجيب على سؤال طرح عليّ، و اجبت بالذي اعتقدهّ! انت حر اذا اتفقت معي او اختلفت، بالتاكيد اتمنى ان تتفق معي، لكن ان اختلفت معي، لا يشكل لي هذا مصيبة!

انا اعتقد ان هذا جوهر الموضوع. الانسان مغيب، كل المنظومة، مهمة، الدين مهم، و العشيرة مهمة، و العقيدة مهمة، و العادات و التقاليد يجب احترامها، الا انت! الا الانسان، هذا ياتي بالمرحلة الاخيرة ان اتي على الاطلاق!

لذلك، لا اريد المضي في "لائحة الاتهامات" و ارد عليها. فيمكن ان تؤخذ اي فكرة او رأي او موقف على انها اساءة لجهة ما، اذا ما قلت بان المرأة يجب ان تكون متساوية مع الرجل، ينبري الاسلاميون بالقول بان الرجال قوامون على النساء، وهذا ما قاله الله، فمن نحن لنخالف ما يقوله الله؟ اذا قلت يجب ان يجرم اولئك الاباء والاخوة الذين يقتلون بناتهم، تنبري لك عضوات في الحزب الشيوعي العراقي بالقول( هل هذا وقته) لا يقولوا لمن يقتل ابنته، انه ليس وقته! يقولون لنا، انه ليس وقت الحديث عن ايقاف جرائم قتل الشرف. على كل حال، كاحد مواطني هذا المجتمع، لا بد لي من القول اني احتجت الى جهد اضافي حتى اتعلم ان افكر بحرية و اقول بحرية ما اعتقد. واذا كان هنالك شخص ساعدني على التحرر ، وان اقيم اعتبارا للانسان نفسه و لما يعتقد هو الشيوعية العمالية و كتابات منصور حكمت! لقد علمنا على ان نفكر بحرية!

كيف اواجه هذه الاتهامات، انا اقوم ببساطة بعملي، اعتقد ان المرأة و الرجل يجب ان يكونا متساوين، يجب ان تتمتع النساء بحقوق عالمية، لا اؤمن بحقوق لـ"هم"، و حقوق " لنا"، لا اؤمن بازدواجية الاخلاق و ازدواجية المعايير، اؤمن ما هو صحيح يجب ان يكون صحيح، في اي مكان، و ما هو خاطئ خاطئ! لا اقبله هنا و لا اقبله هناك، اعمل في حزبي، وهو اداتي للتغيير، اعمل في منظمتي( منظمة حرية المرأة في العراق)، استخدم وسائل الاعلام، الكتابة، الحملات، التنظيم و هكذا..

فهد ناصر. يشكل الدين والعشيرة وقيم العائلة وسلطة الاب والزوج علامات ورموز واسعة للتسلط وفي أحيان كثيرة هي خطوط حمراء لايمكن تجاوزها او هكذا يراد لها كونها مدعومة بالتخلف الاجتماعي والامية وتصاعد قيم العشيرة والاستناد الى الشريعة الاسلامية،الارث الثقيل للدكتاتورية في العراق وممارساتها في تشويه ومسخ عقلية الانسان والحد من قدرته على التطلع نحو عالم اخر افضل من عالمه المرير. كيف يمكن لنساء العراق وانت واحدة منهن،تجاوز كل هذه الاطر والقيم والمعايير والاتيان بمعايير اخرى تجدونها مناسبة وتضمن للمرأة حقوقها وحرياتها؟

نادية محمود.ان نساء العراق، مثل نساء المنطقة، مثل نساء الكويت، ناضلن حتى حصلن على حق التصويت! النضال من اجل الوصول لما نريد. بالتاكيد يشكل فصل الدين عن الدولة، و فصل الشريعة عن القانون، و ايجاد قانون مدني، شروطا اولية لتضمين الحقوق الاساسية للمرأة، ولمنع الدين من التدخل بحقوق النساء. تجريم كل الاعمال، التي تمس بكرامة المرأة، او تشرعن ألعنف ضدها، تقوية مؤسسات المجتمع المدني، ومنظمات حقوق المرأة، توفير الاوضاع الاقتصادية للمرأة بايجاد فرص العمل، او بتوفير ضمانة البطالة، وانهاء تحويل اعالة المرأة على الرجل في الاسرة، الذي يعطي المبرر، لممارسة الهيمنة عليها، و التجاوز على كرامتها الشخصية. ان توفير شروط حياة جيدة للمرأة ليست مسؤولية العائلة او الرجل، بل مسؤولية الدولة، على الدولة ان توفر لها فرصة عمل. ان هذه هي شروط اولية و اساسية لتمكين المرأة من الحصول على حقوقها.

فهد ناصر. يقول البعض أنك ومن خلال اللقاءات التي أجريت معك في عدد من المحطات الفضائية العربية، قد شوهت الشيوعية او انك تعطين تصورا خاطئا للمتلقي(المشاهد) في العراق حول مكانة المرأة وحقوقها وحرياتها واقصد هنا حرياتها الشخصية في الشيوعية. كيف يمكن لك كأمرأة شيوعية ان تحددي مكانة المرأة في الشيوعية او كما يفهمها الشيوعيون هذا اولا وثانيا هل ثمة شيوعية حقيقية وأخرى مزيفة، بمعنى شيوعية تراعي القيم والمعايير الاجتماعية ومكانة العائلة وهذه الشيوعية حسب ما فهمتها من الذين رفعوا صوتهم ضدك هي الشيوعية الحقيقية، في حين ان الشيوعية المزيفة هي التي تقول بتحرر المرأة من كل القيود او القيم والاعراف المتخلفة ؟

نادية محمود: الشيوعية تقول بالمساواة بين البشر، المساواة الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية و الحقوقية والاخلاقية، تقول بالمساواة بين الجنسين، تعتبر هذا مبدأ اساسي، اي شيء اقل من هذا، هذا تنصل عن الشيوعية. التنصل عنها، تقليصها، تشذيبها، قبول فقرات منها،و بتر فقرات اخرى، تحت اية تسميات كانت او مبررات هو طعن بها، هل تقبل بالمساواة ام لا؟ هذا هو السؤال، هل تدافع عنها، مهما بلغت شراسة الرجعية ام لا؟ هل تحاول تكييف مبدأ المطالبة بالمساواة، وحق التمتع بالمساواة وفق تقاليد المجتمع؟ وفق دين المجتمع، و فق مفهوم العائلة، و السيد الوالد، و كاك حمة، و آبيّ جلال، و ترضي اخي الاكبر ابو سؤدد؟ هذه يمكن ان تكون كل شيء الا "مساواة" بين الجنسين! نحن لانفصّل مطالبنا الانسانية الصحيحة، على قياسات تقاليدنا، لان تقاليدنا بالية، و بحاجة للثورة اولا و قبل كل شيء، ليست بحاجة الى المناورة حولها، الالتفاف حولها، انها خاطئة، الثقافة و التقاليد، التي تقبل بضرب النساء و الاطفال، واغتصاب الزوجات، و رجم النساء بالحجارة، و تعدد الزوجات، و المرأة مبتلاة بالعمل المنزلي، و اذا تطلقت او ترملت، فانها تعيش تحت رحمة الاخ الاكبر او الاصغر، هذه كلها اوضاع غير انسانية بحاجة الى التغيير جملة و تفصيلا! هل نتفق على هذا ام لا؟ هل نتفق على ان مجتمعاتنا ليست بحاجة الى ثورة سياسية و ثورة اقتصادية انها بحاجة الى ثورة اخلاقية و ثورة جنسية. ( اه، انها تتحدث عن ثورة جنسية)!! اني كفرت الان.. تخيل في مجتمع، تملّك النساء فيها اجسادهن باسم الزواج لمن يدفع مهر، يدفع مال، دون شعور بالحب، دون معرفة مسبقة، اليست هذه بنظرك دعارة؟ المرأة التي تبيع جسدها، مقابل قبضة دنانير، لمدة ساعة او ساعتين او يوم او يومين، باسم زواج المتعة، اليس هذه دعارة منظمة و مشرعنةّ؟ الفتاة التي تقتل لانها تعيش هذا الشعور الرائع الذي اسمه الحب، تقتل، اليست هذه جريمة بحق الفتاة و حق الانسانية، المرأة و الرجل الذين مارسا الجنس بمحض ارادتهما، يقلبان عليهما تلك المتعة الى شؤم فقط لانه لم يوقعا على ورقة امام شيخ او امام قاضي لاصلة له بهما لا من قريب و لا من بعيد، عليه ان يعطيهم حق الذهاب الى غرفة النوم! و الناس تذهب الى غرف النوم، دون ان تستأذن من احد، يعرفون انهم يمكن ان يقتلوا ومع هذا يفعلوها، فماذا يقولون اولئك الشيوعين عنها"، هل ينصحوهم بالذهاب الى الشيخ او الى القاضي لنيل حق ممارسة الحب؟ ام يقولوا لهم اخجلوا على أنفسكم، ما شأنكم مع الحياة الشخصية للافراد! انهم حقا بلا اخلاق، انهم يتدخلون بادمغة واعضاء البشر، بضحكهم، بفرحهم، بسعادتهم، بعواطفهم، بكيفية وصولهم الى الرعشة الجنسية، اذا كان هذا مع زوجاتهم او مع صديقاتهم، ان هذا سخف مطلق، لماذا هذا موضوعا للغادي و القادم ليتدخل به؟ ان هذه الاخلاق يجب ان تزال من جذروها، انها بحاجة الى ثورة لازالتها، اننا بحاجة الى ثورة اخلاقية، بحاجة الى ثورة جنسية، لتقلب تلك المفاهيم عن الجنس و المال و الملكية، الى علاقة حرة بين اثنين من البشر، محترمة و غير قابل للمس بها، من قبل كائنا من كان. ان ما يقوله اولئك الشيوعيون يعبر عن العقلية المتخلفة ، العاجزة عن احترام انسانية و ادمية البشر، حانية الرأس لحد تدق جبينها في الارض انحناءا للرجعية، و لا صلة لها بالشيوعية.

حين اسهب بشرح موضوعة العلاقة الجنسية بين المرأة و الرجل، لان الان هذه المشكلة العويصة بالنسبة لهم، لقد انتهينا من موضوع عمل المرأة، الان لا احد يناقش هذا الحق، انتهينا من حق الدراسة، الان الجميع اقر بهذا الحق، عدا بعض الخارجين من الكهوف للتو، هؤلاء لدينا قصة اخرى مع المرأة. انتهينا من حق المرأة في بعض الاختيارات، المسالة الان تدور حول حق سيادة المرأة على جسدها، ملكية المرأة لجسدها، هل المرأة تملك جسدها، ام جسدها ملكية عائدة للعائلةّ؟ ملكية جعل منها محل حديث، ماذ ستكون عقوبة المرأة لو تجرأت على التصرف بجسدها كما تريد؟ هذه المسألة التي يتمكن هؤلاء الشيوعيين من الاجابة عليها، بغير جواب يرضي التقاليد و العادات و الدين الاسلامي و الثقافة البائسة، و تدير ظهرها، للمرأة صاحبة العلاقة، و يديرون ظهرهم لشيوعيتهم!

الشيوعية لا تؤمن بالنسبية الثقافية، لا تؤمن بـ "ثقافتنا" و " ثقافتهم". الشيوعية اممية. فان اتفقنا على المساواة بين الجنسين. ان اتفقنا على القيم و الحقوق بانها قيم و حقوق اممية، ماذا يعني احترام العادات و التقاليد في بلداننا. ان سياستهم تشبة سياسات الحكومات العربية والاسلامية التي توقع على أتفاقية انهاء التمييز الجنسي ضد النساء، و هي اتفاقية صادرة من الامم المتحدة، الا انها تتحفظ على اي فقرة فيها ما يتعارض مع الدين الاسلامي! انها موافقة على الحرية بشرط، و لطالما نسمع اكثر تقدمييهم يقول " نعم نحترم حقوق المرأة، و لكن.." و ما بعد كلمة " لكن" يبدأ النسف الحقيقي لما طرح ما قبل الـ" لكن". قبل مائتي عام لم يكن بالوسع ان يخطر على بال احد موضوع سفور المرأة، المسألة التي لا يستطيعوا الخوض فيها، الان تحولت الى قضية سياسية مع الاسلاميين. اليوم القضية هي كيف يمكن ان تكون المرأة سيدة جسدها، كيف لا يمكن ان تكون مملوكة، المشاعر و الجسد، لجهة ما، للاب، للاخ، للزوج، او للابن في بعض الحالات، سمعنا في النجف، شاب قتل والدته، لانها تخرج كثيرا من المنزل؟ السؤال هو مطروح على اولئك المدعين بالشيوعية، ماذا تقول عن هذا، ما هو برنامج حزبك تجاه تلك الحالات، هل ستعفو عنها و تقول، "الشرف" و "الكرامة" يجب ان تحترم، ان هذا الشرف والكرامة مدفوع ثمنه فقط على حساب المرأة، الرجل لا يدفع ثمنا للكرامة، انه اتخذ من المرأة، من هذا البشر، خروف يذبح في الاضاحي، اذا ما اراد ان يتبختر، امام العشيرة، بانه رجل شريف. هل ترى كم المسائل حساسة و متداخلة، و كم يحتاج المرء الى قوة حقيقية ليواجه هذه الهمجية، هذه البربرية، هذا التوحش، الذي يقابل مشاعر امرأة عاشقة، بتعليقها على جذع الشجر، و يتناوبون، على رميها بالرصاص، الاعمام و وابناء العم، كما حدث لاناهيد في بغداد.

الامر الذي يجب ان يدركه هؤلاء " الشيوعيون" ان الارض تبقى تدور حول الشمس، حتى لو ارسلو غاليلو الى المقصلة، انها حقيقة. البشر احرار، يقتلون و يدافعون عن حريتهم، و في حالتنا الان، نتحدث عن النساء، يعرفن انهن قد يقتلن، لكنهن يمارسن الحب، انهن هن، اللواتي على حق، انهم يمارسن حرياتهن الشخصية دون شروط. الحال، ارى انه العلاقة الحقيقية الوحيدة، تلك التي تعقد شخصيا بين طرفين، دون نقود دون مال، دون عقود رسمية، تحتاج لقدرة قادر حتى تفسخها، دون جماعات ضغط من اسرته او اسرتها، هذه هي العلاقة الحقيقية بين البشر. هؤلاء الشيوعيين تفصلهم خطوط حمراء عن اقرار النساء بممارسة حرياتها الشخصية، الناس لا تفصلها عن ممارسة هذه الحريات اية خطوط، لا حمراء و لا سوداء. لذلك يجب ان تصغي لما يريده البشر. ترى ان أوربا انهت ذلك التاريخ الذي كان يحق فيه للازواج حق قتل زوجاتهم، عبر نضال دموي طويل، الان الحرية الجنسية في اوربا، امر لا يناقشه احد، اصبح حق مثل حق ذهاب الفتاة للمدرسة، لا احد يناقشه. و بواسطة شيوعييهم و عمالهم و نضالهم النسوي تمكنوا من تثبيت هذه الحقوق. الشيوعيين في العراق، وربما في الشرق الاوسط، يعيشون تحت عباءة افكار الاسلاميين و القوميين، انهم بحاجة لخلع هذه العباءة، و النظر الى البشر نظرة انسانية. ان حزبنا طرح في برنامجه بشكل واضح و بسيط، العلاقة الجنسية بين البالغين امر يخص البالغين فقط، ليس من شأن الدولة و ليس من شأن الافراد التدخل به من قبل الفرد او الدولة امر ممنوع.

لقد قال لي احد الكتاب المعروفين من المتقدمين في السن من الشيوعيين العراقيين قائلا" لقد كانت التفاتة ذكية من حزبكم، ان يطرح شعار الدفاع عن الحريات الجنسية في برنامجه، هكذا تستطيعون جذب الشباب الى حزبكم" و سالته، وماذا عن المتقدمين في العمر، اليسوا بحاجة الى هذه الحريات؟.. المسالة انه لا يستطيع ان يتخيل ان السبب وراء طرح هذا المبدأ في برنامج الحزب، لانه حق من حقوق البشر، حق من حقوق الانسان، حق تقتل بسببه النساء، و يرجمن بالحجارة، حق يجلد عليه الرجال. انه حق. لقد كان ابعد ما توصلت له مخيلته، وماأستنتجه من قراءة برنامج الحزب، ومن قراءة فقرة الحريات الشخصية والمدنية، اننا وضعنا هذه الفقرة كـ" كمين" لاصطياد الشباب و ادخالهم الى صفوف الحزب! هل ترى درجة انغماض العيون، انهم لا يروا ان هذا "حق"!

لقد حدثوني في عدد من المناسبات: هل هنالك حزب جدي في المجتمع، يمكن ان يتحدث عن الحقوق الجنسية في برنامج حزبه؟ وقلت نعم. الاسلاميون تحدثوا عن حرية الجنس بطريقين، الاول اذا ما اختارت المرأة على مرامها من تريد، دون ان ترتبط به بعقد زواج، فانها زانية،وتستحق الجلد. او المرأة يمكن ان تزوج نفسها مقابل بضعة دراهم، لاية فترة زمنية، قد تكون لمدة ساعة واحدة فقط، وهذه دعارة مختومة بختم الاسلام. و قلت ايضا الحركة القومية العربية، تحدثت عن هذا الامر، صدام حسين، بقراره 111 اقر عقوبة العلاقة بين المرأة والرجل اذا حدثت خارج اطار الزواج، فانها جريمة، و اذا ما دافع " العربي" عن شرفه، فمن يستطيع ان يوجه له كلمة. ونحن نقول، هذا العربي، مجرم، ويجب ان ينال عقوبته، جسد المرأة، حياة المرأة ليست ملكا له، و هذا " الشريف" يجب ان يقدم للمحاكمة!

نحن نقول ان العلاقات بين المرأة والرجل امر شخصي، وهذا ما يعمله المجتمع، شاءوا ام ابوا، الناس لا يكفون عن اقامة علاقاتهم الجنسية بسبب ماجاء في القران من عقوبات جلد، او ما جاء به قرار 111، كما ان الناس لم تكف عن العمل السياسي و هم يعرفون انهم يمكن ان يساقوا الى المشانق! فانها لا تكف عن اقامة علاقاتها الجنسية كما تريد. و الاحزاب لديها حرية الاختيار، اما ان تتجاوب مع المطالب الطبيعية و الانسانية للبشر او تقف ضدها. نحن، مع الاجابة على الرغبات الطبيعية للبشر! هذه هي شيوعيتنا، الاسلاميون يعرفون هذا عنا، و القوى الرجعية تعرف هذا عنا، الا ان بعض الشيوعيون، يريدون اخفاء رؤوسهم بالتراب، اما ان تكون رجعيا، وتدعو الى رجم النساء بالحجارة، و ترك الاباء يقتلون بناتهم، او تقول لهم، كفوا عن هذا انكم تقوموا بجريمة، جريمة ستنالوا العقاب جراء ارتكابها! ليس لكم حق قتل النساء!

فقط ملاحظة اخيرة، لقد حضرت مجموعة مؤتمرات عقدتها الشرطة البريطانية، قسم قضايا المجتمع، ان الشرطة هنالك تناقش جريمة قتل الشرف، ونحن نعرف ان الكثير من النساء القادمات من الشرق الاوسط و خاصة من كردستان قد قتلن، و كيف وضعت سياستها تجاه هذه الجرائم، بشكل اكثر تقدمية من الاحزاب الشيوعية في العالم العربي، لان عموم المجتمع، و درجة تطوره و حضارته نأى بعيدا عن هذه الممارسات اللاانسانية المقرفة.
للحوار تتمة



#فهد_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاول من آيار، صرخة العامل والبشرية الحرة ضد العبودية والاست ...
- مدن لا يراد لها أن تكون خارج أسوار السجون،الناصرية نموذجاَ
- نتائج الانتخابات في العراق،أحلام السلطة وأحلام الناس
- الأبناء البررة
- لا لأيران أخرى،لا لسعودية أخرى،لا لأفغانستان أخرى... لا لحكو ...
- السيستاني... طريق الى الجحيم
- السعودية... حينما يعود الارهاب الى موطنه
- الحوار المتمدن...حوارنا العزيز
- الارهاب الاسود لن يصادر حق سكان المقدادية في محاكمة اللصوص
- الحوار المتمدن...على مشارف الالفية الاولى
- السعودية، الاصلاح وحقوق المرأة
- وردة وكميلة... وجوه من رحلة الجحيم
- تعدد الزوجات... رسالة السيد الرئيس
- الجيوش الاسلامية في العراق...أرهاب وقطع رؤوس
- الجامعة العربية وفضيحة دارفور
- دفاعا عن النقد ...حزنا على سعدي يوسف
- ألأغلبية الصامتة...الصمت على ماذا؟
- أبو غريب - قساوة الذاكرة
- البدائل السوداء... (أمارة الجنوب الاسلامية) نموذجاَ
- أبداع التوريث


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فهد ناصر - نادية محمود للحوار المتمدن...ما يجري في العراق بعيد كل البعد عن التمدن،الوضع شائك ومعقد ومرعب...الجزء الاول