أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - تضرع














المزيد.....

تضرع


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4219 - 2013 / 9 / 18 - 13:28
المحور: الادب والفن
    




وأنا أتجول وحيدا ً في شوارع ( لاس فيجاس ) المكتظة بالناس لمحت فتاة ً في ريعان الصبا تسير شبه ذاهلة ٍ وكأنها طيف يسير على رصيف . جذبني إليها ملامحها الوديعة ووجهها الشاحب الجميل وشيء ما في عينيها يدعوك للوقوف كي تتفرس بهما طويلا ً .
لا أدري بدافع الفضول أو الأسر تسمرت أمامها كالمأخوذ ورحت أحدق في وجه ٍ لا يقل عن جمال الملائكة والقديسات اللاتي نرى صورهن في الإيقونات ولوحات فناني عصر النهضة , وقبل أن أبادرها بالكلام قالت لي بصوت ٍ متضرع ( أنا جائعة هل لديك شيء من المال تساعدني في الحصول على طعام ؟ ) سألتها ( هل أنت جائعة حقا ً ؟ ) قالت ( بل أنا أتضور جوعا ً ) قلت لها ( مارأيك تجيئين معي الى الفندق , يمكننا نتناول الطعام معا ً ؟ ) وقدتها من يدها كما لو كنا صديقين حميمين . كانت يدها من النعومة والهشاشة أشبه بيد حمامة أو عصفور , وخلتها وهي تسير بجانبي كما لو كانت فراشة تود أن تطير . أخذتها الى مطعم حيث ابتعت لي ولها الطعام ولم أشأ الجلوس في المطعم , فكرت مع نفسي لعلي اقضي وقتا ً طيبا ً معها في السرير . في الغرفة أخرجت زجاجة نبيذ وجلست معها نتناول طعامنا بهدوء . بينما هي تأكل طعامها كنت أرشف نبيذي وأنا أتأمل وجهها الأنثوي الجميل وهو يضفي شيء من السحر على المكان المأهول بالفراغ قبلها . لم تبادلني كلمة واحدة لكننا نبدو منسجمين طيبين كما ينبغي . إلتهمت الطعام بسرعة غريبة وبنهم ٍ كمن لم يتناول طعاما ً منذ دهور . وددت لو شاركتني النبيذ لعل مزاجها يطيب قليلا ً وتبادلني الحب فقد كنت أتضور جوعا ً لجسد أنثوي يمنحني البهجة والشعور بالطمأنينة والإمتلاء . سألتني هل بإمكانها أن تستحم , ( قلت لها تصرفي كما لو كنت في بيتك ) . لبثت تحت الدوش وقتا ً طويلا ً وأنا كالصياد يرى سمكته تلعب تحت الماء كأنها تلهو بأعصابه المرهقة . لا أنكر بأني ذهبت أليها أسألها أن كانت بحاجة ٍ الى شيء ٍ ما وأنا أتلصص على جسدها الناحل البديع التكوين وهو يلمع تحت الماء . كان بي شعور من عثر على جوهرة ضائعة في الوحل وها هي الآن تضيء لي عتمة وحدتي فقررت أن أرشفها على مهل ٍ قبلة ً قبلة ً حتى الصباح .
جاءت من الحمام ملتفة ً ببرنسها الأبيض وجلست على حافة السرير تسألني أن أعيرها قميصا ً ترتديه أن ثيابها من القذارة لا تستحق حتى الغسل . أعرتها قميصي وملابس داخلية ارتدتها ثم مالبثت ان إندست في السرير ملتفة ً بالشرشف قائلة ً لي ( أرجوك لا تلمسني ودعني أنام ليلة ً واحدة ً على الأقل في سرير وثير ٍ فأنا متشردة منذ شهور أنام في الشارع ) . تركتها نائمة نوما ً عميقا ً تتقلب على سريري كالسمكة تلهو في الماء وأنا كالمتشرد المتضور جوعا ً جلست أتأمل وجهها الذي تورد قليلا ً, بغتة إنفجرت ضاحكا ً من أفكاري ورغباتي الساذجة شاعرا ً كما لو أنني مؤمن في كنيسة يحدق في وجه قديسة ٍ مرسوم على أيقونة ٍ في خشوع ٍ وتضرع ٍ ومن القلب تقطر الدموع .
كاتب من العراق يعيش في كاليفورنيا
[email protected]



#علوان_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرملة
- مرثية الليل
- رسمية محيبس
- هجران
- ليكن محافظ ميسان هو القدوة
- العراق في خطر
- ماذا يريد أهل الأنبار ؟
- سلمى حايك - بهاء الأعرجي والشفافية
- الشاعر والجلاد


المزيد.....




- حريق مفتعل أم قضاء وقدر؟ جدل حول وفاة الفنانة المصرية نيفين ...
- -صوت هند رجب- يمضي لمسافة أبعد في منافسات جوائز الأوسكار الـ ...
- -صوت هند رجب- و3 أفلام عربية أخرى تقتحم سباق الأوسكار
- الأوسكار في دورته الـ98.. قائمة بأبرز الأفلام المرشحة لنيل ا ...
- ضايل عنا عرض لمي سعد وأحمد الدنف: فيلم يروي يوميات سيرك غزة ...
- -صوت هند رجب- يتصدر ترشيحات الأوسكار بعد جائزة -الأسد الفضي- ...
- بالصور.. مهرّج مكلوم يرسم الابتسامة على وجوه أطفال غزة
- نجوم الغناء ضحايا الاصدارات الزائفة باستخدام الذكاء الاصطناع ...
- «كعكة الرئيس» يدخل القائمة القصيرة للأوسكار في إنجاز تاريخي ...
- فيلم وثائقي يكشف أسرار معركة حلب وتفاعل واسع على المنصات


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - تضرع