أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريمة مكي - مومس في الفصل (الأخيرة).














المزيد.....

مومس في الفصل (الأخيرة).


كريمة مكي

الحوار المتمدن-العدد: 4217 - 2013 / 9 / 16 - 21:57
المحور: الادب والفن
    


فجأة يخرج من فمها مارد الذكريات المستوطن قلبها، فأنتبه لها و هي تقول:
- لقد ماتت أمي و هي حزينة على بطالتي، و مات أبي حزنا على أمي و على حزن أمي، و ها أنا من بعدهما أشقى في حزن بلا آخر، فيا ليت الله يرحمني و يأخذني إليه...لقد تعبت...( و يتوقف نبض الكلمات و يهرب منها صوتها عجزا أمام دمعة جبارة تخنق حلقها و تمنع عنها حتى بصيص الأنفاس).
أحاول عبثا كفكفة جرحها النازف أبدا فأقول:- بل ارحمي نفسك أولا و عودي للتدريس فليس الموضوع موضوع الأجر وحده رغم حاجتك إليه...من المهم أن تخرجي من دوامة الملل و الأفكار السوداء التي تحاصرك داخل البيت.
- التدريس مرة أخرى... لا أبدا! ردّت جازمة.
- و ماذا ستفعلين لو قدر الله مثلا و نجحت في "الكاباس"؟! أقول لها ممازحة.
تتنهد قليلا لتقول:- لم أجرّب التدريس في معهد حكومي وإن كان الوضع لا يختلف كثيرا فهيبة التعليم ما عادت كما كانت على أيامنا، لكن على الأقل إدارة المعهد لن تكون خاضعة للتلاميذ الذين يُموّلونها...إن التدريس في معهد حُرّ، مهمة لا يقوى عليها إلاّ من كان بلا قلب، و إلا فإن مكانه على سرير في مستشفى لأمراض القلب و الأعصاب...
قلت و قد أعيتني حيلتي أمام مرّ شكواها:-أنا أنصحك بأن تتصلي بالمعهد الجديد الذي حدّثتك عنه... إنها إدارة جديدة و لا شك أنها مختلفة.
قالت بصوت حزين:-" لم أعد أقوى على إعادة تلك التجربة المُرّة ...لقد دمرتني من الداخل...كانت تجربة موجعة و مهينة إلى أبعد حد... فبالله عليك قولي لي ماذا تراك تفعلين مع مدير معهد يقف ضدك، مع التلميذ و ولي التلميذ؟ لا بد و أن تفكري ألف مرة قبل معاقبة التلميذ و لو بكلمة، و إلا فان الإهانة ستلحق بك من أكثر من طرف و على رؤوس الملأ.
أما إذا جاء موعد منح الأعداد فان السيد المدير يُفهمك بأنه لا مجال لمنح أعداد مخيبة لإنتظارات الوالدين حتى لو أمدك التلميذ بورقة امتحان لا جواب فيها، فالأولياء يمكن أن ينزعجوا و يسحبوا من المعهد أولادهم ...( تصمت طويلا و لا أقطع صمتها حتى إذا ما واصلت الحديث عاد صوتها كما بدأ مجروح، ضائع و حزين...).
و الله كثيرا ما كنت أحس بأني كمن تمارس الدعارة غصبا و احتياجا... طبعا دعارة فكرية تربوية فيها خيانة لأخلاق التعليم و لرسالة التربية العظيمة و لضمير المربي الذي يريدون إماتته...في كل ساعة درس، عليك أن تتعرّي من ثوابتك و تلبسي قناع العهر، فتتكلمي عكس إحساسك، و تبتسمي رغم أوجاعك، و تتقبلي إهانة تلميذك و كأنك لم تسمعي، و تتجاهلي ممازحاته السمجة البليدة و كأنك لم تفهمي ...و في كل مرة تتأكدين بأنك تبيعين نفسك، فكيف بربك من نفسك لا تستحين! أليس تلميذك في النهاية هو من يدفع لك أجرك؟ فكيف لا يكون بإمكانه أن يُعيّرك كما يعير طالب اللذة مومسا، بعد أن يقضي وطره منها، فيذكّرها، حتى لا تنسي، بأنه هو صاحب الفضل عليها و أنه بفضل مالِه قادر على شراء غيرها لو أبدت أدنى تذمر من رعونته أو تصرفاته الخرقاء...
لقد كان هذا تذكير لي من تلميذ كان تلميذي..."
و أغلقت الهاتف دامعة.



#كريمة_مكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مومس في الفصل (قبل الأخيرة)
- إلى العفيف الأخضر...إلى قارئي الأوحد.
- مومس في الفصل 16
- مومس في الفصل (15)
- جدتي الأبية...ماتت صبيّة!!
- هو حكم أغبى الثورات...
- ضُعنا يا تونس... و ضيّعناكِ!
- ارحمي يا تونس قتلاك !!
- مومس في الفصل (14)
- مومس في الفصل13
- و من فضل تلك الثورة علينا...
- و كذلك نصب التاريخ فخا للإخوان...
- و لنا مع ثورة تونس حساب...
- مومس في الفصل(12)
- مومس في الفصل(11)
- مومس في الفصل(10)
- أمينة عارية الصدر: قد عرّيتِهم يوم تعريتِ‼-;-
- مومس في الفصل(9)
- مومس في الفصل(8)
- مومس في الفصل(7)


المزيد.....




- عمر خيرت: المؤلف المتمرد الذي ترك الموسيقى تحكي
- ليوناردو دافنشي: عبقري النهضة الذي كتب حكاية عن موس الحلاقة ...
- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريمة مكي - مومس في الفصل (الأخيرة).