أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - هل تجربة حكم الإخوان كانت ضرورية؟















المزيد.....

هل تجربة حكم الإخوان كانت ضرورية؟


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4217 - 2013 / 9 / 16 - 14:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الإجابة على هذا السؤال هي: نعم. كانت ضرورية للغاية. فلم يكن لدي جماهيرنا آلية عقلانية، بحكم التعليم الردئ والتربية العشوائية والعادات المتغلغلة، يكتشفون بها زيف هذا التيار الديني الدخيل على بلادنا، ومعرفة خطورته على دولتنا وإنسانيتنا وكياننا الآدمي.

جامعة الأزهر، مثلا، عدد طلبتها يقرب من نصف مليون طالب. تقريبا هي أكبر، أو من أكبر، جامعات العالم من حيث العدد. لا تسمح بإرسال بعثات للخارج إلا في حدود طالبين أو ثلاثة كل عام. هذا ما ذكره الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الحالي، عندما كان مديرا للجامعة، في حديث تليفزيوني منذ عدة سنوات قبل الثورة.

كما ذكر سيادته أيضا، أن مستوى الخريجين فى اللغات الأجنبية ضعيف جدا إلى حد القلق. وأن هناك مجموعة كبيرة من المدرسين تقاوم التغيير، وتتقن الاتهامات، وتستميت في بقاء الحال على ما هو علية.

بالطبع، الجامعات الأخرى، حالها ليس بأفضل من جامعة الأزهر. وضعف مستوى خريجيها، لا يخفى على أحد. لكن أين المشكلة؟

المشكلة في بلادنا أعمق من ذلك. المشكلة هي أننا طلقنا العقل بالثلاثة. وقفلنا باب الاجتهاد بالضبة والمفتاح، واتهمنا كل من يحاول فتح الباب بالكفر والهرطقة. فأصبحنا لا نفرق بين الخبيث والطيب، والطالح والصالح.

منذ عدة سنوات، اضطررت للبقاء فى مصر مدة ثمانية شهور، لمراقبة بناء مسكني بأحد المدن الجديدة. أثناء هذه المدة، توطدت علاقتي بعمال البناء والغفير القائم على حراسة المبنى.

أحد عمال الطلاء كان خريج كلية التجارة. معظم العمال كانوا أميين لا يعرفون القراءة أو الكتابة. أو كما نقول بالعامية "يادوب يعرف يقرأ ويكتب". لكن الذى لفت نظري أكثر من غيره، هو خفير الحراسة.

هو شاب فى العشرينات ، قمة فى الذكاء والأمانة والإخلاص والأدب. لا يستطيع قراءة الجرائد، لكنه يستطيع قراءة المصحف. مع أن كلمات المصحف أصعب بكثير من مفردات الجرائد اليومية. يقدر أيضا على عمل حسابات معقدة تستلزم الضرب والقسمة بدقة شديدة، بالرغم من جهله بجدول الضرب. كيف يستطيع ذلك؟ لا أدرى.

شئ غريب أيضا، هو أن ثقافتة وكل ما يعرفه عن الدنيا والدين، مصدره شيخ الجامع. تفسيره للخير والشر، والسبب والأسباب والصح والخطأ، والحلال والحرام. كل شئ وأى شئ، يفسر فى ضوء ما يقوله له شيخ الجامع.

كان مهووسا بالشيخ السلفي محمد حسان، يتبعه من مسجد لمسجد. كان يسافر وراءه إلى مدينة المنصورة مثلا، إذا علم أن الشيخ حسان سيقوم بحطبة الجمعة هناك.

نسبة الأمية في بلادنا تزيد على ال40%، وترتفع إلى أكثر من 70% بين الإناث. تأثير رجل الدين، سواء بملابسه الرسمية أو بلحيته المنفوشة وجلبابه القصير، خطير على العقول البسيطة والعقول التي لم تحصن بالتعليم الجيد والتربية الرصينة.

كل هؤلاء ليس لهم مصدر ثقافي سوى شيخ الجامع. لا يسمعون الأغاني والموسيقى. فقط محطة القرآن الكريم والبرامج الدينية في القنوات الفضائية، إذا كان في استطاعتهم مشاهدتها.

هناك من يقول لهم أن المعازف حرام، والصور حرام، والسينما حرام، وأشياء كثيرة حرام تتعلق بالملبس والزينة. حتى أصبحنا نتفوق على اليهود المتعصبين فى المحرمات والممنوعات.

ما من منزل دخلته فى مصر إلا وقد خلا من الكتب الثقافية. حتى كتب وزارة الثقافة ومكتبة الأسرة وسلسلة كتب التنوير العظيمة، التي يبلغ ثمن الكتاب منها أقل من ثمن نسخة واحدة من جريدة يومية.

لا يوجد لها أثر فى البيوت التي دخلتها. فقط الكتب الدينية. تفاسير للقرآن الكريم والأحاديث النبوية. وسلسلة الشيخ الشعراوي. وكتب عن عذاب القبر، والآيات المنجيات، والأدعية. وكتب عن الجن. كيف تتقي شرهم وتتزوج منهم.

المساجد أيضا، ليس بها سوى الكتب الدينية والتفاسير الفقهية. كأن الكتب العلمية والأدبية محرمة على المساجد. فلا يوجد بها كتاب عن الفلك أو الكيمياء أو الفيزياء أو علم النبات أو الحيوان أو الرياضيات أو علم النفس.

بالرغم من وجود آيات كثيرة فى القرآن الكريم تحث على طلب العلم والتفكير. مما جعل المرحوم عباس العقاد يقول: إن التفكير فريضة إسلامية، وواجب على كل مسلم. لكن هذه قضية أخرى.

لذلك ليس هناك غرابة في وصول الإخوان للحكم. ولولا جشعهم وسوء نيتهم وفساد طويتهم وغباءهم، وفوق كل ذلك، العناية الإلهية، لاستمروا في الحكم 500 سنة قادمة، كما أخبر أحدهم الفريق السيسي. لقد جاءوا لكي يبقوا.

النازية في ألمانيا لم تسقط إلا بعد أن تكبدت البشرية أكثر من 62 مليون قتيل وحرب عالمية قضت على الأخضر واليابس. الهكسوس استمروا يدمرون مصر وينزحون ثرواتها ما يزيد على 200 سنة، إلى أن طردهم أحمس شر طردة وأبادهم فلم نسمع عنهم بعد ذلك.

لكن لماذا تجربة حكم الإخوان كانت ضرورية؟ لأنه لم يكن هناك طريقة أخرى لكي نثبت لشعبنا فساد الحكم الديني بصفة عامة، وجماعة الإخوان بصفة خاصة، إلا بالتجربة العملية.

لو حلفنا للناس بأغلظ الأيمان أو بالطلاق، لما صدقنا أحد. وياما كتب الكتاب وألف المؤلفون. وياما كتبوا من مقالات ودراسات. وياما كتبوا من تمثيليات ومسلسلات وأنتجوا من أفلام. مسلسلات وحيد حامد وأفلام عاد عادل إمام تشهد على ذلك. لكن، لا حياة لمن تنادي. لماذا؟

لأننا قمنا بتحويل الدين من قوة دافعة للتقدم والرقي البشري، إلى قوة طاردة لكل ما هو أصيل وجميل فى الفكر الإنساني. قوة طاردة للثقافة والعقلانية والحداثة والفنون والموسيقى والمسرح والعلوم والآداب والفلسفة. لا أدري ماذا يتبقى للإنسان بعد ذلك؟ سوى نهم الأكل وشبق الجنس، مثل الحيوانات. أو البحلقة فى السقف وانتظار الموت.

لأننا لا نعلم أولادنا القدرة على النقد، وإبداء الرأي والتساؤل؟ والقدرة على التمييز بين الحقائق والخرافات؟ ومعرفة أى ريح تدفع شراع المركب إلى الأمام، وأيها إلى الخلف؟ نعطيهم المعلومات معلبة جاهزة، حتى تعودوا على أكل المعلبات.

لأننا لا نضع أمامهم المواضيع والقضايا بأوجهها المختلفلة كما هي، حتى يختاروا بأنفسهم إن استطاعوا؟ وإن لم يستطعوا، هل نعلمهم القدرة على الشك؟

الأغبياء فقط هم الواثقون المتأكدون المدافعون حتى الموت عن أول فكرة أو قضية تواجههم فى حياتهم. أو كما قال دانتى:" الشك يسرني كما تسرني المعرفة".

لأننا أهملنا تأثير العائدين من دول النفط. الذين جاءوا ومعهم النقاب وتحريم المعازف والصور وفائدة البنوك ولبس الحرير والذهب. الفكر الوهابي في أقصاه. وفكر أبي الأعلى المودودي وسيد قطب فى أدناه.

بمعنى آخر، تحكيم النص والفهم الخاص له على حساب العقل. رفض الخلاف والتعددية والنقاش وقبول الآخر. طرح مفهوم الحاكمية. المطالبة بتطبيق أشد الأنظمة الاجتماعية والسياسية رجعية وتخلفا.

مما جعل المصري يفقد الثقة فى نفسه وقدراته، فيركن إلى التوكل والسلبية. لماذا أجتهد وشيخ الجامع يقول، "لا اجتهاد فيما فيه نص". والدين نقل لا عقل.

لأننا سكتنا عن شيوخ الفتنة وتفسيرهم السئ وفتاويهم بالتحريم والتكفير، وتسخير الدين لخدمة أسباب سياسية وشخصية، وفرض عادات صحراوية قبلية قديمة، لا تصلح لمجتمعنا في أي وقت من الأوقات، قديما أو حديثا.

لماذا تجربة حكم الإخوان كانت ضرورية؟ لأنها بمثابة حقنة تطعيم ضد جدري الحكم الديني. لذلك لن يقبل المصريون الحكم الديني بعد اليوم. لقد أصبحت لديهم مناعة طبيعية ضده.

وياريت الأخ برهامي يهمد وينهد هو وحزبه، وينسى حكاية الدولة الدينية دي. ويترك لجنة وضع الدستور تعمل في سلام. ويضع جهده وجهد مريديه في نهضة الوطن ورفعة شأنه.

أما الإخوان، فكما قلت في مقالات سابقة تنبأت بفشلهم الذريع، أنهم لن تقوم لهم قائمة بعد هذه التجربة المريرة. لقد أثبتوا للدنيا كلها أنهم ليسوا فصيل فاشل سياسيا واجتماعيا واقتصاديا فقط، وإنما عصابة إجرامية ليس لدى أفرادها أي ذرة من الرجولة أو الإنسانية أو الوطنية.

بالنسبة للفريق السيسي، فلا أدري كيف أشكره ويشكره معي المخلصون من شعب مصر. هو ومن معه من قادة الجيش النبلاء وأبطال الإعلام الشرفاء، وأعلام المعارضة الأوفياء، لقد أنقذوا مصر من خطر داهم، لم تره في تاريخها الطويل. خطر التقسيم والاحتلال الاستيطاني والضياع.

نحن لا نحتاجك رئيسا للبلاد، حتى لا نكرر أخطاء عبد الناصر والسادات. إنما نحتاجك حاميا للحدود والوطن والدستور ومدنية الدولة. لا نريدك في سدة الحكم، وإنما مكانك الحقيقي أنت ورفاقك في قلوبنا جميعا.
[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الموسيقى الغربية – الأوبرا الفرنسية الفخمة
- قصة الموسيقى الغربية – الأوبرا الفرنسية
- قصة الموسيقى الغربية – فيردي وأوبرا عايدة
- قصة الموسيقى الغربية – بيليني-دونيزيتي
- قصة الموسيقى الغربية – روسيني
- قصة الموسيقى الغربية – سيبونتيني
- قصة الموسيقى الغربية – كيروبيني
- لماذا المصالحة على الدستور؟
- قصة الموسيقى الغربية - الأوبرا
- الفن – الحديث
- الفن - الرمزي
- الفن - جوجان – سيزان
- الفن - ما بعد التأثيرية(فان جوخ)
- الفن التأثيري
- الفن الفرنسي – القرن 19
- الفن الفرنسي – القرن 18
- الفن الفرنسي – البداية
- الإخوان وحكم مصر
- الفن الإنجليزي – القرن 19
- الفن الإنجليزي – كونستابل - تيرنر


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - هل تجربة حكم الإخوان كانت ضرورية؟