أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عمر - عن سوريا والفيدرالية














المزيد.....

عن سوريا والفيدرالية


حسين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4217 - 2013 / 9 / 16 - 01:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دخل مصطلح الفيدرالية إلى الحياة السياسية كواقع ملموس وملامس للممارسة السياسية في المنطقة مع تبنّيها كصيغة حكم وشكل دولة في العراق المجاور لسوريا. وترافق هذا الاقتحام غير المرغوب به لصيغة الفيدرالية في العقل والوعي والمزاج العربي مع معطيين أساسيين أثّرا وساهما كثيراً في تشويه مضمون ومحتوى هذه الصيغة لشكل الدولة ونمط الحكم. تمثّل المعطى الأوّل في دخول القوات الأمريكية وحلفائها إلى العراق وإسقاط النظام فيه يوم التاسع من نيسان عام 2003 وما رافق ذلك من مشهدٍ درامي ودراماتيكيّ بإسقاط صنم الطاغية صدّام الذي ظلّ لما يقارب ثلاثة عقودٍ يغذّي المخيال العروبي كحامٍ لأسوار العروبة من المتربّص الفارسي. أمّا المعطى الثاني، فقد تمثّل في ما جرى من استبدال للوثن القومي في الذهن العروبي بالمقدّس التوحيدي، إذا تجلّت هذه الفيدرالية في المخيّلة المأزومة والمرضوضة بهزيمة الحامي الموهوم تقسيماً وتفتيتاً للعراق. وعلى خلفية هذين المعطيين، جرى تصوير الفيدرالية على أنّها الآفة التي لا تنخر في جسم العراق وحده فحسب بل وتجازف بأن تتفشّى في كامل الجسد المحيط به والمُماسِ له، ولذلك شغلت تشنيعها ومحاربتها المكان الأوسع في الخطاب العروبي العراقي وملحقاته (المقاومة) في الإقليم.
إلا أنّه مع انسحاب أمريكا من العراق وتواجه وتقابل المكوّنات العراقية مع بعضها وتمعّنها في حصيلة نزاعاتها وصراعاتها وتقاتلها دفعت بتكويناتها السياسية وحواملها الاجتماعية إلى إعادة النظر لا في خطابها فحسب بل وفي مشاريعها السياسية لتتحوّل الفيدرالية من داء إلى دواء في وصفة من كانوا أشدّ أعدائها شراسة.
مع انطلاقة الحراك السلمي في سوريا وتطوّره وانفتاح سوريا أمام المشاريع السياسية، طُرِحتَ صيغة الفيدرالية كشعارٍ تبنّته الأطراف الكوردية المنضوية في إطار المجلس الوطني الكوردي وذلك في قفزة شاسعة مفارقة لبرامج تلك الأطراف السياسية الأمر الذي ترك الانطباع بأنّ هذا الطرح لم يكن سوى افرازٍ من افرازات انفتاح الشهية السياسية على المشاريع الحالمة أو محاكاةٍ افتراضية لتجربة الاقليم الجنوبي من كوردستان في علاقته مع العراق، الأمر الذي دفع بالمعارضة السورية إلى الاستزادة بالخطاب العروبي المستجلَب من الفلوكلور العراقي في تشنيع الفيدرالية ومناهضتها.
وإذا كان الواقع الكوردي في سوريا يختلف فعلاً في معطياته عمّا هو عليه الواقع الكوردي في العراق- ولن نقف هنا على أوجه الاختلاف بين الواقعين- فإنّ تجربة بناء الدولة السورية تاريخياً وواقعها الراهن يتطلّبان توقّفاً مكثّفاً عليهما.
فعبر التاريخ لم تقم دولة بالمعنى السياسي والاجتماعي على الأرض السورية لا بحدودها الحالية ولا على جزءٍ منها باسم سوريا، بل تحدّدت الدولة السورية بحدودها الراهنة والمعترَف بها دولياً بموجب عدّة اتفاقيات ومعاهدات أعقبت اتفاقية سايكس – بيكو، المُبْرَمة بين فرنسا والمملكة المتّحدة في داونينغ ستريت في 16 مايو 1916، وكان آخرها اتفاق الترسيم النهائي للحدود في عام 1939. في إطار هذا التحديد، ضمّت حدود الدولة السورية، التي نالت استقلالها فعلياً في عام 1946، مكوّنات قومية ودينية ومذهبية متنوّعة كانت سلطة الانتداب الفرنسي قد سعت في بداية عهدها إلى أن تأخذ هذا التنوّع وخاصّة المذهبي منه بعين الاعتبار حينما أقامت عدّة دويلات على هذا الأساس كحكومة العلويين ودولة جبل الدروز ودولة سوريا، بينما جعلت سنجق اسكندرون يتمتّع بإدارة خاصّة، ثمّ دمجها بإقامة اتحاد بين الدول الأربع في عام 1923. وكانت هذه صيغة فيدرالية مبكّرة في سوريا كان يكفي للنظر إليها بعين الشكّ والرفض كونها من نتاج الدولة المنتدبة. ومع أنّه تمّ تجاوز تلك الصيغة الاتحادية وفي مرحلة لاحقة من تصاعد المدّ العروبي وبلوغه للسلطة تمّ العمل على إسقاط تلك الصيغة من الذاكرة الجمعية للسوريين، إلا أنّ مفاعيل التنوّع في سوريا ظلت تعتمل في الحواضن الاجتماعية المختلفة على مدى أكثر من ستّة عقود لتذري رياح الثورة الرماد وتكشّف عن الجمر المتّقد تحتها.
ومع أنّ كلاً من النظام والمعارضة يتباريان في الإدّعاء بالحفاظ على تماسك الدولة ومركزيتها إلا أنّ الحرب الشرسة التي يخوضانها والتي باتت تتحوّل إلى نزاعٍ طائفيّ فاقعٍ في بعض مواقعها وما سيتركه هذا النزاع من شروخ عميقة في البنيان السياسي والاجتماعي والثقافي والوجداني والنفسي والاقتصادي في البلاد، إضافة إلى تشكّل ما يشبه جيوش محلية ومناطقية تختلف في بنيتها الاجتماعية ومعتقداتها الأيديولوجية، كلّ هذا سيدفع بالسوريين في مرحلة ما إلى الاستعاضة عن الاستمرار في التقاتل والخوف المتبادل بصيغة من اللامركزية التي تحفظ للأطراف المختلفة نوعاً من الاطمئنان الكفيل بضمان عودة السوريين إلى التعايش والحياة المشتركة حتى وان لم تُسمّى بالفيدرالية.



#حسين_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤشرات وعوامل توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد
- الحالة الكوردية في ظلّ الوضع السوري الراهن
- الحلّ السياسي في سوريا بين الواقع والأوهام
- الثورة السورية ومخاوف الكورد
- الثورة السورية ومخاوف الأقليات
- عن الاتحاد الديمقراطي وسيطرته على المناطق الكوردية
- تركيا: بين الرياضة والسياسة
- بين حملة « أنا هي» وانتخابات المجلس المحلّي لحلب
- سوريا: عن النظام والمعارضة وحلفائهما
- المسألة السورية: بين التكتيك والإستراتيجية
- بمناسبة الحديث عن الحكومة الكوردية
- القضية الكوردية في سوريا: التحوّل الدراماتيكي؟
- العلاقة الجدلية بين حقوق الإنسان وحقوق الأقليات
- عن وحدة الدولة ومركزيتها
- ظاهرة الإرهاب وعلاقتها بالاستبداد


المزيد.....




- -ظل وفيا لمبارك لآخر لحظة-.. نجيب ساويرس يعلق على ذكرى رحيل ...
- قضاة ألمانيا يدعون لحماية الادعاء العام من النفوذ السياسي
- ترامب مستعد للذهاب إلى المحاكم لتهدئة حرائق أشعلتها ملفات إب ...
- كاتب إسباني مضرب عن الطعام: قادة أوروبا يمارسون النفاق تجاه ...
- أونروا تطالب إسرائيل بإدخال مساعدات إلى غزة مخزنة بالعريش
- سؤال وجواب عن معاهدة الصداقة بين بريطانيا وألمانيا
- كاتب إسرائيلي: نجونا من المحرقة ولم ننج من الاتهام بمعاداة ا ...
- ليث البلعوس: أحداث السويداء يتحملها من زجوا بالدروز في مشاري ...
- دروز إسرائيليون تسللوا لسوريا واعتدوا على جيش الاحتلال
- الزلزال الذي أطلقه ابو عبيدة


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عمر - عن سوريا والفيدرالية