بوزيد مولود الغلى
الحوار المتمدن-العدد: 4215 - 2013 / 9 / 14 - 02:56
المحور:
كتابات ساخرة
ترجل عن ظهر بغلته ، وامتشق بقايا رجولته ، و جهّز بين فكيه مكنون مزودته من الكلام ، و نظر الى الرجل الماثل قدامه ، ورفع عقيرته صارخا في وجهه حتى شوش على ضجيج الآلات ، لكنه صوّت فجأة ...
لم تخالجه بشاشة حياء ، وإنما زادت نبرة صوته ارتفاعا وحدة . تفرس الرجلُ في وجهه هنيهة ثم انفجر ضاحكا ، وقال : أضراطاً وأنت تُخاصمُ ؟ ، هبْ أن صراخك وضجيج الآلات حجبا صوْت الضراط ، فما أنت فاعل كي تذهب الريح الكريهة ؟.
لم ينبس ببنت شفة . سرح بخياله بعيدا . تذكر قصته مع رئيس سابق ، جاءه زائرا ذات صباح ، فأجاءه الأخبثان الى دورة مياه المكتب الفارِه ، وحمد ربه على الخلاص من الأذى ، لكن ، الرائحة الكريهة تسللت الى أنف الرئيس ، فاشمئز و امتلأ صدره غيظا ، وأمر الحاجب أن يمنعه إذا عاد ، فأولى له أن ينجس ملْكه ، ويريح الآخرين من أذاه .
عاد أدراجه الى مضارب خيام قومه في البادية القريبة . مكث مدة مستمتعا برحابة المكان الذي لا يتشدد أهله في شأن دورات المياه ، فالأرض الشبيهة بالخلاء لا تضيق عن حاجته وحاجة غيره ، لكن نظرة الحاجب الذي حدجه بعين يشع منها الاحتقار ، وصرخة الرئيس الذي صب جام غضبه على بوّابه ، لم تفارق مخيلته . كأنها كوابيس تلاحقه . تنتابه مشاعر تتراوح بين إبداء الغضب عند أول زيارة للسيد الرئيس لإعادة الاعتبار لنفسه الجريحة ، و مشاعر تهزه هزا للتخلص من آثار الإحساس بالاهانة . قال في نفسه : لماذا اهتم بهذا الهراء ، أنا سيد في قومي ، ولن ينتقص من وجاهتي صوت خرج جهرا هناك أو " نجسٌ" سقط قهرا هناك . فحين يخاف الكبار مثلي ، لا ترتعد فرائصهم أو ترتخي حبالهم الصوتية فحسب ، بل " تنخرم و تترهل " عضلات " مخارجهم....
حاول نسيان القصة ، تسلق شجرة المجد من أدنى غصونها . كوّر عمامة بيضاء على رأسه ، و حلق بعناية شعر ذقنه كي لا يبدو زعيما بدويا لا تناسبه أرائك الإدارة التي تربع على رأسها ببركة رؤوس أموال اقترضها من صندوق قرض فلاحي لا يحسن النطق باسمه . يقلب ضاده دالا .
مضت سنوات سمان ، علمته شراء الخرفان و نصب موائد الشواء لكل ذي سلطان ، جل منصبه أو دقّ موقعه ضمن السلم الإداري ، و أعقبتها بضع عجاف ، أكلن كل ما ادخر من مال وجاه ، فانتهى سمسارا متسولا على أبواب الأثرياء يعمل مياوما كل فترة انتخابات تأتي بغتة كالربيع في غير وقته .
يتبع .................
#بوزيد_مولود_الغلى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟