|
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-17
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4199 - 2013 / 8 / 29 - 03:22
المحور:
الادب والفن
البحث عن الغائب الحاضر -رواية -17- ************************** كانت صورة الأحداث التي مرت به خلال الأسبوع الماضي كافية لتعيده وراء شيئا ما . لتركيب الصورة الكاملة يجب مراجعة الأحداث لقطة لقطة ، حتى تلك التي تبدو بدون قيمة لا بد لها من مكان في الصورة كي تمنحها تفاصيل تجربة مررت بها في حياتك ، وهي الأساس الذي ستبني عليه مستقبل تجاربك . اختار هذه المرة أن يجلس في مقهى قليلة الزبائن ، لابد وأن يرتب أفكاره جيدا ، الضوضاء تتلف التركيز ، " تعلمت أن لا أترك شيئا يمر دون قراءة كل تداعياته ، فحتى تلك المرأة العجوز التي تبيع القسبور والمعدنوز وبعض حبات الليمون وراءها قصة مأساوية ، فكيف أترك صيدا ثمينا مثل أحمد ؟ ، فانا في النهاية صحفي ، والصحفي لا يقتات الا على أخبار الغير ، لن أكون مثل هؤلاء الصحفيين الذين يهبون للقرد صولجانا ، ولباسا ويعظمونه في أحلامهم ، لن أكون مثل هؤلاء الصحفيين الذين يقفون عند أعتاب المكاتب لتقدم لهم السكرتيرة مظروفا بمائة درهم وينصرفوا دون أن يتشرفوا بمقابلة رئيس المؤسسة ، ولن أكون بوقا ضدا الفقراء والتعساء " . قال مصطفى لنفسه وهو ينظر في فنجان القهوة المر الذي وضعه أمامه النادل ولم يذقه منذ نصف ساعة . "عندما نكون مهمومين بقضايا حقيقية ، نكون كمن خرجنا من صحراء السراب الى جنة محفوفة بالخناجر . لكن لا يهم مادامت النتيجة وان طال بي المقام في هذه الدنيا ستكون النهاية المحتومة ، فالموت قادم ، ولا أحد يملك تاريخ يومه الأخير ، علي اذن ان أترك أثرا يدل على مروري من هذه الطريق ، يسمونها الحياة ، وأجمل ما في هذه الحياة ان اسمها حياة ، وهذا لا يدل على شيئ ، وانما يدل على حيوية الانسان في هذا الممر الذي أصبح ضيقا في هذه البلاد ". لم يدع لسوء النية أن يحرف وجهة نظره ، فالرجلان اللذان دخلا وراءه لا يمكن ان يكونا من المخبرين ، وحتى وان كانوا من المخبرين فانهم لن يدخلوا غرفة ذهنه ، هي الغرفة الوحيدة التي لا يدخلها غير صاحبها . " أحمد رجل من المخابرات المغربية ، أصيب باحباط شديد جراء طبيعة العمل في هذه الادارة ، هي تمنحك كل شيئ مقابل أن تخسر أجمل شيئ ، تمنحك الثروة والسلطة من خارج قيمة عرقك وجهدك ، لكنه منذ سنوات لم يحظ بترقية ، رغم المجهودات والمهام الخطيرة التي قام بها ، انهم يعاملون أمثاله كمساجين ، ما ان يتورطوا معهم في مهام وسخة حتى يصبحوا عبدة جرائمهم ، وتنسد امامهم أبواب الحياة ، الا اذا خرجوا الى الأبواب المسدودة كالمتاجرة في الممنوعات ، وهو الآن حصل لديه تأنيب ضمير قوي ، ولا أظنه سيستمر في العمل الا اذا قتل فيه ذلك الحس الانساني الذي استيقظ لديه " . التفت رغما عنه الى الزاوية التي يجلس اليها الرجلان اللذان خالهما جاسوسين ، بعدما انهى تفكيره في أحمد . وجد نفسه مرغما على الالتفاف اليهما ، كأن فعلا لا اراديا قد تحكم فيه دون اذنه ودون ارادته . لقد توهم باطنيا أن الرجلين قد سمعا ما دار في باله ، ابتسم قليلا على غبائه وعلى تلك الدوافع والهواجس الباطنية التي تتحكم في الانسان من فرط التفكير فيها لمدة من المدد او من شدة سريانها بين افراد المجتمع . "لايمكن أن ننتظر الاخرين كي نكون كالقطيع ، انه عصر الشفافية ، انه زمننا زمن تحدي العقل الانساني نفسه ، فهذا التطور الهائل الذي وصل اليه الانسان اليوم يتحدى وسائل وتقنيات ومواهب وشروط حياة الانسان قبل سنوات قليلة ، نحن دائما ننتظر الغرباء كي يفتحوا لنا ابواب الوجود ، لن أدع هذه الفرصة تمر من بين يدي ، هناك ألف طريقة للكتابة عن أحمد ، تغيير الاسم ، تغيير البلد ، تغيير طبيعة الأحداث أو اعادة تركيبها " ثم ضحك الى درجة لفتت أنظار الرجلين اليه فقد وجد نفسه يقول في سريرته " أو أشخصها على لسان الحيوانات كما كان يفعل الساردون والشعراء القدماء " ههههههههههه .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انا من هنالك
-
أنا من هنالك
-
بعيدا عن السياسة في قلب السياسة
-
البحث عن الغائب الحاضر -رواية-15-
-
انجازات الملك محمد السادس الغائبة
-
شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي
-
عندما يصبح الانسان نفسه كذبة كبيرة
-
المغاربة والسياسة
-
اضاءات حول انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة المغربية
-
اللعبة المصرية واحراق المرجعية
-
مصر والاختيار الأصعب
-
غياب المثقف ، والمثقف الانسان
-
البحث عن الغائب الحاضر -14-رواية
-
اليسار المغربي وحدة من أجل موت جماعي
-
عوربة الاقتتال
-
العرب ومجتمع الزيف
-
واقع الشعر من واقع العرب
-
ايران ولعب الكبار
-
الصمت بين المعنى والوجود
-
لاتصدقي تجار الدين
المزيد.....
-
-القلب يعشق كل جميل-: أم كلثوم تغنّي فرحة الحج بلغة البسطاء
...
-
ظهور خاص لبيلا حديد في كليب فنان عربي (فيديو)
-
وفاة الملحن المصري الشاب أمير جادو
-
-فنان العرب- يظهر في عيد ميلاده.. -روتانا- تحتفل به وآمال م
...
-
فنانة لبنانية ترقص وتغني على المسرح في أشهر متقدمة من الحمل
...
-
“فرحة للعيال كلها في العيد!” أقوى أفلام الكرتون على تردد قنا
...
-
موسيقيون جزائريون يشاركون في مهرجان الجاز بالأورال الروسية
-
الشاعر إبراهيم داوود: أطفال غزة سيكونون إما مقاومين أو أدباء
...
-
شاهد بالفيديو.. كيف يقلب غزو للحشرات رحلة سياحية إلى فيلم رع
...
-
بالفيديو.. غزو للحشرات يقلب رحلة سياحية إلى فيلم رعب
المزيد.....
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
المزيد.....
|