أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وسن الناصري - صرخة بلا صوت














المزيد.....

صرخة بلا صوت


وسن الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 08:09
المحور: الادب والفن
    


انهمر المطر بكل غزارة غمرت المياه الشوارع ,عجلات السيارات تدور عنوة ,السائقون يقودون بتأني خوفا من الانزلاق
لم اعد ارى... قطرات المطر الغزيرة بللت زجاج السيارة ,كنت جالسة في المقعد الخلفي محشورة بين حقائب احمل فيها امتعتي اعتز بها رغم عدم حاجتي لها
الشوارع مزدحمة, الناس كلهم غرباء !منزعجون من المطر الذي يعيق حركتهم, عدا الاطفال فرحين بهذا العطاء السماوي ....
دمعاتي كانت تباغتني حائرة الى اي مكان اذهب بسفري الطويل ..اي عنوان اعطيه للسائق كي ياخذني اليه لابد هناك نهاية بهذا الطريق... اجل سأعطيه عنوان أحط به رحالي مؤقتا قبل ان اكمل مسيري انعطفت السيارة نحو المكان المطلوب, ارتعد قلبي واختلطت مياه المطر بدموعي برودة جعلت اطرافي ترتعش وتخيلات متداخلة مع ذكريات قديمة ...
هو نفس المكان الذي كنت اسكن فيه ..افزعني صوت السائق قائلا قد وصلنا..صحوت من غفلتي طلبت منه ان يساعدني بحمل الحقائب .. راح يحمل معي والمطر لازال ينهمر ثيابي طويلة اثقلتها المياه وكأنها مربوطة بحجر اجر بأذيالي مع الحقائب عنوه قال السائق ..الم يجدر ان يأتي من يساعدك, نضرت اليه, دون ان اجيبه لكن كنت احدث نفسي "هل تريدني ان اخبرك انني غريبة عن كل ممن حولي" وقفت امام الباب تذكرت لا املك المفاتيح فأنني تركت المكان منذ زمن ..رحت انادي للسائق لكنه ابتعد واخذ مكانه بين الزحام ...
قررت ان اكمل طريقي, خرجت من صخب المدينة راجلة تباعدت الاضواء وتلاشت بيوتات ألمدينة بقيت وحدي انا وحقائبي اسحبها عنوة ...حل الغروب ,ونام النهار مودعا كل الاحلام التي طوتها الشوارع وأخمدها الغروب...
لاحت لي اطلال بالطرف الاخر رغم تعبي لكني اجهدت نفسي كي اصلها لأنام ليلتي بأحد زواياها ..هاهي امامي لا تبعدني عنها سوى بعض من الامتار القليلة... تنفست قليلا وملأت صدري من الهواء المغبر دخلت المدينة المهجورة تنقلت بين دهاليزها لا اسمع سوى طقطقة تخرج من تحت قدمي بسبب الاحجار والأعشاب المتيبسة, صفير الهواء يخرج من بين جدرانها ,اطلال تبعث في النفس الرعب الممزوج مع الارتياح لخلوها.. لابد ان كانت هذه المدينة الخاوية تعج بالصخب البشري تأملت بها سمعت اصوات وصخب بين الازقة وضحكات وعتاب ومشاجرة بين التجار في متاجرها روائح زكية تخرج من البيوت نساء يتبادلن الحديث امام عتبات منازلهن, اطفال يلعبون بين الازقة ...اجل انها مدينة من زمن اخر لا اعلم هل دونها التاريخ ام خمدت بمقبرة النسيان الابدي ...بعض جيف الحيوانات متعفنة تبعث رائحة نتنة جعلتني احس بالغثيان وكثير ما تقيأت ,..طويت جسمي على احدا حقائبي ,وضعت راسي بين ركبتي ,وأخذت وضع الجنين ببطن امه, فكرت كثيرا بأوراقي التي تركتها بين طيات اغراضي قد تسللت كلماتها الرطوبة مثل ما تسللت خلسة على كل ايامي وأكلت منها كثير من الذكريات ومحتها... قضيت ليلتي وأنا بين النوم الذي اثقل كل قواي وبين الخوف من الاصوات التي تصدرها الخفافيش وهي تخطف من فوقي ...
زاورتني الشمس في الصباح استيقظت, لكني لازلت متعبة فلابد ان اكمل طريقي وكلي اصرار ان احمل معي حقائبي انهكني التعب طريق طويل وكأن ليس له بداية ولانهاية يأس اطبق علي...
قدماي بدأتا تتورمين من السير الطويل وبعض من اصابع قدمي تشققت وسال منها دم ممزوج بصديد
تقيأتني كل الاطلال المنسية والأراضي المقفرة بقيت انا والطريق الخالية
_اين تاخذني ومتى ينتهي المسير
_الاتعلمين ان كثير منهم تاهوا هنا وضاعوا ودفنتهم الغبراء
_هل هذا مصيري
ايها الطريق دلني على مسار من وصل
_كثير هم من مات دون ان يصل مقصده...على هذا الجانب كانت تستنجد لكنهم قتلوها دون من يسمعها احد ثأروا لشرفهم داروا ظهورهم وابتلعهم الظلام وغصت الارض من دمائها
كنت اسمع للطريق اكيد انه يعرف كل من مر من هنا فلابد حاورهم مثل ما هو الان يحدثني عنهم
_هنا سقط وابتلعه ضباب الاحلام كان قاصدا تغير حياته هاربا من جشع وظلم زمانه بقيت صورة عائلته مدفونة تحت ثرى هذه الارض الخاوية
تعودت ان اراهم ميتون قبل ان يصلوا
بعض منهم من كان يأتي وينصب خيامه مع اقاربه ويستقر لبعض الوقت وأيضا مات منهم الكثير
_اتقصد ان هذا التراب الذاري هو ترابهم
_لا اعلم اضن ان ترابهم لازال رطبا ولا اضنه يوما سوف يجف لان كل قصصهم لازالت حية ..
ايعقل ان اموت هنا قبل ان ابلغ مقصدي؟..
هل يوجد لي مكان اموت فيه بين من ماتوا قبلي؟..
هل سيحكي عني الطريق للقادمين بعدي ؟..
اجهضت كل احلامي تجردت شيئا فشيئا من امتعتي وحقائبي وكأني استسلمت لمصيري لأترك الموت ينقض علي مثل تلك العجوز التي جلست القرفصاء في احد زوايا مخدعها واضعة رأسها بين ركبتيها وشعرها الفضي يغطيها ماتت دون ان يعلم احد كانوا الاطفال ينضرون اليها من خلال شروخ الجدران التي صدعتها السنين
بلغت من الطريق الكثير هل اعود الى تلك الباب المغلق وإذا عدت اجده مفتوح ام لا
ألازالت جدرانه تعرفني هل رائحتي موجودة ام ماتت هي الاخرى كلماتي صرخاتي كم اطلقت من الصرخات بكت الجدران لها...
برودة اثلجت جسدي المرتعد السماء ارعدت دون مطر او حتى رياح ...مزقت ثيابي ,هشمت اضلعي الحانية ,بكيت دون دموع ,صرخت دون صوت ,ركضت غاصت قدماي, سكون ,ضجيج ,اختلط كل شي رأيت النهاية اجل ابلغتها فرحت تمنيت لو الان املك صوت لأبلغت الطريق اني وصلت لقد كانت ارادتي اقوى من كل شيء
_اه نهاية الطريق مطبق مع السماء خبرني ايها الطريق ارجوك اسمعني اهناك مجال للعبور حاولت كي اصل صوتي
_اذا عبرت اين اصل هل اصعد السماء ام يكون الطريق منبسط
نصفي ابتلعه التراب ونصفي الاخر لازال يلوح للطريق عله ينقذه او حتى يسمعه



#وسن_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية مسؤولية
- غيبوبه
- الخطيئة
- ليس كما تضنون
- الباحة
- خطوات نحو المجهول
- سراب الانتظار
- بعثرة


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وسن الناصري - صرخة بلا صوت