أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جواد كاظم غلوم - غودو آتٍ لامحالة














المزيد.....

غودو آتٍ لامحالة


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 00:08
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


منذ ان استرخى صموئيل بيكيت على مقعد الطائرة في مطار هيثرو بالعاصمة البريطانية عازما العودة الى باريس ، تفاجأ بالكابتن غودو (هذا هو اسمه الحقيقي فعلا ) وهو قائد الطائرة التي ستتجه الى مدينة النور وهو يمسك بالمايكرفون مناديا بابتسامة مصطنعة اعتاد عليها يوميا : " مرحبا بكم اعزائي المسافرين ، انا الكابتن غودو أحييكم على متن الطائرة (....) في الرحلة (.....) متمنيا لكم رحلة سعيدة موفقة عبر بحر المانش الخلاب ، الرجاء شدّوا الاحزمة جيدا أتوقع هناك مطبّات هوائية قد تثير فيكم بعض القلق ، معذرة ايها الاصدقاء المسافرون ، رحلة مصونة وعودة ميمونة
هلع بيكيت خوفا ، أحسّ انّ اجَله آتٍ وقال في سرّه : هاهو الذي ترقبناه طويلا قد عاد حاملا معه ذلك الرعب التجريدي الذي سيملأ عالمنا خوفا دائما ، اما نحن الذين نعيش هذا الزمن المرير اجل ؛ نشاطرك الرعب ايها الكاتب الكبير ففي عالمنا العربي هواجس تثير الآسى واهوال يشيب لها شعر الرأس وحيرة توخز عقولنا وتهدم وجودنا
سوريا الشامية المحتد والمنبت عائمة بالنزيف الذي لاينقطع من الدماء ، هناك موت من النوع الآخر ؛ صامت بلا ازيز يتنفسه الانسان في صدره فيتصاعد الخناق ويبلغ الحلقوم وتصل القلوبُ الحناجرَ ويتمدد الآف الاطفال موتى من الانفاس القاتلة بلا مجازر السيف والرصاص وبصمت قلّ نظيره وتعوم الغوطة بمشاهد الموتى ، قبور ظاهرة للعيان تضم رفات اطفال صغار بعمر الزهور
مصر الكنانة تستشيط غضبا والصراع بين العسكر والأسلمة ومايسمونه الفلول و" الحرامية " الذين سلبوا ثورة يناير واضطرابات تشتعل كثيرا وتخبو قليلا ولا ندري كيف يكون مآلها ونهايتها الدرامية في انتظار مَن !!
العراق يتفجر بالسيارات الملغمة والعبوات الناسفة والعمليات العسكرية قائمة على قدم وساق ومرجل بغداد يغلي زحاما وتأففا من مستقبل مجهول لايعلم به الاّ الله والراسخون في السياسة الماسخة الغريبة الاطوار وبين ساعة واخرى يموت العشرات هنا وهناك وتفرّخ فينا الجرحى والموجوعين
الشمال الافريقي هو ايضا عائم بالاضطرابات والاغتيالات ، ليبيا لاتهدأ وتحكمها المليشيات ؛ تلعب بها يمنة ويسرة . اما تونس التي سميناها مهد الربيع العربي فقد أوصلتنا بغمضة عين الى لحدنا ، نموت بسرعة البرق ونستقر في قبورنا جموعا ؛ فالمقابر الجماعية عادت الينا بزيّ اخر لكنه اكثر احمرارا بصبغة الدم وعلى المكشوف ، ظاهرة للعيان دون خجل او استحياء
لبنان الفتاة الفينيقية الصغيرة ذات الضفائر الذهبية تعيش اياما حالكة ، حذت حذو بغداد في امتهان الالعاب بالسيارات المفخخة ، تأتيها الرياح المجمرة من جيرانها ومن بعض اهلها العاقّين ، وكلٌ يجرّ حبله على هواه ليطيحَ بابناء جلدته ويوقعهم في مهاوي الردى
لاتقولوا لنا ان هذا هو ثمن الديمقراطية الباهظ فقد دفعنا ابناءنا للموت ولم يبق لدينا في اصلابنا نطف صالحة فقد بلغ السيل الزبى ووصلت القلوبُ الحناجرَ ولاشيء غير الموت يرافقنا اينما حللنا فكل ارضنا العربية اصبحت لحدا وقبورا تفتح افواهها نهما وتهب علينا كالريح السموم
تجرعنا المرّ ورأينا العجب العجاب وحُزّت رقابنا بسكاكين صدئة عمياء غير ان مشهد اولادنا الموتى في سوريا أنبت فينا فزعاً لايطاق ، جحظت عيوننا ونحن نرى هؤلاء الفتية الصغار يلفّهم الموت الارعن القذر ، وجفّ الدمع في مآقينا وارتعدت اوصالنا خوفا من مقبلٍ سيحصد الناس والزرع والضرع
صمّا وبكما للربيع العربي وصانعيه وزارعي نباته الزقوم والغسلين وورودهِ السامة
عميا لكل من يغمض عينيه على اكوام اجساد الاطفال الموتى في غوطة الشام ولعنة الله على قاتليهم أيّا كانوا سواء من قومي او اية اقوام اخرى التمّت في ربوعنا ليعيثوا فسادا في سوريا بردى
سحقا لكم ايها السفلة الاوغاد يامن يجيشون على الصغار والخائفين والنسوة والعاجزين والمستضعفين
قبحا لك ايها الزمن الوغد ، أبقيت لنا ذنَب العقارب السامة تجول في ملاعب زاهية نضرة بعد ان أحالتها الى خرائب واطلال مهجورة
صدقت جدّتنا الخنساء أمّ الشهداء ، ونادبة أخويها القتيلين وهي تقول شاتمة الزمان وأعاجيبه
ان الـزمان ومايـفـنى له عـجـبٌ ........أبقى لنا ذنَباً واستؤصل الراسُ
ان الجديدين في طول اختلافهما........ لايـفسدان ولـكن يفـسدُ النـاس



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث قصائد : 1) حوادث مرورية ،2) صدْرٌ منشرح 3) كلماتٌ برفقة ...
- إنهم يشتمون الديمقراطية
- قصيدة بعنوان - غيضٌ من فيض -
- اغتيال العلمانية في تونس/ مَن الضحية بعد بلعيد والبراهمي ؟؟
- قصيدة بعنوان: لِمَن تحت قدميها الجنان
- تهميش النتاج الذهني وتهشيم العقل
- كرماء رمضان - بمناسبة حلول شهر الصوم -
- قصيدتان : 1)شاعرٌ ثقيل الظلّ والجيب ، 2) أغوار عميقةٌ
- قصيدة بعنوان - وقودُها العارُ والسفالة -
- يفجّرون بيوت الله ليدخلوا جنّتَهُ
- وصايا لاتأخذوا بها
- السيّدة ذات الرداء الأحمر
- مواعظ ونصائح شيخ المايكروسوفت
- قصيدة بعنوان : رضاعة الكبير
- كنوزنا الضائعة في الشتات
- سوريا التي في خاطري وفي دمي
- تشويهُ معالم بغداد
- وخزاتٌ لابدّ منها
- هل أدلُّكم على تجارةٍ تبدّدُ أموالكم ؟؟!
- الجامعةُ العربيّة في النزَع الأخير


المزيد.....




- -لا لإقامة المزيد من القواعد العسكرية-: نشطاء يساريون يتظاهر ...
- زعيم اليساريين في الاتحاد الأوروبي يدعو للتفاوض لإنهاء الحرب ...
- زعيم يساري أوروبي: حان وقت التفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا
- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جواد كاظم غلوم - غودو آتٍ لامحالة