اذن من طين واذن من عجين

نوري جاسم المياحي

الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 08:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

في عام 1997 قضيت 6 اشهر في غياهب سراديب امن الرصافة ...بسبب نصب جهاز ستلايت في بيتي ..وفي حينها كانت هذه الاجهزة تهرب الى بغداد من شمال العراق وكان الجهاز الواحد يباع بسعر ربع مليون دينار ...وكان من ينصب هذا الجهاز في بيته يعتبر عدو للنظام وللحزب وللقائد ..واية مخالفة انذاك يترتب عليها مجموعة من العقوبات وليس عقوبة واحدة وغصبا ما عليك تنفذها كلها وانت الممنون ( مو مثل هسة ...انحكم بالاعدام ..ادفع المقسوم بالدولار ..وتطلع بريء) ..المهم ..عوقبت بثلاث عقوبات ..مصادرة الجهاز والصحن اللاقط ( وهذا بحد ذاته كان بلوة فقطره 3 متر ) ...ونقله من الشيخ عمر للبيت ..ايضا تعتبر بلوة ...والاصعب من كلهن لازم البائع ياتمنك ويأمن يصنع الك دش..بحيث يحلفك ( انت والعرف الواسطة ) مليون قسم ويمين ..ان ما تروح وتخبر الامن عليه في حالة اللي يلزموك بيهه ..وثاني عقوبة هي غرامة 300 الف دينار تدفعها عدا ونقدا ...او تندفن حيا ..والعقوبة الثالثة ..تقضي ستة اشهر من عمرك في غياهب سراديب الامن السياحية وبعيدا عن اشعة الشمس الفضية ..
كل هذه المصايب لانك تجرأت وتجاسرت ونصبت جهاز ستلايت تشوف فيه افلام اجنبية ورقص هزي يا وز ..
اما بعد الاحتلال وسقوط النظام ..فقد انقلب الحال من حال الى حال ..فقد اصبح عدم وجود ستلايت في البيت من العيب والمحال ..سبحانك يامقلب الاحوال ..واليوم ..حتى الاخرس والاطرش ..صار خبيرا بالقيل والقال ..ويروي القصص ويضرب الامثال ..
وهنا لابد من الذكر وبسبب الاحوال والخدمات المأساوية لم يجد العراقي المثقف نافذة ينفث همومه واشجانه سوى النشر والتعبير على الانترنت ..مستفيدا من فسحة الحرية التي اتاحها المحتل (البغيض) .. وانا احد هؤلاء المستغلين ..واشارك همومي مع اصدقائي وزملائي ..من كبار السن والعجائز ونتذكر ايام الشباب والخير والعز ..فاجد من يتضامن معي واجد من زهقت روحه من كثرة الكلام وتعب ومل ..من النصيحة ..حتى اصبحت عبارة ( لاحياة لمن تنادي عمده يرددها كشربة الماء ) ..
كما يوجد المستفيد من الوضع ومبربع بالنعيم السلطوي وكرف لملايين والايفادات للخارج ...فهذا مو بس ما يتضامن معي ولكن يسبني ويشتمني ..ويتهمني ا ني بعثي صدامي ..
ولي صديق عزيز بصراوي اجله واحترمه ولو تمكنت لحملته على رأسي لوطنيته وحبه للعراق واهله..اسمه ابو عبدالله من عشيرة الذكير العربية الاصيلة ..كتب لي تعليقا وردا على احدى مقالاتي رسالة ( واني مضوجة ..يومية دازز اله مقاله )..
وجدت من اللطافة والطرافة نشرها ومشاركتكم بقراءنها للفائدة ..وللاطلاع على حال المثقف العراقي في هذا الزمن الاغبر..بعد تصرفت وحذفت بعض الاسماء واالعبارات ..لاختصارها وللحفاظ على خصوصية الكاتب ..وهي نموذج ليس بالضرورة متطابقة حرفيا لنبض الالوف من العراقيين التي تنشر يوميا ..
كتب صاحبي ( امد الله في عمره ) ..
خوش حجي نوري لكن منو ديسمع؟ شعبنا اذن من طين واذن من عجين.. بس مو من عجين الكميه (الحصة )...علة الكهرباء اللي عشر سنين مالاكين أله حل راح تطول وتطول وتصير مثل قضية فلسطين لو حرب داحس والغبراء ..
مر علينا شهر رمضان واذا العالم الاسلامي كله والمليار مسلم ينالهم ثواب بس احنا البصاروة ينالنا ثوابين..بالله عليك كهرباء تشتغل ربع ساعه وتنطفي ساعتين حتى مولدة الكهرباء اللي ننطي صاحبها قيمة كم امبير كامت تكح مثل شايب يدخن 40 جكاره لف ومزبن باليوم ..وكم ساعه واشتغلت هم نعم الله عليها .. ولكن حركت ضمير البنكات النايم والمجمده اما المكيف فلفيناه بالنايلون عن الغبار لان الكهرباء رغم قصر المده مصابه بالصرع مره تفك ومره تتشنج.. وهاي المره الثانيه ..اغير الكومبريسر مالته ..هم نعم الله نترس جم صحن ثلج حتى نشرب ماي بارد ويا الفطور لان الحصول على ثلج ينراد لك حماية برلماني اوبرلمانيه.. والضرب بالنعل حشاك وماتدري شنو نوعية الماي..
جارتنا شابه متزوجه تسكن ويا زوجها عند اهله لان وين يولون المساكينوجههم ؟؟ (ما عندهم امكانية تاجير بيت لو شقة ) جابت نص ركيه وتوسلت باهل الرجال حتى يخلوها بالمجمده مالتهم وحتى اذا صارت بارده تكوم تحك ظهر الطفل المتشرن من الحر بقشور الركية.. بالله عليك هاي حالة بلد الخيرات وحدر رجلين اهله بحر نفط ..
انت تدري سوق المهافيف بالبصرة رائجه مثل البورصه العراقيه وتشوف نسوان ابو الخصيب ..يسوون مهافيف ومايلحكون.. صدك لو كالوا ..عيشة البزازين عالمتعثرات.
لما قريت مناقشات البعض التي توصلني مناقشاتهم بالبريد وشلون يحجون من رهاوه قلت: اليدري يدري والمايدري جيلة عدس..ليش ذوله يعرفون شنهي المصيبه اللى طاحت فوق روسنا.؟ ليش اكو برلماني كعد ويا القشامر اللي انتخبوه وسألهم شكو ماكو؟ ..
قبل يومين شفت صديق باحد الدوائر الرسميه يسب ويلعن وبآخر نرفزه.. سألته .. يابه شبيك؟ ظل يسب ويشتم وما خلة واحد وما شتمه ..حتى وصل لرئيس الحكومه واعضاء البرلمان وفراش المحافظ .. اخذته على صفحه وكلت: ولك انت مخبل؟ لو يلكفك هسة مخبر سري الله وكيلك من هذا دربك وكبل للماده 4 ارهاب..وتصير بعثي صدامي ونسيا منسيا ..شنو قصتك ؟ قال عندي قطعة ارض أريد أبيعها والمشتري جاهز والعقد عند المكتب العقاري موقع وبس تتحول باسم المشتري لكن المعامله ماتخلص ينراد الها دهن سير.. شنو الدهن يابه ؟ دفتر دولارات نص عليه ونص على المشتري.. المشتري رفض دفع سنت واحد والمعامله تراوح مكانها ياتدفع يا اشرب من ماي شط العرب اللي صار من الملوحة تيزاب..
من باب النصيحه نصحته يكتب عريضه لمحافظ البصره الجديد واذا بصديقنا يشغل شريط المسبه ويقول: يامعود كلهم حراميه شنو بيدنا اذا جانت السمجه جايفه من راسها..وخرج كما يقول سيبويه ابن عم المرحوم نفطويه لايلوي على شيئ.
والله يا اخي نوري ..اللي متأذي هو الفقير وحده ..اللي لاسكن يظلله ولا اكل يترس بطنه..وجوه الاطفال اللي تشوفهم يشتغلون حمالين بالسوق يخليك تتأسف على هذا الجيل الضائع..مدارس مال اوادم ماكو.. عندك فلوس سجل اولادك بالمدارس الاهلية الخاصه ما عندك خليهم يسرحون مثل الغنم باالشوارع ..والمصيبه انتشار الشذوذ الجنسي بين الاطفال واستغلالهم من قبل الوحوش الكبار اضافه الى المخدرات وحبوب الكبسلة واغاني الموبايل واللطمية ..
ومع هذا يزعل البرلمانيون واعوان السلطه ليش الشعب متذمر؟ الشعب يريد راحه والراحه بس بالمنطقه الخضراء..كل يوم عشرات الارواح تزهق بالتفجيرات والمفخخات ولافد برلماني او برلمانيه صادتهم مفخخة ولو حتى بالغلط انفجار بوتازة من هاي الانفجارات ..
بس الفقير ابن الخايبه يتقطع وصل وصلة وهمه يتفاخرون بالحمايات.. ليش مو ابن البلد اولى بالحمايه؟ لكن ويامن تحجي اخي نوري؟ ان حجينا طمغونا باعوان النظام الصدامي البائد وان سكتنا مثل بلاع الموس شنو التالي؟ الله الوالي.. حفظ الله شعب العراق من اصدقاءه قبل اعداءه.
وهنا انتهت رسالة صديقي ابو عبدالله من البصرة التي ابكتني واقول لنفسي ( هذا حالنا واني ما ادري ؟؟؟)..وكل العراقيين يكتبون ويصرخون بنفس اللهجة ..ولعن لله الامريكان والبريطانين الذين سلطوا علينا من لايرحمنا ..والذين اوصلونا باحتلالهم لهذا الحال ...
وانتبهوا اخوتي ولاحظوا ...حتى هم ما دايرين النا بال ..انظونا اذن من طين واذن من عجين
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا

#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات