أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - نظام إنتاج الخوف – الماتريكس















المزيد.....

نظام إنتاج الخوف – الماتريكس


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 4190 - 2013 / 8 / 20 - 12:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


* الخوف كنقيض وهمي للحب *

إن حقيقة وحدة الوجود لها طابع واحد: هو الحب... وعند استحضار هذه الوحدة، بالوعي لا بالعقل، ومعرفة كل شيء، فإن الحب يكون حاضرا في كل شيء لكل شيء.

ولكن عند غياب هذا الحضور، أي في الوجود الافتراضي الذي نعيشه، في التجربة الواعية الذاتية الخاصة ب"كل منا"، لا يمكن أن ندرك الوجود إلا كأقطاب، كثنائيات، كمتناقضات، بين وجود وعدم، بين نور وعتمة، بين جيد وسيء، بين ذكر وأنثى.

إن الخروج من حالة الحقيقة المطلقة في الواحد الواعي (وحدة الجوهر: 0000000)، لحالة الوجود الافتراضي (الثنائية: 01010101010) هي حالة خروج من اللامحدود إلى المحدود، من اليقين إلى الشك، من المعرفة إلى الجهل، من الكمال إلى النقص، من السكون إلى التناقض، من اللامعرف إلى التعريف، عبر خلق أوهام النهايات والمحدودية.

في موضوع "حين اكتشف الله أنه الله" قلت أن "الكل الواحد" أراد أن يصبح متعددا، أن ينفصل، أن يصبح هناك آخر يحبه. فانتقلنا من الواحد إلى التعدد، ومن الأنا إلى الأنت والهو، من الوحدة إلى وهم الانفصال.

وهذا الآخر الذي يبدو لك أنه ليس أنت لوجود تجربته الذاتية الخاصة به ووعيه الخاص وذاكرته الخاصة، أنت لا تعرفه، وكل غياب للمعرفة ينتج خوفا، فالآخر ظاهرة جديدة، نحن لا نعرف بم يفكر وبم يشعر ولا يمكن أن نتنبأ بهواجسه جازمين بذلك.

إراة الآخر تخيفنا. والجماد (أو ما يبدو أنه جماد) لا يخيفنا مثل الآخر الواعي، أحيانا نحاول أن نعرف الآخر، ونحن في هذه الحالة نسعى لأن نحبه، حتى لو لم نكن مدركين لذلك. وفي أحيان أخرى نخاف من المعرفة، وهذا هو الخوف الواعي لذاته، "الخوف من أن لا يعود هناك خوف"، إنه غريزة باطنية جدا هي أقوى إنتاجات نظام إنتاج الخوف. وحين نخاف من أن نعرف الآخر ونتوحده معه، أو حين نستسهل الجهل به، فإننا سنكرهه، وفعليا نحن نتوهم أننا نكرهه.

هذا هو سبب خوف كثير من الناس من الحيوانات أو اشمئزازهم منها. الاشمئزاز من الشكل ناتج عن خوف ينتجه قبول بمستوى ناقص من المعرفة بما وراء الشكل، خوف من وعي الآخر، خاصة أنه يبدو وعيا متدنيا، والحقيقة أنه مدتن على مستوى العقل لا الوعي.

** جذور الخوف **

إن اللحظة الحرجة لتـَـشـَـكُّـل نظام إنتاج الخوف هي اللحظة التي تحدثنا عنها في موضوع "اليأس من وجود الله"، إنها اللحظة التي "نسي الله فيها أنه الله" باختياره، اختار أن ينسى... بعد أن تسرب إليه الخوف من الفراغ.
لكن تلك كانت الخطوة الثانية في إنتاج الخوف.. لم تكن الخطوة الأولى....

الخطوة الأولى في تشكل نظام إنتاج الخوف جاءت عند إيجاد الآخر المنفصل بحيث أصبح هناك "ذوات واعية" يجهل بعضها بعضا، ويستسهل الخوف من بعضه البعض على معرفة بعضه البعض، أي يستسهل شيئا من الكره والشك (كتجليات للخوف) على المعرفة والحب.

أصبح هناك شيء من الجهل وخرجنا من حالة المعرفة المطلقة، وأصبح هناك خوف من المجهول، وخوف من الفراغ، هذا الخوف من السكون تحدثنا عنه في موضوع "هل الكون يتآمر عليك – عودة للماتريكس الحقيقي"، ومتى ما نتج هذا الخوف، فإنه يغذي نفسه لينشئ نظاما معقدا لإنتاج الخوف.... لذلك كانت هذه الخطوة الثانية (خطوة تفضيل الجهل خوفا من الفراغ الذي تنتجه المعرفة المطلقة) هي الخطوة الحرجة.

الحب هو الحقيقية، هو طابع الوحدة في المطلق الذي يتجاوز كل القطبية وكل البرمجة الثنائية (10101010) وبالتالي فالحب ليس له نقيض حقيقي. هذا يعني أن الكراهية وهم، ولكن حين نفكر في جوهر الكراهية نجد أنها مجرد انعكاس آخر للخوف، والخوف ليس إلاوهما ناتجا عن غياب المعرفة، وبما أن كل معرفة هي حب، فإن غياب المعرفة سيؤدي إلى غياب إدراك الحب، أي إلى الكراهية كتجلٍ للخوف.

فالجهل سيؤدي إلى الخوف، والمعرفة المطلقة الكاملة هي في سكون تام وحب لا مشروط ولا-حركة ولا قطبية ولا غاية...

إن معرفة كل شيء لا مكان معها للخوف، بل للحب فقط.
** عن الخوف من الفراغ مرة أخرى **

الخوف من الفراغ، فراغ القلب، فراغ الذهن، فراغ اليد
هذا الخوف هو وراء كل الحركة... وبالتالي وراء الغايات والصراعات ....
نحن في أرض الخوف مذعورون من فكرة الفراغ فنشغل أنفسنا ونشغل الآخرين ونخلق ألف صراع وألف معنى.. فقط لنتجنب الفراغ.
فقط حين نكتشف أن خوفنا هو من وهم وأن الفراغ جميل، سنرتاح

** إنتاج الندم **

نظام إنتاج الخوف هو بالضرورة معني بإنتاج الندم، لحظة بلحظة.

والندم هو أصلا شكل من أشكال الخوف أو تجلياته.

وحتى يتم إنتاج الندم لا بد من إنتاج الخطأ الذي يدعو صاحبه إلى الندم

وكأن النظام هنا يوسوس اك كي تقع في خطأ غريب، كأن يجعلك تتفوه بالحماقات دون أن تسيطر على نفسك مثلا.

ومع أن الندم في أساسه ظاهرة صحية باعتباره احتجاجا على الخطأ وتجاوزا للتعصب للذات وبالتالي يبدو وكأنه تذكير بالوحدة، أو كأنه يقاوم وهم الانفصال إلا أن الندم حين يتحول إلى شكل من أشكال الخوف على شكل حسرة أو على شكل رغبة في أن يعود الماضي لتلافي الخطأ - وهذا تكريس للانفصال عن طريق وهم تقدم الزمن- فإنه يصبح في هذه الحالة تكريسا للانفصال من حيث انطلق اساسا ليقاومه.

وهذا هو الماتريكس إذ يجعل ما قام ضده يعمل لحسابه.

** بعض مظاهر إنتاج الخوف في الماتريكس: الحسد و خيبة الأمل والنحس"

وهذه المظاهر كلها تجل للبرمجة القطبية الثنائية للعالم، فنظام إنتاج الخوف يحاول موازنة نفسه عن طريق الحسد مثلا، وحين تعجب بشيء، فلا بد أن يظهر هذا الشيء نقيضه لك. لا بد أن يظهر لك جانبه القبيح ما أن يعجبك، يجعل الماتريكس ما يعجبك لقوته يظهر لك ضعفه، هذا يعني أن الحسد والخيبة وحتى النحس هي كلها عمليات موازنة من نظام إنتاج الخوف يعتمد نجاحها على قوة الحضور والطاقة.

** مخاوف الحياة، هي كأوهام الكابوس، خوف من وهم**

الحلم عملية استرجاعية لهواجس في عقولنا، فإذا تملكتنا مخاوفنا في الحلم ودخلنا في كابوس، فإن الكابوس يبدأ بالعمل لحسابه، ويبدأ من في الحلم بمحاربتنا ولحاقنا، ونظن أننا فاقدون للسيطرة -نسي الله أنه الله- في حين أننا نحن من صنع هذا الكابوس.
نحن من خلقنا شياطين الحلم التي تكن لنا الكره وتلاحقنا…
أنت الآن.. عالق في ذاكرتك ... كل هواجسك، كلها بلا استثناء، ناتجة عن سيطرة ذاكرتك عليك ...
انس تتحرر ...
لن تكون حرا حقا إلا حين تكون على يقين بأنه لا شيء مستحيل وأنه لا حدود لك وزمنك هو اللانهاية... لا تخف من الحدود

** أرض الخوف، أو بيئة لعبة الفيديو Environment **

عن خوف الإنسان من اكتشاف أنه اللاعب الذي يحرك الآفاتار من اللامكان، وهو ليس الأفاتار نفسه.

الحياة كلعبة فيديو جيم، يلعب الإنسان فيها كأفاتار ضمن بيئة مفترضة للمكان وعد تنازلي يلزمك بالحركة خوفا من انتهاء اللعبة، يحتاج إلى موضوع خاص للحديث فيه ولطريقة إنتاج الخوف فيه.

ولكن بالمختصر هنا، إن الإنسان حين ينكمش إلى حدود الأفاتار، حدود الجسم والمكان، ويتكئ على عقله لا على وعيه، وينسى أنه ليس محدودا بوقت ولا ببيئة مكانية، فإنه يصبح مع الوقت مكتفيا بهذه الحقيقة خائفا من كل تجاوزها، رغم أنه -على مستوى العقل لا الوعي- قد يبدو تواقا لتجاوز جسمه ويسعى للخلود، وهو هنا كمن يسعى لإطالة اللعبة لا لتجاوزها. فالخلود هنا هو استمرار اللعبة دون نهاية، لا تجاوزها لإدراك اللاعب الذي يتحكم في الأفاتار. نظام إنتاج الخوف هنا يدعو الإنسان لاعتبار اللعبة هي كل ما هنالك واعتبار أن حدود الافاتار المبرمجة في شيفرته الجينية وشروط البيئة لا يمكنه تجاوزها.

قد لا يتصور الإنسان أنه فعليا خائف من أن يكتشف قدراته الحقيقية. قد لا يبدو ذلك قابلا للتصديق بالنسبة له. فالإنسان حين قرر أن يصدق عجزه وعبوديته قرر أن يستبعد تلك الحقيقة من حقل المعقول. والمعقول والممكن هي أصلا حدود أنتجها الخوف.

لقد تمت برمجتنا من خلال خوفنا على ما هو ممكن وما هو معقول.

إن نظام إنتاج الخوف ماكينة ضخمة جدا صنعتها غفلتنا وأتاحت لها أن تتغذى على كل شيء حتى أصبحت تملي علينا معظم هواجسنا... بعد أن تملكت عقولنا...

كل هذا التلف في الأعصاب الذي تبديه الجدالات المحتدمة
تلك الاستماتة لإثبات صحة شيء ما

غريزة البقاء التي تتجلى حين نقود سياراتنا "كما نراها عند الزواحف"

... كل هذا الاستقطاب والعنف والغضب...........

كل ذلك من أشكال الخوف..

الملل أيضا شكل من أشكال الخوف..

الملل هو الخوف من الثبات.. من الوحدة ...

لذا فنظام إنتاج الخوف يجعلنا نشعر أنه لا بد من خلخلة بدلا من السكون ... لا بد من صراع بدلا من التوازن...لا بد من احتكاك وتصادم... حتى نطمئن إلى أن هناك انفصالا بدلا من الوحدة....

نظام إ‘نتاج الخوف لا وجود له مع الوحدة.... لذا فهو يدفعنا لنتوهم أن الوحدة غير موجودة... بكل السبل..

نحن في أرض الخوف،،،، نتوهم أننا في خطر

http://1ofamany.wordpress.com



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم القصة الواحدة
- خمر وصلاة 2003
- الصوفي المتمرد
- الإفلات من إله الشر - الماتريكس
- الماتريكس الحقيقي – الشيطان
- هل الكون يتآمر عليك - عودة للماتريكس الحقيقي
- اليأس من وجود الله
- حين اكتشف الله أنه الله
- تناسخ الأرواح، تلك المعضلة
- معنى النسيان
- معنى الذاكرة
- دوامة الوعي
- المتصوف المتمرد 5
- النوم كغاية يومية
- ثوري .. وهذه الثورات لا تمثلني
- المتصوف المتمرد ... 4
- المتصوف المتمرد ... 3
- صهيونية، بما لا يخالف شرع الله
- المتصوف المتمرد ... 2
- المتصوف المتمرد ... 1


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - نظام إنتاج الخوف – الماتريكس