أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - يزورهُ القديس كل ليلة














المزيد.....

يزورهُ القديس كل ليلة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 21:22
المحور: الادب والفن
    


يزورهُ القديس كل ليلة
نعيم عبد مهلهل

يحتفي الليل ببهجة غامضة عندما تكون السماء صافية والنجوم تتزاحم بشهوة ضيائها على صدور غافيةٍ على أسرة أحلامها. القرى ساكنة ، والكلاب لاتحرك أجفانها وحقول القمح تدفع بخاصرة السنبلة الى ميلان خفيف تشد لهفته مناجل الصباح القادم بأماني موت الجوع في البطون لتمتلك نشوى رغيف الخبز قبل أن ينتهي فصل قبلات بين عاشقين ثم تتشارك الأفواه في قضمه .
خبز وقبلات وليل دهشة لمنظر هادئ في ليل من ليالي الصيف ، هناك في المكان الذي ينأى عن صخب العالم وعوادم السيارات وابتسامات مضيفات الطيران الباهتة ، يسكن بطل قصتنا الارق ، أرق قديم ، حيث عاد من جنديته ( سَرحوه ) لأن الحرب انتهت ، وعاد الفراغ اليه سوى تلك الكتب التي يؤمها بحثا عن شيء يعوض ما يشتعل فيه من رغبة غامضة الى مشاركة دافئة تجعله يشعر أنه مازال يحارب ويرمي ويتشاجر ولكن مع جسد آخر ، هذه المرة ليس عدوا بل حبيبا يشعر معه أن العالم عندما تنتهي حربه يبدأ غرامه.
في غرفة الطين ، وعلى السرير القديم ، الصور القليلة تختصر مواهب الشاب وغوايته وهوايته ( مارلين مورنو، ماركس ، موزارت، امه وابيه ، اخوه الذي نخر انفه السرطان ومات قبل اعوام ، صورة للامام القاسم ابن الحسن في عرسه الكربلائي ، فيروز ، الشاعر اليوناني كافافيس ، صورة جماعية لجنود الربيئة التي خدم فيها في مدينة سيدكان الجبلية ( نصفهم ماتوا ) والنصف الاخر لا يعرف أن يكتب الرسائل . وآخر صورة في الجدار وجه مفترض للنبي العزير.
هو كما العانس لايتغذى سوى على ظلال أمل سيأتي على جنح طائر ويخلصه من هذه الوحدة ، فقد هرب من الوظيفة لأن من شروطها أن يؤدي التحية للمسؤول ويرتدي بدلة خضراء ويقف خفيرا في بوابة قيادة الفرقة الحزبية ، وبقي يعتاش على رزق اربع جواميس اودعها لدى جار لهم في القرية يناصفه ريعها ، وكذلك قطعة الارض الزراعية التي أصر أن يرعاها هو ويزرع فيها شجيرات ورد لم تعمر طويلا وكان يتمنى أن يزرعَ اشجار جوز وخوخ وكستناء وتفاح ، لكن الجنوب بجفافه ورياحه السموم لايسمح سوى بزراعة النخل.
عاش حياته هنا ـ في المكان القصي من حضارة الطين ، سلوته في الحياة أن قديسا يزوره كل ليلة، يتحاور معه ، ويتعلم منه ، ويصحح له ما كان يكتبه من خواطر ومقطوعات يرتبها بحنو على الورق كما ترتب الشفتين قبلاتها على فم تشعل معه نار لقاء مؤجل.
يأتي القديس من مكان بعيد لايفصح عنه ، عيناه الزرق ووسامته البيضاء وثوبه الاسود القديم وعصا منقوش عليها تعاويذ من ازمنة موسى واخرى كتبت بخط كوفي تتحدث عن نبؤات الصوفيين وهم يرفعون اجفانهم الى السماء، وتعاويذ أخرى من توراة كُتبتْ في بابل وأنجيل لواحد من حواري العشاء الرباني الاخير.
ثقافات شتى يجلبها القديس لينعش فيها ليل القرية ويؤانس فيها عزلة الشاب ، فتحمل الحوارات لذة الهمس المتبادل فتصبح غرفة الطين كرة ارضية واطلس بشهوة غرام السفر.
لم يغادر قريته منذ نهاية الحرب ولكن العالم يأتي اليه على شكل الكلام رقيق وحكمة لها شكل أنثى مشتهية .
قصص تجعل نشوة الطيران في سياحة الروح والبدن ممكنة وجائزة لتكون جواز سفر لاتختمه دوائر الحدود.
في الفجر يسحبُ القديس نظراته وحنانه وكلماته. وعلى مدى النهار القادم وفي انتظار الليل يشعل النعاس رغبة النوم في اجفانه. الشمس تشرق وهو ينام...........!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قل لنار قلبي لاتنطفىء...!
- المنابر لم تُحسمها بعد ...؟
- موسيقى الدمعة في تفجيرات الناصرية
- في مديح الراحل شيركو بيكاس
- مُوسيقى المِفراس..!
- رثاء الى فلك الدين كاكائي...!
- عبد الستار ناصر ..من الطاطران الى موت في كندا ........!
- القصيدة والمدينة ( الناصرية كافافيس )
- أساطيرُ مسماية* ( الرزُ بالحنين ..مطبكْ سَمك ْ*)
- فرات الناصرية ، وراين دوسلدورف ...!
- الوردة المندائية عطر يحيى والملاك زيوا...!
- أوروك نشيد الطقس الأول ..!
- شارع كونيكس آليه شتراسه
- كافافيس ( العشق الأسكندراني )
- الجَسد بموسيقاه وخليقته ..!
- رومي شنايدر ... رواية وطن في عيون ممثلة سينمائية....!
- القرية التي أكتب الشعر فيها ..!
- حبيبان أفريقيان ......!
- محنتكم مع الله قادمة .........!
- نشوء فكرة الحرب....!


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - يزورهُ القديس كل ليلة