أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - فرات الناصرية ، وراين دوسلدورف ...!














المزيد.....

فرات الناصرية ، وراين دوسلدورف ...!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4164 - 2013 / 7 / 25 - 21:59
المحور: الادب والفن
    



يذهب جلجامش الى فم الأنهار ليجد ضالته في الخلود ، وعندما لايجد الضالة أو يجدها وتسرق منه في غفوة نعاس فيسكنه الشعور بالعطش فليتجأ الى النهر ويشرب من ماءه ليغادر ظمأه وتتجدد الحياة فيه على أملٍ وقناعةٍ أنَ العمر لايخلده تناول عشبة أو تفاحة أو أي اكسير موصوف بأوراق العرافيين او حكايات الأساطير بل العمر الخالد أن تكون قناعا بحياتك ومنجزك وما منحت من أجل أهلك وناسك وأصدقاءك وبشريتك .
أمتلكُ هذا الشعور وأنا استمع الى نادلٍ من أهلِ طنجة في واحدة من المقاهي المطلة على نهر الراين في مدينة دوسلدورف الالمانية وهو يشتغل في هذه المقهى نادلا منذ اكثر من عشرين عام : أن الروائي الالماني والحائز على جائز نوبل غونتر غراس كان يجلس هنا ويتأمل في نهر الراين بعمق وهو ينفثُ من فم دخان عليونه الغامق لاكثر من 3 ساعات في تأمل غريب ثم ينهض صامتا وقد ترك على طاولة ثلاثة ماركات ثمن فنجان قهوته المكسيكية السوداء وماركين البقشيش الذي تعودته منه.
جلسة غونتر غراس وفي ذات المكان اعادتني الى تأمل قديم لنهر لاكثر عراقة واسطورية وحلم من أي راين في هذا العالم .الفرات الذي يُنَصفُ مدينتي ( الناصرية ) الى جانبين ايسر وايمن ، ايسر هو الجانب القديم والفقير والايمن الجانب الحديث وربما الاكثر غنى ، وحتما انا ولدت الجانب الايسر حيث المحلات القديمة والفقيرة ( السيف ، الشرقية ، السراي ، قرية فرحان ، شارع عشرين ) احياء يسكنها النمط الاكثر اقترابنا من النهر والحلم وصناعة ثوب الزمن بخيوطٍ من القناعة والامل والاحلام حيث يقربهم النهر الى ضفاف المُنى والقناعة والصبر .
هو يمضي والعيون خلفهُ لكنه لايبتعد كثيرا عن مُرديه ، جلاس المقاهي واصحاب ثمالة المسنايات والمتنزهون على امتداد الرصيف المحاذي للضفاف من نقطة الجسر الحديدي حتى نهاية محلة الصابئة ، كل خطوة توسمها ذكرى وجمال عابرة ترنوا اليها عيون العاشقين وتدون لها بهجة القصائد فيما يصحح النهر تفعيلتها واغلاطها النحوية والاملائية ، لتكون كما مصابيح القلوب كلما علاها الغبار يغسلها النهرُ بنبضه.
بين نبض النهر ونبض قلبي جلجامش كونتر كراس أجلس على ارائك الراين معتمراً معطف غربتي في أزل الوحدة وحزن أن لايكون الراين الفرات فتشرب منه ليكون خلودك هناك مع الاغاني والقبلات وعناوين دروس الانشاء ونبؤات الاباء بما قد يأتي ويذهب وفي النهاية جلبتنا الحروب الى ساحاتها وأخذتنا القطارات الى منافيها وعندما يجتمع المنفى مع الحرب تتحطم الارواح قبل الأجساد ونقع في دائرة الدمعة والمحظور فلا تنفعنا حدائق الجنة هنا ولا جمال الاناث الشُقر ولا سهولة الحياة .
الأصعب الجميل هناك قرب مدارج الذكريات والنبض الذي لايصنع موسيقاه سوى صوت الموج وعطر تواريخ مدن الجنة والنخيل وطفولة الجنود قبل ان تنحرهم شظايا الحروب .
اسراب النوارس والجسور ورائحة القهوة والسفن الاتية من هولندا تحمل بضائعها من الورد ، وآخرى اتية من شمال السويد تحمل فراء الدببة والثعالب ، وهناك في الفرات البعيد لايمخر في عباب الموج سوى أجفان زرقة السماء وزوارق صيد وهي تبحث عن مواويل ليل يأتي مع الشبوط والكطان والخشني والكارب ، فيأتيَّ ومعهُ يأتيْ رزق الفقراء وتنانير الشواء وليل السمروات اللائي يشبهن دهشة اميرات سومر يوم تلامس اجفانهن رسائل الحب.
فرات الناصرية وراين دوسلدورف .عطر المكان بين زمن وآخر .ويظل الحنين الى اول منزل هو الحنين الأصل...!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوردة المندائية عطر يحيى والملاك زيوا...!
- أوروك نشيد الطقس الأول ..!
- شارع كونيكس آليه شتراسه
- كافافيس ( العشق الأسكندراني )
- الجَسد بموسيقاه وخليقته ..!
- رومي شنايدر ... رواية وطن في عيون ممثلة سينمائية....!
- القرية التي أكتب الشعر فيها ..!
- حبيبان أفريقيان ......!
- محنتكم مع الله قادمة .........!
- نشوء فكرة الحرب....!
- سفرطاس الزعيم ...........!
- كافافيس يبكي على مصر الآن..!
- بورخيس والثقافة المسكينة...!
- شيء عن الأشباح في عالمنا
- رُوحكَ التي تَراكَ ولا تَراها..!
- بورخيس ودموع مدينة النجف الاشرف ..........!
- مريم ..طفولة العراق الدامي ........!
- العراق خارج التغطية ........!
- مرثية ودمعة الى عباس هليل
- المرأةُ ليستْ وردة ، بل العكس ..........!


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - فرات الناصرية ، وراين دوسلدورف ...!