أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عيسى نور - المقابر الجماعية / الجزء الاول














المزيد.....

المقابر الجماعية / الجزء الاول


احمد عيسى نور

الحوار المتمدن-العدد: 4187 - 2013 / 8 / 17 - 22:36
المحور: الادب والفن
    


المقابر الجماعية
الجزء الأول
كنت امشي في الشارع بين مترقب وخائف فالحرب قد وضعت أوزارها قبل أيام ، والأجواء لا تُحتمل ،
والثورة قد قامت ضد الدكتاتورية والاستبداد ، ثورةٌ رغم إنها غير منظمة إلا إنها تبشر بالخير للشعب .
أتت سيارة ووصلت قربي ، ترجل منها مجموعة من الأشخاص يحملون البنادق الرشاشة
والهراوات وانهالوا علي بالضرب ، ولا أعرف من أين تأتي الضربة وفي أي مكان .
بدئت بالصراخ إلا أنهم حملوني بعدما شعروا إنني لا استطيع الحراك ورموا بي إلى السيارة ، وأنا اردد
لماذا ما هو ذنبي ؟ ألا أنهم لا يتكلمون بل يضربون فقط .
نضرت بالسيارة التي رميت بها فرأيتها مزدحمة بالشباب والشيوخ والنساء والأطفال ، فهذا
محمد جارنا وذاك علي الذي يسكن في الجهة المقابلة لنا وتلك خديجة وعائشة الصغيرة .
كانت السيارة تتقدم ببطء وسط صراخ ، وسط زحام ، وسبٌ وشتم ..... لا مكان للوقوف ولو برجلٍ واحدة ودرجة الحرارة لا تطاق ، حتى
إنني شعرت بالاختناق ، فجاءتني فكرة أن اقفز وأهرب ، ألا إنني تراجعت عن قراري بعد أن حسبتها
جيداً فالحشود كثيرة وهي تزداد بين مشارك في الثورة بصدق وبين من أخذوه مع الجميع ، ولا يمكن
التحرك والخروج من خلالها ، وأصحاب الرشاشات والهراوات كثيرين أيضاً لذلك فأي تصرف سوف يجابه بالرمي بالرصاص
وسوف أموت ويموت معي الكثير من الموجودين في السيارة ونحن لا نعرف مصيرنا إلى ألان فقد يطلقون سراحنا في أي لحضه، لذلك تجمدت في مكاني
ولم انطق بكلمة واحدة ولم أقم بتصرف يثير ريبتهم واستفزازهم ، فانتظرت إلى أين يكون مصيرنا والسيارة تمشي بنا هويداً هويدا.
وصلت السيارة إلى مكان خالي من كل شيء إلا حفرة ً كبيرةً تتسع للسيارة بكاملها لو تم رميها فيها ، وترجل منها حاملي السلاح والهراوات ، وأمرونا
بالنزول ، شعرت خلالها إن شيئاً ليس بطبيعي سوف يحدث وإننا ذاهبون إلى رحلة اللاعودة لا محاله ، فبدئت
بالتراجع إلى الخلف ، والناس تنزل الواحد تلو الأخر ، وقد أنهكها التعب والضرب ، فنزل سامي العجوز وجبينه يتفصد عرقاً ورجلاه النحيفتان قد تسلل
إليهما التعب ، وهجتا عن حمل جسده المنهك ، وهو يتساءل ما هو الذنب ، ولمَ هذا الفعل معنا وأنا بدوري أتساءل أيضاً كيف تنبت الأزهار مع الشوك ، وكيف
تولد القوة من الضعف ، وكيف ينبلج النهار في وسط الليل المظلم ..... الكثير من المتضادات ، ولعل أصلها كيف تولد الحياة من الموت ، تلك هي الثورة الحقيقية .
أصطف الجميع فهذا الشاب سعيد وذلك الطفل عبد الله والشيخ علي ، وتلك المرأة الحامل بطفل هي فاطمة وكثير كثير غيرها.
بدء رمي الرصاص ، فسقط الجميع بين قتيل وجريح وسقطتُ أنا معهم أتأوه من جراحاتي التي تؤلمني كثيراً ، بعدها جاءت الجارفات
وبدئت بدفعنا إلى الحفرة جميعنا ، وعندما شعرت إن النهاية قد اقتربت صحتُ بأعلى صوتي
إن معنى أن يكون للمرء صوت في اختيار مَن يحكمه هو وسيلة لحماية النفس .. من حق كل إنسان أن يتمتع بها ، كما إن الشعب لم يطلب إلا حقه
بالعيش بحياة حرة كريمة ، إلا أنهم جرفوني مع الجميع ووضع علينا كمٌ هائل من التراب أدركتُ خلالها إني لم أمت بل سأعيشُ إلى الأبد.
انتهى الجزء الأول

تحياتي
أخوكم

احمد عيسى نور



#احمد_عيسى_نور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحي الميت
- أنتِ الحبيبة
- لا تنازُل
- التعاون قصة للاطفال والكبار
- ياليتنا مثل النمل
- العيد
- الشيطان قصة واقعية
- الخائن
- لماذا يا حبيبي


المزيد.....




- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عيسى نور - المقابر الجماعية / الجزء الاول