أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها















المزيد.....

الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها


محمد أحمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 4184 - 2013 / 8 / 14 - 12:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


‏الثلاثاء‏، 13‏ آب‏، 2013
الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها
الدكتور محمد أحمد الزعبي
مدخل :
عنوان هذه المقالة ، هو العنوان الفرعي لكتاب الفيلسوف الفرنسي الكبير روجيه غارودي Rouge Garodi ( حفارو القبور) ، والذي صدر عام 1992 بمناسبة مرور 500 عام على احتلال الغرب / اكتشاف الغرب للأمريكتين ، والذي صدرت طبعته الأولى مترجمة إلى اللغة العربية عام 1999، عن دار الشروق في القاهرة .
إن اتفاقي مع المرحوم غارودي بمعظم آرائه الفكرية والسياسية ، ولا سيما فيما يخص العلاقة الجدلية في عملية التطورالاجتماعي والتكنولوجي ، بين أوروبا وأمريكا من جهة ، والبلدان النامية (العالم الثالث) من جهة أخرى ، هو ماحدى بي إلى وضع الأفكار الأساسية لهذا الكتاب الهام ، بين يدي القارئ العربي ، ولاسيما في بلدان مابات معروفاً بـ " الربيع العربي " ، فلعل في أفكارهذا الفيلسوف الفرنسي ( الغربي ) الماركسي والمسلم ، مايمثل " الدومري" الذي يمكن أن يوقظنا من سباتنا الطويل ، على قاعدة " وشهد شاهد من أهلها " على نفسه .

1. يرى غارودي ــ ولست متأكد هنا من مدى صحة وجهة نظره ، ولا سيما بعد غزو بوش الإبن للعراق عام 2003 ــ أن صدام حسين قد ارتكب خطأً بالرد على الحرب الإقتصادية التي ارتكبت ضد بلاده ، بالغزو العسكري للكويت ، لأنه قد أعطى لأمريكا الذريعة التي كانت تنتظرها منذ نصف قرن ( أي منذ محاولة مصدق تأميم البترول الإيراني ) ، حيث أصبح ممكناً إطلاق تعبير " الدفاع عن حقوق دولية " على ماحقيقته الحفاظ على الوضع الاستعماري الراهن ، ويستطرد غارودي قائلاً ، إن " الدفاع عن الحق لايمكن أن يكون انتقائياً ، لايمكن تطبيقه بعناد في حالة ضم الكويت ونسيان ضم القدس ، صحيح إن القدس ليست سوى مدينة
مقدسة ، لكن الكويت مقدسة ألف مرة بما أنها محاطة بآبار البترول " ( ص15) .
ويرى غارودي أن عملية " تحرير الكويت " لم تكن سوى ذريعة ، أصبحت جلية بعد إعادة الأسرة الحاكمة إلى العرش في الكويت ، حيث أعلن الرئيس بوش بعدها بصراحة في الأمم المتحدة ، ضرورة الإبقاء على الحظر حتى يترك صدام حسين السلطة ، ويعتبر هذا الحظر ( الحصار ) بنظر غارودي ، اعتراف واضح من إحدى الدول، أنها ستجوع شعباً حتى يأتي بحكومة توافق هي عليها !( ص 45 ) .
ويستشهد غارودي على " جرائم الولايات المتحدة والغرب عامة " ، باعتراف الأمم المتحدة ، بان حرب 1991 قد أرجعت العراق إلى عصر ماقبل الصناعة ، وأن أمريكا قد ألقت على بغداد حتى اليم الرابع من الحرب 60000 طن من المتفجرات ، وهو مايعادل خمس مرات ماألقوه على هيروشيما ( 16 ) .

2. وفي رؤيته للإشكالية التنموية في بلدان العالم الثالث ، يربط غارودي ربطاً جدلياً بين تخلف البلدان النامية وتطور/ تقدم البلدان الرأسمالية الغربية ( أوروبا وأمريكا ) ،من حيث أن خمسة قرون من الإستعمار ، هي التي أدت إلى نهب ثروات ثلاث قارات ( آسيا ، أفريقيا ، أمريكا اللاتينية ) ، وإلى تدمير اقتصادياتها ، وتكبيلها بالديون. ويستشهد غارودي على صحة تلك الرؤية، بما كتبه السفير المقيم في مورشيد أباد (الهند ) عام 1769 ، " إن هذا البلد الجميل الذي كان مزدهراً في ظل أكثر الحكومات استبداداً وتعسفاً ، أصبح على شفا الخراب منذ اشترك الإنجليز في إدارته "( ص19) . وقد تمثل هذا الخراب ــ حسب غارودي ــ بالمجاعة
التي ادت إلى وفاة مليون شخص فيما بين عامي 1800 و 1875 ، وإلى وفاة 15 مليون شخص فيما بين عامي 1875 و 1900 ( ص 20 ) ، وأيضاً بهيمنة رؤوس الأموال الأجنبية في المرحلة الإستقلالية (بعد 1947 ) على : 97% من البترول ، 93% من الكاوتشوك ، 62% من الفحم ، 73% من مناجم الحديد ...الخ
( ص21 ) .

3. بالنسبة لمن يحاول أن يرى حقيقة العالم ، ليس من خلال صورته في التلفزيون ووسائل الإعلام ، نقول هناك حريقان مشتعلان :
3.1 ، التبادل غير المتكافئ بين الشمال والجنوب ، بين اقتصاديات مدمرة كلّياً بفعل قرون من النهب
والاستعمار، واقتصاديات مشبعة ومتخمة بما نهبته. إن حرية السوق هي حرية الأقوياء في افتراس الضعفاء
، والدليل الأكثر سطوعاً هو ، التدهور الدائم في التبادل التجاري ( ص31 ) : ففي عام 1954 كان يكفي لمواطن برازيلي أن يملك 14 كيساً من البن لكي يشتري سيارة جيب من الولايات المتحدة الأمريكية ، وفي عام 1962 كان يلزم نفس المواطن 39 كيساً ، وفي عام 1964 كان يمكن لمواطن في جاميكا أن يشتري جراراً أمريكيّاً مقابل 680 طن سكر ، وفي عام 1968 كان يلزمه 3500 طن . إن الدول الفقيرة مستمرة في مساعدة الدول الثرية !! ، وإن فوائد الدين تمثل في كثير من الأحيان نفس قيمة أصل الدين ، وتساوي مجمل الصادرات ، مما يجعل أية " تنمية " في مثل هذه البلدان مستحيلة . ( التوكيد هو مني م ز ) ( ص31 ) ،

3.2 ، دور كل من صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي في تخريب نصف الكرة الأرضية الجنوبي ، عبر
مايسمى " برامج الإصلاح " والتي تتكون غالباً من العناصر التالية :
ــ خفض سعر العملة المحلية بحجة تشجيع الصادرات وخفض الواردات ،
ــ خفض اعتمادات التعليم والصحة والإسكان ، وإلغاء " الدعم الحكومي " لبعض السلع الغذائية الحاجية ،
ــ خصخصة الشركات العامة ، أو رفع أسعارها ( الكهرباء ، الماء ، المواصلات ...الخ ) ،
ــ إلغاء التحكم بالأسعار ،
ــ زيادة الضرائب ومعدلات الفائدة ،
هذا مع العلم ان مثل هذه " الليبرالية ! " هي أفيد للدول الراسمالية من الاحتلال العسكري ، أو الديكتاتوريات العسكرية في ابتزاز ونهب البلدان النامية . ( 33 ) ، وفي استئثارهذه الدول الرأسمالية بكل من الثروة والسلطة في البلدان النامية . ويشير غارودي ، إلى أن العلاقة بين هذه " اليبرالية المتوحشة " ( والتعبير لغارودي ) والعالم الثالث ، تذكره ، بنظرية الثعلب الحر داخل حظيرة الدجاج الحر !! ( 57 ) .

4. وفي انتقال غارودي من العام ( النظام الرأسمالي العالمي ) ، إلى الخاص ( الولايات المتحدة الأمريكية )
أعاد توكيده ، على أن حرب الخليج، قد كرست هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم ( 36 ) حيث أصبحت الساحة بعد تدمير العراق خالية من أجل انتشار جديد دائم لـ " المجموعة العسكرية الصناعية الأمريكية " في الشرقين الأدنى والأوسط ( السعودية ، الكويت ، الإمارات ) ( 37 )، وأصبحت صناعة السلاح في الولايات المتحدة تعيش عصرها الذهبي ، وأصبح الحق الدولي الوحيد هو" حق الأقوى" (40).

5. نشرت مجلة كيفونيم / اتجاهات ( وهي مجلة المنظمة الصهيونية الدولية في القدس ) في عددها رقم 14 فبراير 1982 مقالة عن " خطط إسرائيل الاستراتيجية في عقد الثمانينات " ، وسنقتطف بعضاً مما أورده غارودي من هذه المقالة الخطيرة ، والتي تفسر كثيراً مما يجري الآن في بعض الأقطار العربية :
ــ لقد غدت مصر باعتبارها كياناً مركزياً، مجرد جثة هامدة ... وينبغي أن يكون تقسيم مصر إلى دويلات
منفصلة جغرافياً هو هدفنا السياسي على الجبهة الغربية خلال سنوات التسعينات ،
ــ وبمجرد أن تتفكك مصر وتتلاشى سلطتها المركزية ، فسوف تتفكك بالمثل بلدان أخرى ، مثل ليبيا
والسودان وغيرهما من البلدان الأبعد ،
ــ وتعد تجزئة لبنان إلى خمس دويلات ... بمثابة نموذج لما سيحدث في العالم العربي بأسره ، (ص 41)
ــ وينبغي ان يكون تقسيم كل من العراق وسورية إلى مناطق منفصلة على أساس عرقي او ديني أحد
الأهداف الأساسية لإسرائيل على المدى البعيد ، والخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف هو تحطيم القدرة
العسكرية لهذين البلدين .
ــ فالبناء العرقي لسورية يجعلها عرضة للتفكك ،مما قد يؤدي إلى ، قيام دولة شيعية على طول
الساحل ، ودولة سنية في منطقة حلب ، وأخرى في دمشق ، بالإضافة إلى كيان درزي قد ينشا في
الجولان الخاضعة لنا ، وقد يطمع هو الآخر إلى تشكيل دولة خاصة ، ولن يكون ذلك على أي حال إلاّ إذا
انضمت إليه منطقتا حوران وشمال الأردن ، ويمكن لمثل هذه الدولة على المدى البعيد أن تكون ضمانة
للسلام والأمن في المنطقة ، وتحقيق هذا الهدف في متناول يدنا ،
ــ أما العراق ، ذلك البلد الغني بموارده النفطية ... فهو يقع على خط المواجهة مع إسرائيل ، ويعتبر تفكيكه
أمراً مهماً بالنسبة لإسرائيل ، بل إنه أكثر أهمية من تفكيك سورية ، لأن العراق يمثل على المدى القريب
أخطر تهديد لإسرائيل ( ص 41/ 42 ) . ـــ انتهى القسم الأول ـــ



#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر حول الربيع العربي ( 4 )
- خواطر حول الثورة السورية (3) مؤتمر التناقضات في الدوحة
- خواطر حول الثورة السورية (2) / G8
- خواطر قابلة للنقاش حول الثورة السورية
- ماوراء جنيف وما وراء الوراء
- ثورة آذار 2011 ومؤتمر جنيف2
- علم الإجتماع في الوطن العربي
- خواطر حول الإخوان المسلمين والثورة السورية
- عامان والثورة مستمرة
- في سورية : انتفاضة أم ثورة ؟
- ثورات الربيع العربي بين الرأي والرأي الآخر
- بشار الأسد وحكاية العصابات المسلحة
- نداء أخوي ثان
- المعارضة السورية في ميزان النقد ، مساهمة في التحليل والحل
- الدفاع عن الرسول : نعم ولكن!
- النظام السوري إلى أين؟
- حزب البعث وسرطان الطائفية
- التغير الإجتماعي بين الإصلاح والثورة الحالة السورية نموذجاً
- ليس من رأى كمن سمع
- جيش الأسد : من مذبحة الحولة إلى مجزرة تريمسة


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها