من المسؤول عن تشويه العفو الملكي ؟

ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 17:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لقد كانت الإستجابة الملكية لطلب العاهل الإسباني خلال زيارته للمغرب مؤخرا . بادرة طيبة ونبيلة من طرف جلالة الملك بإعلانه العفو عن 48 سجينا إسبانيا ممن يقضون عقوبتهم داخل
السجون المغربية . وكانت أيضا تندرج في إطار تمتين أواصر العلاقة الإستراتيجية بين الشعبين الجارين المغربي والإسباني . لكن هناك من أراد تشويه هذا العفو الملكي وإخراجه من محتواه
الإنساني فتم إقحام المجرم الإسباني والعراقي الأصل في هذا العفو لخلق الفتنة والحقد والكراهية داخل المجتمع المغربي . فقد كان هذا المجرم محكوما بثلاثين سنة حبسا نافذا بتهمة إغتصاب
11 طفلا مغربيا كلهم دون الرابعة عشر من عمرهم .
إذن من هو المسؤول عن إطلاق سراح هذا المجرم بعد إدماجه في قائمة من شملهم العفو الملكي ؟ لتخرج حشود المحتجين من النشطاء الحقوقيين ومناضلو الأحزاب السياسية مستنكرين
هذا الإفراج الذي لا يمكن لأحد أن يقبل به كإهانة لأطفالنا ولشعبنا ؟
لقد تم تضخيم الحدث - وكان متوقعا أن يحدث ذلك - لتصبح الجنازة كبيرة والميت فأرا كما يقول المثل المغربي . فبعد أن أعلن العاهل المغربي تبرؤه من الإفراج عن المغتصب
وعدم علمه باستفاذة المجرم من العفو . وأمر بفتح تحقيق مع المسؤول عن هذه الفضيحة الأخلاقية . نتساءل إن كان هؤلاء الحقوقيون والأحزاب السياسية التي ركبت موجة الإحتجاج
إن كانوا يجهلون أن من يقوم باختيار المستفيدين هم أعضاء لجنة تسمى - لجنة العفو - بوزارة العدل هي من تنتقي الأشخاص حسب المقاييس التي تتخذها هذه اللجنة تحت إشراف وزارة
العدل التي يرأسها الوزير الرميد من حزب العدالة والتنمية حزب الوزير الأول الذي يقود الحكومة الحالية .؟ إذن نكرر السؤال / من المسؤول عن إثارة هذه الزوبعة المصطنعة وهو يعرف
أن الملك لا علاقة له البتة بالتنفيذ وإنما وزارة العدل هي من تقوم يتنفيذ هذه المهمة ؟.
إذن أين كانت وزارة العدل حينما تم تحريف هذا العفو عن مساره الصحيح . ؟
ومن هو المسؤول عن تشويه العفو الملكي الإنساني لإثارة الفوضى واللغط وخلق النواعر ؟
على السيد وزير العدل أن يشرح للشعب المغربي ما حدث بصفته المسؤول الأول عما يحدث داخل وزارته .
وبالمناسبة لا ضير أن نوجه الأسئلة التالية للمنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية المغربية /
- ماذا عن أطفال الشوارع المشردين والمعرضين للإغتصاب اليومي والمتكرر . أطفال تائهين بين الدروب المظلمة لا يجدون لقمة يأكلونها ومأوى يحميهم من ذئاب آدمية أكثر شراسة
من المجرم الإسباني العراقي الأصل ؟
- ماذا عن الأطفال الذين يزينون شوارعنا كمتسولين جنب ذويهم أو مكترين لهم ومنهم الرضع ومن دون السنتين أو الثلاث سنوات ؟
- ماذا عن الأطفال المغاربة الذين يشتغلون في المهن الشاقة ويتعرضون للإهانات وأحيانا الإغتصاب السري ؟
- ماذا أيضا عن الخادمات القاصرات داخل البيوت واللائي لا تتجاوز أعمارهن الرابعة عشر أو الأقل بكثير ؟
أليست كل هاته الحالات وغيرها هي إغتصاب حقيقي مادي ومعنوي للطفولة المغربية ؟
وحينما يهدر المال العام ويكثر المفسدون ليمارسوا فسادهم وإفسادهم على مرأى ومسمع من الجميع وحينما تشتعل أثمنة المواد الغذائية والأساسية في وجه الفقراء والغالبية العظمى من
الشعب المغربي وبالمقابل تقوم الحكومة المغربية الحالية برفع أجور تقاعد وزرائها من ثلاثين ألف درهم إلى خمسين ألف درهم شهريا بعد أربع سنوات من الإستوزار . أليس هذا
نوع آخر من الإغتصاب خلال الأزمة الإقتصادية التي يمر بها البلد ؟ وحينما يعدنا الحزب الحاكم - العدالة والتنمية - بمحاربة الفساد والبطالة ووعود سخية أخرى . فلا تفي بوعدها
وتعمل بعكس ما وعدت به . ألا يكون هذا نوع آخر من الإعتصاب ؟
في هذا الوطن المغربي الحبيب كل شيء صار متشابها . وللأسف الشديد صار الوطن يغتصب أمام أعيننا ونحن لا ندري ولا ندرك خطورة المصير الذي ينتظرنا . لأن الوطن يحتاج
إلى أبناء وزعماء مخلصون يفضلون المصالح العليا لهذا الوطن على مصالحهم الضيقة والتافهة . وليس العكس .

#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل