أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني - اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني: المادية التاريخية















المزيد.....


اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني: المادية التاريخية


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

الحوار المتمدن-العدد: 4164 - 2013 / 7 / 25 - 20:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


2- المادية التاريخية

شغل بال الناس منذ القدم بكون النظم الموجودة في المجتمع جاءت صدفة من عدمه, و هل بالإمكان تغييرها, كتب على الناس ان يخضعوا لها للأبد؟ و ما هي القوى القادرة على تحسين مصير وقدر ملايين الناس, الذين قهرتهم حفنة من المميزين على مر آلاف السنين؟ و هل بالإمكان و كيف يمكن التحرر من الاستغلال؟ ومن الذي سيقود البشرية إلى هذه الأهداف المرجوة؟
ان كافة المفكرين في الماضي قبل ماركس و انجلز قد نظروا الى المجتمع نظرة مثالية, و فكر بعضهم على النحو التالي تقريبا: يظهر في عصر تاريخي معين إنسان عبقري أو آخر يطرح فكرة ذكية و يتغير المجتمع البشري تبعا لهذه الفكرة, و رأى بعضهم الآخر منهم ان تطور المجتمع البشري يجري بناءا على إرادة القيادة و الرئاسة: فتجري الأحداث بناءا على أوامر هذا الملك أو ذاك.
و هكذا فان جميع النظرات السابقة الى التاريخ قامت على تصور يرجع كل التغيرات التاريخية في نهاية المطاف الى تغيرات في أفكار البشر و يقر بأن التغيرات السياسية هي أهم التغييرات التاريخية كافة و تحدد مجرى التاريخ بكامله و لكن لم يتجه التفكير الى مجرى الأفكار لدى الناس و ماهية القوى الموجهة للتغييرات السياسية.
لقد قام كارل ماركس و فريدريك انجلز بانقلاب ثوري حقيقي في علم الاجتماع بتطبيق المادية الجدلية على قوانين تطور المجتمع, و لقد تحدثنا عن ضرورة البحث عن أساس تطور المجتمع ليس في وعي الناس بل في وجودهم الاجتماعي و في تطور إنتاج الخيرات المادية, و لقد توصلا الى الفهم المادي للتاريخ ووضعا النظرية الثورية العلمية بصدد القوانين العامة لتطور المجتمع, و نعني المادية التاريخية, و هذا العلم يفسر و يشرح لماذا و كيف يصبح الناس أنفسهم هم صناع التاريخ.

2-1 دور العمل في تطور البشرية
حتى نفهم كيف يتطور المجتمع يجب ان ندرك كيف نفهم أساسه المادية, أي ما هو الأساس المادي الذي يستحيل دونه وجود الناس أنفسهم.
حتى يتمكن الناس من العيش لا بد لهم ان يأكلوا و يشربوا و يرتدوا الثياب و ان يكون لهم مسكن.
غير أن الطبيعة لا تقدم الى الناس سوى المادة (الموضوع) اللازم للعمل عليه, ولا يمكن بحال استغلال أية ثروة طبيعية دون العمل, فيجب مثلا استخراج فلزات الحديد من باطن الأرض و تركيزها ثم نقلها الى المصانع و صهرها.. الخ. وبدون العمل لا يمكن ان تتوفر الوسائل الضرورية لعيش الناس, و بدون هذه الوسائل لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم المادية الأساسية ولا يستطيعون العيش, و ينبغي على الناس ان يعملوا من اجل الحصول على الغذاء نفسه و على المسكن و الكساء, على انهم ينبغي ان يعملوا سويا, لأن الفرد وحده لا يستطيع فعل شيء.
ان إنتاج الخيرات المادية في كافة درجات تطور البشرية هو إنتاج المجتمع, و يوحد إنتاج جهودهم و قدراتهم دائما من اجل العمل المشترك و يتبادلون نتاج كدحهم, أضف الى ذلك انه من الضروري في الإنتاج استخدام أدوات و عدد ووسائل العمل المختلفة التي تساعد الإنسان على العمل.
من هنا نستخلص 3 استنتاجات:
أ‌- ان الأساس المادي لحياة المجتمع هو إنتاج كل أنواع الخيرات, الغذاء و الكساء و المسكن, و لا يمكن دون هذا الأساس لأي مجتمع ان يعيش ولو أسابيع محدودة.
ب‌- ان القوة الحاسمة في تاريخ البشرية هم الكادحون, أي الذين ينتجون الخيرات المادية و الروحية.
ج- ان حياة الناس مستحيلة دون العمل, لأنه لا يمكن دون العمل إنشاء الوسائل الضرورية لعيش الإنسان, وبدون هذه الوسائل لا يستطيع الناس ان يبقوا على قيد الحياة.
ان البشر جميعا يعيشون على ما انشأوه و ما سينشؤوه أناس العمل الذين يبنون المدارس و المساكن و المعابد و المصانع و محطات توليد الكهرباء و ينتجون مختلف السلع, و يدفعون العلم و الثقافة الى الأمام.
ان عمل الناس خلال آلاف السنين قد غير مظهر كوكبنا فمكان الغابات و الجبال و الصحارى الصعبة الاجتياز بنى الناس المدن و القرى و المناجم و المصانع, و مدوا الطرق و شقوا القنوات و صنعوا الاف الحاصلات و سلالات الحيوانات المنزلية.
و يمكن القول بأن العمل قد انشأ الإنسان نفسه, و ميزه عن عالم الحيوان, فبفضل العمل على مر آلاف السنين تحسن دماغ و أيدي الإنسان مما جعله في مصاف الكائن المتطور.
و كان العمل هو السبب الرئيسي لظهور لغة الكلام.
فكيف حدث هذا؟ إليكم تفسير انجلز لذلك, كان الناس أثناء عملية العمل بحاجة الى إبلاغ بعضهم البعض بشيء ما, و كانت المعاشرة بين البدائيين البشر تتم بالإشارة و بعض الأصوات في بادئ الأمر, ثم تحولت هذه الأصوات الى كلمات لها دلالات و فهم معين, فأثناء العمل ظهر أمام الناس عديد من المسائل و المهام التي أجبرتهم على ان يفكروا, و من ثم نجد ان العمل و الكلام قد انشئا و طورا الفكر البشري.
و العمل هو الشرط الأساسي لسائر الحياة البشرية, و الإنتاج موجود من عهد ظهور الإنسان على كوكبنا, و سوف يظل أبدا طالما بقيت البشرية, لكنه ينبغي ان ندرك ان الإنتاج كان له طابعه المميز في العصور السابقة و في مختلف البلدان.

2-2 عودة الى الماضي:
في العصور السحيقة التي يفصلنا عنها ما لا يقل عن مليون عام عاش الناس البدائيون في عشائر كان الناس جميعا فيها على قدر من المساواة, و استغل سلفنا و أجدادنا القدامى أول ما وقع في أيديهم من هراوات و أحجار فخرجوا سويا لصيد الحيوانات المتوحشة, و كافحوا سويا ضد قوى الطبيعة الخافية عليهم, و كانوا يتقاسمون فيما بينهم بالتساوي ما يصطادونه من فرائس, و كان الغذاء بالكاد يكفيهم حتى لا يموتوا جوعا, و لم يكن بإمكان الناس ان يظلوا على قيد الحياة في هذه الظروف الا بالمساعدة المتبادلة لبعضهم البعض.
و تعلم الصيادون تدريجيا تجهيز الفؤوس الحجرية ثم المعدنية, و تعلموا تجهيز أسنة الحراب و الرماح و السيوف و الدروع و الأواني.. الخ. و مع مرور الزمن تعلم الناس استئناس و تربية الماشية و زراعة الأنواع التي كانوا يفضلونها من النباتات, و تبعا للظروف المناخية أخذت تتكون القبائل التي شغل أفرادها بالزراعة و تربية الماشية, و ظهرت فيها فروع الإنتاج الحرفي مثل صناعة الفخار و الحدادة و النسيج, و مع تحسن أدوات و مهارات الكدح, اخذ الناس ينتجون زيادة عن المنتجات الغذائية الضرورية لهم من اجل الحياة, و كان بالإمكان استبدال هذا الفائض او هذه الزيادة بمنتجات أخرى أو أدوات العمل و الصيد التي يعانون من نقص فيها وينتجها أناس آخرون.
و مع تطور قوى الإنتاج بشكل اكبر, اخذ المجتمع ينتج مواد اكبر من حاجتهم التي تكفيهم لإبقائهم على قيد الحياة, و أخذت المشاعة البدائية تتحلل و تنقسم الى أسرات على حدة قادرة على إطعام نفسها و كذلك إنتاج السلع بعملها, أي هذا المنتوج او ذاك المخصص للتبادل, و قد ساعد إنتاج السلع و تبادلها على ظهور الملكية الخاصة لأدوات ووسائل الإنتاج و الظهور التدريجي للاستقلال الاقتصادي.
لقد كانت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج حافز للعامل لتحسين أدوات العمل, و في الوقت نفسه أتاح تراكم أدوات العمل كملكية لبعض الأشخاص فرصة لهم لإرغام هؤلاء الذين لم تكن لديهم وسائل خاصة للإنتاج (مثل الأسرى و العاملين من أبناء القبيلة) على العمل لصالح أصحاب وسائل الإنتاج, و بظهور التبادل السلعي و الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج في عصر تحلل النظام المشاعي البدائي يظهر استغلال الإنسان للإنسان.
و كان أول الممثلين في صفقات المقايضة بين مشاعات العشائر و القبائل هم شيوخ الأقوام و زعماء القبائل و خدام العبادات الذين أعلنوا ان الملكية الخاصة شيء مقدس مصون لا يمكن المساس بحرمته, و بظهور الملكية الخاصة يظهر تقسيم المجتمع البشري الى استغلاليين حائزين للملكية الخاصة و الى مستغلين يستخدمون في عملهم أدوات الإنتاج المملوكة لأشخاص آخرين.
و من اجل الحفاظ على الملكية الخاصة و مضاعفتها انشأ الحكام بمختلف درجاتهم, و بطرق كثيرة القوات و الجيوش و المحاكم التي كانت تنكل بكل من كان يتطاول على ما استولوا عليه من ثروات, و لم يتبقى للمحرومين من الناس الذين أثرت على حسابهم معية القوم سوى الحلم بالمساواة المفقودة و العدالة المنتهكة, و هكذا مرت القرون, بل آلاف السنين, و خضوعا للسنن الطبيعية التاريخية الموضوعية الموجودة حل النظام العبودي محل النظام المشاعي البدائي الذي عفا عليه الزمن, و حاقت الهزائم بمقاومة العبيد و الفلاحين و الحرفيين المتفرقة المشتتة ضد قاهريهم.
و فكرت أفضل عقول البشرية في كيفية القضاء على الظلم الاجتماعي وكيفية إنشاء مجتمع خالي من الاستغلال و قهر الإنسان لأخيه الإنسان, و كان واضحا ان الاستغلاليين لن يتخلوا طواعية عما نهبوه من ثروات و أنهم لن يعدلوا بمحض إرادتهم عن حق الملكية الخاصة الذي تحميه الدولة, وكان الأمر بحاجة الى قوة من شأنها ان تقضي على قوة الاستغلاليين المتعطشين للإثراء على حساب الغير.
غير ان جميع الأحلام بصدد مجتمع العدالة الاجتماعية ظلت طوباوية الى ان ظهرت القوة الحقيقية الواقعية القادرة على إعادة العدالة التي ظلت منتهكة على مر آلاف السنين و كانت هذه القوة هي الطبقة العاملة.
و بظهور المنشات الرأسمالية التي اضطر الحرفيون و الفلاحون و صغار التجار للعمل بها لفقرهم, ظهرت طبقة اجتماعية جديدة من العمال بالأجر و البروليتاريين الكادحين, يعملون من الشروق الى المغيب لقاء اجر ضئيل وراء العدد و الماكينات التي لم تكن ملكا لهم, بل ملكا للبرجوازيين.
وهذا العامل لا يمكن بحال ان يكون له مصلحة في الحفاظ على مضاعفة الملكية الخاصة الرأسمالية نظرا لان العدد و الماكينات و المنتجات المنتجة بواسطتها بعمله هو ليست ملكا له بل هي ملك للرأسمالي.
و حيث كان العمال المنظمين من حيث طابع العمل في المنشات الصناعية في فرق عمل كبيرة فهم يدركون أكثر من الفئات الأخرى من الناس ضرورة القضاء على ذلك النظام الاجتماعي الذي تستحوذ في ظله الأقلية المستغلة و كبار الملاك وسائل الإنتاج على منتوج عمل الملايين.
وهذا هو السبب في ان الطبقة العاملة أصبحت هي القوة الاجتماعية القادرة على ان تكون هي المبادرة و منظمة نضال الكادحين جميعا من اجل العدالة الاجتماعية.
ان ظهور الطبقة العاملة على مسرح التاريخ, تلك الطبقة القادرة على استعادة العدالة المنتهكة و الإطاحة بالاستغلال, و كان لا بد ان يصبح محل اهتمام أصحاب الفكر التقدمي من الناس, ووضع الفيلسوفان الألمانيان كارل ماركس و فريدريك انجلز نظرية الإطاحة الثورية بالنظام الاستغلالي و بناء الاشتراكية, و هي نظام الكادحين المتساوين في الحقوق و التي سوف يعمل الجميع في ظلها كل حسب قدرته, و يتقاضون كل حسب عمله و احتياجه.

2-3 تاريخ البشرية هو تاريخ تعاقب التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية:
التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية هي كل نمط تاريخي للمجتمع مأخوذ من كل جوانبه و بما يميزه من كل نمط تاريخي للمجتمع مأخوذ من كل جوانبه و بما يميزه من طريقة للإنتاج, و نظام اقتصادي يسمى بالبناء التحتي, و كذلك البناء الفوقي الأيديولوجي مثل أشكال السلطة و المؤسسات السياسية و الثقافية.
ان الأهمية التاريخية للمفهوم الذي أورده ماركس لهذا التشكيل لمن العظمة و الأهمية بمكان, فقد وضع ماركس حدا نهائيا للمفهوم القائل ان المجتمع مجموعة ميكانيكية من الأفراد تطرأ عليها شتى التغيرات وفقا لمشيئة السلطات, وتتحول بفعل الصدفة, وكان أول من أعطى علم الاجتماع أساسا علميا بإبداعه مفهوم التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية بوصفها مجموعة من علاقات إنتاج معينة, و بإثباته ان تطور هذه التشكيلات إنما هو عملية طبيعية تاريخية.
ان المجتمع يتطور شأنه شأن كل ما هو موجود في العالم, و حتى نستطيع ان نجيب على الأسئلة المهمة يجب بحث القوانين السائدة في التشكيل الاجتماعي الاقتصادي المعين.
ان قوانين الطبيعة تظهر في الأثر التبادلي للقوى العفوية, أما قوانين المجتمع فتظهر في نشاط الناس فقط, و هذا العامل البديهي هو الذي أدى بفلاسفة الماضي إلى فكرة خاطئة مؤداها ان تطور التاريخ قائم على رغبة و طموح الناس, على ان كارل ماركس و فريدريك انجلز قد بينا ان تاريخ المجتمع يتطور حسب القوانين الموضوعية التي تظهر من خلال نشاط الناس, لقد ذكرنا سابقا ان البشرية قد مرت بخمس تشكيلات اجتماعية اقتصادية: مجتمع المشاعة البدائية, و مجتمع الرق الاستعبادي و المجتمع الإقطاعي و المجتمع الرأسمالي و المجتمع الاشتراكي.
فما هي الخصائص الرئيسية لهذه التشكيلات؟ و كيف تكونت؟ وما الذي أدت إليه العلاقات الاقتصادية بين الناس في القرون الماضية؟ و ما هي مدعاة ان تجيء تشكيلة اجتماعية اقتصادية محل تشكيلة أخرى؟
أول تشكيل اقتصادي اجتماعي هو المشاعة البدائية, الجميع يعلم بأن الناس عاشوا في غابر العصور في مشاعات لم يكن بها تقسيم إلى أغنياء و فقراء, و لم يكن بها من يجبرهم على العمل, حيث كان الناس يعملون سويا للحصول على الغذاء و الكساء, و كانوا يخرجون سويا للصيد و بناء المساكن.
غير ان المجتمع يتعرض باستمرار لتغيرات معقدة, كما هو شأن كل شيء في الطبيعة, ففي العصور السحيقة أخذت الزراعة تتطور نسبيا, و بدأ يظهر التخصص, و اخذ الناس ينقسمون في كل مشاعة الى أناس متخصصين في عمل معين, أي حسب نشاطهم, الى زراع, صيادين, مربي ماشية, حرفيين, مقاتلين الخ... و حاول الناس جهدهم من جيل الى جيل أخر, و بهدف تحسين ظروف حياتهم و عملهم ان يحسنوا تلك الأدوات التي يستخدمونها, و أدت عمليات التحسين غير الملحوظة الى آثار هامة لاحقا.
لقد ظهرت في الشعائر البدائية على نحو تدريجي الظروف لظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج, الأرض و أدوات العمل و المياه, الخ و السبب في ذلك هو ان بعض الأشخاص وفي مقدمتهم شيوخ و زعماء القبائل الذين كانوا يقسمون على الجميع كل طرح الصيد و الإنتاج, اخذوا يبقون لأنفسهم ما كان مملوكا من قبل العشيرة, و هكذا أخذت تزداد حيازة البعض لأدوات ووسائل الإنتاج, على حين اخذ البعض الآخر يحرم منها, و أخذ البعض يغتني على حساب الغير, بينما اخذ الفقر يحل بالبعض الآخر, و هكذا اخذ يظهر تقسيم المجتمع الى طبقات متضادة, حدث هذا منذ بضع آلاف من السنين.
حدد فلاديمير لينين مفهوم الطبقة الاجتماعية على النحو التالي: (ان كلمة طبقة تطلق على جماعات واسعة من الناس, تمتاز بالمكان الذي تشغله في نظام للإنتاج الاجتماعي محدد تاريخيا, بعلاقتها (الذي يحددها و يكرسها القانون في معظم الأحيان) بوسائل الإنتاج, بدورها في التنظيم الاجتماعي للعمل, و بالتالي بطرق الحصول على الثروات الاجتماعية و بمقدار حصتها من هذه الثروات, ان الطبقات هي جماعات من الناس تستطيع إحداها ان تستملك عمل جماعة أخرى بسبب الفرق في المكان الذي تشغله في نمط معين من الاقتصاد الاجتماعي.)
ان الطبقات تظهر فقط بظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج او بعبارة أخرى نجد ان ظهور ووجود الطبقات مرتبط فقط بمراحل تاريخية معينة من تطور الإنتاج, فالطبقات شيء عابر تاريخيا كما هو الحال بالنسبة للتنظيم الطبقي للمجتمع, فقد كانت هناك حالة لم تكن فيها طبقات, و سوف تجيء حالة تزول فيه هذه الطبقات و تختفي.
و كانت أول الطبقات هي طبقة العبيد, و طبقة ملاك العبيد, و لقد بدأت التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية العبودية عندما نمت القوى الإنتاجية المتطورة في المجتمع المشاعي البدائي, و أصبحت أكثر تطورا من العلاقات الإنتاجية التقليدية بين أعضاء المشاعة العشائرية, و بتحلل القبائل و العشائر وانقسامها الى اسر ظهرت الملكية الخاصة التي ولدت استغلال الإنسان للإنسان, و إذا كان العرف جرى بقتل الأسرى فيما قبل فقد اخذوا يحولونهم الآن الى عبيد ليس لهم حقوق, خاضعين تماما لأسيادهم.
و كانوا يقتلون العبد إذا مرض أو أهمل في عمله, لكن العبيد كانوا يريدون العيش, لذا عملوا لحساب أسيادهم, و أدى استغلال العبيد الوحشي الى مقاومة العبيد لهؤلاء الاستغلاليين, و من أجل السيطرة على العبيد انشيء جهاز خاص للعنف هو الدولة وما لها من محكمة و جيش يحميان ملكية أسياد العبيد.
لم يطمح ملاك العبيد الى تحسين أدوات العمل, إذ كانت لديهم قوة عمل رخيصة, أضف الى ذلك انه لم يكن بالإمكان ان يعهدوا بالعبيد الأجهزة المعقدة, لأنه لم تكن لهم مصلحة في تحسين نتاج عملهم, و هكذا نجد ان الحاجة الى التطوير المستمر لقوى الإنتاج قد ولدت ضرورة القضاء على العلاقات الاقتصادية البالية في مجتمع العبيد, و سقط نظام الرق الاستعبادي تحت ضربات انتفاضات العبيد و الجانب الفقير جدا من السكان الأحرار.
جاءت التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الإقطاعية لتحل محل العبودية, و لدى الشعوب التي تقطن لاوس الحالية تكونت أولى الإمارات الإقطاعية في القرن الثاني عشر في المجرى الأوسط لنهر ميكونج, و في منتصف القرن الرابع عشر توحدت هذه الإمارات الإقطاعية في دولة مركزية إقطاعية جبارة هي (لان سانج).
و كانت الطبقة المتسيدة في ظل هذا النظام هم الإقطاعيون من كبار ملاك الأرض الخصبة و المياه التي كانت الفلاحة مستحيلة بدونها, و كانوا يعيشون على حساب استغلال كدح الفلاحين و الحرفيين التابعين لهم والذين تتوقف مصائرهم على هؤلاء الإقطاعيين, و كان الإقطاعيين ينتزعون من الفلاحين الجانب الأكبر من محصولاتهم و منتوجات الحيوانات المنزلية و كانوا يرغمون الحرفيين على العمل لصالحهم بالمجان,و كانوا يعاقبون بقسوة هؤلاء الذين يرفضون الخضوع و الانصياع لهم, و تسبب الإقطاعيون في عدد لا يحصى من الحروب من اجل الإثراء هلك فيها آلاف مؤلفة من الفلاحين و الحرفيين.
و كان باستطاعة الفلاحين الأقنان خلافا للعبيد امتلاك مزارع خاصة صغيرة, و خلق هذا اهتماما معينا من جانب الفلاح بالعمل, و طور الإنتاج, و لكن كان مكتوبا على الفلاحين ان يعيشوا حياتهم كلها تحت نير الإقطاعيين و تحمل الاهانة و التنكيل, و كان الفلاحون الأقنان ملكا للإقطاعي الذي كان بوسعه ان يشتريهم و يبيعهم فرادى أو اسر بأكملها, كان الفلاحون المعدمون او أصحاب الحيازات الصغيرة من الأرض مطرين الى استئجار الأرض لدى الإقطاعيين نظير جانب من المحصول (الخمس مثلا), و كانوا يعطون الإقطاعي جزء من المحصول نظير استخدام الماء اللازمة للري و نظير استخدام ادوات العمل البدائية و البذور, بالإضافة الى ان الفلاحين ملزمين بالعمل في ارض الإقطاعي بالمجان, و في حال عدم كفاية الأموال للعيش كان الفلاحين مضطرين لطلب العون من الإقطاعي مع رد هذه المعونة أضعافا مضاعفة, و إذا لم يتمكن الفلاح من رد الدين في الموعد المحدد تزداد قيمة الدين, الأمر الذي أدى الى وقوع الفلاحين في ربقة المضاربين و المرابين و السماسرة الذين اغتنوا على هذا النحو على حساب عمل الغير.
لم تسكت الطبقات المسحوقة على وضعها هذا, فقد قوي نضال المسحوقين ضد الاستغلاليين, فقد بينت العصور ان التاريخ, هو تاريخ صراع الطبقات.
ظهرت الرأسمالية في أوروبا منذ 300 – 400 سنة تقريبا, و تبدى ذلك في بدئ ظهور الفابريكات و المصانع المملوكة للأثرياء من التجار و رجال الأعمال الذين يستغلون عمل الغير محل الورش الحرفية البسيطة اليدوية, و من خلالها تطور إنتاج السلاح و المنسوجات و المشغولات الخشبية و المعدنية, و من ثم تكونت من أغنياء التجار و من اغتنوا من أصحاب الورش اليدوية الحرفية و بعض الأغنياء من ملاك الأراضي طبقة الرأسماليين, الذين عمل من اجلهم الفلاحون والحرفيون المفلسون والفقراء في الريف و المدينة.
لم تكن للعمال بالأجر أي ممتلكات, و لم تكن لديهم في حقيقة الأمر ارض او ماشية او نقود, لم يكن لديهم من شيء سوى أيديهم العاملة فحسب.
عاش الرأسماليين و أصبحوا أثرياء جدا على حساب عمل الغير, و كانوا يأخذون لأنفسهم المنتوج الذي أنتجه العمال و يدفعون لهم أجرا زهيدا كان يكفي بالكاد لسد الرمق, و في معظم الأحوال, كان الرأسماليين يستخدمون الأطفال و النساء بهدف زيادة دخولهم لأن النساء و الأطفال كانوا يعملون بنفس قدر عمل الرجال, و لكنهم يتقاضون ثلث او نصف اجر الرجال, و هكذا نرى ان الرأسمالية جعلت الاستغلال أكثر تفننا و قسوة أكثر مما كان عليه الإقطاع, أضف الى ذلك ان بقايا العلاقات الإقطاعية السابقة كان لها أثرها الشديد.



#اللجنة_الاعلامية_للحزب_الشيوعي_الاردني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني 3-8
- اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني: أقسام المار ...
- الفيلسوف ألكسندر راديشيف Alexander Radishchev
- اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الأول: مصادر نشوء ا ...
- الفلسفة الماركسية... الدياليكتيك المادي
- المنظمات الدينية المتطرفة ....خصائص.. وقائع وحقائق في نقاط
- الدولة, مفهومها و جوهرها العام
- نصائح غائب حول الانتفاضة المسلحة...فلاديمير لينين
- بعض سمات الفلسفة الوجودية, من وجهة نظرنا
- الحب من منظور ماركسي....
- الراسمالية والمثقفين
- الدعاية السيكولوجية (النفسية) البرجوازية, تعريج على الاردن
- الاستغلال
- التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية العبودية القسم الثاني والأخير
- فلسفة الثورة... وجهة نظر الماركسية اللينينية حول منهج دراسة ...
- لواقع الاجتماعي بين وحدة النظرية و الممارسة و أخلاقية التغيي ...
- الاردن...... تبعية لا استقلال...
- الاسلاميون بين الدعوة و السلطة
- القائد المناضل الرفيق المؤسس - فؤاد نصار
- زملاء خلف جدران السجون..


المزيد.....




- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني - اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني: المادية التاريخية