أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني - اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني 3-8















المزيد.....

اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني 3-8


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 02:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


1-3 ما هي الفلسفة المثالية, ومن هم الذين تخدم مصالحهم:

تجيب مجموعة أخرى من الفلاسفة على السؤال الأساسي للفلسفة إجابة تختلف عن إجابة الماديين, فهم يقولون أن الإدراك يسبق الوجود, و الوجود يحدده الإدراك, و هؤلاء هم الفلاسفة المثاليون.
وهؤلاء الفلاسفة مثل أفلاطون الذي عاش في اليونان الإغريقية منذ 2500 سنة مضت, ومثل هيجل الذي عاش منذ أكثر من 200 سنة أن الأفكار هي أساس كافة الأشياء و الظواهر في الكون, و يقولون بأن الأفكار ليست هي مجرد الفكر البشري, بل شيء ما موجود خارج الإنسان أيضا.
إن المثالية لها جذور طبقية و متعلقة بنظرية المعرفة, وتتمثل الجذور الطبقية للمثالية في أنها أيديولوجية تقوض في الإنسان الإيمان بإمكانية تحويل و تغيير العالم و تخدم الطبقات الرجعية الآيلة للزوال و تعبر عن اهتمامهم و مصلحتهم في الإبقاء على العلاقات الاستغلالية بين الناس.
وتتمثل الجذور المتعلقة بالمعرفة في القول بمحدودية معارفنا عن العالم, و أن إدراك الإنسان للعالم الموضوعي أمر معقد في بعض الأحيان, و تستحيل معرفة العالم بشكل تام (بسبب طبيعة العالم الذي لا يسمح لنا بذلك)!
ومنذ أن وجدت الفلسفة جرى فيها و ما زال يجري صراع بلا هوادة بين المادية و المثالية, و تؤيد كل منهما طبقات اجتماعية معينة و أحزابها السياسية, و أطلق لينين على هذا الصراع بين المادية و المثالية وصف الصراع بين المعسكرين الفلسفيين المتعارضين, وهذا يعني أن الفلسفة المعاصرة حزبية أيضا كما كان الحال من 2000 سنة مضت لأن صلتها بالسياسة تتضح أثناء حل مسألتها الأساسية. وتتمثل حزبية الفلسفة الماركسية اللينينية في أنها تقف إلى جانب شعوب كل بلدان العالم, و تعبر صراحة عن مصالحها المرتبطة بالطبقة العاملة و كافة فئات الكادحين, من اجل بناء عالم خالي من الاستغلال.

1-4 المادة و الحركة:
إن جميع الأجسام المادية و الظواهر في حركة مستمرة و في تغيير مستمرين, والحركة هي الخاصية التي لا تنفصل عن المادة.
يعرف العلم في الوقت الراهن الأشكال التالية لحركة المادة:
أ- الحركة الميكانيكية للأجرام السماوية و الأرضية.
ب- الشكل الفيزيائي للحركة,
و هي الحركة داخل الذرات, الجزيئات الذرية المتناهية الصغر.
ج- الشكل الكيميائي للحركة.
د- الشكل البيولوجي للحركة.
ه- الشكل الاجتماعي للحركة, و هو يشمل كافة الظواهر الاجتماعية في العلاقات بين الناس و الطبقات.
و الأجسام المادية و الظواهر تتحرك جميعها في المكان و الزمان.
و يدخل في مفهوم المكان, خاصية شاملة عامة للأجسام المادية مثل الامتداد و الشكل. أما الزمن فيعبر عن توالي وتلاحق العمليات و أشكال الحركة, فالمكان و الزمان هما شكلا وجود المادة المتحركة. (ليس في العالم غير المادة المتحركة, ولا يمكن للمادة المتحركة أن تتحرك إلا في المكان و الزمان), كما يقول لينين.
و المادة لا متناهية من حيث المكان و الزمان, كما هي أبدية و لا متناهية حركة المادة.


1-5 ما هو الدياليكتيك؟
بعد أن عرفنا أن كافة الظواهر المحيطة بنا موجودة في حركة مستمرة, فالأرض تدور حول محورها, و بدورها تدور حول الشمس, و الشمس حول مركز مجرة درب التبانة, و جميع المواد الموجودة على كوكبنا تتحرك معه, و في الوقت نفسه تجري في داخل جميع المواد حركة لا تراها العين للجزيئات الصغيرة للمادة مثل الذرات, و داخل هذه الذرات هناك ما يتحرك من بروتونات و جزيئات اخرى.
و الاستنتاج المستخلص من هذه الحقائق هو : المادة في حركة أبدية, و الفلسفة التي تبحث العالم المادي كما هو موجود بدون إضافات, أي كونه موجودا في حركة مستمرة تسمى المادية الدياليكتيكية, و أول من تحدث في الأسس البسيطة للجدل هو الفيلسوف الإغريقي هرقليطوس.
و لكن كان هناك فلاسفة و ما زال ينفون تطور الكون و المجتمع البشري و الإنسان ذات, و يسمون هؤلاء الفلاسفة بالميتافيزيقيين, و تسمى نظريتهم الفلسفية بالميتافيزيقيا, و إن كانوا يعترفون بالتطور فهم يدعون بوجود قوة خارقة للبيعة تحركها, و يقولون بأن المجتمع الطبقي هو مجتمع ابدي, و لن يتغير.
يتسلح بهذه النظرية علماء الاجتماع الذين يحاولون إثبات بطلان الصراع الطبقي, و ليس من العسير أن نفهم إن هذه الفلسفة نافعة لأصحاب المصلحة في الإبقاء على استغلال الكادحين.
وكل مادة و عملية و ظاهرة لها جانب داخلي و اخر خارجي يكتشفان اثناء الادراك وأثناء تحرك الفكر من الظاهرة السطحية المرئية الى الجوهر الأكثر عمقا و خفاءا. و الجوهر الخارجي يمكن التوصل اليه عن طريق الملاحظة و يظهر نفسه بسهولة, أما الجوهر في العمليات و الظواهر فانه موجود خارج نطاق الملاحظة الحسية المباشرة, و يجب بذل الكثير من الجهود الذهنية لفهم المغزى الداخلي لأية ظاهرة كانت.
يطلق على الجانب الخارجي للعمليات الظاهرة, و الجانب الداخلي لها يسمى الجوهر, و قد نرى احيانا ظاهرة ما, ولكننا قد لا نفهم جوهرها.
ويجب ان نتذكر دائما وحدة الجوهر و الظاهرة, فنرى مثلا ان جوهر الاتسغلال الرأسمالي مخفي في ظاهرة مثل (اجرة العمل), و قد ينجم لأول وهلة انطباع بأن العمال يحصلون على حقهم بالكامل لقاء عملهم, أما في واقع الأمر فان الرأسمالي لا يدفع للعمال سوى جزء من قيمة ما ينتجونه من منتجات, أما الجزء الأكبر فأنه يحصل لنفسه عليه, و هذا هو السبب هو انه احد أهداف الإدراك العلمي هو كشف الستار عن الجوهر في الظاهرة, و كل ادراك نظري هو هو عملية تغلغل في الجانب الداخلي الغير متاح للإدراك المباشر من الواقع الحي, و كما يقول لينين فان (فكر الإنسان يتدرج من الظاهرة الى الجوهر باستمرار وبلا نهاية.)

1-6 قوانين الجدلية:
إن الأشياء و الظواهر ليست موجودة في العالم على شكل منفصل عن بعضها البعض, بل في تبعية مستمرة و متبادلة, و هناك الكثير من الأمثلة على الظواهر و الصلات المتبادلة بينها, و تسمى الصلة العامة الضرورية للظواهر و الأشياء و المواد, و التي تتميز بدرجة معينة من الثبات و التكرار تسمى قانونا.
إن قوانين المجتمع و الطبيعة هي قوانين موضوعية, أي تجري بمعزل عن إدراك الناس و ارادتهم, و لا تتوقف هذه القوانين, أي وجودها على معرفتنا لها من عدمه, و يستطيع الناس ان يكتشفوا و يدركوا القوانين الموضوعية للطبيعة و المجتمع و الاستفادة منها لصالحهم, و الناس عاجزين عن تغييرها و منعها.
و كل مادة و كل ظاهرة من ظواهر الطبيعة و المجتمع تتضمن في ذاتها جانبين متضادين متبادلي الصلة, ولا يوجد احدهما دون الآخر, و إنما يتواجدان في وحدة لا تنفصم. و يمكن أن نتحدث عن المفاهيم التالية: (اليمين و اليسار), (الحياة الموت), (البداية و النهاية), حيث لا يمكن أن يوجد احدهما دون الآخر.
و يمكن أن نلاحظ بجلاء خاص ازدواج الشيء الواحد في المجتمع المنقسم إلى طبقات متضادة: القاهرين و المقهورين, فنجد في المجتمع الإقطاعي مثلا إن الإقطاعيين و الفلاحين هما طبقتان متضادتان من الناس. و التناقضات بين الطبقتين و الجانبين في المجتمع تبلغ بمرور الزمن درجة من الاحتدام و الحدة تؤدي إلى الثورة, التي تؤدي بدورها إلى الإطاحة بسلطة الاستغلاليين.
و الصراع بين الأضداد هو مصدر تطور كل ظاهرة, و هذا القانون لوحدة و صراع الأضداد يفسر سبب حدوث التطور و سبب حلول الجديد لكي يحل محل القديم.
إن كل التغيرات الكمية المحددة (مثل زيادة درجة حرارة الماء لدى تسخينه) إلى تغير نوعي (يتحول إلى بخار), و تمر السنين (التغيرات الكمية) و يتحول الطفل إلى راشد (التغير النوعي), و تراكم الظواهر الكمية يؤدي إلى تحول نوعي, و يطلق الانتقال من الصفة القديمة إلى الصفة الجديدة, هذه اللحظة أو البرهة, و هذا الانتقال بالقفزة.
نستطيع ملاحظة تحول التغيرات الكمية إلى كيفية في المجتمع أيضا, تتراكم في المجتمع القديم عناصر المجتمع الجديد, و تطرأ تغيرات سياسية و اقتصادية و اجتماعية معينة, و تتراكم مثلا معاناة الجماهير, و يزداد عدد العمال الذين يدركون سوء الأنظمة القائمة, و يحدث تغير جذري في المجتمع بسبب كل تلك المتغيرات أن ينتقل (تحول نوعي) إلى مجتمع آخر جديد, عن طريق القفزة (الثورة), و يجب أن نتذكر, أن تلك الحوادث و التراكمات منفردة لا تؤدي إلى تغير كبير, إلا إذا ارتبطت التغيرات الكمية ببعضها البعض و أثرت ببعضها.
ان قانون تحول التغيرات الكمية إلى تغيرات نوعية يبين النحو الذي يجري به التطور.
يوضح قانون نفي النفي في أي اتجاه يسير التطور, و يقرر بأن أي حركة تجري من الأسفل إلى الأعلى.
يورد انجلز مثالا على قانون نفي النفي, يقول ان ملكية الأرض لدى الشعوب جميعها كانت عامة في بادئ الأمر, ثم تعرضت (للنفي): حاز شيوخ القبائل و القادة العسكريون الأرض لأنفسهم بعد أن كانت ملكا للجماعة كلها, و هكذا انتقلت الملكية العامة للأرض إلى حيازة خاصة, و في وقتنا الراهن تحل من جديد ضرورة إحلال الملكية العامة للأرض (بشكل متطور طبعا), كما قال انجلز, هذه هي القوانين الأساسية للجدلية, و هي مفتاح ما سندرسه لاحقا.
نورد هنا فقرة لفلاديمير لينين عن الجدلية: (تطور كأنه يعود و يمر بمراحل مقطوعة سابقا و لكن على نحو آخر و لكن على أساس أكثر رقيا, تطور على نحو حلزوني, إذا صح التعبير, لا على نحو خط مستقيم, تطور بقفزات و ثورات)
و كل ظاهرة و كل عملية و كل مادة أيا كانت و أيا كان جوهرها و شكلها تخضع لقانون وحدة و صراع الأضداد و لها صفتها النوعية و الكمية المحددة و تتطور من خلال نفي القديم و تطور الجديد.
إن مفاهيم و قوانين الجدل تتيح فرصة دراسة عمليات و ظواهر التاريخ و شرح فكرتها.

1-7 ماهية الإدراك (الوعي):
الإدراك هو خاصية العقل البشري, و هو نتيجة التطور الطويل و المعقد للطبيعة و المجتمع, و الأشياء المحيطة بالإنسان تؤثر على أعضائه الحسية, العينين و الأذن و اللسان و الأنف و الجلد و هذه الأحاسيس الخارجية تنتقل عبر الخلايا العصبية من الأعضاء الحسية إلى الدماغ, القشرة المخية, حيث يتبلور الإدراك و صور الوعي.
و محتوى إدراكنا هو ما يتلقاه الدماغ من خلال الأعضاء الحسية.
لقد تساءل الناس منذ أقدم العصور, ما هو الإدراك؟ ما هي الروح؟ ما هو العقل؟ ودار الجدل الحامي بين الماديين و المثاليين حول هذه الأسئلة.
إن إدراك الإنسان للواقع تبدأ بالتأمل الحي في كل ما هو محيط, فنرى الكثير من الظواهر, السحب, الجبال, الشمس, نحس بالرياح و نسمع هدير الأنهار و نشم الزهور و نحس برطوبة الأرض, و كل ما نتلقاه عن طريق أعضاء حسنا ينطبع على شكل صور بصرية, على هيئة صور, و الأعضاء الحسية هي أشبه بنوافذ مفتوحة على العالم نطلع عليه بها, و هذه الدرجة من المعرفة, أي هذه الدرجة من الإدراك تسمى (المعرفة الحسية), لأن المعارف المتلقاة تنتج عن تأثير المواد على (أعضاء الحس).
بعد ذلك يبدأ العقل بالتفكير و بحث كافة الصور و الإحساسات و الانطباعات التي وصلته من الأعضاء الحسية, على سبيل المثال لا الحصر,نتذكر إحدى المناطق الجبلية, ففي الربيع نراه مخضرا, و نرى الأشجار مخضرة و مثمرة, فنرى الصنوبر, و السرو و الزيتون, فنقول بشكل (مجرد تعميمي): الأشجار مخضرة, فلفظة (شجرة) تعم الخصائص المميزة لكل الأشجار أيا كانت, لأن هناك شيئا ما مشتركا يربط بها جميعا على تعدد أشكالها و ألوانها, أي أننا يجب أن نفهم شيئا ما مهما جدا هنا, إن المفهوم الذي يعبر عنه بلفظة واحدة أو عدة ألفاظ يمكننا من الابتعاد عن كل ما هو جوهري في الأشياء و الظواهر, و يدفعنا لدراسة الشيء الجوهري فيها, كنهها, أي أن مفهوم (شجرة) لا يعني شجرة (السرو بالذات), بل هي كلمة تجريدية, تعميمية, مفهوم يعني (كل ما هو جوهري في الظواهر, و ما يجمعها), إذن نقول, أن الإدراك يمر بعد المعرفة الحسية ب (التفكير المجرد), أي البحث التفكيري التعميمي, و يعتبر التفكير التعميمي المجرد إحدى أكثر طرق التفكير الإنساني تعقيدا و صعوبة.
إن التفكير على صلة مباشرة باللغة, و اللغة هي التعبير المباشر عن الفكرة, فالأشكال المتعددة للعالم الخارجي ترتبط بصور معينة و مفاهيم معينة بالدماغ, و مرتبطة بمفاهيم أخرى, كل هذا يرتبط بمصطلحات لغوية مثبتة في لفظة ما.
و بفضل التفكير يتاح للناس إمكانية معرفة قوانين تطور العالم الخارجي و الاستفادة منها.
إن المادة, بمعنى العالم الموضوعي, هي وحدة عدد كبير جدا من الظواهر و العمليات الطبيعية و الاجتماعية المعقدة و الهائلة, و التي لا حد لها, و لذلك يكون طريق اقتراب الإنسان إلى إدراك و معرفة الكون متدرجا, أي يمر عبر مراحل و درجات معينة, و لذا نجد أن الإدراك و كذلك الحال بالنسبة للعالم الواقعي, الذي يبحثه هذا الإدراك, له درجاته التي يستحيل دونها الصعود إلى الدرجات العليا دون المرور بالدرجات السفلى.

1-8 ما هي الحقيقة؟ وكيف يمكن إدراكها؟
يتميز الناس بالطموح إلى معرفة الحقيقة, فما هي الحقيقة إذن؟ يطلقون لفظة الحقيقة على مطابقة أفكارنا و مفاهيمنا و أحكامنا و نظرياتنا للواقع الموضوعي.
أما الحقيقة الغير مكتملة أو غير النهائية فهي حقيقة نسبية. لكن الناس يجمعون المعارف و الخبرة تدريجيا و يدركون الحقائق النسبية واحدة تلو الأخرى و يقتربون من الانعكاس التام و الدقيق للواقع. و المعرفة العلمية في تطورها تقترب من الحقيقة المطلقة أي من الحقيقة الكاملة.
إن تطور الإدراك ليس بحال من الأحوال عملية هادئة للتعمق المتزايد في الواقع الحي, ففي العادة تؤدي دراسة هذه العوامل أو تلك إلى ضرورة التوصل أغلى استنتاجات جديدة, و من الجدير بالذكر أن هذه الاستنتاجات الجديدة غالبا ما تولد ضرورة التخلي عن التصورات القديمة, و لذا يجب أن نتعلم التخلي دون شفقة عن كافة التصورات البالية التي أصبحت غير متماشية مع الحقائق الجديدة للواقع, وعدم الخوف من هذا الجديد, بل الانخراط بجرأة في النضال من اجل الجديد ضد القديم الروتيني.
و الحقيقة المطلقة هي ثمرة البحث الطويل الذي يتطلب شجاعة و أمانة علمية فائقة. و قد يظهر سؤال: هل توصلنا الآن إلى الحقيقة المطلقة لبعض فروع المعرفة؟ بلا شك. فنحن نعرف أن 2*2=4 و أن النهار آتي حتما لكي يحل محل الليل. و يمكن أن نسوق أحكام المادية الجدلية كأمثلة أخرى, فمن الحقائق المطلقة مثلا الحكم القائل باستباق المادة للمعرفة و الإدراك. و الحكم الخاص بعدم إمكان الفصل بين المادة و الحركة, و لن يحدث تغيير على هذه الأحكام.
و الإدراك هو ظاهرة تاريخية, و هو رهين طائفة من العوامل بما في ذلك التطور السابق التقني و العلم و الإنتاج الاجتماعي.
و نسوق هنا المثال التالي: تستطيع أشعة رينتجن أن تتخلل الأجسام غير الشفافة, و اكتشفت هذه الأشعة منذ أكثر من 100 عام فقط, و يمكن هنا أن نطرح سؤالا: (هل كان بإمكان رينتجن أن يتوصل إلى اكتشافه هذا لو انه عشا منذ 200 عام مضت, و ليس 100 عام كما هو في الواقع؟) كلا! بالطبع. فإلى جانب الموهبة الفردية و قوة الملاحظة و القدرة على الملاحظة بين شتى الظواهر, أي بالإضافة إلى العامل الذاتي, يحتاج الأمر أيضا إلى المقومات الموضوعية, مثل مستوى معين من التطور العلمي التقني, فلو لم يكن لدى رينتجن مثلا اسطوانات فوتوغرافية لما استطاع أن يتوصل إلى اكتشافها. و الحركة في الفكر تعكس الحركة في الواقع. و ينبغي دراسة أية ظواهر اجتماعية مثل الحروب و الصراعات و الانتفاضات, أثناء تطورها. و حيث أن الواقع موجود في حركة مستمرة فمن الواضح انه لا يمكن أن تكون هناك حقيقة مكتشفة مرة واحدة الى الأبد, بل ينبغي العمل باستمرار لدراسة الواقع المتغير لأن الحقيقة ليست مجردة بل هي محددة دائما.
و قال فلاديمير لينين في هذا الصدد (إن أوثق وسيلة للحط من فكرة سياسية جديدة "و ليست السياسة وحدها" و الإضرار بها, هي السير بها إلى حد السخافة باسم الدفاع عنها, لان أية حقيقة إذا تم جعلها " مفرطة" إذا جرى الغلو فيها و بسطها إلى ما هو خارج نطاق تطبيقها الفعلي, فانه يمكن السير بها إلى حد السخافة, بل و أنها تتحول, لا محالة إلى سخافة, و هذا هو الحال).
ولذا فمن الضروري إجراء تحليل دقيق لهذه المسألة أو تلك في الوقت المعين بالذات و في ظروف محددة بذاتها. و الجدلية و قوانينها الأساسية لا تكتسب قوة الإدراك وواقعية عملية إلا بكونها موجهة نحو مشاكل محددة. كيف يمكن التحقق من صحة أو عدم صحة هذا الحكم أو الرأي أو ذاك؟ لا يمكن عمل ذلك إلا بالممارسة العملية, فالهدف النهائي للإدراك ليس هو التوقف عند درجة التفكير, بل المضي قدما إلى الممارسة و التطبيق, و هذا هو السبب في أن كل طريق الإدراك يمر من التأمل الحي إلى التفكير المجرد و منه إلى التطبيق العملي.
إن مسألة وحدة النظرية و التطبيق هي واحدة من أهم المسائل في النظرية الثورية لماركس و انجلز و لينين, فبالنسبة للماركسي اللينيني الذي ينظر إلى الواقع الفعلي من وجعة نظر المادية الجدلية, واضع بداهة ان الممارسة سابقة للنظرية و الممارسة لا تقتصر على مساعدة تطوير النظرية مقدمة المادة لتدقيق و تحديد هذه أو تلك من الأحكام النظرية, بل أنها تسمح بمراجعة درجة الحقيقة في هذه التعليمات أو تلك أو تحديد صحتها أو كذبها.
و نود أن نقول أن كون المرء ماركسيا لينينيا حقيقيا لا يعني اقتصاره على الاطلاع على أو الإلمام بالأحكام النظرية لمؤسسي هذه النظرية, فمن الضروري أيضا إلى جانب ذلك العمل في الحياة على النحو الذي تعلمنا إياه الماركسية اللينينية. و يعتبر بعض الناس أنفسهم ماركسيين على أساس أنهم درسوا بعض المعادلات و الصيغ الماركسية, و لكن معرفة بعض أحكام الماركسية شيء, و تطبيق الماركسية كل يوم و كل ساعة في شتى المواقف شيء آخر.
إن التعرف على المفاهيم العامة للمادية الجدلية يمكننا من فهم ماهية المجتمع البشري و لماذا وكيف يتطور, و في أي اتجاه يكون هذا التطور, و هذا موضوع دراسة قسم خاص من الفلسفة الماركسية اللينينية هو المادية التاريخية.



#اللجنة_الاعلامية_للحزب_الشيوعي_الاردني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني: أقسام المار ...
- الفيلسوف ألكسندر راديشيف Alexander Radishchev
- اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الأول: مصادر نشوء ا ...
- الفلسفة الماركسية... الدياليكتيك المادي
- المنظمات الدينية المتطرفة ....خصائص.. وقائع وحقائق في نقاط
- الدولة, مفهومها و جوهرها العام
- نصائح غائب حول الانتفاضة المسلحة...فلاديمير لينين
- بعض سمات الفلسفة الوجودية, من وجهة نظرنا
- الحب من منظور ماركسي....
- الراسمالية والمثقفين
- الدعاية السيكولوجية (النفسية) البرجوازية, تعريج على الاردن
- الاستغلال
- التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية العبودية القسم الثاني والأخير
- فلسفة الثورة... وجهة نظر الماركسية اللينينية حول منهج دراسة ...
- لواقع الاجتماعي بين وحدة النظرية و الممارسة و أخلاقية التغيي ...
- الاردن...... تبعية لا استقلال...
- الاسلاميون بين الدعوة و السلطة
- القائد المناضل الرفيق المؤسس - فؤاد نصار
- زملاء خلف جدران السجون..
- التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية العبودية


المزيد.....




- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 552
- النظام يواصل خنق التضامن مع فلسطين.. ندين اعتقال الناشطات وا ...
- الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا ...
- بيان مركز حقوق الأنسان في أمريكا الشمالية بشأن تدهور حقوق ال ...
- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني - اسس التعاليم الماركسية اللينينية...القسم الثاني 3-8