أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الأسس المادية و الأيديولوجية للصراع الطبقي بالمغرب ومعيقات الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة الجزء 1















المزيد.....

الأسس المادية و الأيديولوجية للصراع الطبقي بالمغرب ومعيقات الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة الجزء 1


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 4162 - 2013 / 7 / 23 - 01:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



يدعي المحللون الإجتماعيون البورجوازيون أن المجتمعات التي تعرضت للإستعمار الإمبريالي وتحكمها أنظمة تبعية للرأسمالية لا ينطبق عليها مضمون منظور التحليل الماركسي لتطور الحركة الإجتماعية، معتمدين لتبرير ادعائهم هذا على المنهج الإنقسامي الذي يركز على دراسة بقايا العناصر القديمة للبنيات الإجتماعية ما قبل- رأسمالية (النسب، العائلة، العشيرة، القبيلة)، ويرون أن هناك خصوصيات تجعل هذه المجتمعات لا ترفى إلى التطور التاريخي الذي عرفته أوربا، ولهذا فهم ينفون طبقية المجتمعات التابعة للرأسمالية وعدم مطابقتها للتحليل المادي التاريخي للتطور الإجتماعي. وطغى التحليل الإنقسامي للحركة الإجتماعية بالمغرب عند "جون واتربوري" في كتابه "أمير المؤمنين، الملكية والنخب السياسية المغربية" على المحللين الإجتماعيين البورجزوازيين المغاربة بعد أزمة الفكر الماركسي، نتيجة القمع المسلط على الحركة الماركسية-اللينينية المغربية وخاصة منظمة "إلى الأمام" من جهة، وعدم استيعاب الماركسيين لتناقضات التشكيلة الإجتماعية المغربية وموقع الخصوصيات فيها (العائلة، العشيرة، القبيلة) ودور العلاقات الإجتماعية ما قبل-طبقية في عرقلة نمو الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية من جهة ثانية، مما فتح الباب أمام التحليلات الشمولية التجزيئية التي تنفي طبقية المجتمع المغربي والتي يروج لها المثقفون البورجوازيون خدمة لأيديولوجيا النظام الكومبرادوري المرتكزة على مفهوم "وحدة الشعب المغربي" و"الوحدة الوطنية" في ظل الهوية "العربية الإسلامية".

وتعتبر الإنتفاضات الشعبية التي عرفها المغرب (1965، 1981، 1984، 1990 ...2011) محطات هامة قادرة على دحض الطرح التجزيئي للصراعات الإجتماعية بالمغربي، حيث أرغمت الحركات الإحتجاجية النظام الكومبرادوري على الإقرار بوجود التفاوت الطبقي مما يقر بأن المجتمع المغربي مجتمع طبقي والصراع به صراع طبقي. وكشفت هذه الإنتفاضات الشعبية عن تعميق الفوارق الطبقية (الفقر والعطالة في صفوف الطبقة العاملة والطبقات الشعبية مقابل الغناء الفاحش للطبقات المسيطرة على الدولة) مما جعل الطبقات السائدة تخاف على مستقبل السلطة بالمغرب، خاصة بعد تنامي الإحتجاجات بالمدن والبوادي خلال العقد الأخير إلى حين بروز "حركة 20 فبراير" التي اعتمدت في شعاراتها على "محاربة الفساد". وقد عمد النظام الكومبرادوري خلال هذا العقد إلى محاولة التخفيف من حدة الإحتجاجات الشعبية دون مس أسس أيديولوجيته وسياسته الطبقيتين، وذلك عبر تعميق مفهوم "الإحسان" بالفقراء وتأسيس مؤسسات/صناديق "التضامن" وبعض التنازلات الجزئية (الزيادة في الأجور) لضمان استمرار مصالح الطبقات المستفيدة من الوضع السياسي الراهن، انطلاقا من دور الدولة في الحفاظ على مصالح الطبقات المسيطرة على السلطة (الكومبرادور والملاكين القاريين) مع ضبط موازين القوى لصالحها حتى لا يتجاوز غلوها في الجشع إلى الربح حدا يجعل مصالحها في خطر وفي المقابل يتم قمع الإحتجاجات الشعبية كلما بلغت حدا يهدد مصالح هذه الطبقات.

وهكذا تطور الخطاب الأيديولوجي والسياسي للنظام الكومبرادوري خلال عقدين من الزمن عبر ترويج مفاهيم "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان" و"الحكامة الجيدة" سعيا منه للتحكم في الوضع السياسي حتى لا ينفجر، وهو خطاب تضليلي يستهدف عرقلة الوعي الطبقي لدى الجماهير الشعبية للدفع بها إلى قبول هذا الواقع باعتباره "قدرا محتوما" والذي يتناقض والمصالح الطبقية للجماهير الشعبية، وسخر في ذلك جميع وسائل الإنتاج الثقافية بما فيها دور المثقفين البورجوازيين والبورجوازيين الصغار للترويج لمضمون "التضامن" و"التكافل" من أجل "محاربة الفقر" دون إفقار الأغنياء، وحدد لذلك مضمون "السلم الإجتماعي" الذي سخر له الأحزاب الإصلاحية والنقابات التابعة لها والجمعيات الحقوقية والتنموية والثقافية، وفي نفس الوقت يتم قمع الحركات الإحتجاجية كلما هددت "السلم الإجتماعي" (إحتجاجات العمال والفلاحين والطلبة والمعطلين وحركة 20فبراير) واعتقال المناضلين الثوريين ومحاكمتهم وإدانتهم.

ومن الملاحظ أن هذه الإنتفاضات الشعبية لا تتجاوز مستوى الإحتجاجات الشعبية التي تركز على نتائج الوضع السياسي (الفساد، الفقر)، دون الوصول إلى إبراز الأسباب الحقيقية لمعاناة الطبقة العاملة وهموم الجماهير الشعبية والأدوات الناجعة لتجاوز أوضاعها المزرية وتحقيق أهدافها في التغيير، فكان لابد من الوقوف على معالم الصراع الطبقي بالمغرب ومعيقات الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة باعتبارها طبقة واضحة المعالم ولدى الجماهير الشعبية بصفة عامة. ليس من منطلقة المنهج الإنقسامي البورجوازي بل من منطلق التحليل المادي التاريخي للصراع الطبقي بالمغرب ودور الطبقة العاملة في فرز الطليعة الثورية، والأدوات الكفيلة لتحقيق الإستقلالية الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية للبروليتاريا عن البورجوازية الكومبرادورية والبورجوازية الصغيرة لتحقيق أهدافها الثورية من أجل السيطرة الطبقية في دولة ديكتاتورية البروليتاريا بقيادة الحزب البروليتاري الثوري، دون إغفال المعيقات الأساسية لبروز الوعي الطبقي والتي تتجلى في دور بقايا البنيات الإجتماعية ما قبل- رأسمالية في فرز علاقات اجتماعية ما قبل- طبقية التي تؤثر على علاقات الإنتاج ودور البورجوازية الصغيرة في عرقلة نطور الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة وهموم الجماهير الشعبية.

العوامل الأساسية المحددة للصراع الطبقي والوعي الطبقي بالمغرب

يعتبر المحللون الإجتماعيون البورجوازيون المغاربة المتأثرون بالمنهج الإنقسامي أن المجتمع المغربي ليس مجتمعا طبقيا رغم إقرارهم بوجود طبقة البورجوازية الكومبرادورية قبل الإستعمار القديم، ويروجون لعدم فعالية التحليل الطبقي في دراسة الصراعات الإجتماعية بالمغرب بدعوى وجود بنيات اجتماعية أخرى فاعلة في هذه الصراعات (العائلة والقبيلة أساسا)، ويقومون بإبعاد التحليل المادي التاريخي في تناول الصراع الطبقي ما دامت هذه البنيات هي المحدد لمسار الصراع على السلطة بالمغرب كما يدعون، مما يقودهم إلى نفي وجود الطبقية بالمجتمع المغربي. وهم لا يخرجون من نطاق المضمون الأيديولوجي والسياسي للنظام الكومبرادوري الذي يرتكز على "وحدة الأمة" ضمن مجتمع تقليدي "عربي مسلم" وبالتالي نفي المضمون الطبقي للدولة، ويدافعون على عدم أهمية الصراع الطبقي لكون دور الطبقات لا أهمية له في الصراعات الإجتماعية، لكون الطبقات ليست البنية الوحيدة الفاعلة في المجتمع المغربي (وجود القبيلة كبنية اجتماعية) وفعالية القبيلة أكثر من فعالية الطبقات، وبرز من يدعون إلى المزج بين التحليل الطبقي والإنقسامي بعد ظهور تحليلات بول باسكون.

ويرتكز المحللون الإجتماعيون البورجوازيون، باعتبارهم من وسائل الإنتاج الثقافية التي يعتمد عليها النظام الكومبرادوري بالمغرب، في تحليلاتهم على دور "العائلة والقبيلة" في الصراعات الإجتماعية، نظرا لطغيان الصراعات العائلية والقبلية على الصراعات الطبقية مما يقودهم إلى الإيمان بدور الدولة في الضبط الإجتماعي والدفاع عن الوطن، لكون الدولة هي القادرة على تسييد الأمن والعدل والقانون وضمان "دولة الحق والقانون" دون تحديد صفة الدولة التي يتحدثون عنها، وهم يتجاهلون وضع الدولة باعتبارها أداة طبقية في خدمة مصالح الطبقات المسيطرة على السلطة السياسية والإقتصادية والعسكرية. غير أن المحللين الماركسيين رغم إقرارهم بوجود طبقات اجتماعية بالمجتمع المغربي لا يستطيعون صياغة تحليل طبقي علمي مادي للصراع الطبقي بالمغرب، ويسقطون في إسقاط التحليل الطبقي بغرب أوربا بشكل ميكانيكي مما يجعلهم غير قادرين على مواجهة الرجعيين وبالتالي سقوط غالبيتهم العظمى في التحليل الإنقسامي/التجزيئي البورجوازي، مما يعطي الشرعية للمنهج التحليلي الإنقسامي وبالتالي بروز التحريفية الإنتهازية "الماركسية المنفتحة على الفكر الإنساني" في الحركة الماركسية- اللينينية المغربية.

إن عجز الماركسيين على تأصيل المنظور الماركسي للصراع الطبقي عبر تطبيق التحليل المادي التاريخي على تطور التناقضات الطبقية بالواقع الموضوعي بالمغرب، يجعل الحركة الماركسية-اللينينية المغربية غير قادرة على تحقيق الأهداف الإستراتيجية التي سطرتها منذ أزيد من أربعة عقود (الحزب البروليتاري الماركسي اللينيني في علاقته باستراتيجية الثورة المغربية). إذ لا يمكن وضع الإستراتيجية الثورية دون القدرة على دراسة المجتمع المغربي من منطلق مادي تاريخي لتحديد الطبقات الأسترانيجية في الصراع الطبقي، ودور العوامل السوسيو- ثقافية في بلورة استراتيجية الثورة بشكل لا يجعل من هذه العوامل المحور الأساسي للصراع الطبقي ولا تكون معرقل له، وذلك بإبراز العلاقة بين التناقضات المركزية والثانوية في علاقتهما بين الإستراتيجية والتاكتيك في بناء الإستراتيجية الثورية في بلورة مفهوم الثورة المغربية.

وهكذا لابد من وضع المحددات الأساسية للصراع الطبقي بالمغرب:

ـ التركيز على دور الطبقات الإجتماعية في عملية الإنتاج وتأثير مختلف البنيات الإجتماعية الأخرى عليها (أساسا العائلة والقبيلة) في علاقتها بالتبعية الرأسمالية ودور الإمبريالية في تشكيل الطبقة العاملة المغربية وتحول باقي الطبقات الإجتماعية الأخرى.
ـ تجاوز المنظور الإقتصادي للصراع الطبقي بالمغرب باعتبار عوامل أخرى (الأيديولوجية والسياسية والثقافية/الدينية) محددات للتطور التاريخي للصراعات الإجتماعية.

ـ أهمية وجود طبقة البورجوازية الكومبرادورية قبل الإستعمار القديم في ظل بنية ما قبل- رأسمالية سيطرت على السلطة السياسية المركزية وتطورها خلال مرحلة الإستعمار القديم.

ـ أهمية وجود بنيات اجتماعية أخرى (العائلة والقبيلة) قبل الإستعمار القديم تحظى بمكانة هامة في تركيز السلطة المركزية في ظل دولة الكومبرادور واستمراريتها في ظل الإستعمار القديم والجديد.

ـ أهمية مكانة نمط الإنتاج الرأسمالي في ظل الإستعمار القديم في إحداث تحولات هائلة في البنية الإقتصادية والإجتماعية والسياسية بالمجتمع المغربي دون إزالة العلاقات الإجتماعية ما قبل-طبقية (دور العائلة والقبيلة).
ـ تشكل الطبقة العاملة في المدن والبوادي في ظل الإستعمار القديم وبروز الطبقة البورجوازية الصغيرة بالمدن والبوادي وفعاليتهما في الصراع الطبقي في ظل الإستعمار الجديد.

ـ التفاوت في التشكل بين مختلف الطبقات بالمدن والبوادي حيث الحواضر تبرز فيها الطبقات بشكل واضح بينما تشكلها بالبوادي تشوبه تعقيدات (دور العائلة والقبيلة).

ـ دور الرأسمال في القضاء على الأساس المادي للبنيات الإجتماعية ما قبل-الرأسمالية (العائلة والقبيلة كوحدات إنتاج واستهلاك) دون القضاء على معبراتها الإجتماعية و الثقافية (العلاقات الإجتماعية ما قبل- طبقية).
ـ علاقة البوادي بالمدن عبر تأثير البنيات الإجتماعية ما قبل-رأسمالية بالبوادي على تشكل الطبقات بالمدن عبر تسريب العلاقات الإجتماعية ما قبل- طبقية في الصراعات الإجتماعية التي تقودها الطبقة العاملة.
ـ دور العلاقات الإجتماعية ما قبل- طبقية في عرقلة تشكل الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة بالمدن والبوادي نتيجة حجب التناقضات الطبقية داخل البنيات الإجتماعية التقليدية ما قبل-رأسمالية ة(العائلة والقبيلة).
ـ أهمية دور الطبقة العاملة في الصراع الطبقي باعتبارها الطبقة البارزة في التشكل بالمدن والبوادي في مواجهة البورجوازية الكومبرادورية باعتبارها الطبقة السائدة المسيطرة على الدولة.

و انطلاقا مما سبق فإن تحديد الطبقات الإجتماعية بالمغرب في علاقتها بالطبقات السائدة والقوى المحددة للصراع الطبقي يكتسي أهمية قصوى، في تحديد المميزات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والأيديولوجية للصراع الطبقي ببلادنا وتحديد البنيات والعلاقات الإجتماعية السائدة فيها، ودور العلاقات ما قبل-طبقية في تحديد مستوى تطور الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة باعتبارها طبقة حاسمة في الصراع الطبقي ولدى الجماهير الشعبية بصفة عامة.
إذا كان نمط الإنتاج السائد بالمغرب هو نمط إنتاج رأسمالي تبعي والذي يطغى على باقي الأنماط الإنتاجية لما قبل-رأسمالية (الفلاحة التقليدية، الصناعة التقليدية)، فإن العلاقات الإجتماعية السائدة في المجتمع المغربي ليست علاقات اجتماعية رأسمالية محضة لكونها تتأثر بعلاقات اجتماعية ما قبل- طبقية (العائلية، القبلية، اللغة، الدين ...). وكان لهذه العلاقات الإجتماعية تأثيرها الكبير على علاقات الإنتاج إلى حد سيادتها خلال الصراعات الإجتماعية (الزبونية من منطلق عائلي وقبلي)، ورغم كون الصراعات الإجتماعية القائمة اليوم صراعات طبقية إلا أن هناك صراعات ما قبل–طبقية تطغى على نمو الصراع الطبقي مما يساهم في عرقلة بروز الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة والجماهير الشعبية بصفة عامة.
وهكذا فإن الصراع الطبقي هو المحدد الأساسي للتناقضات الطبقية في المجتمع المغربي باعتبار الدولة أداة غير مستقلة عن هذه التناقضات الطبقية، وهو أساس بنية الصراعات الإجتماعية في هذا المجتمع رغم عدم القضاء على التناقضات الثانوية المرافقة للبنيات الإجتماعية ما قبل-رأسمالية (العائلية والقبلية والثقافية واللغوية والدينية...).هذه التناقضات الثانوية تشكل العائق الأكبر أمام بروز الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة المغربية، وتلعب قيادات الأحزاب الإصلاحية والنقابات التابعة لها/البورجوازية البيروقراطية الحزبية والنقابية والبورجوازية الصغيرة دورا هاما في نشر التناقضات الثانوية في صفوف الحركة العمالية والتركيز عليها لعرقلة بروز الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة، والترويج لمفهوم النضال الإقتصادي في النضالات الطبقية للطبقة العاملة مما يشكل أكبر عائق في بلورة الوعي الطبقي في صفوف الحركة العمالية، مما يؤدي إلى طغيان العلاقات الليبرالية على الصراعات الإجتماعية التي تنخرط فيها الجماهير الشعبية والتي تقودها الطبقة البورجوازية الصغيرة خدمة للأيديولوجيا والسياسة البورجوازية.

ونظرا لعدم قدرة جل الماركسيين المغاربة على تحديد معيقات بروز الوعي الطبقي في صفوف الحركة العمالية، يكتفون بالترويج للنظرية الإقتصادوية التي تدعي أن الأوضاع الإقتصادية هي التي تحدد درجة الوعي انطلاقا من منظور تطور الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة نظرا لكونها تنمو في أوساط الرأسمالية (منظور قيادة الأممية الثانية)، والقول بأن الفقر والإستغلال الذي تتعرض له الطبقات المستغلة يولد الوعي الطبقي والثوري لديها. هذا المنظور المتناقض مع الواقع الموضوعي والناتج عن عدم إدراك أصحابه لأسس التناقضات بين أوضاع الطبقة العاملة المزرية وتخلف وعيها الطبقي، وهو منظور أحادي الجانب يقودهم إلى شيوع النظرة الدونية للجماهير واحتقارها وإخراجها من نطاق الصراع الطبقي رغم أنها هي المحدد له، وهو منظور ميكانيكي للصراع الطبقي يؤدي بهم إلى النخبوية والسقوط في الوصاية على الجماهير الشعبية والنيابة عنها في الدفاع عن مصالحها.

هذه النظرة الدونية لدور الجماهير الشعبية في الصراع الطبقي تؤدي إلى بروز النخبوية التي تؤمن بتأثير الرأسمالية على تفقير الجماهير الشعبية الشيء الذي يؤدي إلى رفع مستوى الوعي الطبقي لديها وبالتالي تثور على أوضاعها المزرية.
إن تاريخ الإنتفاضات الشعبية بالمغرب (65، 81، 84، 90 ...2011) يؤكد أن الأوضاع المزرية للجماهير لا ينتج عنها غير الإحتجاجات الشعبية، التي سرعان ما يتدخل النظام الكومبرادوري لقمعها حتى لا تتجاوز مداها ومنح بعض التنازلات الجزئية (الزيادة في الأجور) التي لا تهدد مصالح الطبقات المسيطرة على السلطة السياسية والإقتصادية والعسكرية، وأن هذه الإحتجاجات (حركة 20 فبراير أكبر مثال) لا ينتج عنها الوعي الطبقي الذي يؤدي إلى الثورة في ظل غياب التنظيم السياسي الثوري للطبقة العاملة. هذا ما يفسر سيادة الوعي الحسي لدى الجماهير الشعبية والذي يتجلى في التركيز في احتجاجاتها على مظاهر اجتماعية معينة تستهدف الأغنياء (محاربة الفساد) في مقابل أوضاع الفقراء المزرية (التفقير والتجويع)، وذلك نظرا لغياب النظرية الثورية لدى قيادات هذه الحركات الإحتجاجية مما يجعلها تطغى عليها سيادة الأيديولوجيا البورجوازية التي تقودها البورجوازية الصغيرة.

إلى جانب النظرة الإقتصادوية الأحادية الجانب هناك نظرة أحادية الجانب لا تقل أهمية منها وهي الذاتوية التي تركز على دور الشروط الإيديولوجية والسياسية والتنظيمية في بروز الوعي الطبقي لدى الجماهير الشعبية، الشيء الذي يجعل أصحابها يقعون في فصل الفكر عن الواقع بجعل التنظيم السياسي الثوري كل شيء، والذي يتحول إلى أداة تنوب عن الجماهير لكونه معبرا عن مصالحها خارج مضمون الطبقة في الصراع الطبقي أي أولوية الحزب على الطبقة. هذه النظرة الأحادية الجانب ناتجة عن المثالية الذاتية التي يتصف بها المثقفون الذين يعتبرون أنفسهم طليعة الجماهير الشعبية بما يحملونه من فكر ثوري، مما يجعلهم يهمشون الجماهير الشعبية في بلورة التغيير الثوري ويسقطون في النخبوية التي تتصف بها البورجوازية الصغيرة، والتي تقودهم إلى سيادة الإراداوية في محاولة منهم لتجاوز الواقع الموضوعي الشيء الذي ينتج عنه روح المغامرة النخبوية لديهم في جهل تام للأوضاع السياسية الراهنة.

كل ما سبق ذكره يشكل مدخلا للوقوف على واقع الصراع الطبقي بالمغرب والمعيقات الأساسية في عدم بروز الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية.



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجلان بالمدينة وآخرون ... -كيف تم تقديم المدينة لمفترسين من ...
- رسالة مفتوحة لمراسل فرنسي شاب في مواجهة الظلامية العالمية : ...
- رسالة مفتوحة لمراسل فرنسي شاب في مواجهة الظلامية العالمية : ...
- ورقة تقديمية للمؤتمر الأول لفلاحي أولوز دورة شهيد حركة الفل ...
- المسألة الزراعية بالمغرب وتمركز الرأسمال في الزراعة الجزء 4
- المسألة الزاعية بالمغرب وتمركز الرأسمال في الزراعة الجزء 3
- المسألة الراعية بالمغرب وتمركز الرأسمال في الزراعة الجزء 2
- البيان الختامي لليوم الدراسي حول العمل النقابي الفلاحي بتارو ...
- المسألة الزاعية بالمغرب وتمركز الرأسمال في الزراعة الجزء 1
- القانون الأساسي للنقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين ال ...
- بين النظرية والممارسة في العمل الجماهيري : أرضية بناء الملف ...
- قافلة -حركة العيالات جايات- و المضمون الطبقي للحركة
- الحركة الماركسية اللينينية المغربية في مواجهة تحالف الإشتراك ...
- الثورة المغربية في علاقتها بالثورة العربية و العالمية بين ال ...
- الدولة و الثورة و بناء الحزب البروليتاري الثوري
- في الذكرى 37 لاستشهاد القائد الشهيد عبد اللطيف زوال
- الدولة و الدين و حرية المرأة
- المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل الدياليكتيك الماركسي
- الدولة و الدين في الصراع بين المادية و المثالية
- في العلاقة بين العمل السياسي الثوري و العمل العسكري من منظور ...


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الأسس المادية و الأيديولوجية للصراع الطبقي بالمغرب ومعيقات الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة الجزء 1