أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم سوزه - سلطة اللاسلطة














المزيد.....

سلطة اللاسلطة


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 4156 - 2013 / 7 / 17 - 16:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دائماً يُقال في عرفنا العراقي أنْ لا بديل ناضج في المرحلة الحالية قادر على قيادة صوت الرفض المتزايد في البلد. سأفترض حسن النيّة في هذه الشكوى. فهو اشكال حقيقي، وحتى تكون المعارضة مؤثرة وضاغطة باتجاه تغيير الواقع البائس الذي يلف العراق برمّته، لابد لها من شيئين، رأس يُدبِّب مساحة الضغط وقاعدة تملئ تلك المساحة زخمها وحيويّتها، اذ لا معارضة ناجحة دون رأس ولا رأس دون قاعدة شعبية عريضة. الاثنان يكمّلان بعضهما. ربما لا نملكهما الآن فعلاً، لكننا نمتلكهما قوةً.

القول بعدم وجود بديل ناضج يثق به جمهور العراق هو اسقاط نفسي لرغبة عدم التغيير التي يتبنّاها قائل هذا الكلام، وليس بسبب اليأس من عدم وجود قيادة بديلة. بعبارة اخرى، قائل هذا الكلام لا يريد التغيير لاسباب لسنا بصددها هنا، لكنه يحاول عبثاً ايهام الآخرين بأنه مع التغيير لولا ان العقبة تقع في عدم وجود بديل.

قراءة بسيطة لجدلية الرأس والقاعدة سنجد ان البديل هو نتاج طبيعي تفرزه دائرة الضغط الشعبية وليس العكس. لا نتوقع بديلاً يظهر للعلن وسط وجدان شعبي خامل لا يُشجّع. متى كان هناك ضغطاً شعبياً كان هناك قائداً من رحمها. هذا هو المنطق. فالمصريون لم يتمرّدوا على قيادتهم بتحفيز من "البديل الناضج". ابداً لم تكن هناك قيادة تدعو للتظاهر ضد الاخوان المسلمين، بل كان هناك ثلةً من الشباب اعلنوا تمرّدهم فالتحقت قيادات المعارضة بهم وليس العكس.

وحده الضغط الشعبي كفيل ببروز القادة. فصناعة البديل افضل من انتظاره، وكل المقومات والمواد الاولية جاهزة لصناعة بديل يقود اليأس ويحيي الامل من جديد. انها ديناميكية سياسية تجيدها ببراعة شعوب العالم الحرة حيث الضغط يبدأ من المنزل والمدرسة ودور العبادة والسوق، دون الحاجة حتى للنزول الى الشوارع والميادين، فتخلق حالة من الرعب والارتباك في الحكومة المتمادية.

انها سلطة اللاسلطة او قوة المستضعفين كما يسمّيها فيلسوف الجيك ورئيسها السابق فاكلاف هافل. ذلك المسرحي والفيلسوف السياسي الكبير الذي صنع اعظم معارضة لاعتى نظام دكتاتوري شيوعي في جيكوسلوفاكيا السابقة. برع في خلق جبهة داخلية قوية لنظام كان يفتش عن معارضيه في حقائب القطارات وصناديق الموت. كانت سلطة المستضعفين عنده اقوى من جبروت الشيوعية الحاكمة. لم يستخدم سلاحاً ابداً، بل نسج تلك السلطة "المستضعفة" من قصّات الشعر، من كلمات وتعابير معينة، من ملابس معينة، من انواع احذية محدّدة، من مسارح ومسرحيات خاصة، من موسيقى خاصة. كلها كانت ادواتاً ورموزاً سلمية نشرها لبيان مساحة المعارضة. جنّ جنون الشيوعيين وقتها وهم يمزّقون قمصان الشباب ذات الرسوم الرمزية المعارضة، يعتقلون سامعي تلك الموسيقى الممنوعة، يقصّون شعور هؤلاء الشباب دون جدوى، فمساحات المعارضة السلمية بدلالاتها ورسومها ورموزها تزداد في الجيك بشكل مذهل، حتى سقط النظام واستحق هافل لقب مهندس اسقاط الشيوعية من خلال ثورته المخملية تلك.

انا ارى وعياً عراقياً كاسحاً هذه الايام يسير بسرعة الريح نحو صناعة البديل واعادة تشكيل الهوية العراقية وفق ثوابت الوطن والوطنية. نعم، سريعة الى هذا الحد، انْ قارنّاها بالفترة التي اخذتها التحوّلات الراديكالية الكبيرة في اوروبا قبل وصولها هذا الازدهار والاستقرار الذي نشاهده اليوم. اعذروني فانا احب النظر لنصف الكأس المملوء دائماً.

بوادر هذا الوعي تشكّلت من حملات قوية مؤخراً مثل حملة قطع رواتب البرلمانيين وحملة منع اصحاب الجنسية المزدوجة من تسلّم مناصب مهمة في البلد وآخرها حملة "لا لحكم الاحزاب الاسلامية". هذه سلطة من لا سلطة له. فالتذمّر والاستياء وصل لذروته من الاداء السياسي الفاشل للنخبة الاسلامية الحاكمة، ومكبّرات الصوت عالية اليوم تطلب ابعاد الدين عن السياسة وحكم البلد مدنياً. هكذا صوت وهكذا حراك هو سلطة شعبية موازية لسلطة الحكومة تضغط بالاتجاه الصحيح وتخلق ارض خصبة لقيامة البديل.
فلا بديل ناضج قبل ان يطلب الناس ذلك اولاً.
وصفة وعي بجرعة عراقية، لا علاج لنا سواها.



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا احمد وليس محمد؟
- اشكالية الحَسَد بين الخرافة والقرآن
- بين الاخْوَنة والدَعْوَنة
- محمد حنش .. سطر جديد في كتاب الدراما العراقية
- ديمقراطية الطوائف
- في قضية البند السابع
- نصوص التأويل والعنف الرمزي
- الحكيم .. سلالة عقل
- شعراء -القنادر-
- لو كان هنا اويس لعَرَفَ كيف يدعو
- اختلاف ابراهيم الصميدعي ومغايرة سرمد الطائي
- كيف فاز المالكي مرة اخرى
- شندلر لست
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - ا ...
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 5
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 4
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 3
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 2
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 1
- الفيسبوك هو الحل


المزيد.....




- ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغ ...
- ترحيل مصري من الولايات المتحدة بعد إدانته بركل كلب وإلزامه ب ...
- عودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملي ...
- صواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى ...
- روسيا تعلن التصدي لعشرات المسيّرات الأوكرانية وإصابة صحفي في ...
- سفيرة أميركا لدى روسيا تغادر منصبها في ظل نقاش عن ضبط العلاق ...
- خبراء أميركيون: ما الذي يدفع بعض الدول لامتلاك السلاح النووي ...
- الحكومة الكينية تعتبر المظاهرات محاولة انقلابية وسط انتقاد أ ...
- هكذا وصلت الملكة رانيا والأميرة رجوة إلى البندقية لحضور حفل ...
- شاهد لحظة إنقاذ طفلة علقت في مجاري الصرف الصحي في الصين لساع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم سوزه - سلطة اللاسلطة